تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : عائض القرني يعتزل الدعوة لمدة شهر


ابن مشعب
13 - 12 - 2005, 00:00
يعتزل عائض القرني الدعوة لمدة شهر ويعتكف في بيته ويبين ذلك بقصيدة ينشرها عبر بعض الصحف

وفيما يلي نص القصيدة:




يا أرضَ بالقرن ما زلنا محبينا=

لا البعدُ ينسي ولا الأعذارُ تثنينا

فسائلي الغيمَ كم أسقى معاطفَنا=

وسائلي البرقَ كم أحيا مغانينا

لي فيكِ يا دوحةَ الأمجادِ ملحمةٌ=

محفورةٌ في كتابٍ من ليالينا

يوم الصبا كقميصِ الخزِ ألبسُه=

والروضُ اخضرُ مملوءٌ رياحينا

والرملُ لوحي وأقلامي غصونُ ندا=

والربعُ يمطرهُ القمريْ تلاحينا

يا ارضَ بالقرن لو فتشتِ في خَلَدي=

وجدتِ فيه أخاديدًا وتأبينا

جرحٌ من الحبِ يا بالقرن ما اندملتْ=

أطرافُهُ باتَ يُقصينا ويُدنينا

قد زرتُ بعدكِ يا بالقرن كلَّ حمى=

وطرتُ في الجو حتى جئتُ برلينا

فما رضيتُ سواكم في الهوى بدلاً=

لأنني عاشقٌ دنياك والدينا

رأيتُ باريسَ في جلبابِ راهبةٍ=

شمطاءَ قد بلغتْ في العمرِ سبعينا

وأنتِ في ريَعَان العمرِ زاهيةٌ=

في ميعةِ الحسن إشراقاً وتكوينا

أتيتُ واشنطنًا لا طاب مربعُها=

رأيتُ ساحتَها في الضيقِ سجِّينا

فلا نسيمَ كأرضي إذ يُصبِّحنا=

ولا ندى الطلِ في الوادي يمسِّينا

ارضُ السنابلِ لا ارضَ القنابلِ يا=

سِحْرَ الوجودِ ويا حرزَ المحبينا

يا روضةً طالما هزَّتْ معاطفَها=

كأنها بتباشيرٍ تحيينا

وربوةٍ كم درجنا في ملاعبها=

عهدُ الطفولة يزهو من أمانينا

والأربعون على خدي مروِّعةٌ=

يا ليت أني أهادي سنَّ عشرينا

والغبنُ يكتب في أضلاعنا خطبًا=

مدربُ القلف يعطينا تمارينا

يقتاتُ من لحمنا غصْبًا ويجلُدنا=

ويستقي دَمَنا زورًا ويظمينا

وإن نظَمْنا بيوتَ الشعرِ نمدحه=

يظل بالشَّعَر المفتولِ يلوينا

إذا اقترحنا على أيامنا طلبًا=

ذقنا المنايا التي تطوي أمانينا

آهٍ على قهوةٍ سمراءَ نشربُها=

في غرفةٍ من ضميمِ الطيِن تؤوينا

سِجادُها بحصيرِ النخلِ ننسجه=

وريشُها بنقي الصوفِ يدفينا

بعنا الهمومَ بدنيانا صيارفةً=

لسنا جباةً وما كنا مرابينا

لم ندّخِرْ قوتَنا بخلاً ليومِ غدٍ=

لكل يومٍ طعامٌ سوف يأتينا

ونملأُ الضيفَ ترحابًا لننسيَهُ=

ما غابَ من أهله عنه ويُنسينا

أمام غرفتِنا يجري الغديرُ على=

صوتِ الحمامِ بأبياتٍ يُغنينا

قلوبُ أصحابِنا طُهْرٌ وسيرتُهم=

مثلُ الزلالِ الذي في القيظِ يروينا

أيامَ لا كدلكٍ يعوي بحارتنا=

ولا البواري تدوّي في نوادينا

واليومَ أموالُنا باتتْ تؤرقُنا=

همًا وأولادُنا بالغمِّ تؤذينا

إذا رفعنا بآياتٍ عقيرتَنا=

قالوا: غلوٌ وهذا خالفَ الدينا

وإن همسنا بحبٍّ في مجالِسنا=

قالوا: يدبر أعمالاً لتردينا

وإن لبسنا بشوتًا عرَّضوا سفهًا=

بأننا نزدهي فيها مرائينا

وإن تقشَّف منا صادقٌ ورِعٌ=

قالوا: يخادِعُنا عمْدًا ويغوينا

إذا صمتنا اقضَّ الصمتُ مضجعَهم=

وإن نطقنا شربنا كأسَنا طينا

إذا أجبْنا على الجوالِ أمطَرَنا=

بالسبِّ مَنْ كان نغليه ويغلينا

وإن أبينا أتتنا من رسائله=

مثل السعيرِ على الرمضاء تشوينا

قلنا لهم هذه الأشياءُ حلَّلَها=

أبو حنيفة بل سُقنا البراهينا

قالوا: خرقتَ لنا الإجماعَ في شُبَهٍ=

مِن رأيِك الفجِّ بالنكراءِ تأتينا

وإن ضحكنا أضافونا بسخرية=

صفراءَ تملؤنا غبنًا وتذوينا

وإن بكينا لظلوا شامتين بنا=

كأنهم وحدَهُم صاروا موازينا

تفردوا بخطايانا وأشغلَهُم=

عن ذكرِ سُوئِهُمُ المُرْدي مساوينا

ويفرحون إذا زل النعال بنا=

ويهزؤون بمن يروي معالينا

ولا يرون سوى أغلاطِنا أبدًا=

فنقدُهُمْ صارَ في أهوائهم دينا

وشتْمُهُمْ هو محضُ النصحِ عندهمُ=

وردُّنا هو زورٌ من مغاوينا

لحومُهُم عندنا مسمومةٌ أبدًا=

ولحمُنا صارَ تحت النقدِ سردينا

فنحن عند الحداثيين قافلةٌ=

من الخوارج نقفو النهجَ تالينا

أما الغلاةُ فإنا عند شيخهمو=

لسنا ثقاتٍ وما كنا موامينا

ونحن في شرعِهِ خُنَّا عقيدتَنا=

من بائعين مبادينا وشارينا

حتى السياسي مرتابٌ ولو حلفتْ=

لنا ملائكةٌ جاءوا مزكينا

كم مولَعٍ بخلافي لو أقولُ له=

هذا النهارُ لقالَ الليلُ يضوينا

إذا طلبنا جليسًا لا يوافقُنا=

واديه ليس على قربٍ بوادينا

فتاجرٌ لاهثٌ ألهتْهُ ثروتُه=

عبدَ الدراهمِ قد عادى المساكينا

وجاهلٌ كافرٌ بالحرفِ ما بصُرَت=

عيناه سِفْرًا وما أمَّ الدواوينا

ومعْجَبٌ صَلِفٌ زاهٍ بمنصبه=

تواضعٌ منه فضلاً أن يماشينا

فالآن حلَّ لنا هجرُ الجميعِ وفي=

لزومِ منزِلِنا غُنْمٌ يواسينا

نصاحبُ الكُتُبَ الصفراءَ نلْثِمُها=

نشكو لها صخَبَ الدنيا فتشكينا

تضمُّنا من لهيبِ الهجرِ تمطِرُنا=

بالحبِّ تُضحِكُنا طورًا وتُبْكينا

ما في الخيامِ أخو وجدٍ نطارِحُه=

حديثَ نجدٍ ولا خلٌ يصافينا

فالزمْ فديتُك بيتًا أنتَ تسكُنُه=

واصمتْ فكلُّ البرايا أصبحوا عينا

شكرًا لكم أيها الأعداءُ فابتهجوا=

صارت عداوتُكُم تينًا وزيتونا

علَّمتمونا طِلابَ المجدِ فانطلقتْ=

بنا المطامحُ تهدينا وتعلينا

جزاكم اللهُ خيرًا إذْ بكم صلحت=

أخطاؤنا واستَفَقْنا من معاصينا

دلَلْتُمونا على زلاتِنا كرمًا=

وغيرُكُم بِسُكارِ المدحِ يُعمينا

فسامِحونا إذا سالتْ مدامعُنا=

من لذعِ أسياطِكُم كنتم مصيبينا

تجاوزوا عن زفيرٍ من جوانِحنا=

حلمًا على زفراتٍ في حواشينا

ثناءُ أحبابِنا قد عاقَ همتَنا=

ولومُ حسادِنا أذكى مواضينا

ماذا لقينا من الدنيا وعشرتِها=

عشاقُها نحنُ وهي الدهرَ تقلينا

على مصائبها ناحتْ مواجعُنا=

ومن نكائدِها ذابتْ مآقينا

تغتالُنا بدواهيها وتنحرُنا=

صارتْ مخالبُها فينا سكاكينا

والآن في البيتِ لا خِلٌّ نُسَرُّ به=

إلا الكتابُ يناجينا ويشجينا