نهار
17 - 06 - 2009, 06:58
أقل مايقال
شعر لجمع الفلوس
بداح السبيعي
كثيرة هي الأبيات الشعرية والعبارات النثرية التي تتحدث أو تُشير إلى القيمة المعنوية الكبرى التي يُمثلها الشعر للعرب قديماً وحديثاً، من أجملها مقولة شاعرية للشاعر العربي الكبير نزار قباني يُمكن أن تضاف لما ذكره ابن رشيق حول احتفال العرب بنبوغ الشاعر، يقول نزار: "إذا أخذنا دبوساً وأدخلناه تحت جلد أي مواطن عربي، فإن سائلاً سحرياً سوف يتدفق، هذا السائل ليس نِفطاً، ولا هو من مشتقات النفط؛ وإنما هو سائلٌ أخضر اللون، ذهبي الشعلة، أبديُ التوهج، اسمه الشعر، الشعرُ لا النفط هو مخزوننا الحضاري"!.
فنزار قباني ورغم ربطه بين النفط والشعر هنا إلا أنه لا يتحدث عنه بوصفه سلعة مادية تباع وتُشترى ويُتاجر بها، بل يتحدث عنه بوصفة شيئاً سحرياً مُتوهجاً يجري في جسد الإنسان العربي، وهو إضافة لذلك مخزون (حضاري) نادر لا يُمكن أن ينضب أو يفقد قيمته كحال النفط الذي ترتفع قيمته وتهبط مع كل يوم.
وفي مُقابل عبارة نزار التي تُشير للقيمة المعنوية للشعر نجد بأن الكثير من الشعراء زاد اهتمامهم بالشعر وحديثهم عنه مؤخراً لا بما يُمثله من قيمة معنوية، بل باعتباره وسيلة للوصول لغايات عديدة أبرزها اكتساب (المال)، فعلى سبيل المثال نجد الشاعر ياسر التويجري -في المؤتمر الذي عُقد بمناسبة توقيعه عقد احتكار مع إحدى الشركات الإعلامية- يوجه نصيحته للشعراء قائلاً: " هذي طفرة الشعر.. أنا أوجه نصيحة لجميع شعراء الوطن العربي.. لابد أن يستغلوا هذه الفترة و لا بد أن يجمعوا أكبر قدر من الفلوس" !
فالتويجري يتحدث عن الشعر كوسيلة يجب استغلالها لجمع ما يُمكن جمعه من "الفلوس"، فطفرة الشعر بحسب كلامه ستنتهي ويفقد الشعر قدرته على جلب المال مع انتهائها، وشتان ما بين حديث قباني والتويجري عن الشعر وقيمته، فالأول يرى فيه "مخزوناً حضارياً" لا ينضب، والثاني يعُده وسيلة مؤقتة، والاهتمام به لا يعدو أن يكون"طفرة" ستزول وتتلاشى؛ ويشترك مع التويجري في نظرته للشعر وضرورة استغلاله مادياً الكثير من الشعراء الشعبيين، وخير شاهد على ذلك تسابق آلاف الشعراء للمشاركة في المسابقات الشعرية لا بنية تقديم إبداع شعري يليق بذائقة المُتلقي، ولكن بقصد ربح الجوائز أو كسب الشهرة الإعلامية.
لا يعني هذا تحريم استفادة الشاعر من موهبته، ولكن لا ينبغي أن يطغى حُب الشاعر للمال والشهرة على مستوى وقيمة القصيدة التي يُقدمها، لأن المال والشهرة سيزولان ولن يبقى إلا الشعر الجيد. أخيراً يقول المبدع ناصر بن مناحي:
الهزل يظهر وتسفيه السوافي
والجزل يبدا شبابه من مشيبه
تمشي الأيام وتبين الخوافي
ما لأحد صدّه عن مواجه نصيبه
يالسنافي خل صاحبك السنافي
لا ترد العلم فيه ولا تجيبه
ذمّة الطيّب من الناقص عوافي
وذمّة الطيّب من الطيّب مصيبه
شعر لجمع الفلوس
بداح السبيعي
كثيرة هي الأبيات الشعرية والعبارات النثرية التي تتحدث أو تُشير إلى القيمة المعنوية الكبرى التي يُمثلها الشعر للعرب قديماً وحديثاً، من أجملها مقولة شاعرية للشاعر العربي الكبير نزار قباني يُمكن أن تضاف لما ذكره ابن رشيق حول احتفال العرب بنبوغ الشاعر، يقول نزار: "إذا أخذنا دبوساً وأدخلناه تحت جلد أي مواطن عربي، فإن سائلاً سحرياً سوف يتدفق، هذا السائل ليس نِفطاً، ولا هو من مشتقات النفط؛ وإنما هو سائلٌ أخضر اللون، ذهبي الشعلة، أبديُ التوهج، اسمه الشعر، الشعرُ لا النفط هو مخزوننا الحضاري"!.
فنزار قباني ورغم ربطه بين النفط والشعر هنا إلا أنه لا يتحدث عنه بوصفه سلعة مادية تباع وتُشترى ويُتاجر بها، بل يتحدث عنه بوصفة شيئاً سحرياً مُتوهجاً يجري في جسد الإنسان العربي، وهو إضافة لذلك مخزون (حضاري) نادر لا يُمكن أن ينضب أو يفقد قيمته كحال النفط الذي ترتفع قيمته وتهبط مع كل يوم.
وفي مُقابل عبارة نزار التي تُشير للقيمة المعنوية للشعر نجد بأن الكثير من الشعراء زاد اهتمامهم بالشعر وحديثهم عنه مؤخراً لا بما يُمثله من قيمة معنوية، بل باعتباره وسيلة للوصول لغايات عديدة أبرزها اكتساب (المال)، فعلى سبيل المثال نجد الشاعر ياسر التويجري -في المؤتمر الذي عُقد بمناسبة توقيعه عقد احتكار مع إحدى الشركات الإعلامية- يوجه نصيحته للشعراء قائلاً: " هذي طفرة الشعر.. أنا أوجه نصيحة لجميع شعراء الوطن العربي.. لابد أن يستغلوا هذه الفترة و لا بد أن يجمعوا أكبر قدر من الفلوس" !
فالتويجري يتحدث عن الشعر كوسيلة يجب استغلالها لجمع ما يُمكن جمعه من "الفلوس"، فطفرة الشعر بحسب كلامه ستنتهي ويفقد الشعر قدرته على جلب المال مع انتهائها، وشتان ما بين حديث قباني والتويجري عن الشعر وقيمته، فالأول يرى فيه "مخزوناً حضارياً" لا ينضب، والثاني يعُده وسيلة مؤقتة، والاهتمام به لا يعدو أن يكون"طفرة" ستزول وتتلاشى؛ ويشترك مع التويجري في نظرته للشعر وضرورة استغلاله مادياً الكثير من الشعراء الشعبيين، وخير شاهد على ذلك تسابق آلاف الشعراء للمشاركة في المسابقات الشعرية لا بنية تقديم إبداع شعري يليق بذائقة المُتلقي، ولكن بقصد ربح الجوائز أو كسب الشهرة الإعلامية.
لا يعني هذا تحريم استفادة الشاعر من موهبته، ولكن لا ينبغي أن يطغى حُب الشاعر للمال والشهرة على مستوى وقيمة القصيدة التي يُقدمها، لأن المال والشهرة سيزولان ولن يبقى إلا الشعر الجيد. أخيراً يقول المبدع ناصر بن مناحي:
الهزل يظهر وتسفيه السوافي
والجزل يبدا شبابه من مشيبه
تمشي الأيام وتبين الخوافي
ما لأحد صدّه عن مواجه نصيبه
يالسنافي خل صاحبك السنافي
لا ترد العلم فيه ولا تجيبه
ذمّة الطيّب من الناقص عوافي
وذمّة الطيّب من الطيّب مصيبه