بـ الخليج ـحار
05 - 05 - 2003, 01:31
((من أخبار الحمقى والمغفلين))
بسم الله الرحمن الرحيم
أخواني: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فكما أنه لكل زمن دولة ورجال، فإنه أيضاً في كل زمن دلوخ ومهنقين،
وهذه جملة من أخبار القدماء، الذين غطت حسناتهم على مساوئهم، والدلخ فيهم دلاخته مقتصرة على شيء معين، أما في عصرنا هذا فالدلخ يتسم بالدلاخة على كل حال، وهذه ميزة في ثبات الشخصية على حالة واحدة وإن كانت دلاخة متناهية.1- جعل هبنقة(1) في عنقه قلادة من ودع وعظام وخزف،وقال: أخشى أن أضل نفسي ففعلت ذلك لأعرفها به، فحولت القلادة ذات ليلة من عنقه لعنق أخيه، فلما أصبح قال: يا أخي أنت أنا فمن أنا؟.
2- وهذا ( عجل بن لجيم) من حمقه أنه قيل له: ما سميت فرسك؟ فاحتار قليلاً، ثم قام إلى فرسه ففقأ إحدى عينيه وقال: سميته الأعور.
3- قيل لأبي أسيد حدثنا عن ابن عمر، فقال: كان يحف شاربه حتى يبدو بياض إبطيه!!
4- ومن حماقات (جحا)(2) أنه قيل له: سمعت من داركم صراخاً. قال جحا: سقط قميصي من فوق. قال الرجل: وإذا سقط من فوق. قال: يا أحمق لو كنت فيه أليس كنت قد وقعت معه؟!.
5- ومات جار له، فأرسل إلى الحفار ليحفر له، فجرى بينهما لجاج في أجرة الحفر، فمضى جحا إلى السوق واشترى خشبة بدرهمين وجاء بها، فسئل عنها، فقال: إن الحفار لا يحفر بأقل من خمسة دراهم، وقد اشترينا هذه الخشبة بدرهمين لنصلبه عليها، ونربح ثلاثة دراهم، ويستريح من ضغطة القبر ومسألة منكر ونكير.(3)
6- ورأوه يوماً في السوق يعدو، فقالوا: ما شأنك؟ قال: هلا مرت بكم جارية رجلٍ مخضوب اللحية؟
7- وسمع قائلاً يقول: ما أحسن القمر. فقال: إي والله وخاصة في الليل.
8- كان ( ابن الجصاص)(4)يوماً خلف الإمام فقال الإمام: ولا الضالين. فقال: إي لعمري.
9- قال بعضهم: رأيت مؤذناً يؤذن ثم عدا، فقلت : إلى أين؟ فقال: أنا أحب أن أعرف إلى أين يبلغ صوتي.
10- كان أعرابي يصلي، فأخذ قوم يمدحونه ويصفونه بالصلاح، فقطع صلاته وقال: مع هذا إني صائم!
صلى فأعجبني وصام فرابني *** نحِّ القلوص عن المصلي الصائم
11- تذاكر قوم قيام الليل وعندهم أعرابي، فقالوا له: أتقوم بالليل؟ قال: إي والله. قالوا: فماذا تصنع؟ قال: أبول وأرج أنام.
12- لقي رجل رجلاً آخر من أهل النحو، وأراد أن يسأله عن أخيه، وخاف أن يلحن- يخطئ-، فقال: أخاك أخوك أخيك هاهنا؟ فقال النحوي: لا لي لو ما هو حاضر.
13- وقف نحوي على صاحب بطيخ فقال: بكم تلك وذانك الفاردة- الوحيدة-؟ فنظر يميناً وشمالاً ثم قال: اعذرني فما عندي شيء يصلح للصفع.
14- حكى بعضهم، قال: اجتمعنا ثالثة نفر من الشعراء في قرية تسمى( طهياثا)، فشربنا يومنا، ثم قلنا: ليقل كل واحد منا شطر بيت في وصف يومنا فقلت:
( نلنا لذيذ العيش في طهياثا) فقال الثاني: ( لمّا أدرنا أقدحاً ثلاثا) فاحتار الثالث فقال: ( وامرأتي طالق ثلاثا) ثم قعد يبكي على امرأته ونحن نضحك عليه.
15- قال بعض القُّصَّاص: يا معشر الناس، إن الشيطان إذا سمى أحدكم على الطعام والشراب لم يقربه، فكلوا خبز الأرز المالح ولا تسموا، فيأكل معكم، ثم اشربوا الماء وسموا حتى تقتلوه عطشاً.
16- ضرب معلم غلاماً فقيل: لم تضربه؟ فقال: إنما أضربه قبل أن يذنب لئلا يذنب.
17- عاد رجلٌ عليلاً فعزاهم فيه، فقالوا له: إنه لم يمت، فقال: يموت إن شاء الله.
18- يقول أحدهم أخبرني بعض الأدباء، فقال: قال رجل من العراق لرجل من الشام في كلام جرى بينهما: حلق الله لحيتك. فقال: بمكة إن شاء الله.
19- دخل رجل على بلال- رضي الله عنه- فكساه ثوبين، فقال: كساني الأمير ثوبين، فاتزرت بالآخر وارتديت بالآخر.
20- وأراد ناجية( المغفل) الخروج إلى بغداد، فوضع سلماً وجعل يصعد وينزل، فقيل له: ما تصنع؟ قال: أتعلم السفر.
21- قال بعضهم: رأيت رجلاً محموماً مصدعاً يأكل التمر ويجمع النوى، فقلت: ويحك، أنت بهذه الحال وتأكل التمر؟ فقال: يا مولاي عندي شاة ترضع ومالها نوى، فأنا آكل هذا التمر مع كراهيتي له لأطعمها النوى. فقلت: أطعمها التمر والنوى. فقال: أو يجوز ذلك! قلت: نعم. قال: والله لقد فرجت عني، لا إله إلا الله، ما أحسن العلم.
22- قال الأصمعي: قلت لرجل أين كنت؟ قال: ذهبت في جنازة ابن فلان. قلت فأي ولده كان؟ قال: كانوا اثنين فمات الأوسط.
23- سئل بعضهم عن مولده فقال: وُلِدتُ رأس الهلال للنصف من رمضان بعد العيد بثلاثة أيام، احسبوا الآن كيف شئتم.
24- كتب بعضهم إلى أبيه: كتابي إليك يوم الجمعة، عشية الأربعاء لأربعين ليلة خلت من جمادي الأوسط، وأعلمك أني مرضت مرضة لو كان غيري كان قد مات. فقال أبوه: أمك طالق ثلاثاً لو مت لما كلمتك أبداً.
25- أصيب بعضهم بمصيبة، فقيل له: عظم الله أجرك. فقال: سمع الله لمن حمده.
26- سمع بعض الحمقى قوماً يتذاكرون الموت وأهواله. فقال: لولم يكن في الموت إلا أنك لا تقدر أن تتنفس لكفى.
27- دخل رجل على المعتضد(5) فقال: يا أمير المؤمنين، إن فلاناً العامل ظلمني، قال له: ومن فلان؟ قال: والله لا أدري اسمه، ولكن في خده الأيمن خال أو ثؤلول أو أثر لطمة أو أثر حرق نار أو أثر مسمار أو في خده الأيسر، وكان له مرّة غلام يقال له جرير أو نجم إلا أن في اسمه طاء أو لام. فضحك المعتضد، وقال: كأنه موسوس؟ قال: سلني عما شئت حتى أجيبك. قال: كم إصبع لك؟ قال: ثلاثة أرجل. فأمر بإخراجه.
(1) هبنقة: هو يزيد بن ثروان.
(2) جحا: هو جحا الكوفي الفزاري( أبو الغصن)، كانت أمه خادمة لأم أنس بن مالك( ت 130هـ).
(3) تخرج النوادر أحياناً عن إطار الدين، وهذه النادرة هي أصدق دليل على ذلك.
(4) ابن الجصاص: هو أبو عبدالله وكان يدّعي الحمق وهو بريء منه؛ طلباً للدعابة.
(5) المعتضد: هو أحمد بن طلحة أبو العباس خليفة عباسي، ولد في بغداد سنة ( 242هـ) ومات بها سنة( 289هـ).
مع الشكر لكل من مر على هذا الموضوع، ولعلي آتيكم بالمزيد حول نوادر الحمقى والمغفلين.
أخوكم/
بـ الخليج ـحار
بسم الله الرحمن الرحيم
أخواني: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فكما أنه لكل زمن دولة ورجال، فإنه أيضاً في كل زمن دلوخ ومهنقين،
وهذه جملة من أخبار القدماء، الذين غطت حسناتهم على مساوئهم، والدلخ فيهم دلاخته مقتصرة على شيء معين، أما في عصرنا هذا فالدلخ يتسم بالدلاخة على كل حال، وهذه ميزة في ثبات الشخصية على حالة واحدة وإن كانت دلاخة متناهية.1- جعل هبنقة(1) في عنقه قلادة من ودع وعظام وخزف،وقال: أخشى أن أضل نفسي ففعلت ذلك لأعرفها به، فحولت القلادة ذات ليلة من عنقه لعنق أخيه، فلما أصبح قال: يا أخي أنت أنا فمن أنا؟.
2- وهذا ( عجل بن لجيم) من حمقه أنه قيل له: ما سميت فرسك؟ فاحتار قليلاً، ثم قام إلى فرسه ففقأ إحدى عينيه وقال: سميته الأعور.
3- قيل لأبي أسيد حدثنا عن ابن عمر، فقال: كان يحف شاربه حتى يبدو بياض إبطيه!!
4- ومن حماقات (جحا)(2) أنه قيل له: سمعت من داركم صراخاً. قال جحا: سقط قميصي من فوق. قال الرجل: وإذا سقط من فوق. قال: يا أحمق لو كنت فيه أليس كنت قد وقعت معه؟!.
5- ومات جار له، فأرسل إلى الحفار ليحفر له، فجرى بينهما لجاج في أجرة الحفر، فمضى جحا إلى السوق واشترى خشبة بدرهمين وجاء بها، فسئل عنها، فقال: إن الحفار لا يحفر بأقل من خمسة دراهم، وقد اشترينا هذه الخشبة بدرهمين لنصلبه عليها، ونربح ثلاثة دراهم، ويستريح من ضغطة القبر ومسألة منكر ونكير.(3)
6- ورأوه يوماً في السوق يعدو، فقالوا: ما شأنك؟ قال: هلا مرت بكم جارية رجلٍ مخضوب اللحية؟
7- وسمع قائلاً يقول: ما أحسن القمر. فقال: إي والله وخاصة في الليل.
8- كان ( ابن الجصاص)(4)يوماً خلف الإمام فقال الإمام: ولا الضالين. فقال: إي لعمري.
9- قال بعضهم: رأيت مؤذناً يؤذن ثم عدا، فقلت : إلى أين؟ فقال: أنا أحب أن أعرف إلى أين يبلغ صوتي.
10- كان أعرابي يصلي، فأخذ قوم يمدحونه ويصفونه بالصلاح، فقطع صلاته وقال: مع هذا إني صائم!
صلى فأعجبني وصام فرابني *** نحِّ القلوص عن المصلي الصائم
11- تذاكر قوم قيام الليل وعندهم أعرابي، فقالوا له: أتقوم بالليل؟ قال: إي والله. قالوا: فماذا تصنع؟ قال: أبول وأرج أنام.
12- لقي رجل رجلاً آخر من أهل النحو، وأراد أن يسأله عن أخيه، وخاف أن يلحن- يخطئ-، فقال: أخاك أخوك أخيك هاهنا؟ فقال النحوي: لا لي لو ما هو حاضر.
13- وقف نحوي على صاحب بطيخ فقال: بكم تلك وذانك الفاردة- الوحيدة-؟ فنظر يميناً وشمالاً ثم قال: اعذرني فما عندي شيء يصلح للصفع.
14- حكى بعضهم، قال: اجتمعنا ثالثة نفر من الشعراء في قرية تسمى( طهياثا)، فشربنا يومنا، ثم قلنا: ليقل كل واحد منا شطر بيت في وصف يومنا فقلت:
( نلنا لذيذ العيش في طهياثا) فقال الثاني: ( لمّا أدرنا أقدحاً ثلاثا) فاحتار الثالث فقال: ( وامرأتي طالق ثلاثا) ثم قعد يبكي على امرأته ونحن نضحك عليه.
15- قال بعض القُّصَّاص: يا معشر الناس، إن الشيطان إذا سمى أحدكم على الطعام والشراب لم يقربه، فكلوا خبز الأرز المالح ولا تسموا، فيأكل معكم، ثم اشربوا الماء وسموا حتى تقتلوه عطشاً.
16- ضرب معلم غلاماً فقيل: لم تضربه؟ فقال: إنما أضربه قبل أن يذنب لئلا يذنب.
17- عاد رجلٌ عليلاً فعزاهم فيه، فقالوا له: إنه لم يمت، فقال: يموت إن شاء الله.
18- يقول أحدهم أخبرني بعض الأدباء، فقال: قال رجل من العراق لرجل من الشام في كلام جرى بينهما: حلق الله لحيتك. فقال: بمكة إن شاء الله.
19- دخل رجل على بلال- رضي الله عنه- فكساه ثوبين، فقال: كساني الأمير ثوبين، فاتزرت بالآخر وارتديت بالآخر.
20- وأراد ناجية( المغفل) الخروج إلى بغداد، فوضع سلماً وجعل يصعد وينزل، فقيل له: ما تصنع؟ قال: أتعلم السفر.
21- قال بعضهم: رأيت رجلاً محموماً مصدعاً يأكل التمر ويجمع النوى، فقلت: ويحك، أنت بهذه الحال وتأكل التمر؟ فقال: يا مولاي عندي شاة ترضع ومالها نوى، فأنا آكل هذا التمر مع كراهيتي له لأطعمها النوى. فقلت: أطعمها التمر والنوى. فقال: أو يجوز ذلك! قلت: نعم. قال: والله لقد فرجت عني، لا إله إلا الله، ما أحسن العلم.
22- قال الأصمعي: قلت لرجل أين كنت؟ قال: ذهبت في جنازة ابن فلان. قلت فأي ولده كان؟ قال: كانوا اثنين فمات الأوسط.
23- سئل بعضهم عن مولده فقال: وُلِدتُ رأس الهلال للنصف من رمضان بعد العيد بثلاثة أيام، احسبوا الآن كيف شئتم.
24- كتب بعضهم إلى أبيه: كتابي إليك يوم الجمعة، عشية الأربعاء لأربعين ليلة خلت من جمادي الأوسط، وأعلمك أني مرضت مرضة لو كان غيري كان قد مات. فقال أبوه: أمك طالق ثلاثاً لو مت لما كلمتك أبداً.
25- أصيب بعضهم بمصيبة، فقيل له: عظم الله أجرك. فقال: سمع الله لمن حمده.
26- سمع بعض الحمقى قوماً يتذاكرون الموت وأهواله. فقال: لولم يكن في الموت إلا أنك لا تقدر أن تتنفس لكفى.
27- دخل رجل على المعتضد(5) فقال: يا أمير المؤمنين، إن فلاناً العامل ظلمني، قال له: ومن فلان؟ قال: والله لا أدري اسمه، ولكن في خده الأيمن خال أو ثؤلول أو أثر لطمة أو أثر حرق نار أو أثر مسمار أو في خده الأيسر، وكان له مرّة غلام يقال له جرير أو نجم إلا أن في اسمه طاء أو لام. فضحك المعتضد، وقال: كأنه موسوس؟ قال: سلني عما شئت حتى أجيبك. قال: كم إصبع لك؟ قال: ثلاثة أرجل. فأمر بإخراجه.
(1) هبنقة: هو يزيد بن ثروان.
(2) جحا: هو جحا الكوفي الفزاري( أبو الغصن)، كانت أمه خادمة لأم أنس بن مالك( ت 130هـ).
(3) تخرج النوادر أحياناً عن إطار الدين، وهذه النادرة هي أصدق دليل على ذلك.
(4) ابن الجصاص: هو أبو عبدالله وكان يدّعي الحمق وهو بريء منه؛ طلباً للدعابة.
(5) المعتضد: هو أحمد بن طلحة أبو العباس خليفة عباسي، ولد في بغداد سنة ( 242هـ) ومات بها سنة( 289هـ).
مع الشكر لكل من مر على هذا الموضوع، ولعلي آتيكم بالمزيد حول نوادر الحمقى والمغفلين.
أخوكم/
بـ الخليج ـحار