خيال التوحيد
30 - 09 - 2009, 21:51
السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاته ،،
فَمَن لِلقَوافي شانَها مَن يَحوكُهـا *** إِذا ما ثَوى كَعبٌ وَفَوَّزَ جَـروَلُ
يَقولُ فَلا يَعيا بِشَــيءٍ يَقولُــهُ *** وَمِن قائِليها مَن يُسيءُ وَيَعمَلُ
يُقَوِّمُها حَتّى تَقـومَ مُتونُهـا *** فَيَقصُرُ عَنهــا كُلُّ ما يُتَـمَثَّلُ
كَفَيتُكَ لا تَلقى مِنَ الناسِ شاعِراً *** تَنَخَّلَ مِنها مِثلَ ما أَتَنَخَّلُ
فمن هو شاعرنا اليوم وصاحب السيرة الثالثة في ساحة الأدباء
كعب بن زهير بن أبي سلمى، المزني، أبو المضرَّب شاعر مخضرم لانه عاش عصرين مختلفين هما عصر الجاهليه وعصر صدر الإسلام. شاعر عالي الطبقة ، كان ممن اشتهر في الجاهلية. ولما ظهر الإسلام هجا النبي صلى الله عليه وسلم ، وأقام يشبب بنساء المسلمين ، فأهدر النبي صلى الله عليه وسلم ، دمه فجاءه كعب مستأمناً وقد أسلم وأنشده لاميته المشهورة التي مطلعها: بانت سعاد فقلبي اليوم متبول فعفا عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، وخلع عليه بردته. وهو من أعرق الناس في الشعر: أبوه زهير بن أبي سلمى، وأخوه بجير وابنه عقبة وحفيده العوّام كلهم شعراء. وقد كَثُر مخمّسو لاميته ومشطّروها وترجمت إلى غير العربية.
تلقن كعب الشعر عن أبيه مثله مثل أخيه بجير ، وكان زهير يحفظهم الشعر ومنه شعره ويقولون عن كعب أنه كان يخرج به أبوه إلى الصحراء فيلقي عليه بيتاً أو شطراً ويطلب أن يجيزه تمريناُ ودرّبه، كما أن كعباً كان في عصر ما قبل الإسلام شاعراً معروفاً أكثر من الحطيئة . حاول زهير أن ينظم الشعر منذ حداثته فردعه أبوه، مخافة أن يتسفّل ويأتي بالضعيف فيشوّه مجد الأسرة، ومازال يهذّب لسانه ويجهّز شاعريته برواية الشعر حتى استقام له النظم.
تاريخ ولادته ,,,
أختلف الكثيرون في تحديد تاريخ ولادته ووصلت الى أن المؤكد تاريخ وفاته وهو 24 هـ ,وقيل 26 هـ,
لاميّته وإسلامه
كعب بن زهير شاعر عالي الطبقة , وقد أختلف النقاد وأهل السير حول قصيدته ,,,
ويروي ابن حجر في "الإصابة" وابن الأثير في "أُسد الغابة": أن كعب بن زهير ـ رضي الله عنه ـ خرج وأخوه بُجير إلى الرسول ص فلما بلغا أبرق العزّاف قال بُجير لكعب: اثبت أنت في غنمنا في هذا المكان حتى ألقى هذا الرجل الذي يدَّعي النبوة فأسمع ما يقول، فثبت كعب وخرج بُجير فجاء الرسول ص فعرض عليه الإسلام فأسلم بُجير فبلغ ذلك كعباً فقال:
ألا أبلغا عنّي بُجيراً رسالةً
على أي شيء دين غيرك دلكا
على خُلُقٍ لم تُلف أمّـا ولا أبـاً
عليه ولم تُدرك عليه أخاً لكـا
سقاك أبو بكر بكأس رويّـة
وأنهلك المأمور منها وعلّكـا
فلما بلغت أبياته هذه الرسول صلى الله عليه وسلم أهدر دمه؛ وقال عليه الصلاة والسلام: "من لقي كعباً فليقتله"، فكتب بذلك بُجير إلى أخيه وقال له النجاء، وما أراك تفلت، ثم كتب إليه أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يأتيه أحد يشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله إلا قَبِلَ منه وأسقط ما كان قبل ذلك، فإذا أتاك كتابي هذا فأقبل وأسلم.
فدخل الإسلام قلب كعب فأسلم وقَدِم المدينة وهو متلثم فسأل عن أرق أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم فأخبر أنه أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ فذهب إلى أبي بكر وأخبره خبره، فمشى أبو بكر وكعب على إثره وهو متلثم حتى صار بين يدي الرسول فقال أبو بكر: يا رسول الله رجل يبايعك فمد الرسول صلى الله عليه وسلم يده ومد كعب يده، فبايعه وأسفر عن وجهه وأنشد كعب قصيدته الجميلة البديعة المشهورة باسم "البردة" والتي كان بعض العلماء يستفتح حلقة علمه ودرسه بقراءتها لما فيها من مدح للرسول صلى الله عليه وسلم ، والتي يقول فيها: ,
بانَتْ سُعادُ فَقَلْبي اليَوْمَ مَتْبولُ ** مُتَيَّمٌ إثْرَها لم يُفَدْ مَكْبولُ
وَمَا سُعَادُ غَداةَ البَيْن إِذْ رَحَلوا ** إِلاّ أَغَنُّ غضيضُ الطَّرْفِ مَكْحُولُ
هَيْفاءُ مُقْبِلَةً عَجْزاءُ مُدْبِرَةً **لا يُشْتَكى قِصَرٌ مِنها ولا طُولُ
تَجْلُو عَوارِضَ ذي ظَلْمٍ إذا ابْتَسَمَتْ ** كأنَّهُ مُنْهَلٌ بالرَّاحِ مَعْلُولُ
شُجَّتْ بِذي شَبَمٍ مِنْ ماءِ مَعْنِيةٍ ** صافٍ بأَبْطَحَ أضْحَى وهْوَ مَشْمولُ
تَنْفِي الرِّياحُ القَذَى عَنْهُ وأفْرَطُهُ ** مِنْ صَوْبِ سارِيَةٍ بِيضٌ يَعالِيلُ
أكْرِمْ بِها خُلَّةً لوْ أنَّها صَدَقَتْ ** مَوْعودَها أَو ْلَوَ أَنَِّ النُّصْحَ مَقْبولُ
لكِنَّها خُلَّةٌ قَدْ سِيطَ مِنْ دَمِها ** فَجْعٌ ووَلَعٌ وإِخْلافٌ وتَبْديلُ
فما تَدومُ عَلَى حالٍ تكونُ بِها ** كَما تَلَوَّنُ في أثْوابِها الغُولُ
ولا تَمَسَّكُ بالعَهْدِ الذي زَعَمْتْ **إلاَّ كَما يُمْسِكُ الماءَ الغَرابِيلُ
فلا يَغُرَّنْكَ ما مَنَّتْ وما وَعَدَتْ **إنَّ الأمانِيَّ والأحْلامَ تَضْليلُ
كانَتْ مَواعيدُ عُرْقوبٍ لَها مَثَلا ** وما مَواعِيدُها إلاَّ الأباطيلُ
ومنها ,,
تَسْعَى الوُشاةُ جَنابَيْها وقَوْلُهُمُ -- إنَّك يا ابْنَ أبي سُلْمَى لَمَقْتولُ
وقالَ كُلُّ خَليلٍ كُنْتُ آمُلُهُ -- لا أُلْهِيَنَّكَ إنِّي عَنْكَ مَشْغولُ
فَقُلْتُ خَلُّوا سَبيلِي لاَ أبالَكُمُ -- فَكُلُّ ما قَدَّرَ الرَّحْمنُ مَفْعولُ
كُلُّ ابْنِ أُنْثَى وإنْ طالَتْ سَلامَتُهُ -- يَوْماً على آلَةٍ حَدْباءَ مَحْمولُ
أُنْبِئْتُ أنَّ رَسُولَ اللهِ أَوْعَدَني -- والعَفْوُ عَنْدَ رَسُولِ اللهِ مَأْمُولُ
وقَدْ أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ مُعْتَذِراً -- والعُذْرُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ مَقْبولُ
مَهْلاً هَداكَ الذي أَعْطاكَ نافِلَةَ -- الْقُرْآنِ فيها مَواعيظٌ وتَفُصيل
لا تَأْخُذَنِّي بِأَقْوالِ الوُشاةِ ولَمْ -- أُذْنِبْ وقَدْ كَثُرَتْ فِيَّ الأقاويلُ
لَقَدْ أقْومُ مَقاماً لو يَقومُ بِه -- أرَى وأَسْمَعُ ما لم يَسْمَعِ الفيلُ
لَظَلَّ يِرْعُدُ إلاَّ أنْ يكونَ لَهُ -- مِنَ الَّرسُولِ بِإِذْنِ اللهِ تَنْويلُ
الرسائل الشعرية بين كعب وأخيه
ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من منصرفه عن الطائف كتب بجير بن زهير إلى أخيه كعب بن زهير يخبره أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قتل رجالاً بمكة ، ممن كان يهجوه ويؤذيه، وأن من بقي من شعراء قريش، قد هربوا في كل وجه، فإن كانت لك في نفسك حاجة، فطِر إلى رسول الله، فإنه لا يقتل أحداً جاءه تائباً، وإن أنت لم تفعل فانجُ إلى نجائك من الأرض؛ وكان كعب قد قال:
ألا أبلغا عني بجيراً رسالةً *** فهل كل فيما قلت ويحك هل لكا؟
فبيّن لنا إن كنت لست بفاعلِ *** على أيّ شيء غير ذلك دَلَّكا
على خُلُقٍ لم أُلفِ يوما أبا له *** عليه وما تُلفِى علَيهِ أبا لَكا
فإن أنتَ لم تفعل فلستُ بآسفٍ *** ولا قائل إمَّا عَثرتَ: لعَاً لكا
سقاكَ بِها المَأمونُ كأسا روِيَّةً *** فأنهَلكَ المأمونُ منها وعَلَّكا
وبعث بها إلى بُجير، فلما أتت بُجيراً كره أن يكتمها على رسول الله عليه الصلاة والسلام، فأنشده إياها، فقال الرسول لما سمع (سقاك بها المأمون): صدق وإنه لكذوب، أنا المأمون. ثم قال بجير لكعب:
مَن مُبلِغ كعبا فهل لكَ في التي *** تلوم عليها باطلا وهيَ أحزَمُ
إلى الله (لا العُزَّى ولا اللاتِ)وحده فتنجو إذا كان النَّجاء وتَسلمُ
لَدَى يَومِ لا ينجُو وليس بمُفلِتٍ *** من النَّاس إلا طاهرُ القَلب مُسلِم
فدينُ زُهير وهو لا شيءَ دينُه *** ودين أبي سُلمى عليَّ مُحرَّم
فَمَن لِلقَوافي شانَها مَن يَحوكُهـا *** إِذا ما ثَوى كَعبٌ وَفَوَّزَ جَـروَلُ
يَقولُ فَلا يَعيا بِشَــيءٍ يَقولُــهُ *** وَمِن قائِليها مَن يُسيءُ وَيَعمَلُ
يُقَوِّمُها حَتّى تَقـومَ مُتونُهـا *** فَيَقصُرُ عَنهــا كُلُّ ما يُتَـمَثَّلُ
كَفَيتُكَ لا تَلقى مِنَ الناسِ شاعِراً *** تَنَخَّلَ مِنها مِثلَ ما أَتَنَخَّلُ
فمن هو شاعرنا اليوم وصاحب السيرة الثالثة في ساحة الأدباء
كعب بن زهير بن أبي سلمى، المزني، أبو المضرَّب شاعر مخضرم لانه عاش عصرين مختلفين هما عصر الجاهليه وعصر صدر الإسلام. شاعر عالي الطبقة ، كان ممن اشتهر في الجاهلية. ولما ظهر الإسلام هجا النبي صلى الله عليه وسلم ، وأقام يشبب بنساء المسلمين ، فأهدر النبي صلى الله عليه وسلم ، دمه فجاءه كعب مستأمناً وقد أسلم وأنشده لاميته المشهورة التي مطلعها: بانت سعاد فقلبي اليوم متبول فعفا عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، وخلع عليه بردته. وهو من أعرق الناس في الشعر: أبوه زهير بن أبي سلمى، وأخوه بجير وابنه عقبة وحفيده العوّام كلهم شعراء. وقد كَثُر مخمّسو لاميته ومشطّروها وترجمت إلى غير العربية.
تلقن كعب الشعر عن أبيه مثله مثل أخيه بجير ، وكان زهير يحفظهم الشعر ومنه شعره ويقولون عن كعب أنه كان يخرج به أبوه إلى الصحراء فيلقي عليه بيتاً أو شطراً ويطلب أن يجيزه تمريناُ ودرّبه، كما أن كعباً كان في عصر ما قبل الإسلام شاعراً معروفاً أكثر من الحطيئة . حاول زهير أن ينظم الشعر منذ حداثته فردعه أبوه، مخافة أن يتسفّل ويأتي بالضعيف فيشوّه مجد الأسرة، ومازال يهذّب لسانه ويجهّز شاعريته برواية الشعر حتى استقام له النظم.
تاريخ ولادته ,,,
أختلف الكثيرون في تحديد تاريخ ولادته ووصلت الى أن المؤكد تاريخ وفاته وهو 24 هـ ,وقيل 26 هـ,
لاميّته وإسلامه
كعب بن زهير شاعر عالي الطبقة , وقد أختلف النقاد وأهل السير حول قصيدته ,,,
ويروي ابن حجر في "الإصابة" وابن الأثير في "أُسد الغابة": أن كعب بن زهير ـ رضي الله عنه ـ خرج وأخوه بُجير إلى الرسول ص فلما بلغا أبرق العزّاف قال بُجير لكعب: اثبت أنت في غنمنا في هذا المكان حتى ألقى هذا الرجل الذي يدَّعي النبوة فأسمع ما يقول، فثبت كعب وخرج بُجير فجاء الرسول ص فعرض عليه الإسلام فأسلم بُجير فبلغ ذلك كعباً فقال:
ألا أبلغا عنّي بُجيراً رسالةً
على أي شيء دين غيرك دلكا
على خُلُقٍ لم تُلف أمّـا ولا أبـاً
عليه ولم تُدرك عليه أخاً لكـا
سقاك أبو بكر بكأس رويّـة
وأنهلك المأمور منها وعلّكـا
فلما بلغت أبياته هذه الرسول صلى الله عليه وسلم أهدر دمه؛ وقال عليه الصلاة والسلام: "من لقي كعباً فليقتله"، فكتب بذلك بُجير إلى أخيه وقال له النجاء، وما أراك تفلت، ثم كتب إليه أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يأتيه أحد يشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله إلا قَبِلَ منه وأسقط ما كان قبل ذلك، فإذا أتاك كتابي هذا فأقبل وأسلم.
فدخل الإسلام قلب كعب فأسلم وقَدِم المدينة وهو متلثم فسأل عن أرق أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم فأخبر أنه أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ فذهب إلى أبي بكر وأخبره خبره، فمشى أبو بكر وكعب على إثره وهو متلثم حتى صار بين يدي الرسول فقال أبو بكر: يا رسول الله رجل يبايعك فمد الرسول صلى الله عليه وسلم يده ومد كعب يده، فبايعه وأسفر عن وجهه وأنشد كعب قصيدته الجميلة البديعة المشهورة باسم "البردة" والتي كان بعض العلماء يستفتح حلقة علمه ودرسه بقراءتها لما فيها من مدح للرسول صلى الله عليه وسلم ، والتي يقول فيها: ,
بانَتْ سُعادُ فَقَلْبي اليَوْمَ مَتْبولُ ** مُتَيَّمٌ إثْرَها لم يُفَدْ مَكْبولُ
وَمَا سُعَادُ غَداةَ البَيْن إِذْ رَحَلوا ** إِلاّ أَغَنُّ غضيضُ الطَّرْفِ مَكْحُولُ
هَيْفاءُ مُقْبِلَةً عَجْزاءُ مُدْبِرَةً **لا يُشْتَكى قِصَرٌ مِنها ولا طُولُ
تَجْلُو عَوارِضَ ذي ظَلْمٍ إذا ابْتَسَمَتْ ** كأنَّهُ مُنْهَلٌ بالرَّاحِ مَعْلُولُ
شُجَّتْ بِذي شَبَمٍ مِنْ ماءِ مَعْنِيةٍ ** صافٍ بأَبْطَحَ أضْحَى وهْوَ مَشْمولُ
تَنْفِي الرِّياحُ القَذَى عَنْهُ وأفْرَطُهُ ** مِنْ صَوْبِ سارِيَةٍ بِيضٌ يَعالِيلُ
أكْرِمْ بِها خُلَّةً لوْ أنَّها صَدَقَتْ ** مَوْعودَها أَو ْلَوَ أَنَِّ النُّصْحَ مَقْبولُ
لكِنَّها خُلَّةٌ قَدْ سِيطَ مِنْ دَمِها ** فَجْعٌ ووَلَعٌ وإِخْلافٌ وتَبْديلُ
فما تَدومُ عَلَى حالٍ تكونُ بِها ** كَما تَلَوَّنُ في أثْوابِها الغُولُ
ولا تَمَسَّكُ بالعَهْدِ الذي زَعَمْتْ **إلاَّ كَما يُمْسِكُ الماءَ الغَرابِيلُ
فلا يَغُرَّنْكَ ما مَنَّتْ وما وَعَدَتْ **إنَّ الأمانِيَّ والأحْلامَ تَضْليلُ
كانَتْ مَواعيدُ عُرْقوبٍ لَها مَثَلا ** وما مَواعِيدُها إلاَّ الأباطيلُ
ومنها ,,
تَسْعَى الوُشاةُ جَنابَيْها وقَوْلُهُمُ -- إنَّك يا ابْنَ أبي سُلْمَى لَمَقْتولُ
وقالَ كُلُّ خَليلٍ كُنْتُ آمُلُهُ -- لا أُلْهِيَنَّكَ إنِّي عَنْكَ مَشْغولُ
فَقُلْتُ خَلُّوا سَبيلِي لاَ أبالَكُمُ -- فَكُلُّ ما قَدَّرَ الرَّحْمنُ مَفْعولُ
كُلُّ ابْنِ أُنْثَى وإنْ طالَتْ سَلامَتُهُ -- يَوْماً على آلَةٍ حَدْباءَ مَحْمولُ
أُنْبِئْتُ أنَّ رَسُولَ اللهِ أَوْعَدَني -- والعَفْوُ عَنْدَ رَسُولِ اللهِ مَأْمُولُ
وقَدْ أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ مُعْتَذِراً -- والعُذْرُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ مَقْبولُ
مَهْلاً هَداكَ الذي أَعْطاكَ نافِلَةَ -- الْقُرْآنِ فيها مَواعيظٌ وتَفُصيل
لا تَأْخُذَنِّي بِأَقْوالِ الوُشاةِ ولَمْ -- أُذْنِبْ وقَدْ كَثُرَتْ فِيَّ الأقاويلُ
لَقَدْ أقْومُ مَقاماً لو يَقومُ بِه -- أرَى وأَسْمَعُ ما لم يَسْمَعِ الفيلُ
لَظَلَّ يِرْعُدُ إلاَّ أنْ يكونَ لَهُ -- مِنَ الَّرسُولِ بِإِذْنِ اللهِ تَنْويلُ
الرسائل الشعرية بين كعب وأخيه
ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من منصرفه عن الطائف كتب بجير بن زهير إلى أخيه كعب بن زهير يخبره أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قتل رجالاً بمكة ، ممن كان يهجوه ويؤذيه، وأن من بقي من شعراء قريش، قد هربوا في كل وجه، فإن كانت لك في نفسك حاجة، فطِر إلى رسول الله، فإنه لا يقتل أحداً جاءه تائباً، وإن أنت لم تفعل فانجُ إلى نجائك من الأرض؛ وكان كعب قد قال:
ألا أبلغا عني بجيراً رسالةً *** فهل كل فيما قلت ويحك هل لكا؟
فبيّن لنا إن كنت لست بفاعلِ *** على أيّ شيء غير ذلك دَلَّكا
على خُلُقٍ لم أُلفِ يوما أبا له *** عليه وما تُلفِى علَيهِ أبا لَكا
فإن أنتَ لم تفعل فلستُ بآسفٍ *** ولا قائل إمَّا عَثرتَ: لعَاً لكا
سقاكَ بِها المَأمونُ كأسا روِيَّةً *** فأنهَلكَ المأمونُ منها وعَلَّكا
وبعث بها إلى بُجير، فلما أتت بُجيراً كره أن يكتمها على رسول الله عليه الصلاة والسلام، فأنشده إياها، فقال الرسول لما سمع (سقاك بها المأمون): صدق وإنه لكذوب، أنا المأمون. ثم قال بجير لكعب:
مَن مُبلِغ كعبا فهل لكَ في التي *** تلوم عليها باطلا وهيَ أحزَمُ
إلى الله (لا العُزَّى ولا اللاتِ)وحده فتنجو إذا كان النَّجاء وتَسلمُ
لَدَى يَومِ لا ينجُو وليس بمُفلِتٍ *** من النَّاس إلا طاهرُ القَلب مُسلِم
فدينُ زُهير وهو لا شيءَ دينُه *** ودين أبي سُلمى عليَّ مُحرَّم