فهيد بن راكان آل دخيل الله الملحي
28 - 10 - 2008, 15:03
.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و حده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده:
فما أخوف حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم الثابت عنه : (من طلب العلم ليباهي يه العلماء ، أو ليصرف به وجوه الناس إليه فهو في النار).
[أخرجه بن ماجة في السنن برقم( 253) و حسنه المحدّث الألباني بشواهده في صحيح الجامع رقم (6382)]
قال ابن الجوزي رحمه الله في كتابه صيد الخاطر (ص 469 -470) : (يا قوم قد علمتم : أن الأعمال بالنيات، و قد فهمتم قوله تعالى : {ألاَ للهِ الدِّينُ الخَالِصُ} [الزمر: 3]، و قد سمعتم عن السلف أنهم كانوا لا يعلمون و لا يقولون حتى تتقدم النية و تصح.
أيذهب زمانكم يا فقهاء في الجدل و الصياح؟ و ترتفع أصواتكم عند اجتماع العوام تقصدون المغالبة.
أوما سمعتم (من طلب العلم ليباهي يه العلماء ، أو ليصرف به وجوه الناس إليه فهو في النار، لم يرح رائحة الجنة).
ثم يقدم أحدكم على الفتوى، و ليس من أهلها، و قد كان السلف يتدافعونها.
و يا معشر المتزهدين ! إنه –سبحانه و تعالى- يعلم السر و أخفى ، أتُظهِرون الفقر في لباسكم و أنتم تستوفون شهوات النفوس؟
و تظهرون التخاشع و البكاء في الجلوات دون الخلوات؟
كان ابن سيرين يضحك و يقهقه ، فإذا خلا بكى أكثر الليل.
وقال سفيان لصاحبه : ما أوقحك !! تصلي و الناس يرونك ، و تنام حيث لا تُرَى؟
أفدى ظباء فلاة ما عرفن بها ... مَضْغَ الكلام و لا صبخ الحواجب
آهٍ للمرائي من يوم {وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ}[العاديات :10] و هي النيات.
فأفيقوا من سكركم ، و توبوا من زللكم ؛ و استقيموا على الجادة، {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطتُ في جَنْبِ اللهِ} [الزمر : 56]) انتهى
صدق ابن الجوزي رحمه الله ، فهو يتكلم عن حال أهل زمانه ، فمابالك لو رآى أهل زماننا؟!
ثمّ إنّ إخلاص العمل لله وحده لا شريك له صعبٌ و النيّة شديدة المعالجة ، و يعتريها ما يعتريها ، لكن {و اللَذِينَ جَاهَدوا فِينَا لَنَهدِيَهُم سُبُلَنَا وَ إِنَّ اللهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ}[العنكبوت 69].
و هذا سفيان الثوري -رحمه الله- على ورعه وجلالة قدره يقول : (ما عالجت شيئًا أشدُّ عليَّ من نيتي ).
فإذا كان هذا الإمام الثوري ؛ فما بالك نحن؟!
قال صلى الله عليه و سلم : (إنّما الأعمال بالنيات و إنّما لكل امرىء ما نوى). [متفق عليه]
فالنية الصالحة الخالصة من الشرك ركن العمل و أساسه ، و إذا تخلّلها خلل أو دخن ؛ فإن العمل يعتريه من الخلل و الدخن بقدر ما يعتري النيّة.
و قديمًا قيل :
و البيتُ لا يُبتنى إلاّ بأعمدةٍ ... و لا عماد إذا لم تُبن أركان
لكن مع ذلك لا يفترنّ الواحد منا و لا ييأسنَّ من مجاهدة نفسه ؛ و ليقرأ ما ذكره أهل العلم عن أنفسهم ؛ فهذا الدار قطني أمير المؤمنين في الحديث ، يقول رحمه الله (طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا الله) .
فإذا جاهد الواحد منّا نفسه و كابد ومع ذلك خاف على عمله من الرياء و الشرك الخفي ؛ فماذا عليه أن يفعل ؟، و ماذا عساه أن يقول؟
فعن أبي علي رجل من بني كاهل قال : خطبنا أبو موسى الأشعري فقال :
يا أيها الناس اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل فقام إليه عبد الله بن حزن وقيس بن المضارب فقال : والله لتخرجن مما قلت أو لنأتين عمر مأذونا لنا أو غير مأذون فقال : بل أخرج مما قلت خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال :
يا أيها الناس اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل فقال له من شاء الله أن يقول وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله قال قولوا : ( اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلمه)
[رواه الإمام أحمد (2/809) و صححه المحدّث الألباني في صحيح الجامع (3/233) رقم (3731)].
و سُئل العلامة المحدث أحمد بن يحيى النجمي حفظه الله و شفاه :
السؤال : أعمل أعمالًا في الخفاء و أقصد بها وجه الله تعالى و أشعر بالسعادة عندما أقوم بها و لكن أحيانًا يدخل علي أحد النّاس عند تأديتي لهذه الأعمال فيوسوس لي الشيطان إنّما أنا أعمل ذلك من أجل الناس حتى تكلموا علي ، مع أني في قرارة نفسي متأكدة بأني ما أريد بها إلا وجه الله .. فما حكم ما أعمل؟
الجواب: إذا كانت نيتك وقت البدء لله فأنت على نيتك مالم تتغير ، و يستحب أن تقولي :
( اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم) .. وبالله التوفيق.
فتح الرب الودود
في
الفتاوى و الرسائل و الردود ج1 ص 98.
فاللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم ؛
وأستغفرك لما لا أعلم ؛
و الحمد لله ربّ العالمين.
منقول للفائده
ودمتم بخير ،،
.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و حده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده:
فما أخوف حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم الثابت عنه : (من طلب العلم ليباهي يه العلماء ، أو ليصرف به وجوه الناس إليه فهو في النار).
[أخرجه بن ماجة في السنن برقم( 253) و حسنه المحدّث الألباني بشواهده في صحيح الجامع رقم (6382)]
قال ابن الجوزي رحمه الله في كتابه صيد الخاطر (ص 469 -470) : (يا قوم قد علمتم : أن الأعمال بالنيات، و قد فهمتم قوله تعالى : {ألاَ للهِ الدِّينُ الخَالِصُ} [الزمر: 3]، و قد سمعتم عن السلف أنهم كانوا لا يعلمون و لا يقولون حتى تتقدم النية و تصح.
أيذهب زمانكم يا فقهاء في الجدل و الصياح؟ و ترتفع أصواتكم عند اجتماع العوام تقصدون المغالبة.
أوما سمعتم (من طلب العلم ليباهي يه العلماء ، أو ليصرف به وجوه الناس إليه فهو في النار، لم يرح رائحة الجنة).
ثم يقدم أحدكم على الفتوى، و ليس من أهلها، و قد كان السلف يتدافعونها.
و يا معشر المتزهدين ! إنه –سبحانه و تعالى- يعلم السر و أخفى ، أتُظهِرون الفقر في لباسكم و أنتم تستوفون شهوات النفوس؟
و تظهرون التخاشع و البكاء في الجلوات دون الخلوات؟
كان ابن سيرين يضحك و يقهقه ، فإذا خلا بكى أكثر الليل.
وقال سفيان لصاحبه : ما أوقحك !! تصلي و الناس يرونك ، و تنام حيث لا تُرَى؟
أفدى ظباء فلاة ما عرفن بها ... مَضْغَ الكلام و لا صبخ الحواجب
آهٍ للمرائي من يوم {وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ}[العاديات :10] و هي النيات.
فأفيقوا من سكركم ، و توبوا من زللكم ؛ و استقيموا على الجادة، {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطتُ في جَنْبِ اللهِ} [الزمر : 56]) انتهى
صدق ابن الجوزي رحمه الله ، فهو يتكلم عن حال أهل زمانه ، فمابالك لو رآى أهل زماننا؟!
ثمّ إنّ إخلاص العمل لله وحده لا شريك له صعبٌ و النيّة شديدة المعالجة ، و يعتريها ما يعتريها ، لكن {و اللَذِينَ جَاهَدوا فِينَا لَنَهدِيَهُم سُبُلَنَا وَ إِنَّ اللهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ}[العنكبوت 69].
و هذا سفيان الثوري -رحمه الله- على ورعه وجلالة قدره يقول : (ما عالجت شيئًا أشدُّ عليَّ من نيتي ).
فإذا كان هذا الإمام الثوري ؛ فما بالك نحن؟!
قال صلى الله عليه و سلم : (إنّما الأعمال بالنيات و إنّما لكل امرىء ما نوى). [متفق عليه]
فالنية الصالحة الخالصة من الشرك ركن العمل و أساسه ، و إذا تخلّلها خلل أو دخن ؛ فإن العمل يعتريه من الخلل و الدخن بقدر ما يعتري النيّة.
و قديمًا قيل :
و البيتُ لا يُبتنى إلاّ بأعمدةٍ ... و لا عماد إذا لم تُبن أركان
لكن مع ذلك لا يفترنّ الواحد منا و لا ييأسنَّ من مجاهدة نفسه ؛ و ليقرأ ما ذكره أهل العلم عن أنفسهم ؛ فهذا الدار قطني أمير المؤمنين في الحديث ، يقول رحمه الله (طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا الله) .
فإذا جاهد الواحد منّا نفسه و كابد ومع ذلك خاف على عمله من الرياء و الشرك الخفي ؛ فماذا عليه أن يفعل ؟، و ماذا عساه أن يقول؟
فعن أبي علي رجل من بني كاهل قال : خطبنا أبو موسى الأشعري فقال :
يا أيها الناس اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل فقام إليه عبد الله بن حزن وقيس بن المضارب فقال : والله لتخرجن مما قلت أو لنأتين عمر مأذونا لنا أو غير مأذون فقال : بل أخرج مما قلت خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال :
يا أيها الناس اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل فقال له من شاء الله أن يقول وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله قال قولوا : ( اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلمه)
[رواه الإمام أحمد (2/809) و صححه المحدّث الألباني في صحيح الجامع (3/233) رقم (3731)].
و سُئل العلامة المحدث أحمد بن يحيى النجمي حفظه الله و شفاه :
السؤال : أعمل أعمالًا في الخفاء و أقصد بها وجه الله تعالى و أشعر بالسعادة عندما أقوم بها و لكن أحيانًا يدخل علي أحد النّاس عند تأديتي لهذه الأعمال فيوسوس لي الشيطان إنّما أنا أعمل ذلك من أجل الناس حتى تكلموا علي ، مع أني في قرارة نفسي متأكدة بأني ما أريد بها إلا وجه الله .. فما حكم ما أعمل؟
الجواب: إذا كانت نيتك وقت البدء لله فأنت على نيتك مالم تتغير ، و يستحب أن تقولي :
( اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم) .. وبالله التوفيق.
فتح الرب الودود
في
الفتاوى و الرسائل و الردود ج1 ص 98.
فاللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم ؛
وأستغفرك لما لا أعلم ؛
و الحمد لله ربّ العالمين.
منقول للفائده
ودمتم بخير ،،
.