تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الــــــعـــــــقـــــلانـــــيـــــة


خيَّال الغلباء
19 - 11 - 2009, 21:57
بسم الله الرحمن الرحيم

العقــلانيــة :-

العقلانية بصورتها الصحيحة هي أساس الفكر الإسلامي حتى العاطفة الإسلامية هي عاطفة معقولة والإيمان الإسلامي إيمان عقلي وهذا الطرح يرد فقط على من يتحدثون عن العقلانية ويرددونها وهم أبعد الناس عنها من ناحية تشنجهم المستمر وادعائهم أن حضارة الغرب قامت على العقلانية بالإضافة لجهلهم بعلوم المنطق بل بكافة العلوم على السواء !!! وأخشى أن ينفر الناس من العقلانية الحقيقة لمجرد تخاريف يطلقها بعض المدعين فتصبح النتيجة أن تجد الشباب يقولون لا تذكروا لنا العقل لأنا لو أعملنا العقل سنضل وهذا كلام يخالف ما جاء به القرآن الكريم ويجب أن نكون عقلانيين ولكنها العقلانية الحقيقية التي لا تستمد من التقليد الأعمى لكتاب الغرب والمستشرقين دون تحقيق ودراسة والعقلانية توجد فى واقعنا الثقافى المعاصر، كما كانت توجد فى الماضى، كلماتٌ طنَّانة رنَّانة ذات وقعٍ مؤثِّر وتظل الألسنةُ تلوك هذه الكلمات المؤثِّرة حتى تفقدها أثرها مع كثرة الاستعمال ومما مال أهل الكلام اليوم إلى استعماله - بكثرة هذا اللفظ الرنان الطنان : العقلانية ولا نودُّ هنا الدخول إلى أصول هذه اللفظة من حيث اللغة والاصطلاح، وكيف أنها مشتقة من العقل ( المشتق بدوره من العقال الذى به ينضبط البعير ) وأنها عنوانٌ لمذهب فكرىٍّ يرى فى فعل التعقل مفتاحاً لحل مشكلات الإنسان مع الإنسان والكون فتلك الأمور مبسوطةٌ فى الكتب، فمن أراد فليراجعها هناك أما هنا، فإن غايتنا بيان تلك ( المغالطات ) التى نشأت مع طول ترديد هذه الكلمة المغالطة الأولى أن البعض يتشنَّج وهو يتحدث عن العقلانية وعن ضرورة ثورة العقل لإصلاح أحوالنا المعاصرة - المتردية - مؤكداً أنه لا سبيل أمامنا إلا العقلانية أو الموت !!! ووجه الغلط هنا أن كل فعل ( عقلي ) إنما هو فعلٌ هادئ متزن لا يمكن أن يقترن بالتشنج بل من الممكن أن يتصف بالبرود على نقيض العاطفة التى تتسم بالحرارة والهياج وليس هناك ثوراتٌ للعقل، فالفعل العقلاني -تفكيراً وأداءً - هو فعل رصينٌ رتيبٌ متراكمٌ ومتراكب ببطء فالرصانة قرينة العقل، بينما الثورة قرينة الجنون ( والإنسان يعيش حياته متردِّداً بين العقل والجنون ) وحتى الاكتشافات العلمية الكبرى، مثل اكتشاف الجاذبية والنظرية النسبية، لا يمكن اعتبارها ثورة عقلية، بقدر ما هي ثمرةٌ لجهدٍ شاقٍّ دؤوب لعقلية إنسانية متأملة ترصد الظواهر وتحلِّل الأشياء وأخيراً فليس من ( المعقول ) أن نقطع بأنه لا سبيل أمامنا إلا العقلانية فالسبيل ليس واحداً، صحيح أن علينا أن نتعقَّل العالم، وأن ندرس العلوم الحديثة، وأن نتحرَّر من الأوهام والخرافات لكن ذلك لا يكفي، إذ نحن فى حاجة أيضاً لنقيض العقل، أعنى العاطفة نحتاج إلى العاطفة فى شكل حب عميق للوطن، وعلى شكل أملٍ عظيمٍ فى المستقبل بل إننا، إذا أردنا الخروج من أزمتنا الحضارية وطمحنا إلى إصلاح الأحوال، فنحن فى حاجةٍ إلى الإيمان بمفهومه الواسع الرحيب وهكذا يتضح أن السُّبل عديدةٌ ومتشابكة، وليست ( العقلانية ) هى السبيل الوحيد الذى يزعمون .

والمغالطة الثانية ما يؤكده البعض دوماً من أن العقلانية هى التى أخرجت أوروبا من عصورها المظلمة - فى القرون الوسطى - إلى عصرها الزاهى الحديث وكأن العقلانية هى الكلمة السحرية التى بها انتقل الإنسان بين العصور ووجه الغلط هنا يكمن فى ذلك الاختزال والتبسيط المخل فى تصورنا للنهضة الأوروبية الحديثة وبداية الحضارة الغربية المعاصرة صحيحٌ أن العقل كان شعاراً للفكر الأوروبى فى عصر النهضة، لكنه كان فى المقام الأول موجهاً نحو سلطة الكنيسة التى جسَّدت اللا عقل ومع ذلك، فالحضارة الغربية الحديثة والمعاصرة قامت على أسس أخرى غير تلك العقلانية المناوئة لسيطرة الكنيسة؛ فمن تلك الأسس هذه ( النفعية ) التى أدت إلى تكتل الدول الأوروبية رغم ما بينها من كراهية أصلية، فكان ما يعرف فى التاريخ الأوروبى باسم نظام المؤتمرات وهى عمليةٌ من التكتُّلات الأوروبية التى سعت إلى إسقاط الدولة العثمانية وتقسيم ممتلكاتها، حتى نجح الأمر لينفسح المجال أمام حركة الاستعمار ومن تلك الأسس التفوُّق العسكرى الذى أقرَّ في العالم مبدأ الحقُّ هو القوة، وانتهى الأمر إلى التدمير والحروب العالمية ومن تلك الأسس ( الروح الفردية ) التى غالت فيها الحضارة الأوروبية حتى انقلب الأمر للضد وصار الإنسان الغربي يشكو انهيار إحساسه بالفردية تحت وطأة النظم والمؤسسات الاجتماعية المؤدِّية للقهر .

وهكذا اجتمعت عدة سبل - غير العقلانية - لتقوم عليها الحضارة الغربية المعاصرة وهكذا انتهى المسار إلى الاستعمار ( التقليدى وغير التقليدى ) والحروب المدمرة والقهر وغروب الإنسانية حتى أنه ظهرت بالغرب المعاصر اتجاهات تناوئ ( العقلانية ) بمفهومها الأوروبى الحديث، وهى الاتجاهات التى تغلغلت فى الفكر والأدب والفن، تحت اسم : ما بعد الحداثة .

والمغالطة الثالثة أن الذين يتحدثون عن العقلانية اليوم، لا يتحدثون عن ( المنطق ) وربما لم يخطر المنطق لهم ببال، أو هم لا يعرفون عن المنطق شيئاً ووجه الغلط هنا أن العقلانية لا يمكن أن تقوم على شيء غير المنطق، فهو البرنامج الذهنى الدقيق لكل فكر عقلى؛ ولا يمكن للعقل الإنسانى أن ينتج علماً ووعياً ومعرفةً إلا داخل حدود المنطق الذى هو - كما عرَّفه القدماء - الآلة العاصمة للذهن عن الخطأ فى الأحكام والتصورات والقضايا ورحم الله الإمام / الغزالى ( المتوفى عام : 505 هجرية ) إذ يقول : لا يوثق بعلمه من لم يدرس المنطق فكيف يستقيم الكلام عن العقلانية، بعيداً عن البدء بالمنطق ؟ وإذا كان المنطق فى واقعنا الثقافى المعاصر، أعنى المنطق كعلم، مهمَّشاً مهجوراً منسيّاً فما كل هذا التنادى بالعقلانية ؟ اللهم إلا إذا كانت المسألة برمتها محضَ تصايحٍ وجعجعةٍ إعلامية وقعقة تدل على جهلٍ شديدٍ بحقائق الأمور . هذا والله يحفظكم ويرعاكم منقول بتصرف يسير مع خالص التحية وأطيب الأمنيات وأنتم سالمون وغانمون والسلام .

مخايل الغربي
20 - 11 - 2009, 02:05
بيض الله وجهك وجزاك الله خيرا

خيَّال الغلباء
20 - 11 - 2009, 10:55
مخايل الغربي جزاك الله خيراً ولا هنت

مهناالعزه
06 - 12 - 2009, 09:31
صوت العقل يغلب صوت العاطفة إلا عند المتطرفين يمينا وشمالا

خيَّال الغلباء
11 - 12 - 2009, 02:18
مهنا العزه جزاك الله خيراً ولا هنت