هادي عرقبي
18 - 10 - 2008, 21:54
كلام ابن الجوزي عن نفسه بعد فوات زمن الشباب والقوة،تأملوا واعتبروا....
'' تأملت أحوال الناس في حالة علو شأنهم ، فرأيت أكثر الخلق تبين خسارتهم حينئذ .
فمنهم من بالغ في المعاصي من الشباب ،
و منهم من فرط في إكتساب العلم ، و منهم من أكثر من الإستمتاع باللذات .
فكلهم نادم في حالة الكبر حين فوات الإستدراك لذنوب سلفت أو قوى ضعفت ،
أو فضيلة فاتت ، فيمضي زمان الكبر في حسرات .
فإن كانت للشيخ __ يقصد الكبير في السن __ إفاقة من ذنوب قد سلفت قال :
و اأسفاً على ما جنيت . و إن لم يكن له إفاقة صار متأسفاً على فوات ما كان يلتذ به .
فأما من أنفق عصر الشباب في العلم فإنه في زمن الشيخوخة يحمد جنى ما غرس ، و يلتذ بتصنيف ما جمع ، و لا يرى ما يفقد من لذات البدن شيئاً بالإضافة إلى ما يناله من لذات العلم .
هذا مع و جود لذاته في الطلب الذي كان يتأمل به إدراك المطلوب .
و ربما كانت تلك الأعمال أطيب مما نيل منها ،كما قال الشاعر :
اهتز عند تمني وصلها طرباً ...... و رب أمنية أحلى من الظفر
و لقد تأملت نفسي بالإضافة إلى عشيرتي الذين أنفقوا أعمالهم في اكتساب الدنيا
و أنفقت زمن الصبوة و الشباب في طلب العلم ، فرأيتني لم يفتني مما نالوه إلا ما لو حصل لي ندمت عليه .
ثم تأملت حالي فإذا عيشي في الدنيا أجود من عيشهم ، و جاهي بين الناس أعلى من جاههم. و ما نلته من معرفة العلم لا يقاوم .
فقال لي إبليس : و نسيت تعبك و سهرك ؟
فقلت له :أيها الجاهل ، تقطيع الأيدي لا و قع له عند رؤية يوسف . و ما طالت طريق أدت إلى صديق :
جرى الله المسير إليه خيراً ...... و إن ترك المطايا كالمزاد
و لقدكنت في حلاوة طلبي العلم ألقى من الشدائد ما هو عندي
أحلى من العسل لأجل ما أطلب و أرجو ...''
كتاب (صيد الخاطر ) .
'' تأملت أحوال الناس في حالة علو شأنهم ، فرأيت أكثر الخلق تبين خسارتهم حينئذ .
فمنهم من بالغ في المعاصي من الشباب ،
و منهم من فرط في إكتساب العلم ، و منهم من أكثر من الإستمتاع باللذات .
فكلهم نادم في حالة الكبر حين فوات الإستدراك لذنوب سلفت أو قوى ضعفت ،
أو فضيلة فاتت ، فيمضي زمان الكبر في حسرات .
فإن كانت للشيخ __ يقصد الكبير في السن __ إفاقة من ذنوب قد سلفت قال :
و اأسفاً على ما جنيت . و إن لم يكن له إفاقة صار متأسفاً على فوات ما كان يلتذ به .
فأما من أنفق عصر الشباب في العلم فإنه في زمن الشيخوخة يحمد جنى ما غرس ، و يلتذ بتصنيف ما جمع ، و لا يرى ما يفقد من لذات البدن شيئاً بالإضافة إلى ما يناله من لذات العلم .
هذا مع و جود لذاته في الطلب الذي كان يتأمل به إدراك المطلوب .
و ربما كانت تلك الأعمال أطيب مما نيل منها ،كما قال الشاعر :
اهتز عند تمني وصلها طرباً ...... و رب أمنية أحلى من الظفر
و لقد تأملت نفسي بالإضافة إلى عشيرتي الذين أنفقوا أعمالهم في اكتساب الدنيا
و أنفقت زمن الصبوة و الشباب في طلب العلم ، فرأيتني لم يفتني مما نالوه إلا ما لو حصل لي ندمت عليه .
ثم تأملت حالي فإذا عيشي في الدنيا أجود من عيشهم ، و جاهي بين الناس أعلى من جاههم. و ما نلته من معرفة العلم لا يقاوم .
فقال لي إبليس : و نسيت تعبك و سهرك ؟
فقلت له :أيها الجاهل ، تقطيع الأيدي لا و قع له عند رؤية يوسف . و ما طالت طريق أدت إلى صديق :
جرى الله المسير إليه خيراً ...... و إن ترك المطايا كالمزاد
و لقدكنت في حلاوة طلبي العلم ألقى من الشدائد ما هو عندي
أحلى من العسل لأجل ما أطلب و أرجو ...''
كتاب (صيد الخاطر ) .