المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أدب الإختلاف


خيَّال الغلباء
16 - 11 - 2008, 17:18
بسم الله الرحمن الرحيم

إخواني الكرام / أعضاء ومتصفحي منتديات قبيلة سبيع بن عامر الغلباء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : فقد كتب فضيلة الشيخ / عبدالله بن بيه وزير العدل الموريتاني سابقاً وعضو هيئة التدريس بجامعة الملك / عبدالعزيز - جدة الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ، وبعد فهذه ورقة عن أدب الاختلاف مقدمة إلى المؤتمر لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة جمادى الآخرة 1422هـ. تشتمل هذه الورقة على مقدمة عن معنى الاختلاف والخلاف ،والباعث على تقديم هذه الورقة ، نتعرض فيها للعناوين التالية :-

1 – تأصيل الألفة والجماعة .
2- تأصيل الاختلاف بين أهل الحق وتسويغه .
3- أقوال العلماء في الاختلاف .
4- آداب الاختلاف .
5- أسباب الاختلاف .
- خاتـمة .

مقدمـة :

الاختلاف هو التباين في الرأي والمغايرة في الطرح وقد ورد فعل الاختلاف كثيراً في القرآن الكريم قال تعالى : { فاختلف الأحزاب من بينهم } ( مريم )، وقال تعالى :{ يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون } ( البقرة )، وقال تعالى : { و ما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جائتهم البينات } ( البقرة )، وقال تعالى : { وما اختلفتم فيه من شيء ... } ( الجاثية ).
أما الخلاف فهو مصدر من خالف إذا عارضه ، قال تعالى : { وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه } ( هود )، وقال تعالى : { فليحذر الذين يخالفون عن أمره } ( النور ).
وجاء بصيغة المصدر قال تعالى : { لا يلبثون خلافك إلا قليلاً } ( الإسراء )، وقال تعالى : { وأرجلهم من خلاف } ( المائدة ).
والاختلاف قد يوحي بشيء من التكامل والتناغم كما في قوله تعالى : { فأخرجنا به ثمرات مختلفاً ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها } ( فاطر ).
وأما الخلاف فإنه لا يوحي بذلك وينصب الاختلاف غالباً على الرأي اختلف فلان مع فلان في كذا والخلاف ينصب على الشخص .
ثم إن الاختلاف لا يدل على القطيعة بل قد يدل على بداية الحوار فإن ابن مسعود اختلف مع أمير المؤمنين عثمان في مسألة إتمام الصلاة في سفر الحج ولكنه لم يخالف بل أتم معه وقال : الخلاف شر .
قد يدل الخلاف على القطيعة .
هذا الإيحاءات والظلال جعلتنا نفضل كلمة الاختلاف التي قد تكون مقدمة للتفاهم والتكامل على كلمة الخلاف وإن كان العلماء يستعملون كلتا الكلمتين لتأدية نفس المعنى باعتبارهما من المترادف فتتعاوران وتتعاقبان .

الكلمات ذات العلاقة :

هناك كلمات قوية في دلالتها على اشتداد الخلاف كالنزاع والشقاق وهو الوقوف في شق أي في جانب يقابل ويضاد الجانب الآخر .
الاختلاف ظاهرة لا يمكن تحاشيها باعتبارها مظهراً من مظاهر الإرادة التي ركبت في الإنسان إذ الإرادة بالضرورة يؤديان إلى وقوع الاختلاف والتفاوت في الرأي .
وقد انتبه لذلك العلامة ابن القيم عندما يقول : " وقوع الاختلاف بين الناس أمر ضروري لا بد منه لتفاوت أغراضهم وأفهامهم وقوى إدراكهم ولكن المذموم بغي بغضهم على بغض وعدوانه " ( إعلام الموقعين )
فإن الشقاق يمكن تفاديه بالحوار الذي من شأنه أن يقدم البدائل العديدة لتجنب مأزق الاصطدام في زاوية الشقاق .
ونحن في ورقتنا هذه إنما نبحث عن البدائل انطلاقاً من الشريعة الإسلامية نصوصاً ومقاصد وأصولاً وفروعاً وتطبيقات بنماذج تاريخية .
الباعث : إن الباعث على هذه الورقة هو ملاحظة لا تعزب عن بال أحد بل لا تغرب عن حواسه تتمثل في اختلاف كثير تصديقا لقوله عليه الصلاة والسلام : { وإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً } .
وهو اختلاف انتشر في الأمة أفقيًا وعمودياً في كل الفئات وعلى مختلف المستويات . تعددت أسبابه وتنوعت ألوانه واستعلمت فيه كل الوسائل من تكفير وتفسيق وتبديع وتشويه وتسفيه وما شئت من مصدر على وزن تفعيل .
وأستعمل فيه الخصوم كل أدوات الدفاع والهجوم وضاقت بالحياد فيه الأرض بما رحبت فالكل متهم والكل براء وأعجز داء الأمة الدواء فحضر الشهود إلا شاهد العقل واستحضرت الحجج إلا حجة الإنصاف ( وما أبرئ نفسي ).
ونحن هنا لا نحاول إصدار فتاوى في مسائل الاختلاف ولا تحضير بلسم سحري يبرء الأوصاب لأن ذلك ليس في مقدورنا ولا في طاقتنا فقد نتكلف شططاً ونكلفكم عناء وعنتا لو حاولنا ذلك ، وقد يكون من المفارقات أن أطلب من الآخرين التواضع والنسبية في الحكم ، وفي الوقت نفسه أصدر أحكامه باتة في قضاياهم .
إن محاولتنا تعنى بحثاً عن كيفية تعقيل أو عقلنة جدلنا وتنظيم اختلافاتنا وترتيب درجات سلم أولوياتنا وتحسين نياتنا وإرادتنا على ضوء ما يستخلص من نصوص شرعية حاكمة وآثار عن السلف شارحة وممارسات رشيدة هادية . إذ من شأن ذلك أن يقلل من الخلاف أو ينزع فتيل ناره لتصبح بردًا وسلاماً .
يقول العلامة ابن القيم : ( فإذا كان الاختلاف على وجه لا يؤدي إلى التباس والتحري وكل من المختلفين قصده طاعة الله ورسوله لم يضر ذلك الاختلاف فإنه أمر لا بد منه في النشأة الإنسانية لأنه إذا كان الأصل واحدا والغاية المطلوبة واحدة والطريقة المسلوكة واحدة لم يكد يقع اختلاف وإن وقع كان اختلافًا لا يضر كما تقدم من اختلاف الصحابة ) ( الصواعق المرسلة ج 2 ص 519 )
كيف نجعل اختلافنا من هذا النوع الذي أشار إليه ابن القيم ؟ فإذا ذلك غرضنا فلننتقل إلى تأصيل أهمية الألفة وإصلاح ذات البين .

تأصيل الألفة والاعتصام بحبل الجماعة :

إنه من المعلوم ضرورة من الذين قال تعالى : { واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا }،{ ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم }. قوتكم وجماعتكم ونصركم .
{ ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءتهم البيانات }،{ أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه }.
أوامر بالاعتصام بحبل الله تعالى وإقامة دينه مقرونة بنواه عن التفرق والنزاع مع التنبيه إلى النتائج الحتمية المتمثلة في الفشل الذي يعنى العجز عن الوصول إلى غاية معينة وهنا فشل الأمة وعجزها عن القيام بوظيفتها في هداية البشر والخلافة الراشدة في الأرض { واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم }.
وقد بين عليه الصلاة والسلام ذلك خير بيان ، وهو المبين للذكر المبلغ للوحي في نواه صريحة " لا تقاطعوا وتدابروا ولا تباغضوا وكونوا عباد الله إخواناً "

إصلاح ذات البين :

{ فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم } ،{ لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس } { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا ذات بينهما } ، { واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم } وحديث " ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخواناً كما أمركم الله تعالى " أخرجه مسلم من حديث أنس وفي حديث أبي هريرة " لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا " وخرج أحمد وأبوداود والترمذي من حديث أبي الدرداء عنه عليه السلام { ألا أنبئكم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة ؟ قالوا بلى يا رسول الله قال : إصلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة { والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا }.
وفي ثاني خطبة له بالمدينة بعد الهجرة كما يروى ابن إسحاق دعا إلى حب الله تعالى قائلاً : أحبوا ما أحب الله أحبوا الله من كل قلوبكم " ثم دعا المسلمين إلى الحب فيما بينهم قائلاً : وتحابوا بروح الله بينكم "
استخلص العلماء رحمهم الله تعالى من ذلك أن الجماعة والألفة أصل من أصول الدين يضحى في سبيله بالفروع .
عبر عنه خير تعبير ابن تيمية حيث يقول : " الاعتصام بالجماعة والألفة أصل من أصول الدين والفرع المتنازع من الفروع الخفية فكيف يقدح في الأصل بحفظ الفرع " ( 22 ص 254 ). وهو كلام صحيح فيه فقه وبصر بأحكام الشرع ولقد اعتذر نبي الله هارون لأخيه موسى عليهما السلام - في عدم اتباعه له عندما عبد بنو إسرائيل العجل بالمحافظة على وحدة بني إسرائيل فلو تفرقوا لحملتني مسئولية ذلك : { يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا أن لا تتبعني أفعصيت أمري قال يابنؤم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي }.

تسويغ الاختلاف :

إن الاختلاف بين أهل الحق سائغ وواقع ، وما دام في حدود الشريعة وضوابطها فإنه لا يكون مذموماً بل يكون ممدوحاً ومصدراً من مصادر الإثراء الفكري ووسيلة للوصول إلى القرار الصائب ، وما مبدأ الشورى الذي قرره الإسلام إلا تشريعاً لهذا الاختلاف الحميد { وشاورهم في الأمر } فكم كان النبي صلى الله عليه وسلم يستشيروا أصحابه ويستمع إلى آرائهم وتختلف وجهات نظرهم في تقرير المضي في حملة بدر ونتائج المعركة وكان الاختلاف من الموقف من الأسرى .
فعندما استشار في المضي فدماً لنزال المشركين بعد أن تبين كثرة جيوشهم بالنسبة للمسلمين وكان النبي صلى الله عليه وسلم ينصت إليهم وما ليم أحد على رأي أبداه أو موقف تبناه وما تعصب منهم أحد ولا تحزب بل كان الحق غايتهم والمصلحة رائدهم .
وقد يقر النبي صلى الله عليه وسلم كلاً من المختلفين على رأيه الخاص ، وبدون أن يبدي أي اعتراض أو ترجيح .
كما في مسألة أمره عليه الصلاة والسلام بصلاة العصر في بني قريظة فقد صلاها بعضهم بالمدينة ولم يصلها العض الآخر إلا وقت صلاة العشاء ، ولم يعنف أحداً منهم كما جاء في الصحيحين .
وفي السفر كان منهم المفطر والصائم . وما عاب أحد على أحد كما جاء في الصحيح حتى في الاختلاف في القراءة في حديث ابن مسعود
إنها التربية النبوية للصحابة ليتصرفوا داخل دائرة الشريعة حسب جهدهم طبقاً لاجتهادهم .
وبعده عليه الصلاة والسلام كانت بينهم اختلافات حسمت أحيانا كثيرة بالاتفاق كما في اختلافهم حول الخليفة بعده صلى الله عليه وسلم .
وكما في اختلافهم حول قتال مانعي الزكاة وحول جمع القرآن الكريم ورجوع عمر إلى قل علي مسألة المنكوحة في العدة
وتارة يبقى الطرفان على موقفهما وهما في غاية الاحترام لبعضهما البعض .
قصة عمر مع ربيعة بن عياش
قصة الأرض الخراجية
قصة عائشة وابن عباس في رؤيته عليه الصلاة والسلام للباري جل وعلا .
وبين عائشة وبين الصحابة في سماع الموتى
وبين عمر وبين فاطمة بنت قيس في مسألة سكنى المبتوتة ونفقتها وابن مسعود وأبي موسى الأشعري في مسألة إرضاع الكبير .
وأبو هريرة وابن عباس في الوضوء مما مست النار .
واختلاف عمر مع أبي عبيدة في دخول الأرض التي بها وباء .

ويدخل التابعون في بعض الأحيان في حلبة الخلاف كأبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف مع ابن عباس في عدة الحامل المتوفى عنها .
وتقف عائشة إلى جانب ابن عباس قائلة لأبي سلمة إنما أنت فروج – رأى الديكة تصيح فصاح – معتبرة أنه لم يبلع بعد درجة الاجتهاد ولكن الأمر لا يتجاوز ذلك .
وموضوعات الخلاف كثيرة جداً ولكنها تحسم بالتراضي إما بالرجوع إلى رأي البعض ، ويسجل لعمر رضي الله عنه كثرة رجوعه إلى آراء أخوته من الصحابة واعترافه أمام الملأ وتأصيله القاعدة الذهبية وهي : " أن الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد " وهي قاعدة تبناها العلماء فيما بعد فأمضوا أحكام القضاة التي تخالف رأيهم واجتهادهم حرصاً على مصلحة إنهاء الخصومات وحسم المنازعات وهي مصلحة مقدمة في سلم الأوليات على الرأي المخالف الذي قد يكون صاحبه مقتنعا به .

أقوال العلماء في الاختلاف :-

يقول الحافظ بن رجب : ( ولما كثر اختلاف الناس في مسائل الدين وكثر تفرقهم كثر بسبب ذلك تباغضهم وتلاعنهم وكل منهم يظن أنه يبغض لله وقد يكون في نفس الأمر معذوراً وقد لا يكون معذوراً بل يكون متبعاً لهواه مقصراً في البحث عن معرفة ما يبغض فإن كثيراً كذلك إنما يقع لمخالفة متبوع يظن أنه لا يقول إلا الحق وهذا الظن قد يخطئ ويصيب وقد يكون الحامل على الميل إليه مجرد الهوى والألفة أو العادة وكل هذا يقدح في أن يكون هذا البغض لله فالواجب على المسلم أن ينصح لنفسه ويتحرز في هذا غاية التحرز وما أشكل منه فلا يدخل نفسه فيه خشية أن يقع فيما نهى عنه من البغض المحرم .
وها هنا أمر خفي ينبغي التفطن له وهو أن كثيراً من أئمة الدين قد يقول قولاً مرجوحاً ويكون فيه مجتهداً مأجوراً على اجتهاده فيه موضوعاً عنه خطؤه فيه ولا يكون المنتصر لمقاتلته تلك بمنزلته في هذه الدرجة لأنه قد لا ينتصر لهذا القول إلا لكون متبوعه قد قاله بحيث لو أنه قد قاله غيره من أئمة الدين لما قبله ولا انتصر له ولا والى من يوافقه ولا عادى من خالفه وهو مع هذا يظن أنه إنما انتصر للحق بمنزلة متبوعه وليس كذلك فإن متبوعه إنما كان قصد الانتصار للحق وإن أخطأ في اجتهاده .
وأما هذا التابع فقد شاب انتصاره لما يظن أنه الحق إرادة علو متبوعه وظهور كلمته وأنه لا ينسب إلى الخطأ وهذه دسيسة تقدح في قصده الانتصار للحق فافهم هذا فإنه مهم عظيم والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ) انتهى كلام الحافظ وهم كلام في غاية الفضل .
قال الشافعي : " ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة "
وقال : " ما ناظرت أحداً إلا قلت اللهم أجر الحق على قلبه ولسانه فإن كان الحق معي اتبعني وإذا كان الحق معه اتبعته " – قواعد الأحكام
رفض مالك حمل الناس على الموطأ !
قال مالك للخليفة العباسي – حينما أرد حمل الناس على الموطأ وهو كتاب مالك وخلاصة اختياره في الحديث والفقه – لا تفعل يا أمير المؤمنين معتبراً أن لكل قطر علماءه وآراءه الفقهية فرجع الخليفة عن موقفه بسبب هذا الموقف الرفيع من مالك في احترام رأي المخالف وإفساح المجال له .
قالت عائشة عن بعض الصحابة وقد اختلفت معه : أما إنه لم يكذب ولكنه نسي أو أخطأ .
كان الذهبي مثل العالم المتفتح المنصف .
فقد قال الذهبي عن الشيخ عبد الستار المقدسي الحنبلي رحمه الله تعالى : " أنه قل من سمع منه لأنه كان فيه زعارة وكان فيه غلو في السنة " وقال عنه : "وعني بالسنة وجمع فيها وناظر الخصوم وكفرهم وكان صاحب حزبية وتحرق على الأشعرية فرموه بالتجسيم ثم كان منابذاً لأصحابه الحنابلة وفيه شراسة أخلاق مع صلاح ودين يابس "
اعتبر الذهبي ذلك حزبية .
وقال الذهبي عن القاضي أبي بكر بن العربي : " لم ينصف القاضي أبو بكر رحمه الله شيخ أبيه في العلم ولا تكلم فيه بالقسط وبالغ في الاستخفاف به وأبو بكر على عظمته في العلم لا يبلغ رتبة أبي محمد ولا يكاد فرحمهما الله وغفر لهما ".
وكان الذهبي يثني ثناء عاطراً على تقي الدين السبكي مع أنه شيخ الأشاعرة الذي كان بينه وبين شيخه الشيخ تقي الدين بن تيمية من الخلاف ما هو معروف . ثم يتعذر الذهبي عن الظاهرية قائلاً : " ثم ما تفردوا به هو شيء من قبيل مخالفة الإجماع الظني وتندر مخالفتهم الإجماع القطعي ".
ثم ذكر أنهم ليسوا خارجين عن الدين .
وقال عنهم : " وفي الجملة فداود بن علي بصير بالفقه عالم بالقرآن حافظ للأثر رأس المعرفة من أوعية العلم له ذكاء خارق وفيه دين متين وكذلك فقهاء الظاهرية جماعة لهم علم باهر وذكاء قوي فالكمال عزيز والله الموفق ".
ويقول الذهبي :" ونحن نحكي قول ابن عباس في المتعة وفي الصرف وفي إنكار العول وقول طائفة من الصحابة في ترك الغسل من الإيلاج بغير إنزال وأشباه ذلك ولا يجوز تقليدهم في ذلك ".
وقال : " كل فرقة تتعجب من الأخرى ونرجو لكل من بذل جهده في تطلب الحق أن يغفر له من هذه الأمة المرحومة ".
ويقول ابن تيمية : " وأمرنا بالعدل والقسط فلا يجوز لنا إذا قال يهودي أو نصراني فضلا علن الرافضي قولا فيه حق أن نتركه أو نرده كله ".
وقال أيضاً : " الاعتصام بالجماعة والائتلاف من أصول الدين والفرع المتنازع فيه من الفروع الخفية فكيف يقدح في الأصل بحفظ الفرع ". ( الفتاوى 22 – 254 )

المعاداة بين المختلفين في الاجتهاد اتباع للهوى :

يدخل الخلل في الموالاة والمعاداة حين يكون الاتباع للهوى وحيثما وجد التفرق كان مبعثه الهوى لأن أصل الاختلاف الاجتهادي لا يقتضي الفرقة والعداوة وقد جعل الشاطبي هذا الأصل مقياساً لضبط ما هو من أمر الدين وما ليس منه فقال : ( فكل مسألة حدثت في الإسلام فاختلفت الناس فيها ولم يورث ذلك الاختلاف بينهم عداوة ولا بغضاء ولا فرقة علمنا أنها من مسائل الإسلام وكل مسألة طرأت فأوجبت العداوة والتنافر والتنابز والقطيعة علمنا أنها ليست من أمر الدين في في شيء وأنها التي عنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتفسير الآية وهي قوله تعالى { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً } فيجب على كل ذي دين وعقل أن يجتنبها.. فإذا اختلفوا وتقاطعوا كان ذلك بحدث أحدثوه من اتباع الهوى وهو ظاهر في أن الإسلام يدعو إلى الألفة والتحاب والتراحم والتعاطف فكل رأي أدى إلى خلاف ذلك فخارج عن الدين ).
ووصف الشيخ تقي الدين بن تيمية من يوالى موافقه ويعادي مخالفه ويكفر ويفسق مخالفه دون موافقة في مسائل الآراء والاجتهادات ويستحل قتال مخالفة بأنه من أهل التفرق والاختلاف ( الفتاوى 7- 349 )
ويرى ابن تيمية ترك بعض المستحبات تأليفاً قائلاً : " لأن مصلحة التأليف في الدين أعظم من مصلحة فعل مثل هذا كما ترك النبي صلى الله عليه وسلم تغيير بناء البيت لما في إبقائه من تأليف القلوب ".
وأنكر ابن مسعود على عثمان إتمام الصلاة في السفر ثم صلى خلفه متماً وقال الخلاف شر . ( الفتاوى 22 – 407 )
رأي النووي في الطائفة المتصورة : " ويحتمل أن هذه الطائفة تفرقت بين أنواع المؤمنين منهم شجعان مقاتلون ومنهم فقهاء ومنهم محدثون ومنهم زهاد وآمرون بالمعروف وناهون عن المنكر ومنهم أهل أنواع أخرى من أهل الخير ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين بل قد يكونون متفرقين في أقطار الأرض في أقطار الأرض ".
ويقول الذهبي في ميزان الاعتدال من ترجمة الحافظ أبي نعيم الأصفهاني : " كلام الأقران بعضهم في بعض لا يعبأ به ولا سيما إذا لا ح لك أنه لعداوة أو لمذهب أو لحسد لا ينجو منه إلا من عصم الله وما عملت أن عصراً من الأعصار سلم أهله من ذلك سوى الأنبياء والصديقين ".
قال أحمد : " لم يعبر الجسر إلى خراسان مثل إسحاق وإن كان يخالفان في أشياء فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضا ".

آداب عامة ينبغي للمختلفين أن يراعوها ليعذر بعضهم بعضاً :-

1- العذر بالجهل !

يقول ابن تيمية : وكثير من المؤمنين قد يجهل هذا فلا يكون كافرا ( 11-411 )
وفي حديث ابن ماجة عن حذيفة " يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب حتى لا يدري ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة وليسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية وتبقى طوائف من الناس الشيخ الكبير والعجوز يقولون أدركنا آباءنا على هذه الكلمة لا إله إلا الله فنحن نقولها فيقول صلة بن زفر لحذيفة راوي الحديث ما تغنى عنهم لا إله إلا الله وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة ؟ فأعرض عنه حذيفة ثم أقبل عليه في الثالثة فقال يا صلة تنجيهم من النار. ثلاثاً " رواه الحاكم
وقد وقع في الديار الشيوعية وأيام سقوط الأندلس أشياء من هذا القبيل والله المستعان .

2 – العذر بالاجتهاد :

يقول ابن تيمية أعذار الأئمة في الاجتهاد فليس أحد منهم يخالف حديثاً صح عن النبي صلى الله عليه وسلم عمدا فلا بد له من عذر في تركه مضيفا : وجميع الأعذار ثلاثة أصناف أحدها : عدم اعتقاده أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله والثاني : عدم اعتقاده إرادة تلك المسألة بذلك والثالث : اعتقاده أن ذلك الحكم منسوخ ( 20- 232 )
وعذر المقلد من نوع عذر الجاهل يقول ابن عبد البر : ولم يختلف العلماء أن العامة عليها تقليد علمائها ( جامع بيان العلم وفضله )
ويقول ابن تيمية : وتقليد العاجز عن الاستدلال للعالم يجوز عند الجمهور 19 – 262 )
ويقول ابن القيم : فالعامي لا مذهب له لأن المذهب إنما يكون لمن له نوع نظر واستدلال .

3- العذر باختلاف العلماء :

عدم الإنكار في مسائل الاختلاف ومسائل الاجتهاد يقول ابن القيم : إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع وللاجتهاد فيها مساغ لم تنكر على من عمل فيها مجتهداً أو مقلدا . ( إعلام الموقعين 3 – 365 )
ويقول العز بن عبد السلام : من أتى شيئاً مختلفاً في تحريمه إن اعتقد تحليله لم يجز الإنكار عليه إلا أن يكون مأخذ المحلل ضعيفا ( قواعد الأحكام 1-109 ) قال إمام الحرمين : ثم ليس للمجتهد أن يعترض بالردع والزجر على مجتهد آخر في موقع الخلاف إذ كل مجتهد في الفروع مصيب عندنا ومن قال إن المصيب واحد فهو غير متعين عنده فيمتنع زجر أحد المجتهدين الآخر على المذهبين ( الإرشاد ص 312 )

4- الرفق في التعامل :-

والرفق أصل من أصول الدعوة ومبدأ من مبادئ الشريعة ففي حديث الرجل الذي بال في المسجد وزجره أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فنهاهم عليه الصلاة والسلام قائلاً : لا تزمروه – أي لا تقطعوا بوله – وأتبعوه ذنوبا من ماء وقال للرجل إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذه القاذورات .
وحديث خوات بن جبير رضي الله عنه حين راءاه مع نسوة فقال ماذا تبغي هاهنا قال التمس بعيراً لي شاردا . ثم حسن إسلامه وخلصت توبته فمازحه عليه الصلاة والسلام قائلا : ماذا فعل بعيرك الشارد قال : قيده الإسلام يا رسول الله .
وحديث الأعرابي الذي أعطاه فقال له أحسنت عليك فقال كلاما غير لائق فهم به الصحابة فنهاهم عليه الصلاة والسلام وأدخله في البيت فأعطاه ثم خرج به وقال هل أحسنت فقال أحسنت علي وفعلت وفعلت فضحك عليه الصلاة والسلام وضرب مثلاً بصاحب الراحلة الشاردة .

5- أن لا يتكلم بغير علم قال تعالى { ولا تقف ما ليس لك به علم } لا بد من الإحاطة بما في المسألة قبل أن تخالف .

قل للذي يدعى علمـــــا ومــعــرفة
= علمت شيئـــا وغـابت عنك أشـيــــاء

فالعلم ذو كثــرة في الصحف منتشر
= وأنت يا خل لم تستكمـــل الصحفـــا

6- أدب مراعاة المصالح الشرعية في الإنكار فإذا كان النهي سيؤدي إلى مفسدة أكبر أو سيضيع مصلحة أعظم فلا نهي ولا أمر ويفصل ابن تيمية ذلك في الفتاوى (20/58)
ولو كان قوم على بدعة أو فجور ولو نهوا عن ذلك وقع بسبب ذلك شر أعظم مما هم عليه من ذلك ولم يمكن منعهم منه ولم يحصل بالنهي مصلحة راجحة لم ينهوا عنه ( 14/472)
فحيث كانت المفسدة للأمر والنهي أعظم من مصلحته لم يكن مما أمر الله به وإن كان قد ترك واجبا وفعل محرما إذ المؤمن عليه أن يتقي الله في عباد الله وليس عليه هداهم . الاستقامة (2/211)
وإذا كان الكفر والفسوق والعصيان سبب الشر والعدوان فقد يذنب الرجل أو الطائفة ويسكت آخرون فيكون ذلك من ذنوبهم وينكر عليه آخرون إنكاراً منهياً عنه فيكون ذلك من ذنوبهم فيحصل التفرق والاختلاف والشر وهذا من أعظم الفتن والشرور قديماً وحديثاً إذ الإنسان ظلوم جهول (26/142)

ولكن ما هي أسباب هذا الاختلاف ؟

إنها أسباب موضوعية ترجع إلى بلوغ الأخبار والآثار إلى العلماء والقواعد التي يلتزم بها العالم في تصحيح وتضعيف الأخبار وبالتالي مسألة اختيار معايير التعامل مع السنة وقرائن نسخ الأخبار وإحكامها .
وإلى اللغة وضوحا وجلاء وغموضا وخفاء كما هو مفصل في كتب أصول الفقه في أبواب دلالات الألفاظ كعموم النصوص وخصوصها وظهورها وتأويلها ومجملها ومبينها .
كما يرجع الاختلاف إلى الأدلة المتعلقة بمعقول النص ومقاصد الأحكام كأنواع القياس والمصالح المرسلة والاستحسان والاستصحاب وسد الذرائع .
كما يرجع الاختلاف إلى الأعراف المعتبرة وتغير الأحكام بتغير الزمان والمكان والموازنة بين المصالح والمفاسد .
فهذه العناوين الأربعة يرجع إليها اختلاف العلماء .

وفي الختام :

فإنه لا بد من إحياء روح التسامح في الأمة فتتجنب التباغض وبث روح الأخوة والمودة بين المسلمين في أنحاء العالم
ولا بد من تأكيد أدب الاختلاف وتجنب سلبيات الخلاف .
-لا بد من التأكيد على أن للاختلاف أسباباً موضوعية مشروعة ووجيهة يجب إبرازها واستثمارها لرأب الصدع وإصلاح ذات البين .
والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل . منقول وأنتم سالمون وغانمون والسلام .

منسم الحفيات
17 - 11 - 2008, 06:11
جزاك الله خيرا

سهيل
17 - 11 - 2008, 14:22
جزاك الله خيراً على ماتبذله من مجهود بالمنتدى

جعله الله في موازين حسناتك

فهد الغلبا
17 - 11 - 2008, 16:27
شكرا على جهدك المبارك

عبيد ابو شيبه
17 - 11 - 2008, 17:42
جزاك الله خير

خير كلمه قيلت لمن اسدا معروفا وعلا هذا الجهد المبارك

خيَّال الغلباء
18 - 11 - 2008, 13:38
أخي الكريم / منسم الحفيات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : شكرا جزيلا لك على مرورك الكريم بأدب الاختلاف وجعلني الله وإياك وإخواننا المسلمين ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وجعل الله مرورك في ميزان حسناتك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم والله يعافيك ويبارك فيك ويجزاك خيرا ويبيض وجهك يوم تبيض وجوه وتسود وجوه هذا وتقبل فائق الشكر والإمتنان مقرونا بجزيل المحبة والإحترام والله يحفظكم ويرعاكم مع خالص التحية وأطيب الأمنيات واسلم وسلم والسلام .

خيَّال الغلباء
18 - 11 - 2008, 18:43
أخي الكريم / سهيل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : شكرا جزيلا لك على مرورك الكريم بأدب الاختلاف وجعلني الله وإياك وإخواننا المسلمين ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وجعل الله مرورك في ميزان حسناتك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم والله يعافيك ويبارك فيك ويجزاك خيرا ويبيض وجهك يوم تبيض وجوه وتسود وجوه هذا وتقبل فائق الشكر والإمتنان مقرونا بجزيل المحبة والإحترام والله يحفظكم ويرعاكم مع خالص التحية وأطيب الأمنيات واسلم وسلم والسلام .

خيَّال الغلباء
18 - 11 - 2008, 20:56
بسم الله الرحمن الرحيم

إخواني الكرام / أعضاء ومتصفحي منتديات قبيلة سبيع بن عامر الغلباء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : فقد كتب فضيلة الشيخ / عبدالله بن بيه وزير العدل الموريتاني سابقاً وعضو هيئة التدريس بجامعة الملك / عبدالعزيز - جدة الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ، وبعد فهذه ورقة عن أدب الاختلاف مقدمة إلى المؤتمر لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة جمادى الآخرة 1422هـ. تشتمل هذه الورقة على مقدمة عن معنى الاختلاف والخلاف ،والباعث على تقديم هذه الورقة ، نتعرض فيها للعناوين التالية :-

1 – تأصيل الألفة والجماعة .
2- تأصيل الاختلاف بين أهل الحق وتسويغه .
3- أقوال العلماء في الاختلاف .
4- آداب الاختلاف .
5- أسباب الاختلاف .
- خاتـمة .

مقدمـة :

الاختلاف هو التباين في الرأي والمغايرة في الطرح وقد ورد فعل الاختلاف كثيراً في القرآن الكريم قال تعالى : { فاختلف الأحزاب من بينهم } ( مريم )، وقال تعالى :{ يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون } ( البقرة )، وقال تعالى : { و ما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جائتهم البينات } ( البقرة )، وقال تعالى : { وما اختلفتم فيه من شيء ... } ( الجاثية ).
أما الخلاف فهو مصدر من خالف إذا عارضه ، قال تعالى : { وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه } ( هود )، وقال تعالى : { فليحذر الذين يخالفون عن أمره } ( النور ).
وجاء بصيغة المصدر قال تعالى : { لا يلبثون خلافك إلا قليلاً } ( الإسراء )، وقال تعالى : { وأرجلهم من خلاف } ( المائدة ).
والاختلاف قد يوحي بشيء من التكامل والتناغم كما في قوله تعالى : { فأخرجنا به ثمرات مختلفاً ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها } ( فاطر ).
وأما الخلاف فإنه لا يوحي بذلك وينصب الاختلاف غالباً على الرأي اختلف فلان مع فلان في كذا والخلاف ينصب على الشخص .
ثم إن الاختلاف لا يدل على القطيعة بل قد يدل على بداية الحوار فإن ابن مسعود اختلف مع أمير المؤمنين عثمان في مسألة إتمام الصلاة في سفر الحج ولكنه لم يخالف بل أتم معه وقال : الخلاف شر .
قد يدل الخلاف على القطيعة .
هذا الإيحاءات والظلال جعلتنا نفضل كلمة الاختلاف التي قد تكون مقدمة للتفاهم والتكامل على كلمة الخلاف وإن كان العلماء يستعملون كلتا الكلمتين لتأدية نفس المعنى باعتبارهما من المترادف فتتعاوران وتتعاقبان .

الكلمات ذات العلاقة :

هناك كلمات قوية في دلالتها على اشتداد الخلاف كالنزاع والشقاق وهو الوقوف في شق أي في جانب يقابل ويضاد الجانب الآخر .
الاختلاف ظاهرة لا يمكن تحاشيها باعتبارها مظهراً من مظاهر الإرادة التي ركبت في الإنسان إذ الإرادة بالضرورة يؤديان إلى وقوع الاختلاف والتفاوت في الرأي .
وقد انتبه لذلك العلامة ابن القيم عندما يقول : " وقوع الاختلاف بين الناس أمر ضروري لا بد منه لتفاوت أغراضهم وأفهامهم وقوى إدراكهم ولكن المذموم بغي بغضهم على بغض وعدوانه " ( إعلام الموقعين )
فإن الشقاق يمكن تفاديه بالحوار الذي من شأنه أن يقدم البدائل العديدة لتجنب مأزق الاصطدام في زاوية الشقاق .
ونحن في ورقتنا هذه إنما نبحث عن البدائل انطلاقاً من الشريعة الإسلامية نصوصاً ومقاصد وأصولاً وفروعاً وتطبيقات بنماذج تاريخية .
الباعث : إن الباعث على هذه الورقة هو ملاحظة لا تعزب عن بال أحد بل لا تغرب عن حواسه تتمثل في اختلاف كثير تصديقا لقوله عليه الصلاة والسلام : { وإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً } .
وهو اختلاف انتشر في الأمة أفقيًا وعمودياً في كل الفئات وعلى مختلف المستويات . تعددت أسبابه وتنوعت ألوانه واستعلمت فيه كل الوسائل من تكفير وتفسيق وتبديع وتشويه وتسفيه وما شئت من مصدر على وزن تفعيل .
وأستعمل فيه الخصوم كل أدوات الدفاع والهجوم وضاقت بالحياد فيه الأرض بما رحبت فالكل متهم والكل براء وأعجز داء الأمة الدواء فحضر الشهود إلا شاهد العقل واستحضرت الحجج إلا حجة الإنصاف ( وما أبرئ نفسي ).
ونحن هنا لا نحاول إصدار فتاوى في مسائل الاختلاف ولا تحضير بلسم سحري يبرء الأوصاب لأن ذلك ليس في مقدورنا ولا في طاقتنا فقد نتكلف شططاً ونكلفكم عناء وعنتا لو حاولنا ذلك ، وقد يكون من المفارقات أن أطلب من الآخرين التواضع والنسبية في الحكم ، وفي الوقت نفسه أصدر أحكامه باتة في قضاياهم .
إن محاولتنا تعنى بحثاً عن كيفية تعقيل أو عقلنة جدلنا وتنظيم اختلافاتنا وترتيب درجات سلم أولوياتنا وتحسين نياتنا وإرادتنا على ضوء ما يستخلص من نصوص شرعية حاكمة وآثار عن السلف شارحة وممارسات رشيدة هادية . إذ من شأن ذلك أن يقلل من الخلاف أو ينزع فتيل ناره لتصبح بردًا وسلاماً .
يقول العلامة ابن القيم : ( فإذا كان الاختلاف على وجه لا يؤدي إلى التباس والتحري وكل من المختلفين قصده طاعة الله ورسوله لم يضر ذلك الاختلاف فإنه أمر لا بد منه في النشأة الإنسانية لأنه إذا كان الأصل واحدا والغاية المطلوبة واحدة والطريقة المسلوكة واحدة لم يكد يقع اختلاف وإن وقع كان اختلافًا لا يضر كما تقدم من اختلاف الصحابة ) ( الصواعق المرسلة ج 2 ص 519 )
كيف نجعل اختلافنا من هذا النوع الذي أشار إليه ابن القيم ؟ فإذا ذلك غرضنا فلننتقل إلى تأصيل أهمية الألفة وإصلاح ذات البين .

تأصيل الألفة والاعتصام بحبل الجماعة :

إنه من المعلوم ضرورة من الذين قال تعالى : { واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا }،{ ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم }. قوتكم وجماعتكم ونصركم .
{ ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءتهم البيانات }،{ أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه }.
أوامر بالاعتصام بحبل الله تعالى وإقامة دينه مقرونة بنواه عن التفرق والنزاع مع التنبيه إلى النتائج الحتمية المتمثلة في الفشل الذي يعنى العجز عن الوصول إلى غاية معينة وهنا فشل الأمة وعجزها عن القيام بوظيفتها في هداية البشر والخلافة الراشدة في الأرض { واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم }.
وقد بين عليه الصلاة والسلام ذلك خير بيان ، وهو المبين للذكر المبلغ للوحي في نواه صريحة " لا تقاطعوا وتدابروا ولا تباغضوا وكونوا عباد الله إخواناً "

إصلاح ذات البين :

{ فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم } ،{ لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس } { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا ذات بينهما } ، { واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم } وحديث " ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخواناً كما أمركم الله تعالى " أخرجه مسلم من حديث أنس وفي حديث أبي هريرة " لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا " وخرج أحمد وأبوداود والترمذي من حديث أبي الدرداء عنه عليه السلام { ألا أنبئكم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة ؟ قالوا بلى يا رسول الله قال : إصلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة { والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا }.
وفي ثاني خطبة له بالمدينة بعد الهجرة كما يروى ابن إسحاق دعا إلى حب الله تعالى قائلاً : أحبوا ما أحب الله أحبوا الله من كل قلوبكم " ثم دعا المسلمين إلى الحب فيما بينهم قائلاً : وتحابوا بروح الله بينكم "
استخلص العلماء رحمهم الله تعالى من ذلك أن الجماعة والألفة أصل من أصول الدين يضحى في سبيله بالفروع .
عبر عنه خير تعبير ابن تيمية حيث يقول : " الاعتصام بالجماعة والألفة أصل من أصول الدين والفرع المتنازع من الفروع الخفية فكيف يقدح في الأصل بحفظ الفرع " ( 22 ص 254 ). وهو كلام صحيح فيه فقه وبصر بأحكام الشرع ولقد اعتذر نبي الله هارون لأخيه موسى عليهما السلام - في عدم اتباعه له عندما عبد بنو إسرائيل العجل بالمحافظة على وحدة بني إسرائيل فلو تفرقوا لحملتني مسئولية ذلك : { يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا أن لا تتبعني أفعصيت أمري قال يابنؤم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي }.

تسويغ الاختلاف :

إن الاختلاف بين أهل الحق سائغ وواقع ، وما دام في حدود الشريعة وضوابطها فإنه لا يكون مذموماً بل يكون ممدوحاً ومصدراً من مصادر الإثراء الفكري ووسيلة للوصول إلى القرار الصائب ، وما مبدأ الشورى الذي قرره الإسلام إلا تشريعاً لهذا الاختلاف الحميد { وشاورهم في الأمر } فكم كان النبي صلى الله عليه وسلم يستشيروا أصحابه ويستمع إلى آرائهم وتختلف وجهات نظرهم في تقرير المضي في حملة بدر ونتائج المعركة وكان الاختلاف من الموقف من الأسرى .
فعندما استشار في المضي فدماً لنزال المشركين بعد أن تبين كثرة جيوشهم بالنسبة للمسلمين وكان النبي صلى الله عليه وسلم ينصت إليهم وما ليم أحد على رأي أبداه أو موقف تبناه وما تعصب منهم أحد ولا تحزب بل كان الحق غايتهم والمصلحة رائدهم .
وقد يقر النبي صلى الله عليه وسلم كلاً من المختلفين على رأيه الخاص ، وبدون أن يبدي أي اعتراض أو ترجيح .
كما في مسألة أمره عليه الصلاة والسلام بصلاة العصر في بني قريظة فقد صلاها بعضهم بالمدينة ولم يصلها العض الآخر إلا وقت صلاة العشاء ، ولم يعنف أحداً منهم كما جاء في الصحيحين .
وفي السفر كان منهم المفطر والصائم . وما عاب أحد على أحد كما جاء في الصحيح حتى في الاختلاف في القراءة في حديث ابن مسعود
إنها التربية النبوية للصحابة ليتصرفوا داخل دائرة الشريعة حسب جهدهم طبقاً لاجتهادهم .
وبعده عليه الصلاة والسلام كانت بينهم اختلافات حسمت أحيانا كثيرة بالاتفاق كما في اختلافهم حول الخليفة بعده صلى الله عليه وسلم .
وكما في اختلافهم حول قتال مانعي الزكاة وحول جمع القرآن الكريم ورجوع عمر إلى قل علي مسألة المنكوحة في العدة
وتارة يبقى الطرفان على موقفهما وهما في غاية الاحترام لبعضهما البعض .
قصة عمر مع ربيعة بن عياش
قصة الأرض الخراجية
قصة عائشة وابن عباس في رؤيته عليه الصلاة والسلام للباري جل وعلا .
وبين عائشة وبين الصحابة في سماع الموتى
وبين عمر وبين فاطمة بنت قيس في مسألة سكنى المبتوتة ونفقتها وابن مسعود وأبي موسى الأشعري في مسألة إرضاع الكبير .
وأبو هريرة وابن عباس في الوضوء مما مست النار .
واختلاف عمر مع أبي عبيدة في دخول الأرض التي بها وباء .

ويدخل التابعون في بعض الأحيان في حلبة الخلاف كأبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف مع ابن عباس في عدة الحامل المتوفى عنها .
وتقف عائشة إلى جانب ابن عباس قائلة لأبي سلمة إنما أنت فروج – رأى الديكة تصيح فصاح – معتبرة أنه لم يبلع بعد درجة الاجتهاد ولكن الأمر لا يتجاوز ذلك .
وموضوعات الخلاف كثيرة جداً ولكنها تحسم بالتراضي إما بالرجوع إلى رأي البعض ، ويسجل لعمر رضي الله عنه كثرة رجوعه إلى آراء أخوته من الصحابة واعترافه أمام الملأ وتأصيله القاعدة الذهبية وهي : " أن الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد " وهي قاعدة تبناها العلماء فيما بعد فأمضوا أحكام القضاة التي تخالف رأيهم واجتهادهم حرصاً على مصلحة إنهاء الخصومات وحسم المنازعات وهي مصلحة مقدمة في سلم الأوليات على الرأي المخالف الذي قد يكون صاحبه مقتنعا به .

أقوال العلماء في الاختلاف :-

يقول الحافظ بن رجب : ( ولما كثر اختلاف الناس في مسائل الدين وكثر تفرقهم كثر بسبب ذلك تباغضهم وتلاعنهم وكل منهم يظن أنه يبغض لله وقد يكون في نفس الأمر معذوراً وقد لا يكون معذوراً بل يكون متبعاً لهواه مقصراً في البحث عن معرفة ما يبغض فإن كثيراً كذلك إنما يقع لمخالفة متبوع يظن أنه لا يقول إلا الحق وهذا الظن قد يخطئ ويصيب وقد يكون الحامل على الميل إليه مجرد الهوى والألفة أو العادة وكل هذا يقدح في أن يكون هذا البغض لله فالواجب على المسلم أن ينصح لنفسه ويتحرز في هذا غاية التحرز وما أشكل منه فلا يدخل نفسه فيه خشية أن يقع فيما نهى عنه من البغض المحرم .
وها هنا أمر خفي ينبغي التفطن له وهو أن كثيراً من أئمة الدين قد يقول قولاً مرجوحاً ويكون فيه مجتهداً مأجوراً على اجتهاده فيه موضوعاً عنه خطؤه فيه ولا يكون المنتصر لمقاتلته تلك بمنزلته في هذه الدرجة لأنه قد لا ينتصر لهذا القول إلا لكون متبوعه قد قاله بحيث لو أنه قد قاله غيره من أئمة الدين لما قبله ولا انتصر له ولا والى من يوافقه ولا عادى من خالفه وهو مع هذا يظن أنه إنما انتصر للحق بمنزلة متبوعه وليس كذلك فإن متبوعه إنما كان قصد الانتصار للحق وإن أخطأ في اجتهاده .
وأما هذا التابع فقد شاب انتصاره لما يظن أنه الحق إرادة علو متبوعه وظهور كلمته وأنه لا ينسب إلى الخطأ وهذه دسيسة تقدح في قصده الانتصار للحق فافهم هذا فإنه مهم عظيم والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ) انتهى كلام الحافظ وهم كلام في غاية الفضل .
قال الشافعي : " ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة "
وقال : " ما ناظرت أحداً إلا قلت اللهم أجر الحق على قلبه ولسانه فإن كان الحق معي اتبعني وإذا كان الحق معه اتبعته " – قواعد الأحكام
رفض مالك حمل الناس على الموطأ !
قال مالك للخليفة العباسي – حينما أرد حمل الناس على الموطأ وهو كتاب مالك وخلاصة اختياره في الحديث والفقه – لا تفعل يا أمير المؤمنين معتبراً أن لكل قطر علماءه وآراءه الفقهية فرجع الخليفة عن موقفه بسبب هذا الموقف الرفيع من مالك في احترام رأي المخالف وإفساح المجال له .
قالت عائشة عن بعض الصحابة وقد اختلفت معه : أما إنه لم يكذب ولكنه نسي أو أخطأ .
كان الذهبي مثل العالم المتفتح المنصف .
فقد قال الذهبي عن الشيخ عبد الستار المقدسي الحنبلي رحمه الله تعالى : " أنه قل من سمع منه لأنه كان فيه زعارة وكان فيه غلو في السنة " وقال عنه : "وعني بالسنة وجمع فيها وناظر الخصوم وكفرهم وكان صاحب حزبية وتحرق على الأشعرية فرموه بالتجسيم ثم كان منابذاً لأصحابه الحنابلة وفيه شراسة أخلاق مع صلاح ودين يابس "
اعتبر الذهبي ذلك حزبية .
وقال الذهبي عن القاضي أبي بكر بن العربي : " لم ينصف القاضي أبو بكر رحمه الله شيخ أبيه في العلم ولا تكلم فيه بالقسط وبالغ في الاستخفاف به وأبو بكر على عظمته في العلم لا يبلغ رتبة أبي محمد ولا يكاد فرحمهما الله وغفر لهما ".
وكان الذهبي يثني ثناء عاطراً على تقي الدين السبكي مع أنه شيخ الأشاعرة الذي كان بينه وبين شيخه الشيخ تقي الدين بن تيمية من الخلاف ما هو معروف . ثم يتعذر الذهبي عن الظاهرية قائلاً : " ثم ما تفردوا به هو شيء من قبيل مخالفة الإجماع الظني وتندر مخالفتهم الإجماع القطعي ".
ثم ذكر أنهم ليسوا خارجين عن الدين .
وقال عنهم : " وفي الجملة فداود بن علي بصير بالفقه عالم بالقرآن حافظ للأثر رأس المعرفة من أوعية العلم له ذكاء خارق وفيه دين متين وكذلك فقهاء الظاهرية جماعة لهم علم باهر وذكاء قوي فالكمال عزيز والله الموفق ".
ويقول الذهبي :" ونحن نحكي قول ابن عباس في المتعة وفي الصرف وفي إنكار العول وقول طائفة من الصحابة في ترك الغسل من الإيلاج بغير إنزال وأشباه ذلك ولا يجوز تقليدهم في ذلك ".
وقال : " كل فرقة تتعجب من الأخرى ونرجو لكل من بذل جهده في تطلب الحق أن يغفر له من هذه الأمة المرحومة ".
ويقول ابن تيمية : " وأمرنا بالعدل والقسط فلا يجوز لنا إذا قال يهودي أو نصراني فضلا علن الرافضي قولا فيه حق أن نتركه أو نرده كله ".
وقال أيضاً : " الاعتصام بالجماعة والائتلاف من أصول الدين والفرع المتنازع فيه من الفروع الخفية فكيف يقدح في الأصل بحفظ الفرع ". ( الفتاوى 22 – 254 )

المعاداة بين المختلفين في الاجتهاد اتباع للهوى :

يدخل الخلل في الموالاة والمعاداة حين يكون الاتباع للهوى وحيثما وجد التفرق كان مبعثه الهوى لأن أصل الاختلاف الاجتهادي لا يقتضي الفرقة والعداوة وقد جعل الشاطبي هذا الأصل مقياساً لضبط ما هو من أمر الدين وما ليس منه فقال : ( فكل مسألة حدثت في الإسلام فاختلفت الناس فيها ولم يورث ذلك الاختلاف بينهم عداوة ولا بغضاء ولا فرقة علمنا أنها من مسائل الإسلام وكل مسألة طرأت فأوجبت العداوة والتنافر والتنابز والقطيعة علمنا أنها ليست من أمر الدين في في شيء وأنها التي عنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتفسير الآية وهي قوله تعالى { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً } فيجب على كل ذي دين وعقل أن يجتنبها.. فإذا اختلفوا وتقاطعوا كان ذلك بحدث أحدثوه من اتباع الهوى وهو ظاهر في أن الإسلام يدعو إلى الألفة والتحاب والتراحم والتعاطف فكل رأي أدى إلى خلاف ذلك فخارج عن الدين ).
ووصف الشيخ تقي الدين بن تيمية من يوالى موافقه ويعادي مخالفه ويكفر ويفسق مخالفه دون موافقة في مسائل الآراء والاجتهادات ويستحل قتال مخالفة بأنه من أهل التفرق والاختلاف ( الفتاوى 7- 349 )
ويرى ابن تيمية ترك بعض المستحبات تأليفاً قائلاً : " لأن مصلحة التأليف في الدين أعظم من مصلحة فعل مثل هذا كما ترك النبي صلى الله عليه وسلم تغيير بناء البيت لما في إبقائه من تأليف القلوب ".
وأنكر ابن مسعود على عثمان إتمام الصلاة في السفر ثم صلى خلفه متماً وقال الخلاف شر . ( الفتاوى 22 – 407 )
رأي النووي في الطائفة المتصورة : " ويحتمل أن هذه الطائفة تفرقت بين أنواع المؤمنين منهم شجعان مقاتلون ومنهم فقهاء ومنهم محدثون ومنهم زهاد وآمرون بالمعروف وناهون عن المنكر ومنهم أهل أنواع أخرى من أهل الخير ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين بل قد يكونون متفرقين في أقطار الأرض في أقطار الأرض ".
ويقول الذهبي في ميزان الاعتدال من ترجمة الحافظ أبي نعيم الأصفهاني : " كلام الأقران بعضهم في بعض لا يعبأ به ولا سيما إذا لا ح لك أنه لعداوة أو لمذهب أو لحسد لا ينجو منه إلا من عصم الله وما عملت أن عصراً من الأعصار سلم أهله من ذلك سوى الأنبياء والصديقين ".
قال أحمد : " لم يعبر الجسر إلى خراسان مثل إسحاق وإن كان يخالفان في أشياء فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضا ".

آداب عامة ينبغي للمختلفين أن يراعوها ليعذر بعضهم بعضاً :-

1- العذر بالجهل !

يقول ابن تيمية : وكثير من المؤمنين قد يجهل هذا فلا يكون كافرا ( 11-411 )
وفي حديث ابن ماجة عن حذيفة " يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب حتى لا يدري ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة وليسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية وتبقى طوائف من الناس الشيخ الكبير والعجوز يقولون أدركنا آباءنا على هذه الكلمة لا إله إلا الله فنحن نقولها فيقول صلة بن زفر لحذيفة راوي الحديث ما تغنى عنهم لا إله إلا الله وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة ؟ فأعرض عنه حذيفة ثم أقبل عليه في الثالثة فقال يا صلة تنجيهم من النار. ثلاثاً " رواه الحاكم
وقد وقع في الديار الشيوعية وأيام سقوط الأندلس أشياء من هذا القبيل والله المستعان .

2 – العذر بالاجتهاد :

يقول ابن تيمية أعذار الأئمة في الاجتهاد فليس أحد منهم يخالف حديثاً صح عن النبي صلى الله عليه وسلم عمدا فلا بد له من عذر في تركه مضيفا : وجميع الأعذار ثلاثة أصناف أحدها : عدم اعتقاده أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله والثاني : عدم اعتقاده إرادة تلك المسألة بذلك والثالث : اعتقاده أن ذلك الحكم منسوخ ( 20- 232 )
وعذر المقلد من نوع عذر الجاهل يقول ابن عبد البر : ولم يختلف العلماء أن العامة عليها تقليد علمائها ( جامع بيان العلم وفضله )
ويقول ابن تيمية : وتقليد العاجز عن الاستدلال للعالم يجوز عند الجمهور 19 – 262 )
ويقول ابن القيم : فالعامي لا مذهب له لأن المذهب إنما يكون لمن له نوع نظر واستدلال .

3- العذر باختلاف العلماء :

عدم الإنكار في مسائل الاختلاف ومسائل الاجتهاد يقول ابن القيم : إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع وللاجتهاد فيها مساغ لم تنكر على من عمل فيها مجتهداً أو مقلدا . ( إعلام الموقعين 3 – 365 )
ويقول العز بن عبد السلام : من أتى شيئاً مختلفاً في تحريمه إن اعتقد تحليله لم يجز الإنكار عليه إلا أن يكون مأخذ المحلل ضعيفا ( قواعد الأحكام 1-109 ) قال إمام الحرمين : ثم ليس للمجتهد أن يعترض بالردع والزجر على مجتهد آخر في موقع الخلاف إذ كل مجتهد في الفروع مصيب عندنا ومن قال إن المصيب واحد فهو غير متعين عنده فيمتنع زجر أحد المجتهدين الآخر على المذهبين ( الإرشاد ص 312 )

4- الرفق في التعامل :-

والرفق أصل من أصول الدعوة ومبدأ من مبادئ الشريعة ففي حديث الرجل الذي بال في المسجد وزجره أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فنهاهم عليه الصلاة والسلام قائلاً : لا تزمروه – أي لا تقطعوا بوله – وأتبعوه ذنوبا من ماء وقال للرجل إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذه القاذورات .
وحديث خوات بن جبير رضي الله عنه حين راءاه مع نسوة فقال ماذا تبغي هاهنا قال التمس بعيراً لي شاردا . ثم حسن إسلامه وخلصت توبته فمازحه عليه الصلاة والسلام قائلا : ماذا فعل بعيرك الشارد قال : قيده الإسلام يا رسول الله .
وحديث الأعرابي الذي أعطاه فقال له أحسنت عليك فقال كلاما غير لائق فهم به الصحابة فنهاهم عليه الصلاة والسلام وأدخله في البيت فأعطاه ثم خرج به وقال هل أحسنت فقال أحسنت علي وفعلت وفعلت فضحك عليه الصلاة والسلام وضرب مثلاً بصاحب الراحلة الشاردة .

5- أن لا يتكلم بغير علم قال تعالى { ولا تقف ما ليس لك به علم } لا بد من الإحاطة بما في المسألة قبل أن تخالف .

قل للذي يدعى علمـــــا ومــعــرفة
= علمت شيئـــا وغـابت عنك أشـيــــاء

فالعلم ذو كثــرة في الصحف منتشر
= وأنت يا خل لم تستكمـــل الصحفـــا

6- أدب مراعاة المصالح الشرعية في الإنكار فإذا كان النهي سيؤدي إلى مفسدة أكبر أو سيضيع مصلحة أعظم فلا نهي ولا أمر ويفصل ابن تيمية ذلك في الفتاوى (20/58)
ولو كان قوم على بدعة أو فجور ولو نهوا عن ذلك وقع بسبب ذلك شر أعظم مما هم عليه من ذلك ولم يمكن منعهم منه ولم يحصل بالنهي مصلحة راجحة لم ينهوا عنه ( 14/472)
فحيث كانت المفسدة للأمر والنهي أعظم من مصلحته لم يكن مما أمر الله به وإن كان قد ترك واجبا وفعل محرما إذ المؤمن عليه أن يتقي الله في عباد الله وليس عليه هداهم . الاستقامة (2/211)
وإذا كان الكفر والفسوق والعصيان سبب الشر والعدوان فقد يذنب الرجل أو الطائفة ويسكت آخرون فيكون ذلك من ذنوبهم وينكر عليه آخرون إنكاراً منهياً عنه فيكون ذلك من ذنوبهم فيحصل التفرق والاختلاف والشر وهذا من أعظم الفتن والشرور قديماً وحديثاً إذ الإنسان ظلوم جهول (26/142)

ولكن ما هي أسباب هذا الاختلاف ؟

إنها أسباب موضوعية ترجع إلى بلوغ الأخبار والآثار إلى العلماء والقواعد التي يلتزم بها العالم في تصحيح وتضعيف الأخبار وبالتالي مسألة اختيار معايير التعامل مع السنة وقرائن نسخ الأخبار وإحكامها .
وإلى اللغة وضوحا وجلاء وغموضا وخفاء كما هو مفصل في كتب أصول الفقه في أبواب دلالات الألفاظ كعموم النصوص وخصوصها وظهورها وتأويلها ومجملها ومبينها .
كما يرجع الاختلاف إلى الأدلة المتعلقة بمعقول النص ومقاصد الأحكام كأنواع القياس والمصالح المرسلة والاستحسان والاستصحاب وسد الذرائع .
كما يرجع الاختلاف إلى الأعراف المعتبرة وتغير الأحكام بتغير الزمان والمكان والموازنة بين المصالح والمفاسد .
فهذه العناوين الأربعة يرجع إليها اختلاف العلماء .

وفي الختام :

فإنه لا بد من إحياء روح التسامح في الأمة فتتجنب التباغض وبث روح الأخوة والمودة بين المسلمين في أنحاء العالم
ولا بد من تأكيد أدب الاختلاف وتجنب سلبيات الخلاف .
-لا بد من التأكيد على أن للاختلاف أسباباً موضوعية مشروعة ووجيهة يجب إبرازها واستثمارها لرأب الصدع وإصلاح ذات البين .
والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل . منقول وأنتم سالمون وغانمون والسلام .

الحوار والنقاش :

كلمة جميلة رقيقة تدل على التفاهم والتفاوض والتجانس

ذكره الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم في قوله : ( قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ ) [ الكهف : 37 ]، ويوم أن تحاور عليه الصلاة والسلام مع المرأة الضعيفة المسكينة التي تشكو من زوجها ، قال سبحانه : ( وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ) [ المجادلة : 1 ]؛ فسمع الله هذا الحوار – وسع سمعه السموات والأرض جل في علاه - ونَصّ عليه في كتابه العزيز رِفعة لشأن الحوار وإثباتاً لأهميته .

وقد ميّز الله الإنسان عن غيره من المخلوقات بصفة الكلام والحوار ، وأثنى على ذلك في آيات كريمات : ففي التحاور مع الأبناء : ( يَا بُنَيَّ ) [ لقمان : 13 ] كما قال لقمان عليه السلام لابنه ، وفي التحاور مع أهل الكتاب : ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ ) [ آل عمران : 64 ] وفي التحاور مع المشركين : ( وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ) [ التوبة : 6 ]

وثمرة الحوار هو الوصول إلى الحق ، فمن كان طلبه الحق وغرضه الحق وصل إليه بأقرب الطرق ، وألطفها وأحسنها ، والطريق الواضح هو طريق الحوار الذي سلكه الرسول صلى الله عليه وسلم قبل أن يحمل السيف ، قال سبحانه : ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ ) [ الحديد : 25 ]، فقبل أن يرسلهم بالسيوف القاطعات والرماح المرهفات ، أرسلهم بالآيات والبينات ، وكما يقول ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: " إن الأنبياء بعثوا بالحجج والبراهين ، والخلاف واقع في الأمة "، قال سبحانه : ( وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ) [ هود : 118 ، 119 ] قيل ( اللام ) هنا ليست للقصد ولا للسبب عند بعض المفسرين وإنما للصيرورة ، وقيل : إن الله – سبحانه وتعالى - خلقهم ، فنوع في مفاهيمهم ومواهبهم ، فوقع الخلاف في ذلك .

والخلاف في الأمة على قسمين :

أ‌- خلاف تنوع : وهو الذي يُسلك في الفروع لا في الأصول ، وفي الجزئيات لا في الكليات .
ب‌- خلاف تضاد : وهو المذموم ، قال سبحانه وتعالى : ( وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) [ آل عمران : 105 ]، وهم الذين يخالفون في القطعيات ، وثوابت الأمة ، وأصول الملة ، فهذا خلاف مذموم .

آداب الحوار :

أعرض هنا ثلاثة عشر أدباً من آداب الحوار :

1- الإخلاص والتجرد : على المحاور أن يتجرد من التعصب ؛ فلا يعقد التعصب لفرقته أو مذهبه أو فكرته ، ثم لا يقبل منك ، ويريد أن تسلم وتقر له دون أن يناقشك .

2- إحضار الحجة : فإن صاحب الحجة قوي ، قال الشافعي : " من حفظ الحديث قويت حجته "، وأما أن يأتي إنسان بكلام فضفاض وعاطفي وإنشائي ويقول بأنه يحاور الناس ويجادلهم ، فهذا ليس صحيحاً . والحجة إما أن تكون عقلية قاطعة ، أو نقلية صحيحة .

3- السلامة من التناقض : فإن من الواجب على المحاور أن لا يناقض كلامه بعضه بعضاً ؛ لأن بعض الناس - لقلة بصيرته -, يأتي بكلام ليس مترابطاً في موضوع واحد وإنما يتعارض مع بعضه .

4- الحجة لا تكون هي الدعوى : كأن يقول أحدهم : ما دام أني قلت هذا القول ، فقولي هذا حجة ودليل . ويزكي نفسه ، وبعضهم يحسب قوّته بطول عمره .

5- الاتفاق على المسلّمات : فالأصول لا يُناقش فيها ولا يُحاور . ففي الملة ثوابت لا ينبغي أن نضيع أوقاتنا بالجلوس لمناقشة الأصول الثابتة ؛ كألوهية الباري سبحانه وتعالى ، واستحقاقه للعبودية جل في علاه ، وأن محمداً - صلى الله عليه وسلم - رسول الله ، وأن أركان الإسلام خمسة . فهذه أمور مسلّمات ومقررات مجمع عليها ، وفي مناقشتها تشويش على الناس ، وتضييع لوقتك وأوقات الآخرين .
ويجب الانتباه إلى أن هذه المسلّمات قد تختلف باختلاف المحاوَر كأهل الكتاب أو الكفار أو المشركين .

6- أن يكون المحاوَر أهلاً للحوار : فلا تأتِ برجل مشهور عنه الجهل والنزق والطيش وتحاوره ، لأن أذاه أكثر من نفعه .

7- نسبة القرب والبعد من الحق : فالأمر نسبي ، إذ لا يشترط دائماً أن يكون مئة بالمئة : فإن وافقني في كل شيء فهو أخي أتولاه وأدعو له في أدبار الصلوات ، وإن خالفني فهو عدوي أتبرأ منه وأدعو عليه .. لا ! ورحم الله ابن قدامة إذ يقول في كتابه " المغني " : " وأهل العلم لا ينكرون على من خالفهم في مسائل الاختلاف ".

8- التسليم بالنتائج : فإذا توصل المتحاورون في حوارهم إلى أمور ، فعلى المغلوب أن يسلم للغالب ، وهذا من طلب الحق ، يقول عبدالرحمن بن مهدي : " إن أهل الخير وأهل السنة يكتبون ما لهم وما عليهم ".

9- المحاورة بالحسنى : يقول العلماء – كأبي حامد الغزالي في الإحياء -: أن تحاوره فلا تتعرض لشخصه ، ولا لنسبه وحسبه وأخلاقه ، وإنما تحاوره على القضية .

10- الإنصاف في الوقت : فإذا حاورت إنساناً فلا بد أن تتفق معه ، وتقول له : تصبر لي وتسمع مني حتى أنتهي ، وأصبر وأسمع منك حتى تنتهي ، لك خمس دقائق ولي خمس دقائق - مثلاً - أو لك نصف ساعة ولي نصف ساعة ، لا تقاطعني ولا أقاطعك .

11- حسن الإنصات : فكما تطلب من محاورك أن يُحسن الإنصات ، والاستماع إليك - وهو من الأدب - فعليك أن تستمع له إذا حاورك ؛ لأن بعضهم ينقصه حسن الإنصات ، وحسن الإنصات من حسن الخلق .

وصدق الله العظيم إذ يقول : ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) [ النحل : 125 ]. منقول وأنتم سالمون وغانمون والسلام .

خيَّال الغلباء
19 - 11 - 2008, 13:41
أخي الكريم / فهد الغلباء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : شكرا جزيلا لك على مرورك الكريم بأدب الاختلاف وجعلني الله وإياك وإخواننا المسلمين ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وجعل الله مرورك في ميزان حسناتك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم والله يعافيك ويبارك فيك ويجزاك خيرا ويبيض وجهك يوم تبيض وجوه وتسود وجوه هذا وتقبل فائق الشكر والإمتنان مقرونا بجزيل المحبة والإحترام والله يحفظكم ويرعاكم مع خالص التحية وأطيب الأمنيات واسلم وسلم والسلام .

جعد الوبر
19 - 11 - 2008, 16:56
جزاك الله خيرا

حمد ع ح
20 - 11 - 2008, 09:20
جزاك الله خيرا

خيَّال الغلباء
20 - 11 - 2008, 20:37
أخي الكريم الشاعر / عبيد أبو شيبه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : شكرا جزيلا لك على مرورك الكريم بأدب الاختلاف وجعلني الله وإياك وإخواننا المسلمين ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وجعل الله مرورك في ميزان حسناتك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم والله يعافيك ويبارك فيك ويجزاك خيرا ويبيض وجهك يوم تبيض وجوه وتسود وجوه هذا وتقبل فائق الشكر والإمتنان مقرونا بجزيل المحبة والإحترام والله يحفظكم ويرعاكم مع خالص التحية وأطيب الأمنيات واسلم وسلم والسلام .

خيَّال الغلباء
21 - 11 - 2008, 10:50
أخي الكريم / جعد الوبر السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : شكرا جزيلا لك على مرورك الكريم بأدب الاختلاف وجعلني الله وإياك وإخواننا المسلمين ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وجعل الله مرورك في ميزان حسناتك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم والله يعافيك ويبارك فيك ويجزاك خيرا ويبيض وجهك يوم تبيض وجوه وتسود وجوه هذا وتقبل فائق الشكر والإمتنان مقرونا بجزيل المحبة والإحترام والله يحفظكم ويرعاكم مع خالص التحية وأطيب الأمنيات واسلم وسلم والسلام .

خيَّال الغلباء
22 - 11 - 2008, 13:56
أخي الكريم / حمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : شكرا جزيلا لك على مرورك الكريم بأدب الاختلاف وجعلني الله وإياك وإخواننا المسلمين ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وجعل الله مرورك في ميزان حسناتك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم والله يعافيك ويبارك فيك ويجزاك خيرا ويبيض وجهك يوم تبيض وجوه وتسود وجوه هذا وتقبل فائق الشكر والإمتنان مقرونا بجزيل المحبة والإحترام والله يحفظكم ويرعاكم مع خالص التحية وأطيب الأمنيات واسلم وسلم والسلام .

حزم الجلاميد
23 - 11 - 2008, 22:13
جزاك الله خيرا

خيَّال الغلباء
24 - 11 - 2008, 20:32
أخي الكريم / حزم الجلاميد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : شكرا جزيلا لك على مرورك الكريم بأدب الاختلاف وجعلني الله وإياك وإخواننا المسلمين ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وجعل الله مرورك في ميزان حسناتك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم والله يعافيك ويبارك فيك ويجزاك خيرا ويبيض وجهك يوم تبيض وجوه وتسود وجوه هذا وتقبل فائق الشكر والإمتنان مقرونا بجزيل المحبة والإحترام والله يحفظكم ويرعاكم مع خالص التحية وأطيب الأمنيات واسلم وسلم والسلام .

كليب
25 - 11 - 2008, 09:24
جزاك الله خيرا

خيَّال الغلباء
25 - 11 - 2008, 21:20
أخي الكريم / كليب عامر السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : شكرا جزيلا لك على مرورك الكريم بأدب الاختلاف وجعلني الله وإياك وإخواننا المسلمين ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وجعل الله مرورك في ميزان حسناتك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم والله يعافيك ويبارك فيك ويجزاك خيرا ويبيض وجهك يوم تبيض وجوه وتسود وجوه هذا وتقبل فائق الشكر والإمتنان مقرونا بجزيل المحبة والإحترام والله يحفظكم ويرعاكم مع خالص التحية وأطيب الأمنيات واسلم وسلم والسلام .

صامل الميقاف
12 - 12 - 2008, 15:27
جزاك الله خيرا

خيَّال الغلباء
13 - 12 - 2008, 11:43
أخي الكريم / صامل الميقاف السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : شكرا جزيلا لك على مرورك الكريم بأدب الاختلاف وجعلني الله وإياك وإخواننا المسلمين ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وجعل الله مرورك في ميزان حسناتك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم والله يعافيك ويبارك فيك ويجزاك خيرا ويبيض وجهك يوم تبيض وجوه وتسود وجوه هذا وتقبل فائق الشكر والإمتنان مقرونا بجزيل المحبة والإحترام والله يحفظكم ويرعاكم مع خالص التحية وأطيب الأمنيات واسلم وسلم والسلام .

شبيه الذيب
13 - 12 - 2008, 14:01
جزاك الله خير

خيَّال الغلباء
14 - 12 - 2008, 13:48
أخي الكريم / شبيه الذيب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : شكرا جزيلا لك على مرورك الكريم بأدب الاختلاف وجعلني الله وإياك وإخواننا المسلمين ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وجعل الله مرورك في ميزان حسناتك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم والله يعافيك ويبارك فيك ويجزاك خيرا ويبيض وجهك يوم تبيض وجوه وتسود وجوه هذا وتقبل فائق الشكر والإمتنان مقرونا بجزيل المحبة والإحترام والله يحفظكم ويرعاكم مع خالص التحية وأطيب الأمنيات واسلم وسلم والسلام .

lion1430
08 - 05 - 2009, 11:38
جزاك الله خيرا

خيَّال الغلباء
09 - 05 - 2009, 00:49
أخي الكريم / الأسد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : شكرا جزيلا لك على مرورك الكريم بأدب الاختلاف وجعلني الله وإياك وإخواننا المسلمين ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وجعل الله مرورك في ميزان حسناتك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم والله يعافيك ويبارك فيك ويجزاك خيرا ويبيض وجهك يوم تبيض وجوه وتسود وجوه هذا وتقبل فائق الشكر والإمتنان مقرونا بجزيل المحبة والإحترام والله يحفظكم ويرعاكم مع خالص التحية وأطيب الأمنيات واسلم وسلم والسلام .

خيّال العرفا
24 - 05 - 2009, 22:35
مشكور وما قصرت ولا هنت

وطبان
31 - 05 - 2009, 08:13
مشكور وما قصرت ولا هنت

خيَّال الغلباء
02 - 06 - 2009, 23:47
بسم الله الرحمن الرحيم

الحوار والنقاش :-

كلمة جميلة رقيقة تدل على التفاهم والتفاوض والتجانس

ذكره الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم في قوله : ( قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ ) [ الكهف : 37 ]، ويوم أن تحاور عليه الصلاة والسلام مع المرأة الضعيفة المسكينة التي تشكو من زوجها ، قال سبحانه : ( وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ) [ المجادلة : 1 ]؛ فسمع الله هذا الحوار – وسع سمعه السموات والأرض جل في علاه - ونَصّ عليه في كتابه العزيز رِفعة لشأن الحوار وإثباتاً لأهميته .

وقد ميّز الله الإنسان عن غيره من المخلوقات بصفة الكلام والحوار ، وأثنى على ذلك في آيات كريمات : ففي التحاور مع الأبناء : ( يَا بُنَيَّ ) [ لقمان : 13 ] كما قال لقمان عليه السلام لابنه ، وفي التحاور مع أهل الكتاب : ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ ) [ آل عمران : 64 ] وفي التحاور مع المشركين : ( وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ) [ التوبة : 6 ]

وثمرة الحوار هو الوصول إلى الحق ، فمن كان طلبه الحق وغرضه الحق وصل إليه بأقرب الطرق ، وألطفها وأحسنها ، والطريق الواضح هو طريق الحوار الذي سلكه الرسول صلى الله عليه وسلم قبل أن يحمل السيف ، قال سبحانه : ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ ) [ الحديد : 25 ]، فقبل أن يرسلهم بالسيوف القاطعات والرماح المرهفات ، أرسلهم بالآيات والبينات ، وكما يقول ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: " إن الأنبياء بعثوا بالحجج والبراهين ، والخلاف واقع في الأمة "، قال سبحانه : ( وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ) [ هود : 118 ، 119 ] قيل ( اللام ) هنا ليست للقصد ولا للسبب عند بعض المفسرين وإنما للصيرورة ، وقيل : إن الله – سبحانه وتعالى - خلقهم ، فنوع في مفاهيمهم ومواهبهم ، فوقع الخلاف في ذلك .

والخلاف في الأمة على قسمين :

أ‌- خلاف تنوع : وهو الذي يُسلك في الفروع لا في الأصول ، وفي الجزئيات لا في الكليات .
ب‌- خلاف تضاد : وهو المذموم ، قال سبحانه وتعالى : ( وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) [ آل عمران : 105 ]، وهم الذين يخالفون في القطعيات ، وثوابت الأمة ، وأصول الملة ، فهذا خلاف مذموم .

آداب الحوار :

أعرض هنا ثلاثة عشر أدباً من آداب الحوار :

1- الإخلاص والتجرد : على المحاور أن يتجرد من التعصب ؛ فلا يعقد التعصب لفرقته أو مذهبه أو فكرته ، ثم لا يقبل منك ، ويريد أن تسلم وتقر له دون أن يناقشك .

2- إحضار الحجة : فإن صاحب الحجة قوي ، قال الشافعي : " من حفظ الحديث قويت حجته "، وأما أن يأتي إنسان بكلام فضفاض وعاطفي وإنشائي ويقول بأنه يحاور الناس ويجادلهم ، فهذا ليس صحيحاً . والحجة إما أن تكون عقلية قاطعة ، أو نقلية صحيحة .

3- السلامة من التناقض : فإن من الواجب على المحاور أن لا يناقض كلامه بعضه بعضاً ؛ لأن بعض الناس - لقلة بصيرته -, يأتي بكلام ليس مترابطاً في موضوع واحد وإنما يتعارض مع بعضه .

4- الحجة لا تكون هي الدعوى : كأن يقول أحدهم : ما دام أني قلت هذا القول ، فقولي هذا حجة ودليل . ويزكي نفسه ، وبعضهم يحسب قوّته بطول عمره .

5- الاتفاق على المسلّمات : فالأصول لا يُناقش فيها ولا يُحاور . ففي الملة ثوابت لا ينبغي أن نضيع أوقاتنا بالجلوس لمناقشة الأصول الثابتة ؛ كألوهية الباري سبحانه وتعالى ، واستحقاقه للعبودية جل في علاه ، وأن محمداً - صلى الله عليه وسلم - رسول الله ، وأن أركان الإسلام خمسة . فهذه أمور مسلّمات ومقررات مجمع عليها ، وفي مناقشتها تشويش على الناس ، وتضييع لوقتك وأوقات الآخرين .
ويجب الانتباه إلى أن هذه المسلّمات قد تختلف باختلاف المحاوَر كأهل الكتاب أو الكفار أو المشركين .

6- أن يكون المحاوَر أهلاً للحوار : فلا تأتِ برجل مشهور عنه الجهل والنزق والطيش وتحاوره ، لأن أذاه أكثر من نفعه .

7- نسبة القرب والبعد من الحق : فالأمر نسبي ، إذ لا يشترط دائماً أن يكون مئة بالمئة : فإن وافقني في كل شيء فهو أخي أتولاه وأدعو له في أدبار الصلوات ، وإن خالفني فهو عدوي أتبرأ منه وأدعو عليه .. لا ! ورحم الله ابن قدامة إذ يقول في كتابه " المغني " : " وأهل العلم لا ينكرون على من خالفهم في مسائل الاختلاف ".

8- التسليم بالنتائج : فإذا توصل المتحاورون في حوارهم إلى أمور ، فعلى المغلوب أن يسلم للغالب ، وهذا من طلب الحق ، يقول عبدالرحمن بن مهدي : " إن أهل الخير وأهل السنة يكتبون ما لهم وما عليهم ".

9- المحاورة بالحسنى : يقول العلماء – كأبي حامد الغزالي في الإحياء -: أن تحاوره فلا تتعرض لشخصه ، ولا لنسبه وحسبه وأخلاقه ، وإنما تحاوره على القضية .

10- الإنصاف في الوقت : فإذا حاورت إنساناً فلا بد أن تتفق معه ، وتقول له : تصبر لي وتسمع مني حتى أنتهي ، وأصبر وأسمع منك حتى تنتهي ، لك خمس دقائق ولي خمس دقائق - مثلاً - أو لك نصف ساعة ولي نصف ساعة ، لا تقاطعني ولا أقاطعك .

11- حسن الإنصات : فكما تطلب من محاورك أن يُحسن الإنصات ، والاستماع إليك - وهو من الأدب - فعليك أن تستمع له إذا حاورك ؛ لأن بعضهم ينقصه حسن الإنصات ، وحسن الإنصات من حسن الخلق .

وصدق الله العظيم إذ يقول : ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) [ النحل : 125 ]. منقول وأنتم سالمون وغانمون والسلام .

الحوار وآدابه :-

قال تعالى : { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ } ( هود : 119 ).

يقول الفخر الرازي في هذه الاّيه : ( والمراد اختلاف الناس في الأديان والأخلاق والأفعال ).

إن الحوار والجدال ظاهرة صحية لها أصولها, وآدابها … يقول الحافظ الذهبي : ( إنما وضعت المناظرة لكشف الحقِّ، وإفادةِ العالِم الأذكى العلمَ لمن دونه، وتنبيهِ الأغفلَ الأضعفَ ). وهو فن راق, تعقد له دورات باسم فن الجدال أو فن الحوار أو فن العلاقات العامة .

وهو في بعض حالاته أقوي من الأسلحة, فربما صنع الحوار الهادف البناء في تغير وجهة النظر مالم تصنعه الأسلحة الفتاكة ..

وليس من الضروري في الحوار إقناعك الطرف الآخر بأن ما عندك هو الحق, وما عنده هو الباطل ولكن أقل شيء هو أن تخرج من عنده وهو يعلم أنك محاور جيد, وأنك موضوعي متعقل ..

أصول الحوار وآدابه :-

1- دع الطرف الأخر يتكلم ويعرض قضيته, ولا تقاطعه .

يقول ابن المقفع : ( تَعلَّمْ حُسن الاستماع كما تتعلم حسن الكلام؛ ومن حسن الاستماع : إمهال المتكلم حتى ينقضي حديثه . وقلة التلفت إلى الجواب . والإقبال بالوجه . والنظر إلى المتكلم . والوعي لما يقول ).

ويقول في ذلك ( دايل كارنيجي ) في كتابه : “ كيف تؤثر في الناس وتكسب الأصدقاء ”؛ : إذا كنت تريد أن ينفض الناس من حولك، ويسخروا منك عندما توليهم ظهرك وتتركهم، فإليك الوصفة : لا تعط أحدًا فرصة للحديث، تكلم بدون انقطاع، وإذا خطرت لك فكرة بينما غيرك يتحدث، فلا تنتظر حتى يتم حديثه، فهو ليس ذكيًّا مثلك !! فلماذا تضيع وقتك في الاستماع إلى حديثه السخيف ؟ اقتحم عليه الحديث، واعترض في منتصف كلامه، واطرح ما لديك .

2- إبدأ الحوار بمواطن الاتفاق, حتى يكون الحوار هادفا وهادئا .. ويكتسب روح التفاهم والثقة, ويقلل الجفوة .

3- الإنصاف والموضوعية كان الإمام الشافعي رحمه الله يقول : “ ما ناظرت أحدًا قط إلا أحببت أن يوفق ويُسدَّد ويعان، ويكون عليه رعاية من الله وحفظ، وما ناظرت أحدًا إلا ولم أبال بيَّن الله الحق على لساني أو لسانه أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء (9/118)،

4- لا تتعصب لرأيك وفي ذلك يقول الغزالي : ( إن التعصّب من آفات علماء السوء، فإنهم يُبالغون في التعصّب للحقّ، وينظرون إلى المخالفين بعين الازدراء والاستحقار، فتنبعث منهم الدعوى بالمكافأة والمقابلة والمعاملة، وتتوفر بواعثهم على طلب نُصرة الباطل، ويقوى غرضهم في التمسك بما نُسبوا إليه . ولو جاؤوا من جانب اللطف والرحمة والنصح في الخلوة، لا في معرض التعصب والتحقير لأنجحوا فيه ).

5- اعتدال الصوت, والتواضع في القول والفعل إن الصوت المرتفع والانفعال لا يؤديان لنتيجته, فالشواهد العلمية أثبتت أن الحقائق التي تعرض بهدوء أشد أثرا فى إقناع الآخرين مما يفعله التهديد والانفعال في الكلام .

6- التراجع عن الخطأ وذلك يعتبر من الشجاعة أن تتراجع عن رأيك إن لم يكن صوابا ولا تتمسك به وأن تترك التعصب لغير الحق فإن الرجوع إلي الحق فضيلة .

7- احترام رأي محاورك ومن بديع احترام رأي الآخرين، ما ينقل عن الإمام مالك : أنه لمـَّا ألَّف الموطأ، ومكث أربعين سنة يؤلفه، وقرئ عليه آلاف المرات، وعرضه على سبعين من العلماء فأقروه عليه، وتعب فيه أيما تعب، ومع ذلك لمـَّا بلغ الخليفة المنصور كتاب مالك وأعجبه، وقال : إنا نريد أن نعممه على الأمصار، ونأمرهم بإتباعه؛ قال له الإمام مالك : “ لا تفعل - رحمك الله -، فإن الناس سبقت منهم أقاويل، وسمعوا أحاديث ورووا روايات، وأخذ كل قوم بما سبق إليهم وما أتوا به، وعملوا بذلك ودانوا به وكل ذلك من اختلاف أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم من بعدهم من التابعين، ورد الناس عما اعتقدوه ودانوا به أمر صعب شديد، فدع الناس وما هم عليه، ودع أهل كل بلد وما اختاروا لأنفسهم ” ( سير أعلام النبلاء (8/61)

8- عدم تهويل مقالة الطرف الأخر, والاعتداء في وصفه وفي ذلك اقتدأ برسول لله ففي صحيح البخاري عن عبدلله بن عمرو ابن العاص ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : ( لم يكن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فاحشاً ومتفحشاً ) وكان يقول : ( إن من خياركم أحسنكم أخلاقا ).

9- لا تصر على الفوز 100%.. واسمح للمحاورك بالحفاظ على ماء وجهه فقد لا يكون عندك الحق الكامل, واعلم أن المقصد من المحاورة هو إظهار الحق ولا حاجة إلى اللجوء إلى تبكيت الشخص الذي تخاصمه وإحراجه والسخرية منه .

موقف يدل على أهميه الحوار لعمر بن عبدالعزيز مع الخوارج “ فإنه لما بقيت منهم في الموصل بقية، كتب إليهم عمر بن عبدالعزيز رحمه الله - الخليفة الأموي العادل - ينكر خروجهم، ويقول لهم : “ أنتم قليل أذلة ”، فردُّوا عليه وقالوا : أما قولك : إنا قليل أذلة، فإن الله تعالى يقول لأصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم : ( وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأََرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) [ الأنفال : 26 ]، فردوا عليه بذلك . فوجَّه إليهم عمر بن عبدالعزيز فقيهًا اسـمه / عون بن عبدالله، وهو أخو / عبيدالله بن عبدالله بن عتبة رضي الله عنهم ورحمهم أجمعين .

- فقال لهم عون بن عبدالله : إنكم كنتم تطلبون حاكمًا في مثل عدالة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فلمَّا جاءكم هذا الحاكم كنتم أنتم أول من نفر عنه وحاربه .

- قالوا : صدقت، ولكنه لم يتبـرأ ممن قبله ولم يلعنهـم، فلم يلعن علي بن أبي طالب، ولا معاوية، ولا بني أمية؛ لذا فنحن نحاربه - وهذا هو مذهب الخوارج -.

- قال لهم : كم مرة في اليوم تلعنون فيها هامان ؟

- قالوا : ما لعنّاه قط !!

- قال : أيسعكم أن تتركوا لعن وزير فرعون الطاغية، والمنفذ لأوامره، والذي بنى صرحه بأمره، ولا يسعكم أن تتركوا لعن أهل قبلتكم، إن كانوا أخطأوا في شيء، أو عملوا بغير الحق ؟!! فسكتوا ورجع منهم طائفة كبيرة . فَسُرَّ بذلك عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه وأرضاه، وقال لهذا الرجل : لماذا لم تحتجّ عليهم بعدم لعن فرعون ؟ - قال : لو قلت لهم : لماذا لا تلعنون فرعون ؟ ربما قالوا : إننا نلعنه، أما هامان فقلَّ من يلعنه على ألسنة الناس، فلذلك اخترته .

فسكت هؤلاء الخوارج، حتى خرجوا في ولاية يزيد بن عبدالملك، فقاتلهم . انظر الطبقات الكبرى لابن سعد (5/358. وأخيرا يقول الشافعي : ” ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة “. منقول والله يحفظكم ويرعاكم مع خالص التحية وأطيب الأمنيات وأنتم سالمون وغانمون والسلام .

خيَّال الغلباء
13 - 06 - 2009, 21:21
الأستاذ / خيال العرفا جزاك الله خيراً ولا هنت

حزم الجلاميد
17 - 06 - 2009, 18:36
مشكور وما قصرت ولا هنت

خيَّال الغلباء
18 - 06 - 2009, 11:30
وطبان جزاك الله خيراً ولا هنت

خيَّال الغلباء
08 - 07 - 2009, 14:20
بسم الله الرحمن الرحيم

آثار الإختلاف :-

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين إن اجتماع كلمة المسلمين ووحدتهم وحماية صفهم من الفرقة والخلاف والتصدع أمر حثنا الله سبحانه وتعالى عليه في كتابه الكريم في غير موضع منه، وهو نهج دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السير عليه وأمرنا بالتمسك به ولقد ضرب الله سبحانه وتعالى لنا الأمثال بالأمم من قبلنا، وبين هلاكهم وضلالهم بسبب اختلافهم وتفرقهم، وكذلك حذرنا جل وعلا من الوقوع فيما وقعوا فيه، يقول الحق سبحانه وتعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) وإذا كان القرآن الكريم قد عني بهذا الجانب؛ فقد عنيت السنة النبوية ببيان خطورة سلوك هذا السبيل، سبيل الفرقة والاختلاف, وكان سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم يوجه صحابته، والخطاب عام لهم ولمن بعدهم، إلى خطورة هذا الأمر؛ فقد سمع صلى الله عليه وسلم أصوات رجلين اختلفا في آية فخرج صلى الله عليه وسلم يُعرف في وجهه الغضب، فقال : ( إنما هلك من كان قبلكم من الأمم باختلافهم في الكتاب ) وإذا كانت سنة الخالق سبحانه وتعالى في الأمم من قبلنا أنهم لما تخلوا عن حبل الله المتين وخالفوا أمره شتت شملهم وضرب قلوب بعضهم ببعض وأذاق بعضهم بأس بعض؛ فسنته تعالى في أمة محمد صلى الله عليه وسلم كسنته في غيرها من الأمم، لا فرق بينها وبين تلك الأمم؛ فإن اعتصمت بحبله والتزمت نهجه جمع شتاتها، ووقاها الفرقة والعداوة والاختلاف، وإن زاغت عن منهجه إلى مناهج أخرى شتت الله شملها وألقى بينها العداوة والبغضاء حتى تعود إلى منهج الله تعالى ولقد كانت هذه الأمة الربانية مضرب المثل في الاجتماع والاتفاق، والمودة والرحمة فيما بينها، حتى سجل لنا التاريخ صورة نقية واضحة عن المؤاخاة التي حصلت بين المهاجرين والأنصار، والأوس والخزرج وغيرهم، وغيرهم كثير وإذا كان هذا الأمر مما يرضي المؤمنين ويفرح المتقين؛ فقد أغاظ أعداء الله وأولياء الشيطان وعلى رأسهم زعيمهم وقائدهم إبليس لذا فقد جد إبليس لعنه الله في إحداث الفرقة والاختلاف بين المسلمين، وظفر في ذلك بما لم يظفر به في غيره، ودخل عليهم من كل باب، وأغراهم بكل سبل الإغراء، فإن رأى أن باب الدنيا أيسر له في التفريق بين قوم منهم دخل من باب الدنيا بالمال، والجاه، والمنصب، والقبيلة والعشيرة والأرض والنساء، وإن رأى أن باب التدين والعبادة والعلم أيسر له في التفريق بين آخرين، دخل عليهم من هذا الباب، فأغرى بعضهم في الاجتهاد، وأغرى الآخرين بالتقليد، وأغرى هؤلاء بالتشديد، وأغرى غيرهم بالتيسير وأغرى قوماً بالقياس وحثهم على المبالغة فيه، كما أغرى آخرين بالابتعاد عنه وذمه وعدم الاعتبار به؛ لأنه من أهم أسباب معصية إبليس وخروجه عن طاعة الله، وأغرى قوماً بالمبالغة بالتكفير، فكل من ارتكب كبيرة يجب أن يحكم عليه بالكفر، ولو أتى بما أتى من أحكام الإسلام الأخرى. كما أغرى آخرين بالبعد عن تكفير الناس ما داموا على معرفة بالله تعالى ولو لم يستجيبوا لأي أمر من أوامره، أو لم ينتهوا عن أي شيء نهاهم الله عنه ولقد نجح فيما يصبو إليه فنتج عن ذلك " التفرق والافتراق الذي صدع بنيان الأمة وزعزع كيانها، حتى صارت مطموعاً بها لزوال وحدتها وذهاب سمتها الربانية حتى ذاقوا أصناف الذلة والعذاب ". والتفرق والافتراق الذي ذاقت منه الأمة الإسلامية في القرون الأولى كل أنواع البلاء لا زال يسومها حتى هذا الزمن، فيقتل أبنائها ويشتت آراءها، ويعرقل مسيرتها، ويجعل كل قوم بما لديهم فرحون لذا تشكو خير أمة أخرجت للناس من أنواع الذل والعذاب والاستكانة ما جعلها ضعيفة في قوتها هزيلة في وحدتها، متناقضة في آراءها مختلفة في تفكيرها، والسر وراء ذلك كله قول الحق تعالى : ( وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) والله سبحانه وتعالى وقد بين لنا هذا الأمر، وحذرنا من الوقوع فيه؛ فإنه أيضاً جل وعلى أخبرنا عن عواقبه وآثاره في كتابه العظيم، وعلى لسان رسوله الكريم الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم وأهم آثار الافتراق ما يلي :-

(1) الشرك بالله تعالى : يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو يتكلم عن التفرق والاختلاف : " وهذا التفرق والاختلاف يوجب الشرك وينافي حقيقة التوحيد الذي هو إخلاص الدين كله لله كما قال تعالى : ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ) فإقامة وجهة الدين حنيفاً، وعبادة الله وحده لا شريك له ــ وذلك يجمع الإيمان بكل ما أمر الله به وأخبر به ــ أن يكون الدين كله لله، وقوله تعالى : ( ولا تكونوا من المشركين .. ) الآية .

(2) براءة الرسول صلى الله عليه وسلم من المفترقين : فمن آثار الافتراق ــ والعياذ بالله ــ براءة الرسول صلى الله عليه وسلم من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً وذلك بنص القرآن الكريم : ( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ) قال أبو عبد الله القرطبي : " ( إن الذين فرقوا دينهم ) هم أهل البدع والشبهات وأهل الضلالة من هذه الأمة، ( شيعاً ) فرقاً وأحزابا، وكل قوم أمرهم واحد يتبع بعضهم رأي بعض؛ فهم شيع، ( لست منهم في شيء ) فأوجب براءته منهم ". وهذه الآية عامة في كل من فارق دين الله وكان مخالفاً له فإن الله بعث رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وشرعه واحد لا ختلاف فيه ولا افتراق فمن اختلف : ( كانوا شيعاً ) أي فرقاً كأهل الملل والنحل والأهواء والضلالات؛ فإن الله تعالى قد برأ رسوله صلى الله عليه وسلم مما هم فيه .

(3) ذهاب القوة والهيبة : قال تعالى : ( وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) وقال عز من قائل : ( وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ .. ) الآية .

(4) عذاب الله ولعنته : يقول الله تعالى : ( وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) فالله سبحانه وتعالى نهانا أن نكون مثل هؤلاء القوم، وبيّن عقوبتهم لمّا اختلفوا من بعد ما جاءهم البينات : ( وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) ولهذا المعنى قال صلى الله عليه وسلم : ( الجماعة رحمة والفرقة عذاب )

(5) اسوداد الوجوه : يقول الله تعالى في الآية السابقة : ( وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ ُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) قال القرطبي : قال ابن عباس : " تبيض وجوه أهل السنة وتسود وجوه أهل البدعة ". وقال القرطبي أيضاً في تعليقه على هذه الآيات الكريمة من سورة آل عمران قال : " فإن الله يأمر بالألفة وينهى عن الفرقة، فإن الفرقة هلاك والجماعة نجاة ". ورحم الله ابن المبارك عندما قال :-

إن الجماعة حبل الله فاعتصموا
= منه بعروته الوثقى لمن دانا

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " فنتيجة الجماعة رحمة الله ورضوانه وصلواته وسعادة الدنيا والآخرة وبياض الوجوه، ونتيجة الفرقة عذاب الله ولعنة وسواد الوجوه وبراءة الرسول منهم ".

(6) حجز المفترقين عن ورود حوض النبي صلى الله عليه وسلم : فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ترد عليَّ أمتي الحوض وأنا أذود الناس عنه كما يذود الرجل ابل الرجل عن إبله، قالوا يا رسول الله : أتعرفنا ؟ قال : نعم، لكم سيما ليست لأحد غيركمـ تردون عليَّ غراً محجلين من آثار الوضوء، وليصدن عني طائفة منكم فلا يصلون فأقول : يا رب هؤلاء أصحابي فيجيبني فيقول : وهل تدري ما أحدثوا بعدك ) منقول والله يحفظكم ويرعاكم مع خالص التحية وأطيب الأمنيات وأنتم سالمون وغانمون والسلام .

خيَّال الغلباء
08 - 07 - 2009, 22:01
حزم الجلاميد جزاك الله خيراً ولا هنت

عواكيس
22 - 08 - 2009, 16:21
مشكور وما قصرت ولا هنت

خيَّال الغلباء
24 - 08 - 2009, 17:41
عواكيس جزاك الله خيراً ولا هنت

مسلط 22
30 - 10 - 2009, 05:35
مشكور وما قصرت ولا هنت

خيَّال الغلباء
02 - 11 - 2009, 13:56
مسلط جزاك الله خيراً ولا هنت

مخايل الغربي
02 - 11 - 2009, 23:07
مشكور وما قصرت ولا هنت

خيَّال الغلباء
11 - 12 - 2009, 03:03
مخايل الغربي جزاك الله خيراً ولا هنت