تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : من روائع الطنطاوي 2


مغلي الوطن
13 - 06 - 2009, 06:31
المستقبل الحق ينقضي العام , فتظن أنك عشته , وأنت في الحقيقة قد مته , لا تعجبوا من هذا ودعوني أوضح الفكرة بالمثال :
أنت كالموظف الذي منح إجازته السنوية شهرا كاملا , إذا قضى فيها عشرة أيام يكون قد خسر منها عشرة أيام فصار الشهر عشرين , فإذا مر عشرون صار الشهر عشرا , فإذا تم الشهر انقضت الإجازة فكأنها لم تكن . فالمستقبل في الدنيا شيء لا وجود له , إن يوم لن يأتي أبدا , لأنه إن جاء صار [ حاضرا ] وطفق صاحبه يفتش عن " مستقبل " آخر يركض وراءه .
إنه ( كما قلت مرة) مثل حزمة الحشيش المعلقة بخشبة مربوطة بسرج الفرس تلوح أمام عينيه فهو يعدو ليصل إليها , وهي تعدو معه فلا يدركها أبدا .
إن المستقبل الحق في الآخرة , فأين منا من يعمل له ؟ بل أين من يفكر فيه ؟ !
وقد يكون هذا الذي أقوله ( فلسفة ) ولكنها فلسفة واقعية إنها حقائق لا يفكر فيها أحد منا .
نحن كالمسافر في الباخرة أو في الطائرة , همه الغرفة الجميلة , أو المقعد المريح , ويركب في الدرجة الأولى ويأكل أطيب الطعام , ويتصفح الجرائد والمجلات , وينقل بصره فيما حوله أو تحته من المشاهد , ولكن هذا كله لأيام السفر , وأيام السفر معدودة , أفما كان خيرا له لو فكر فيما يريحه في إقامته الدائمة في البلد الذي يمضي إليه ؟ أما كان أنفع له لو تحمل بعض المتاعب في ليالي السفر القليلة ووفر ماله ليشتري به الراحة في سنوات الإقامة الطويلة ؟
أم شغلته متعة السفر عن التفكير في سبب السفر , وجمال الطريق عن غاية الطريق ؟ الحياة سفر , فكم من الناس يسأل نفسه لم السفر ؟ وإلى أين الرحيل ؟ كم منا من يسأل ما الحياة ؟ ولماذا خلقنا ؟ وإلام المصير ؟


الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله

مناحي المجمعي
13 - 06 - 2009, 17:53
جزاك الله خير






ورحم الله الشيخ الطنطاوي وجميع مشائخ المسلمين