خيَّال الغلباء
13 - 08 - 2009, 17:14
بسم الله الرحمن الرحيم
إن أكثر ما يلهج به البدوي اختيار الزوجة، ومراعاة أصلها وطيب نجارها، وعراقة نسبها وهي عونه في حياته، أو شقاؤه ومذلته ويلهج العربي دائماً بقوله : " العرق دساس " و " وثلثا الولد لخاله " و "دور المنسب الطيب ترى الخال جرار " و " بنت الذلول ذلول " وكلها تدعو إلى لزوم التحري عن الزوجة اللائقة .
وأساساً إن الزوجة ليست بضاعة تشترى أو تباع وتتداولها الأيدي، والقوم إذا رأوا أدنى عيب في القبيلة يتوقفون عن الإتصال بها، ويتباعدون خشية أن يدس العرق، وإذا كان المخول رديئاً نراهم يتباعدون حذراً أن يتورث عرق الخؤولة .
وهكذا الوراثة مرعية عندهم والبدو لا يراعون دائماً الحب والعشق والحسن في الدرجة الأولى، وإنما يلتزمون الأصل الصريح وتجدهم يقولون :-
بنت الردي لا تأخذه
= يظهر مثل أبوها الولد
فآل هذال كما هو معروف ومشهور أخوالهم اللبيبات من الفضول من بني لام، وهؤلاء الفضول من أعرق القبائل نسباً وحسباً وفيهم القول المشهور : " إبناخيهم ما يخيب " بمعنى أن ابن أختهم لا يفشل ولا يخيب الظن فيه فهو كأخواله الفضول الأبطال الشجعان، ويذكر الرواة أن حبلان تزوج بنت اللبيبي من الفضول، وجاء له ولد منها اسمه جمعة ومنه جاء جعيثن ومنه جاء عدينان ومن هذا جاء هذال الذي اشتهر وذاع صيته وأصبح نار على علم وأعقب هذا أبطال صناديد فهؤلاء البدو يؤكدون على الأصالة، وطيب المنبت، ومن أقوالهم :-
عرب وليدك عربه
= والنار من مقباسها
العز بوروك النساء
= واللي عريب ساسها
وبنت الردي لا تأخذه
= لوهو طويل راسها
بمعنى أن الصفات الطيبة يتوارثها الأبناء عن الآباء، ومن هنا يتسابقون على الزواج من بنات الأسر الشريفة ذات الحسب والنسب ويردد البدو بعض الأشعار في صفات الرجال وأفعالهم :-
يالله طلبتك يـا سريـع الإجابـه
= تفتح لنا باب الفـرج بالمفاتيـح
طلبت عبيدٍ عنـد ربـه وأجابـه
= يا خالقٍ رزق العرب والفلاليـح
النوم ساس اللوم بان الردى بـه
= وعينٍ تبي الطولات نومه شلافيح
اللي يريد المدح يتعـب ركابـه
= والرزق بطول الخطا يا هلا الفيح
فمثلما يمتاز الرجل بصفات، فالمرأة البدوية تمتاز بصفات هي الأخرى :-
تمتاز المرأة البدوية بذكائها، فهي لماحة سريعة الفهم تعبر عن نفسها بطريقة خاصة وغير مباشرة، والقصة التالية تصور شخصية المرأة البدوية :-
كان أحد فتيان البدو يركب فرسه، وهو في رحلة إلى مخيم مجاور عندما أحس بالعطش، وكان يمر في أحد المخيمات توقف أمام إحدى الخيام ببيوت الشعر، وكانت امرأتان تجلسان أمام الخيمة أحدهما مسنة، وهي الأم تقريباً، والأخرى صغيرة، وهي الإبنة، وهبت الفتاة واقفة فخاطبها الفتى قائلاً : لو عرفنا الاسم سلمنا، فقالت الفتاة : لو عرفنا الاسم ردينا السلام . متى ترفع سيفك ؟
عرف الفتى معنى الرمز التي تقصد إليه الفتاة، فإن الفارس لا يرفع سيفه إلا إذا حدثت فتنة، وخاطبها الفتى باسم فتنة، ثم أشار إلى نفسه وإلى وجهها الحسن، وقال :-
" قوج (1) " فتنة نظر وجهك ".
ودون تردد خاطبته الفتاة مرحباً يا حسن، وطلب الفتى بعض الماء ليشرب، فسارعت الفتاة وملأت قدحاً من الماء، ثم رفعت يدها عالياً فانزلق كم الثوب، وكشف عن كتفها، وبدت خصلات شعرها، فتنهد الفتى قائلاً :-
يا حيف إن كان واطيه مثل عاليه
= ليت منخفض الشعر مثل عاليـه
وفهمت الفتاة مراده، فقالت : " من قلة واليه "، وتعني أنها بكراً ولا حبيب لها . وسر الفتى بحديثها، وأعجب بجمالها، فقال : " عندكم للضيف إكرام "، هل تستقبلون الضيوف ؟
قالت الفتاة : إذا كان له نصيب بالطعام طبعاً، إذا كان مقدر له أن يأكل من طعامنا . وعندئذ نزل الفتى من على فرسه، وأخذتها الفتاة لتربطها إلى وتد، فرأت على الأرض وتداً كبيراً يستخدم في شد الخيمة إلى الأرض، ثم وجدت بعض الأوتاد الصغيرة، فأخذت الوتد الكبير في يدها اليمنى، والأصغر في يدها اليسرى، وحاولت أن تدقها في الأرض لتربط فيها الفرس، لكن الأرض كانت صخرية، ولم ينفذ فيها الوتد، فشكت الأمر لوالدتها، ولكنها استخدمت الرمز في ذلك، فقالت : " يا يمه أدق الخشب بالخشب، والصفا ما تقبل الخشب، يا يمه هاتي الرضمة أدق الخشب "، وهي بهذا تعني أنها استخدمت الوتد الكبير في دق الوتد الصغير في الأرض، فلم تستطيع، ومن ثم فهي تطلب من أمها حجر دق الوتد . وأعجب الفتى بمهارة الفتاة وحصافتها، ثم عاد بعد فترة وطلب يد الفتاة وتزوجها .
(1) قوج : قوك بمعنى مرحباً .
المصدر : آل هذال زعماء العرب الوائليون / خلف بن حديد آل مبارك، 1426 هـ ـ 2005 م، ص 188 ـ 189 ـ 190 ـ 191 . ومن قصص الخؤولة عند العرب زواج الشيخ / سعدون بن سليمان العواجي رحمه الله وأسكنه فسيح جناته حيث كان يبحث عن الفرسان كي يخطب منهم فوقع إختياره على رباحة بنت ولمان بن متعب رحمها الله وأسكنها فسيح جناته فخطبها بقصيدة يقول فيها :-
دنـيـت حـرٍ مـن سلايـل وضيـحـان
= حـرٍ مـعـرب مـن ركـايـب أصـيـلـه
يلـفي لبيـوت تجـمع الصبح ديـوان
= أهـل الـمكـارم مقحـميـن الـدبـيـلـه
ربـع لـنـا عـنـد القبـايـل لهـم شـان
= وقـبـيـلـة يـا وي والـلـه قـبـيـلــــه
عند ابن متعب نـوّخ الحـر شقـران
= يـلـفـي لأبـو ربـاح حـامـي دخـيلـه
عقب الكرامـه عندهـم مطلبي هـان
= عـنـد الـولي مـا طلبـتي مستحيلـه
أبـي نسبـكـم يـا عـطيـبيـن الأيمـان
= بـنـتـك أبـيهـا يـا ابـن عـمي حليلـه
أبـي غـلام بـالـلـقـا مـثـل ولـمـــان
= مـا قضّـب الغـلـمـان ملـوى شليلـه
إليا اختلط عج الرمك واللغـا شـان
= بالمـعـركـه يـرهـب عـدوه صهيلـه
ثم إن ولمان ابن متعب رحمه الله وأسكنه فسيح جناته زوّج الشيخ / سعدون العواجي ابنته رباحة وأنجبت الفارسين / عقاب وحجاب رحمهما الله وأسكنهما فسيح جناته وحصل مقصوده في بطوله / عقاب وحجاب نعم كان العرب يهتمون بالنسب خصوصا وأنهم يبحثون عن طيب النسب لأبنائهم لأن العرق دساس . منقول بتصرف يسير والله يحفظكم ويرعاكم مع خالص التحية وأطيب الأمنيات وأنتم سالمون وغانمون والسلام .
إن أكثر ما يلهج به البدوي اختيار الزوجة، ومراعاة أصلها وطيب نجارها، وعراقة نسبها وهي عونه في حياته، أو شقاؤه ومذلته ويلهج العربي دائماً بقوله : " العرق دساس " و " وثلثا الولد لخاله " و "دور المنسب الطيب ترى الخال جرار " و " بنت الذلول ذلول " وكلها تدعو إلى لزوم التحري عن الزوجة اللائقة .
وأساساً إن الزوجة ليست بضاعة تشترى أو تباع وتتداولها الأيدي، والقوم إذا رأوا أدنى عيب في القبيلة يتوقفون عن الإتصال بها، ويتباعدون خشية أن يدس العرق، وإذا كان المخول رديئاً نراهم يتباعدون حذراً أن يتورث عرق الخؤولة .
وهكذا الوراثة مرعية عندهم والبدو لا يراعون دائماً الحب والعشق والحسن في الدرجة الأولى، وإنما يلتزمون الأصل الصريح وتجدهم يقولون :-
بنت الردي لا تأخذه
= يظهر مثل أبوها الولد
فآل هذال كما هو معروف ومشهور أخوالهم اللبيبات من الفضول من بني لام، وهؤلاء الفضول من أعرق القبائل نسباً وحسباً وفيهم القول المشهور : " إبناخيهم ما يخيب " بمعنى أن ابن أختهم لا يفشل ولا يخيب الظن فيه فهو كأخواله الفضول الأبطال الشجعان، ويذكر الرواة أن حبلان تزوج بنت اللبيبي من الفضول، وجاء له ولد منها اسمه جمعة ومنه جاء جعيثن ومنه جاء عدينان ومن هذا جاء هذال الذي اشتهر وذاع صيته وأصبح نار على علم وأعقب هذا أبطال صناديد فهؤلاء البدو يؤكدون على الأصالة، وطيب المنبت، ومن أقوالهم :-
عرب وليدك عربه
= والنار من مقباسها
العز بوروك النساء
= واللي عريب ساسها
وبنت الردي لا تأخذه
= لوهو طويل راسها
بمعنى أن الصفات الطيبة يتوارثها الأبناء عن الآباء، ومن هنا يتسابقون على الزواج من بنات الأسر الشريفة ذات الحسب والنسب ويردد البدو بعض الأشعار في صفات الرجال وأفعالهم :-
يالله طلبتك يـا سريـع الإجابـه
= تفتح لنا باب الفـرج بالمفاتيـح
طلبت عبيدٍ عنـد ربـه وأجابـه
= يا خالقٍ رزق العرب والفلاليـح
النوم ساس اللوم بان الردى بـه
= وعينٍ تبي الطولات نومه شلافيح
اللي يريد المدح يتعـب ركابـه
= والرزق بطول الخطا يا هلا الفيح
فمثلما يمتاز الرجل بصفات، فالمرأة البدوية تمتاز بصفات هي الأخرى :-
تمتاز المرأة البدوية بذكائها، فهي لماحة سريعة الفهم تعبر عن نفسها بطريقة خاصة وغير مباشرة، والقصة التالية تصور شخصية المرأة البدوية :-
كان أحد فتيان البدو يركب فرسه، وهو في رحلة إلى مخيم مجاور عندما أحس بالعطش، وكان يمر في أحد المخيمات توقف أمام إحدى الخيام ببيوت الشعر، وكانت امرأتان تجلسان أمام الخيمة أحدهما مسنة، وهي الأم تقريباً، والأخرى صغيرة، وهي الإبنة، وهبت الفتاة واقفة فخاطبها الفتى قائلاً : لو عرفنا الاسم سلمنا، فقالت الفتاة : لو عرفنا الاسم ردينا السلام . متى ترفع سيفك ؟
عرف الفتى معنى الرمز التي تقصد إليه الفتاة، فإن الفارس لا يرفع سيفه إلا إذا حدثت فتنة، وخاطبها الفتى باسم فتنة، ثم أشار إلى نفسه وإلى وجهها الحسن، وقال :-
" قوج (1) " فتنة نظر وجهك ".
ودون تردد خاطبته الفتاة مرحباً يا حسن، وطلب الفتى بعض الماء ليشرب، فسارعت الفتاة وملأت قدحاً من الماء، ثم رفعت يدها عالياً فانزلق كم الثوب، وكشف عن كتفها، وبدت خصلات شعرها، فتنهد الفتى قائلاً :-
يا حيف إن كان واطيه مثل عاليه
= ليت منخفض الشعر مثل عاليـه
وفهمت الفتاة مراده، فقالت : " من قلة واليه "، وتعني أنها بكراً ولا حبيب لها . وسر الفتى بحديثها، وأعجب بجمالها، فقال : " عندكم للضيف إكرام "، هل تستقبلون الضيوف ؟
قالت الفتاة : إذا كان له نصيب بالطعام طبعاً، إذا كان مقدر له أن يأكل من طعامنا . وعندئذ نزل الفتى من على فرسه، وأخذتها الفتاة لتربطها إلى وتد، فرأت على الأرض وتداً كبيراً يستخدم في شد الخيمة إلى الأرض، ثم وجدت بعض الأوتاد الصغيرة، فأخذت الوتد الكبير في يدها اليمنى، والأصغر في يدها اليسرى، وحاولت أن تدقها في الأرض لتربط فيها الفرس، لكن الأرض كانت صخرية، ولم ينفذ فيها الوتد، فشكت الأمر لوالدتها، ولكنها استخدمت الرمز في ذلك، فقالت : " يا يمه أدق الخشب بالخشب، والصفا ما تقبل الخشب، يا يمه هاتي الرضمة أدق الخشب "، وهي بهذا تعني أنها استخدمت الوتد الكبير في دق الوتد الصغير في الأرض، فلم تستطيع، ومن ثم فهي تطلب من أمها حجر دق الوتد . وأعجب الفتى بمهارة الفتاة وحصافتها، ثم عاد بعد فترة وطلب يد الفتاة وتزوجها .
(1) قوج : قوك بمعنى مرحباً .
المصدر : آل هذال زعماء العرب الوائليون / خلف بن حديد آل مبارك، 1426 هـ ـ 2005 م، ص 188 ـ 189 ـ 190 ـ 191 . ومن قصص الخؤولة عند العرب زواج الشيخ / سعدون بن سليمان العواجي رحمه الله وأسكنه فسيح جناته حيث كان يبحث عن الفرسان كي يخطب منهم فوقع إختياره على رباحة بنت ولمان بن متعب رحمها الله وأسكنها فسيح جناته فخطبها بقصيدة يقول فيها :-
دنـيـت حـرٍ مـن سلايـل وضيـحـان
= حـرٍ مـعـرب مـن ركـايـب أصـيـلـه
يلـفي لبيـوت تجـمع الصبح ديـوان
= أهـل الـمكـارم مقحـميـن الـدبـيـلـه
ربـع لـنـا عـنـد القبـايـل لهـم شـان
= وقـبـيـلـة يـا وي والـلـه قـبـيـلــــه
عند ابن متعب نـوّخ الحـر شقـران
= يـلـفـي لأبـو ربـاح حـامـي دخـيلـه
عقب الكرامـه عندهـم مطلبي هـان
= عـنـد الـولي مـا طلبـتي مستحيلـه
أبـي نسبـكـم يـا عـطيـبيـن الأيمـان
= بـنـتـك أبـيهـا يـا ابـن عـمي حليلـه
أبـي غـلام بـالـلـقـا مـثـل ولـمـــان
= مـا قضّـب الغـلـمـان ملـوى شليلـه
إليا اختلط عج الرمك واللغـا شـان
= بالمـعـركـه يـرهـب عـدوه صهيلـه
ثم إن ولمان ابن متعب رحمه الله وأسكنه فسيح جناته زوّج الشيخ / سعدون العواجي ابنته رباحة وأنجبت الفارسين / عقاب وحجاب رحمهما الله وأسكنهما فسيح جناته وحصل مقصوده في بطوله / عقاب وحجاب نعم كان العرب يهتمون بالنسب خصوصا وأنهم يبحثون عن طيب النسب لأبنائهم لأن العرق دساس . منقول بتصرف يسير والله يحفظكم ويرعاكم مع خالص التحية وأطيب الأمنيات وأنتم سالمون وغانمون والسلام .