راعي الجوفا
01 - 11 - 2008, 22:51
يروى أن صائغاً اشتهر بأمانته وعفته، وكان يأتيه «سقّا» (وهو من كان يوصل الماء إلى البيوت قديماً) فمر السقا ببيت الصائغ، وبعد أن زوّد البيت بالماء وقع بصره على زوجة الصائغ فأعجبته، فأمسك بيدها، وكاد يقبّلها، فتذكر عقوبة ربه؛ فامتنع وانصرف. ولما عاد الصائغ إلى بيته حدثته زوجته بما كان من السقا؛ فظهرت على وجهه علامات الحزن والندم، وقال لزوجته: اسمعي مني، لقد جاءتني اليوم امرأة جميلة، وطلبت مني أن أصوغ لها أسورة؛ فمددت يدي لآخذ مقاسها، فلما كشفت يدها أعجبتني، وكدت أقبلها؛ بيد أني خفت ربي، ولمت نفسي ورجعت... ثم تابع الصائغ حديثه قائلاً: لا حول ولا قوة إلا بالله، دقة بدقة، ولو زدت لزاد السقا!!
نسمع، ونشاهد على الفضائيات ما يُروى ويُناقش حول وقائع التحرش الجنسي وأحداثه، ونقرأ عن ذلك في الصحف والمجلات ومواقع الإنترنت، فما حقيقة هذا السلوك المعيب الخطير، العدواني الإجرامي؟ وما صوره؟ وما الطريق إلى الوقاية منه وعلاجه؟
حقيقة التحرش الجنسي
التحرش الجنسي هو محاولة استثارة الذكر للأنثى أو العكس، تمهيداً للاعتداء الجنسي دون رغبة من المعتدى عليه، وقد يقع التحرش الجنسي بين شخصين من جنس واحد، وهذا من أغلظ الانحرافات الجنسية.
إن التحرش الجنسي سلوك منحرف يقع في أماكن العمل والمنتزهات والشوارع، مما يلقي بمسؤولية كبيرة على المربين والمصلحين والدعاة والخبراء.
صور التحرش الجنسي
للتحرش الجنسي صور متعددة، منها: النظرة الخبيثة، أو التي تحمل معنى خبيثاً، ومنها الملامسة، ومنها إلقاء النكات أو القصص الجنسية على مسمع الطرف الآخر، ومنها دعوة الآخر إلى طعام أو شراب كتمهيد لإقامة علاقة غير شرعية، أو اختلاق فرص عمل إضافية تجمع الطرفين في خلوة، أو إصرار أحد الطرفين على توصيل الآخر في «سيارته»، رغم الرفض القاطع من الطرف الثاني.
الوقاية والعلاج
ثمة احتياطات أرشدنا الإسلام إلى الأخذ بها والالتزام بها، حتى لا يقع الشخص في هذه الصور من التحرش والانحرافات الجنسية.
ومن أهم سبل الوقاية والعلاج ما يلي:
1 ـ غض البصر:
فقد أمر الحق عز وجل الرجال بغض البصر، قال تعالى: قٍل لٌَلًمٍؤًمٌنٌينّ يّغٍضٍَوا مٌنً أّبًصّارٌهٌمً $ّيّحًفّظٍوا فٍرٍوجّهٍمً ذّلٌكّ أّزًكّى لّهٍمً إنَّ پلَّهّ خّبٌيرِ بٌمّا يّصًنّعٍون> 30< (النور).
كما أمر الله تبارك وتعالى النساء أيضاً بغض أبصارهن وحفظ فروجهن، وذلك في قوله عز وجل: $ّقٍل لٌَلًمٍؤًمٌنّاتٌ يّغًضٍضًنّ مٌنً أّبًصّارٌهٌنَّ $ّيّحًفّظًنّ فّرٍوجّهٍنَّ (النور:31).
2 ـ حجاب الأنثى:
ففي سورة الأحزاب، أمر الحق سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم أن يوجه أزواجه وبناته ونساء المؤمنين جميعهن إلى الحجاب، قال تعالى: يّا أّيٍَهّا پنَّبٌيٍَ قٍل لأّزًوّاجٌكّ $ّبّنّاتٌكّ $ّنٌسّاءٌ پًمٍؤًمٌنٌينّ يٍدًنٌينّ عّلّيًهٌنَّ مٌن جّلابٌيبٌهٌنَّ ذّلٌكّ أّدًنّى» أّن يٍعًرّفًنّ فّلا يٍؤًذّيًنّ $ّكّانّ پلَّهٍ غّفٍورْا رَّحٌيمْا >59< (الأحزاب).
وفي سورة النور، قال تعالى موجهاً المؤمنات: $ّلا يٍبًدٌينّ زٌينّتّهٍنَّ إلاَّ مّا ظّهّرّ مٌنًهّا $ّلًيّضًرٌبًنّ بٌخٍمٍرٌهٌنَّ عّلّى جٍيٍوبٌهٌنَّ $ّلا يٍبًدٌينّ زٌينّتّهٍنَّ إلاَّ لٌبٍعٍولّتٌهٌنَّ أّوً آبّائٌهٌنَّ أّوً آبّاءٌ بٍعٍولّتٌهٌنَّ أّوً أّبًنّائٌهٌنَّ أّوً أّبًنّاءٌ بٍعٍولّتٌهٌنَّ أّوً إخًوّانٌهٌنَّ أّوً بّنٌي إخًوّانٌهٌنَّ أّوً بّنٌي أّخّوّاتٌهٌنَّ أّوً نٌسّائٌهٌنَّ أّوً مّا مّلّكّتً أّيًمّانٍهٍنَّ أّوٌ پتَّابٌعٌينّ غّيًرٌ أٍوًلٌي الإرًبّةٌ مٌنّ پرٌَجّالٌ أّوٌ پطٌَفًلٌ پَّذٌينّ لّمً يّظًهّرٍوا عّلّى عّوًرّاتٌ پنٌَسّاءٌ $ّلا يّضًرٌبًنّ بٌأّرًجٍلٌهٌنَّ لٌيٍعًلّمّ مّا يٍخًفٌينّ مٌن زٌينّتٌهٌنَّ $ّتٍوبٍوا إلّى پلَّهٌ جّمٌيعْا أّيٍَهّا پًمٍؤًمٌنٍونّ لّعّلَّكٍمً تٍفًلٌحٍونّ >31< (النور)، كما نهاهن سبحانه عن الترقق في الكلام: يّا نٌسّاءّ پنَّبٌيٌَ لّسًتٍنَّ كّأّحّدُ مٌَنّ پنٌَسّاءٌ إنٌ \تَّقّيًتٍنَّ فّلا تّخًضّعًنّ بٌالًقّوًلٌ فّيّطًمّعّ پَّذٌي فٌي قّلًبٌهٌ مّرّضِ $ّقٍلًنّ قّوًلاْ مَّعًروفْا >32< (الأحزاب).
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الحجاب هو الستر، أي ستر الجمال، وللحجاب الشرعي خصائص ينبغي أن تتحقق حتى يؤدي وظيفته، ويحقق هدفه؛ فلا يكون الحجاب لافتاً للأنظار، ولايصف جسدها ويبرز مواطن أنوثتها وفتنتها، ولا يشف... إلى غير ذلك مما هو واضح في التفاسير وكتب الفقه.
أرأيت ـ أخي القارئ الكريم ـ خصائص الحجاب؟! فما بالك بما يشاهده الناس على شاشات الفضائيات واللافتات الإعلامية بالشوارع والمجلات وغير ذلك من وسائل التلوث الخلقي والبصري والسمعي؟!!
3 ـ تيسير الزواج والتبكير به:
فكثير من أولياء الأمور تشددوا وغالوا في المهور، وكثير من الفتيات يشترطن أموراً ترهق الشباب، وذلك يؤخر الزواج، وربما يجعله أمراً صعباً أو مستحيلاً لدى كثير من الشباب، وخاصة في ظل البطالة والفاقة التي يعانيها أغلب شباب أمتنا.
وقد حث الإسلام على تيسير الزواج، ودفع الشباب إلى المبادرة بتحقيقه متى تيسر له ذلك، يقول صلى الله عليه وسلم مخاطباً الشباب: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء».
4 ـ تجنب المثيرات الجنسية:
كان أبو جعفر المنصور يقول: «جنبوا نساءكم المعازف، فإنها مدعاة للزنى»، فالمعازف والأغاني الهابطة، والقصص والمسلسلات الساقطة، والصور الفاتنة... وغير ذلك من المثيرات تحرك في النفس الشهوات، فتوقع ضعاف النفوس في عبادة شهوات الجسد، التي لا تورثهم إلا كمداً وندماً وألماً وحزناً وأسفاً.
5 ـ تجنب الأماكن التي تشكل مرتعاً للتحرش الجنسي:
كالخلوة في المكاتب أو القاعات أو الغرف، وكذلك أماكن الزحام كالأسواق، والمنتزهات المزدحمة، وخاصة التي يوجد فيها المتسكعون والمنحرفون.
6 ـ مواجهة المتحرش جنسياً بحزم وحسم وشدة، ورفض ذلك بكل الطرق الممكنة، ومواجهته، ومعاقبته، وردعه قانونياً، وأداء رجال الشرطة دورهم في ذلك.
7 ـ أن نحرص على مصاحبة زوجاتنا وأولادنا قدر الإمكان، فإن لم يتيسر ذلك فلتخرج الزوجة مع صاحباتها من المؤمنات العفيفات اللواتي عُرفن بالنقاء والتُّقى والعفاف، وليخرج أولادنا كذلك مع أصحابهم من ذوي الأخلاق الرفيعة الراقية الفاضلة، حتى لا يقع الفرد فريسة لهذه الذئاب، فإذا خرجت الزوجة أو البنت في صحبة الأسرة، فإن هذا الجمع يشكل وقاية وردعاً لهؤلاء الذئاب، وكذلك الحال في حالة الصحبة الطيبة، سواء لزوجاتنا، أم لبناتنا، أم لأبنائنا.
8 ـ أن يفكر كل من تسول له نفسه بارتكاب هذه الجريمة في أمه وزوجته وأخته وابنته...
لقد أتى شاب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الزنى، فاستخدم معه هذا الأسلوب العلاجي المؤثر، إذ سأله: «أترضاه لأمك»؟ قال: لا... وظل يعدد له رحمه من النساء... الرسول صلى الله عليه وسلم يسأله، ويجيب الشاب: لا... فأنكر صلى الله عليه وسلم على الشاب أن يرضى الزنى لنساء غيره ولا يرضاه لنسائه وأهله، ثم دعا صلى الله عليه وسلم لهذا الشاب بالعفة، فاستجيبت دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت سبباً في عفته وتحول هذا الشاب من شخصية منحرفة عدوانية إلى شخصية سوية مسالمة... وبذلك ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم على عواتق الدعاة والمربين والمصلحين بمسؤولية التحاور مع هؤلاء المنحرفين وإصلاحهم.
ومن عظيم ما قاله الإمام الشافعي في ذلك الأبيات التالية:
عفُّوا تعفّ نساؤكم في المحرم
وتجنبوا ما لا يليق بمسلم
إن الزنى دين فإن أقرضته
كان الوفا من أهل بيتك فاعلم
يا هاتكاً حُرَم الرجال وقاطعاً
سُبل المودة عشت غير مُكرَّم
لو كنت حراً من سلالة ماجد
ما كنت هتاكاً لحُرمة مسلم
من يزن يُزن به ولو بجداره
إن كنت يا هذا لبيباً فافهم
وقد روى الحاكم وقال: صحيح الإسناد عن أبي هريرة ] عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه قال: «عفوا عن نساء الناس تعف نساؤكم، وبروا آباءكم تبركم أبناؤكم، ومن أتاه أخوه متنصلاً فليقبل ذلك محقاً كان أو مبطلاً، فإن لم يفعل لم يرد على الحوض».
وروى الطبراني في الأوسط عن عائشة مرفوعاً: «عفوا تعف نساؤكم، وبروا آباءكم تبركم أبناؤكم، ومن اعتذر إلى أخيه المسلم من شيء بلغه عنه فلم يقبل عذره لم يرد على الحوض».
وروى ابن ماجه بإسناد حسن عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من ستر عورة أخيه ستر الله عورته يوم القيامة، ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها».
قال الإمام ابن مفلح في الآداب الكبرى: «قال بعض العباد: رأيت امرأة لا تحل لي، فنظرت زوجتي من لا أريد».
وقال ابن الجوزي في صيد الخاطر: «ما نزلت بي آفة ولاغم ولا ضيق صدر إلا بزلل أعرفه حتى يمكنني أن أقول: هذا بالشيء الفلاني، وربما تأولت تأويلاً فيه بعد فأرى العقوبة».
وقال محمود الوراق:
رأيت صلاح المرء يصلح أهله
ويعديهم داء الفساد إذا فسد
ويشرف في الدنيا بفضل صلاحه
ويحفظ بعد الموت في الأهل والولد
وأنشد بعضهم:
لا تلتمس من مساوي الناس ما ستروا
فيكشف الله ستراً من مساويكا
واذكر محاسن ما فيهم إذا ذكروا
ولا تعبْ أحداً منهم بما فيكا
واستغن بالله عن كلٍ فإن به
غنى لكل وثق بالله يلفيكا
وقال الآخر:
يا هاتكاً حُرم الرجال وقاطعاً
طرق الفساد فأنت غير مكرم
من يزن في قوم بألفي درهم
في أهله يزنى بربع الدرهم
إن الزنى دين إذا استقرضته
كان الوفا من أهل بيتك فاعلم
وقال آخر:
إن الرجال الناظرين إلى النساء
مثل الكلاب تطوف باللحمان
إن لم تَصُن تلك اللحوم أسودُها
أُخذت بلا عوض ولا أثمان
لا تقبلن من النساء مودة
فعلى النساء تقاتل الإخوان
ولكن:
لا يضر البحر أمسى زاخراً
إن رمى فيه غلامٌ بحجر
وهناك قصة واقعية نُسبت إلى أحد الدعاة الذي أكد أنها قصة حقيقية واقعية سُجلت بأحد أقسام الشرطة، وفيما يلي القصة كما وردت على الموقع:
اثنان من الشباب.. اجتمعا على معصية الله، يؤزهم الشيطان أزّاً، ويدفعهم دفعاً، والمصيبة أنهما متزوجان!!
قام أحدهما ذات يوم بمغامرة!! فبعد أن اتصلت به امرأة.. ونشأت بينهما علاقة محرمة.. واعدها في يوم من الأيام أنه سوف يسهر معها، ليخلو لهما الجو في بيته، فاحتال وأرسل زوجته إلى بيت أهلها، وأخذ عشيقته إلى بيته، وهناك طلبت منه إحضار العشاء والشراب أولاً، فتركها في بيته، وذهب ليشتري ما طلبت، وفي أثناء عودته، استوقفه رجال المرور لأنه تجاوز الإشارة الحمراء، وقادوه إلى مركز الشرطة، واتصل بصديق له وطلب منه أن يأتيه ليأخذ مفتاح السيارة ويذهب بالعشاء والشراب لعشيقته، وأن يكمل المشوار مكانه، فانطلق صديقه لأداء دوره الشيطاني، وهناك كانت الفاجعة، لقد وجد أن الفريسة هي زوجته!! ومع من؟ مع أعز أصدقائه!! فطلقها!!
تلك سنة الله في خلقه.. عفّوا عن نساء الناس تعفّ نساؤكم.. وكما تدين تدان.. فالجزاء من جنس العمل.. فهل فكر المنحرفون المتحرشون ولو لحيظات في أمهاتهم وزوجاتهم وأخواتهم وبناتهم وأولادهم؟! لو فكر الواحد منهم في ذلك ما هم بتلك المعصية.. أسأل الله الكريم أن يرزق شباب الإسلام ورجاله وبناته ونساءه العفاف والطهر والنقاء.
نسمع، ونشاهد على الفضائيات ما يُروى ويُناقش حول وقائع التحرش الجنسي وأحداثه، ونقرأ عن ذلك في الصحف والمجلات ومواقع الإنترنت، فما حقيقة هذا السلوك المعيب الخطير، العدواني الإجرامي؟ وما صوره؟ وما الطريق إلى الوقاية منه وعلاجه؟
حقيقة التحرش الجنسي
التحرش الجنسي هو محاولة استثارة الذكر للأنثى أو العكس، تمهيداً للاعتداء الجنسي دون رغبة من المعتدى عليه، وقد يقع التحرش الجنسي بين شخصين من جنس واحد، وهذا من أغلظ الانحرافات الجنسية.
إن التحرش الجنسي سلوك منحرف يقع في أماكن العمل والمنتزهات والشوارع، مما يلقي بمسؤولية كبيرة على المربين والمصلحين والدعاة والخبراء.
صور التحرش الجنسي
للتحرش الجنسي صور متعددة، منها: النظرة الخبيثة، أو التي تحمل معنى خبيثاً، ومنها الملامسة، ومنها إلقاء النكات أو القصص الجنسية على مسمع الطرف الآخر، ومنها دعوة الآخر إلى طعام أو شراب كتمهيد لإقامة علاقة غير شرعية، أو اختلاق فرص عمل إضافية تجمع الطرفين في خلوة، أو إصرار أحد الطرفين على توصيل الآخر في «سيارته»، رغم الرفض القاطع من الطرف الثاني.
الوقاية والعلاج
ثمة احتياطات أرشدنا الإسلام إلى الأخذ بها والالتزام بها، حتى لا يقع الشخص في هذه الصور من التحرش والانحرافات الجنسية.
ومن أهم سبل الوقاية والعلاج ما يلي:
1 ـ غض البصر:
فقد أمر الحق عز وجل الرجال بغض البصر، قال تعالى: قٍل لٌَلًمٍؤًمٌنٌينّ يّغٍضٍَوا مٌنً أّبًصّارٌهٌمً $ّيّحًفّظٍوا فٍرٍوجّهٍمً ذّلٌكّ أّزًكّى لّهٍمً إنَّ پلَّهّ خّبٌيرِ بٌمّا يّصًنّعٍون> 30< (النور).
كما أمر الله تبارك وتعالى النساء أيضاً بغض أبصارهن وحفظ فروجهن، وذلك في قوله عز وجل: $ّقٍل لٌَلًمٍؤًمٌنّاتٌ يّغًضٍضًنّ مٌنً أّبًصّارٌهٌنَّ $ّيّحًفّظًنّ فّرٍوجّهٍنَّ (النور:31).
2 ـ حجاب الأنثى:
ففي سورة الأحزاب، أمر الحق سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم أن يوجه أزواجه وبناته ونساء المؤمنين جميعهن إلى الحجاب، قال تعالى: يّا أّيٍَهّا پنَّبٌيٍَ قٍل لأّزًوّاجٌكّ $ّبّنّاتٌكّ $ّنٌسّاءٌ پًمٍؤًمٌنٌينّ يٍدًنٌينّ عّلّيًهٌنَّ مٌن جّلابٌيبٌهٌنَّ ذّلٌكّ أّدًنّى» أّن يٍعًرّفًنّ فّلا يٍؤًذّيًنّ $ّكّانّ پلَّهٍ غّفٍورْا رَّحٌيمْا >59< (الأحزاب).
وفي سورة النور، قال تعالى موجهاً المؤمنات: $ّلا يٍبًدٌينّ زٌينّتّهٍنَّ إلاَّ مّا ظّهّرّ مٌنًهّا $ّلًيّضًرٌبًنّ بٌخٍمٍرٌهٌنَّ عّلّى جٍيٍوبٌهٌنَّ $ّلا يٍبًدٌينّ زٌينّتّهٍنَّ إلاَّ لٌبٍعٍولّتٌهٌنَّ أّوً آبّائٌهٌنَّ أّوً آبّاءٌ بٍعٍولّتٌهٌنَّ أّوً أّبًنّائٌهٌنَّ أّوً أّبًنّاءٌ بٍعٍولّتٌهٌنَّ أّوً إخًوّانٌهٌنَّ أّوً بّنٌي إخًوّانٌهٌنَّ أّوً بّنٌي أّخّوّاتٌهٌنَّ أّوً نٌسّائٌهٌنَّ أّوً مّا مّلّكّتً أّيًمّانٍهٍنَّ أّوٌ پتَّابٌعٌينّ غّيًرٌ أٍوًلٌي الإرًبّةٌ مٌنّ پرٌَجّالٌ أّوٌ پطٌَفًلٌ پَّذٌينّ لّمً يّظًهّرٍوا عّلّى عّوًرّاتٌ پنٌَسّاءٌ $ّلا يّضًرٌبًنّ بٌأّرًجٍلٌهٌنَّ لٌيٍعًلّمّ مّا يٍخًفٌينّ مٌن زٌينّتٌهٌنَّ $ّتٍوبٍوا إلّى پلَّهٌ جّمٌيعْا أّيٍَهّا پًمٍؤًمٌنٍونّ لّعّلَّكٍمً تٍفًلٌحٍونّ >31< (النور)، كما نهاهن سبحانه عن الترقق في الكلام: يّا نٌسّاءّ پنَّبٌيٌَ لّسًتٍنَّ كّأّحّدُ مٌَنّ پنٌَسّاءٌ إنٌ \تَّقّيًتٍنَّ فّلا تّخًضّعًنّ بٌالًقّوًلٌ فّيّطًمّعّ پَّذٌي فٌي قّلًبٌهٌ مّرّضِ $ّقٍلًنّ قّوًلاْ مَّعًروفْا >32< (الأحزاب).
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الحجاب هو الستر، أي ستر الجمال، وللحجاب الشرعي خصائص ينبغي أن تتحقق حتى يؤدي وظيفته، ويحقق هدفه؛ فلا يكون الحجاب لافتاً للأنظار، ولايصف جسدها ويبرز مواطن أنوثتها وفتنتها، ولا يشف... إلى غير ذلك مما هو واضح في التفاسير وكتب الفقه.
أرأيت ـ أخي القارئ الكريم ـ خصائص الحجاب؟! فما بالك بما يشاهده الناس على شاشات الفضائيات واللافتات الإعلامية بالشوارع والمجلات وغير ذلك من وسائل التلوث الخلقي والبصري والسمعي؟!!
3 ـ تيسير الزواج والتبكير به:
فكثير من أولياء الأمور تشددوا وغالوا في المهور، وكثير من الفتيات يشترطن أموراً ترهق الشباب، وذلك يؤخر الزواج، وربما يجعله أمراً صعباً أو مستحيلاً لدى كثير من الشباب، وخاصة في ظل البطالة والفاقة التي يعانيها أغلب شباب أمتنا.
وقد حث الإسلام على تيسير الزواج، ودفع الشباب إلى المبادرة بتحقيقه متى تيسر له ذلك، يقول صلى الله عليه وسلم مخاطباً الشباب: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء».
4 ـ تجنب المثيرات الجنسية:
كان أبو جعفر المنصور يقول: «جنبوا نساءكم المعازف، فإنها مدعاة للزنى»، فالمعازف والأغاني الهابطة، والقصص والمسلسلات الساقطة، والصور الفاتنة... وغير ذلك من المثيرات تحرك في النفس الشهوات، فتوقع ضعاف النفوس في عبادة شهوات الجسد، التي لا تورثهم إلا كمداً وندماً وألماً وحزناً وأسفاً.
5 ـ تجنب الأماكن التي تشكل مرتعاً للتحرش الجنسي:
كالخلوة في المكاتب أو القاعات أو الغرف، وكذلك أماكن الزحام كالأسواق، والمنتزهات المزدحمة، وخاصة التي يوجد فيها المتسكعون والمنحرفون.
6 ـ مواجهة المتحرش جنسياً بحزم وحسم وشدة، ورفض ذلك بكل الطرق الممكنة، ومواجهته، ومعاقبته، وردعه قانونياً، وأداء رجال الشرطة دورهم في ذلك.
7 ـ أن نحرص على مصاحبة زوجاتنا وأولادنا قدر الإمكان، فإن لم يتيسر ذلك فلتخرج الزوجة مع صاحباتها من المؤمنات العفيفات اللواتي عُرفن بالنقاء والتُّقى والعفاف، وليخرج أولادنا كذلك مع أصحابهم من ذوي الأخلاق الرفيعة الراقية الفاضلة، حتى لا يقع الفرد فريسة لهذه الذئاب، فإذا خرجت الزوجة أو البنت في صحبة الأسرة، فإن هذا الجمع يشكل وقاية وردعاً لهؤلاء الذئاب، وكذلك الحال في حالة الصحبة الطيبة، سواء لزوجاتنا، أم لبناتنا، أم لأبنائنا.
8 ـ أن يفكر كل من تسول له نفسه بارتكاب هذه الجريمة في أمه وزوجته وأخته وابنته...
لقد أتى شاب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الزنى، فاستخدم معه هذا الأسلوب العلاجي المؤثر، إذ سأله: «أترضاه لأمك»؟ قال: لا... وظل يعدد له رحمه من النساء... الرسول صلى الله عليه وسلم يسأله، ويجيب الشاب: لا... فأنكر صلى الله عليه وسلم على الشاب أن يرضى الزنى لنساء غيره ولا يرضاه لنسائه وأهله، ثم دعا صلى الله عليه وسلم لهذا الشاب بالعفة، فاستجيبت دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت سبباً في عفته وتحول هذا الشاب من شخصية منحرفة عدوانية إلى شخصية سوية مسالمة... وبذلك ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم على عواتق الدعاة والمربين والمصلحين بمسؤولية التحاور مع هؤلاء المنحرفين وإصلاحهم.
ومن عظيم ما قاله الإمام الشافعي في ذلك الأبيات التالية:
عفُّوا تعفّ نساؤكم في المحرم
وتجنبوا ما لا يليق بمسلم
إن الزنى دين فإن أقرضته
كان الوفا من أهل بيتك فاعلم
يا هاتكاً حُرَم الرجال وقاطعاً
سُبل المودة عشت غير مُكرَّم
لو كنت حراً من سلالة ماجد
ما كنت هتاكاً لحُرمة مسلم
من يزن يُزن به ولو بجداره
إن كنت يا هذا لبيباً فافهم
وقد روى الحاكم وقال: صحيح الإسناد عن أبي هريرة ] عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه قال: «عفوا عن نساء الناس تعف نساؤكم، وبروا آباءكم تبركم أبناؤكم، ومن أتاه أخوه متنصلاً فليقبل ذلك محقاً كان أو مبطلاً، فإن لم يفعل لم يرد على الحوض».
وروى الطبراني في الأوسط عن عائشة مرفوعاً: «عفوا تعف نساؤكم، وبروا آباءكم تبركم أبناؤكم، ومن اعتذر إلى أخيه المسلم من شيء بلغه عنه فلم يقبل عذره لم يرد على الحوض».
وروى ابن ماجه بإسناد حسن عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من ستر عورة أخيه ستر الله عورته يوم القيامة، ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها».
قال الإمام ابن مفلح في الآداب الكبرى: «قال بعض العباد: رأيت امرأة لا تحل لي، فنظرت زوجتي من لا أريد».
وقال ابن الجوزي في صيد الخاطر: «ما نزلت بي آفة ولاغم ولا ضيق صدر إلا بزلل أعرفه حتى يمكنني أن أقول: هذا بالشيء الفلاني، وربما تأولت تأويلاً فيه بعد فأرى العقوبة».
وقال محمود الوراق:
رأيت صلاح المرء يصلح أهله
ويعديهم داء الفساد إذا فسد
ويشرف في الدنيا بفضل صلاحه
ويحفظ بعد الموت في الأهل والولد
وأنشد بعضهم:
لا تلتمس من مساوي الناس ما ستروا
فيكشف الله ستراً من مساويكا
واذكر محاسن ما فيهم إذا ذكروا
ولا تعبْ أحداً منهم بما فيكا
واستغن بالله عن كلٍ فإن به
غنى لكل وثق بالله يلفيكا
وقال الآخر:
يا هاتكاً حُرم الرجال وقاطعاً
طرق الفساد فأنت غير مكرم
من يزن في قوم بألفي درهم
في أهله يزنى بربع الدرهم
إن الزنى دين إذا استقرضته
كان الوفا من أهل بيتك فاعلم
وقال آخر:
إن الرجال الناظرين إلى النساء
مثل الكلاب تطوف باللحمان
إن لم تَصُن تلك اللحوم أسودُها
أُخذت بلا عوض ولا أثمان
لا تقبلن من النساء مودة
فعلى النساء تقاتل الإخوان
ولكن:
لا يضر البحر أمسى زاخراً
إن رمى فيه غلامٌ بحجر
وهناك قصة واقعية نُسبت إلى أحد الدعاة الذي أكد أنها قصة حقيقية واقعية سُجلت بأحد أقسام الشرطة، وفيما يلي القصة كما وردت على الموقع:
اثنان من الشباب.. اجتمعا على معصية الله، يؤزهم الشيطان أزّاً، ويدفعهم دفعاً، والمصيبة أنهما متزوجان!!
قام أحدهما ذات يوم بمغامرة!! فبعد أن اتصلت به امرأة.. ونشأت بينهما علاقة محرمة.. واعدها في يوم من الأيام أنه سوف يسهر معها، ليخلو لهما الجو في بيته، فاحتال وأرسل زوجته إلى بيت أهلها، وأخذ عشيقته إلى بيته، وهناك طلبت منه إحضار العشاء والشراب أولاً، فتركها في بيته، وذهب ليشتري ما طلبت، وفي أثناء عودته، استوقفه رجال المرور لأنه تجاوز الإشارة الحمراء، وقادوه إلى مركز الشرطة، واتصل بصديق له وطلب منه أن يأتيه ليأخذ مفتاح السيارة ويذهب بالعشاء والشراب لعشيقته، وأن يكمل المشوار مكانه، فانطلق صديقه لأداء دوره الشيطاني، وهناك كانت الفاجعة، لقد وجد أن الفريسة هي زوجته!! ومع من؟ مع أعز أصدقائه!! فطلقها!!
تلك سنة الله في خلقه.. عفّوا عن نساء الناس تعفّ نساؤكم.. وكما تدين تدان.. فالجزاء من جنس العمل.. فهل فكر المنحرفون المتحرشون ولو لحيظات في أمهاتهم وزوجاتهم وأخواتهم وبناتهم وأولادهم؟! لو فكر الواحد منهم في ذلك ما هم بتلك المعصية.. أسأل الله الكريم أن يرزق شباب الإسلام ورجاله وبناته ونساءه العفاف والطهر والنقاء.