المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كلام نفيس لشيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله حول أهل الشام


أبو حاتم محمد
22 - 02 - 2012, 02:01
وإذا كان السلف قد سموا مانعي الزكاة مرتدين مع كونهم يصومون ويصلون، ولم يكونوا يقاتلون جماعة المسلمين، فكيف ممن صار مع أعداء الله ورسوله قاتلا للمسلمين مع أنه والعياذ بالله لو استولى هؤلاء المحاربون لله ورسوله المحادون لله ورسوله المعادون لله ورسوله، على أرض الشام ومصر. في مثل هذا الوقت لأفضى ذلك إلى زوال دين الإسلام ودروس شرائعه. أما الطائفة بالشام ومصر ونحوهما فهم في هذا الوقت المقاتلون عن دين الإسلام، وهم من أحق الناس دخولا في الطائفة المنصورة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله في الأحاديث الصحيحة المستفيضة عنه : {لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة}. وفي رواية لمسلم : {لا يزال أهل الغرب}. والنبي صلى الله عليه وسلم تكلم بهذا الكلام بمدينته النبوية، فغربه ما يغرب عنها، وشرقه ما يشرق عنها، فإن التشريق والتغريب من الأمور النسبية، إذ كل بلد له شرق وغرب، ولهذا إذا قدم الرجل إلى الإسكندرية من الغرب يقولون : سافر إلى الشرق، وكان أهل المدينة يسمون أهل الشام أهل الغرب، ويسمون أهل نجد والعراق أهل الشرق، كما في حديث ابن عمر قال : قدم رجلان من أهل المشرق فخطبا. وفي رواية : {من أهل نجد}. ولهذا قال أحمد بن حنبل : أهل الغرب هم أهل الشام. يعني هم أهل الغرب كما أن نجدا والعراق أول الشرق، وكل ما يشرق عنها فهو من الشرق، وكل ما يغرب عن الشام من مصر وغيرها فهو داخل في الغرب. وفي الصحيحين : أن معاذ بن جبل قال في الطائفة المنصورة، وهم بالشام فإنها أصل المغرب، وهم فتحوا سائر المغرب : كمصر، والقيروان، والأندلس، وغير ذلك، وإذا كان غرب المدينة النبوية ما يقرب عنها فالنيرة ونحوها على مسامتة المدينة النبوية كما أن حران والرقة وسمنصاط ونحوها على مسامتة مكة، فما يغرب عن النيرة فهو من الغرب الذين وعدهم النبي صلى الله عليه وسلم لما تقدم. وقد جاء في حديث آخر في صفة الطائفة المنصورة أنهم بأكناف البيت المقدس، وهذه الطائفة هي التي بأكناف البيت المقدس اليوم ومن يدبر أحوال العالم في هذا الوقت فعلم أن هذه الطائفة هي أقوم الطوائف بدين الإسلام علما وعملا وجهادا عن شرق الأرض وغربها، فإنهم هم الذين يقاتلون أهل الشوكة العظيمة من المشركين، وأهل الكتاب، ومغازيهم مع النصارى، ومع المشركين من الترك، ومع الزنادقة المنافقين من الداخلين في الرافضة وغيرهم : كالإسماعيلية، ونحوهم من القرامطة، معروفة معلومة قديما وحديثا والعز الذي للمسلمين بمشارق الأرض ومغاربها هو بعزهم ولهذا لما هزموا سنة تسع وتسعين وستمائة دخل على أهل الإسلام من الذل والمصيبة بمشارق الأرض ومغاربها ما لا يعلمه إلا الله، والحكايات في ذلك كثيرة ليس هذا موضعها، وذلك أن سكان اليمن في هذا الوقت ضعاف عاجزون عن الجهاد أو مضيعون له، وهم مطيعون لمن ملك هذه البلاد حتى ذكروا أنهم أرسلوا بالسمع والطاعة لهؤلاء، وملك المشركين لما جاء إلى حلب جرى بها من القتل ما جرى. وأما سكان الحجاز فأكثرهم أو كثير منهم خارجون عن الشريعة، وفيهم من البدع والضلال والفجور ما لا يعلمه إلا الله، وأهل الإيمان والدين فيهم مستضعفون عاجزون، وإنما تكون لهم القوة والعزة في هذا الوقت لغير أهل الإسلام بهذه البلاد، فلو ذلت هذه الطائفة والعياذ بالله تعالى لكان المؤمنون بالحجاز من أذل الناس لا سيما وقد غلب فيهم الرفض، وملك هؤلاء التتار المحاربون لله ورسوله الآن مرفوضون فلو غلبوا لفسد الحجاز بالكلية. الفتاوى الكبرى لشيخ الاسلام

أبو حاتم محمد
24 - 02 - 2012, 01:04
قال النووي في شرح قوله: (أهل الغرب) المراد به ((من الأرض)) قال معاذ: هم بالشام وقيل هم أهل الشام وما وراء ذلك.
وحاصل ما تقدم من الأحاديث أن الحجاز واليمن والشام مراكز الإسلام وتبقى هذه البلاد مراكز له ما بقيت الدنيا ولا يزال نور الإيمان يتلألأ منها إلى يوم القيامة وينشر ضوئه إلى الآفاق وأطراف العالم والممالك الثلاثة وإن ذكرت في الأحاديث منفردة لكنها متحدة في الحقيقة وفي حكم البلد الواحد لتلاصقهم بعضها ببعض فمكة المكرمة داخلة في تهامة كما يظهر هذا من أسمائه صلى الله عليه وسلم أنه مكي تهامي وتهامة قطعة من اليمن يقال لها غور. قال النووي: إن مكة من تهامة وتهامة من يمن.
وقال في الفتح: وتهامة من الغور ومكة من تهامة.
وقال الأشرف إنما دعا لهما (أي للشام واليمن) بالبركة لأن مولده بمكة وهو باليمن والمدينة مسكنه ومدفنه وهي من الشام.
وقال رأس الأحناف في الهند الشيخ عبد الحق الدهلوي في اللمعات شرح المشكاة إنما خص الشام واليمن بالدعاء لأن مكة مولده وهي من اليمن، والمدينة مسكنه ومدفنه وهي الشام (باب ذكر اليمين والشام).
وقال القاري الحنفي. الحجاز أي مكة والمدينة وحواليها (مرقاة).
فظهر من هذا التفصيل ظهور الشمس عند الظهيرة أن الحجاز واليمن شيء واحد والتصقت حدود الحجاز بالشام من جهة أخرى فصار الجميع -اليمن والحجاز والشام- قطعة واحدة من البلاد العربية، فلما ثبت وحدتها ثبت أن البشارة والدعاء بالبركة التي جاءت ذكرهما في الأحاديث لكل واحدة من هذه البلاد الثلاثة منفردة ثابتتان للجميع على سبيل الاشتراك والاجتماع.
من كتاب أكمل البيان في شرح حديث النجد قرن الشيطان

خالد الشماسي
12 - 04 - 2012, 02:49
جزاك الله خير الجزاء

دائما انت مفيد

أبو حاتم محمد
15 - 04 - 2012, 20:02
الله يبارك فيك أخي خالد
وانتم المفيدون بحق