تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : عراق المخصصات والمحاصصات


ديلم
08 - 06 - 2010, 03:03
عراق المخصصات والمحاصصات



سمير سعيد

رغم أن العراق مصنف ضمن البلدان النفطية إلا أن هناك الكثير من علامات الاستفهام حول مصير أمواله العائدة من بيع نفطه، سواء من حقول الجنوب أو حقول الشمال. وإلى جانب الأموال الضخمة التي يعلن الاحتلال الأمريكي أنه أنفقها فيما يسمى "إعادة الإعمار"، بعدما أتى على كل ما يمت للحياة المدنية بصلة، نجد حكومة نوري المالكي ما زالت تعلن بين الحين والآخر، رغم انتهاء ولايتها قانونياً، عن تدشين مشاريع هنا وهناك، وسط أحاديث عن تحول العراق إلى بيئة جاذبة للاستثمار، حتى أن هذه الحكومة هددت إسبانيا هذا الأسبوع بحرمانها من الاستثمار في البلد المحتل حال استضافتها لمؤتمر لفصائل تقاوم المحتل وترفض العملية السياسية في بغداد.

من يسمع بعض التصريحات العراقية والأمريكية يشعر وكأن العراق أصبح جنة الله في الأرض، ويغرق في نعيم الإعمار والاستثمارات بفضل مليارات النفط وصفقاته، بينما لسان الحال يكشف عن تعرض هذا البلد لأسوأ عهد يعيشه منذ الغزو المغولي لبغداد، حيث الارتفاع الكبير في نسب الأمية والبطالة، وبيوت في القرن الواحد والعشرين تعتبر الحصول على المياه والكهرباء قمة الرفاهية.

فبينما يحدثنا المالكي، الذي يرى نفسه المرشح الأوحد القادر على خلافة نفسه في المنصب، عن إنجازات حكومته التي حققها بفضل "إدارته الرشيدة" نجد أن مسؤولين في نفس الحكومة يكشفون عن المزيد من الأوضاع الكارثية التي يعيشها العراق في ظل الاحتلال وما نتج عنه من عملية سياسية بائسة، حيث يسخّر رئيس وزراء مؤسسات الدولة لتجريد المنافس من فوزه بالاجتثاث تارة، وبالطعون تارة أخرى، ويعطل إقرار النتائج منذ أكثر من شهرين لابتكار حيل جديدة تمكنه من البقاء في منصبه، فيما يصّر الرئيس الحالي على أن الرئاسة من حقه، وكأن المناصب السيادية قد تحولت إلى حقوق شخصية!.

وحتى نعرف أسباب هذا الإصرار من جانب بعض ساسة العراق على خرق دستورهم، علينا أن نقارن بين ما كشف عنه رئيس اللجنة العليا للتخفيف من الفقر في البلد المحتل من أن هناك ما يقارب من 7 ملايين عراقي يعيشون تحت مستوى خط الفقر، ودخلهم لا يتجاوز نحو 29 دولاراً شهرياً، وبين ما كشف عنه قادة في التيار الصدري من أن مرتب المالكي التقاعدي، لو فشل في الاحتفاظ بمنصبه، سيصل إلى 30 مليون دولار أمريكي، وأن قوة عسكرية كبيرة تقدر بلواء كامل، ستخصص لحمايته.

هذا عن التقاعد لمسؤول واحد فقط، أما مرتبه وهو في المنصب ومرتبات بقية المسؤولين ومخصصات مكاتبهم، فلا أحد يعلم حجمها حتى البرلمان العراقي، فيما تتجاوز مخصصات الرئاسات الثلاث "الدولة والحكومة والبرلمان" 800 مليون دولار سنوياً، لا يعرف أحد نسب توزيعها ولا طريقة إنفاقها، وليست خاضعة للرقابة والمحاسبة.

ما سبق هو ما تم تسريبه فقط، ولا أحد يعرف كيف وأين تُنفق أو تُهدر بقية أموال العراقيين، في ظل ساسة لا تهمهم إلا حصصهم في الحكومة وكعكة الميزانية وجيوش الحمايات الشخصية من جهة، واحتلال ينهب ويسلب قوت العراقيين من ناحية أخرى، بينما يُترك المواطن العراقي لمصيره بلا أمن أو عمل أو مياه وكهرباء، وحتى صوته يريدون تزويره أو اجتثاثه أو إلغاءه من أجل المخصصات والمحاصصات.