منتديات سبيع الغلباء

منتديات سبيع الغلباء (https://www.sobe3.com/vb/index.php)
-   المنتدى الإسلامي (https://www.sobe3.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين (https://www.sobe3.com/vb/showthread.php?t=20085)

خيَّال الغلباء 12 - 03 - 2008 13:48

وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين
 
[B][size=4][align=center]بسم الله الرحمن الرحيم

اخواني الكرام / أعضاء ومتصفحي منتديات قبيلة سبيع بن عامر الغلباء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : لقد ندب الله عباده إلى العفو فقال : { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ } [ الأعراف : 199]. وقال تعالى : { وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } [ آل عمران : 134].

إن الرحمة في قلب العبد تجعله يعفو عمَّن أساء إليه أو ظلمه ، ولا يوقع به العقوبة عند القدرة عليه ، وإذا فعل العبد ذلك كان أهلاً لعفو الله عنه . يقول الله تعالى : { وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [ النور :22].

وقد نزلت هذه الآية عندما حلف أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه ألا ينفق على مِسْطَح رضي الله عنه وأرضاه لأنه من الذين اشتركوا في إشاعة خبر الإفك ، وقد كان الحلف عقوبة من الصديق لمسْطَح ، فأرشد الله إلى العفو بقوله : { وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا }.

ثم ألمح الله في آخر الآية إلى أن من يعفو عمَّن يسيء إليه فإن الله يعفو عنه : { أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ }.

وقد ورد عن الصديق رضي الله عنه وأرضاه أنه قال : " بلغنا أن الله تعالى يأمر مناديًا يوم القيامة فينادي : مَن كان له عند الله شيء فليقم ، فيقوم أهل العفو ، فيكافئهم الله بما كان من عفوهم عن الناس ".

الدعوة بالأخلاق الحميدة :

إن الإسلام يريد من أبنائه أن يكونوا دعاةً للإسلام بأخلاقهم الحميدة من أجل ذلك وجههم إلى العفو حتى عن الكافرين إن أساءوا على المستوى الشخصي : { قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } [ الجاثـية :14].

ولقد كان تعامل المسلمين بهذه الأخلاق السامية مع غير المسلمين سببًا لإسلام كثير منهم ، وأسوة المسلمين في هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فهذا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه يقول : " كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيًا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه ، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول : ( رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ) ".

إن تربية الإسلام لأبنائه على هذا المعنى العظيم السامي هي التي جعلت عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه يقول : " كل أمتي مني في حِلٍّ ".

ونفس المعنى نستشعره في كلمات ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه حين جلس في السوق يشتري طعامًا ، فلما أراد أن يدفع الدراهم وجدها قد سُرقت ، فجعل الناس يدعون على من أخذها ، فقال عبد الله بن مسعود : " اللهم إن كان حمله على أخذها حاجة فبارك له فيها ، وإن كان حملته جراءة على الذنب فاجعله آخر ذنوبه ".

العفو أولى :

وإذا كان الإسلام قد قرر حق المظلوم في معاقبة الظالم على السيئة بمثلها وفق مقتضى العدل ، فإن العفو والمغفرة من غير تشجيع على الظلم والتمادي فيه أكرم وأرحم . قال الله تعالى : { وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ * وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ } [ الشورى : 39 - 43].

فقوله تعالى : { وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ * وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا } يبرز حق المؤمنين في الانتصار لأنفسهم إذا أصابهم البغي ، ويضع لجامًا لهذا الانتصار للنفس وهو الحد الذي لا يجوز تجاوزه .

ثم يعرض الله مرتبة الإحسان مشجعًا عليها فيقول : { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ } ثم يتبع ذلك بإعلان حرمان الظالمين من محبة الله : { إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }. ثم يرجع النص فيعلن حق المظلومين في أن ينتصروا لأنفسهم ، ويعلن بشدة استحقاق الظالمين للعقاب في الدنيا ، وللعذاب الأليم في الآخرة فيقول : { وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }، ثم لا يدع النص مرتبة العدل هذه تتجه إليها الأنظار بالكلية ، بل يدفع مرة ثانية إلى مرتبة الإحسان بالصبر والمغفرة معلنًا أن ذلك من عزم الأمور : { وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ }.

وهكذا جاءت هذه الصفة في النص معروضة عرضًا متشابكًا متداخلاً ، فيه إبداع بياني عجيب ، يلاحظ فيه متابعة خلجات النفس ، باللمسات الرفيقة ، والتوجيهات الرقيقة ، مع مراعاة آلام المجني عليهم ، والنظر بعنف وشدة إلى البغاة الظالمين ، وإعلان أن من حق المجني عليهم أن ينتصروا لأنفسهم بالحق ، ثم العودة لدفعهم برفق إلى الصبر والمغفرة ، كل ذلك في ألوان دائرة بين العدل والإحسان .

ثم في آيات أخرى يبين القرآن ما لهؤلاء العافين عن الناس من الأجر : { وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } [ آل عمران : 133، 134].

العفو دليل كرم النفس :

إن الذي يجود بالعفو عبدٌ كرمت عليه نفسه ، وعلت همته وعظم حلمه وصبره ، قال معاوية رضي الله عنه وأرضاه : " عليكم بالحلم والإحتمال حتى تمكنكم الفرصة ، فإذا أمكنتكم فعليكم بالصفح والإفضال ".

ولما أُتي عبد الملك بن مروان بأسارى ابن الأشعث في وقت الفتنة قال عبد الملك لرجاء بن حيوة : ماذا ترى ؟ قال : إن الله تعالى قد أعطاك ما تحب من الظفر فأعط الله ما يحب من العفو ، فعفا عنهم .

إن العفو هو خلق الأقوياء الذين إذا قدروا وأمكنهم الله ممن أساء إليهم عفوا .

قال الإمام البخاري رحمه الله : باب الإنتصار من الظالم لقوله تعالى : { وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ } قال إبراهيم النخعي : كانوا يكرهون أن يستذلوا فإذا قدروا عفوا .

العفو يورث صاحبه العزة :

ولأن بعض الناس قد يزهد في العفو لظنه أنه يورثه الذلة والمهانة فقد أتى النص القاطع يبين أن العفو يرفع صاحبه ويكون سبب عزته . عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما نقصت صدقة من مال ، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًا ، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله " [ رواه مسلم ].

وأولى الناس بعفوك الضعفاء من الزوجات والأولاد والخدم ومن على شاكلتهم ، ولهذا لما بيَّن الله أن من الأزواج والأولاد من يكون فتنة قال : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [ التغابن:14].

فالإنسان من عادته أن يكون البادئ بالإحسان لزوجه وأولاده ، فإذا وجد فيهم إساءة آلمته جدًّا فلربما اشتد غضبه وصعب عليه أن يعفو ويصفح لأنه يعتبر إساءة الأهل حينئذ نوعًا من الجحود ونكران الجميل ، لهذا احتاج إلى توجيه إرشاد خاص إليه بأن يعفو ويصفح حتى يستحق من الله المغفرة والعفو والصفح .

أما الخدم ومَنْ على شاكلتهم فقد سئل عنهم النبي صلى الله عليه وسلم : كم نعفو عن الخادم ؟ فصمت ، ثم أعاد عليه الكلام فصمت ، فلما كان في الثالثة قال : " اعفوا عنه في كل يوم سبعين مرة " [ رواه أبو داود وصححه الألباني ]. فيا أخي :

إذا ما الذنب وافى باعتذار
= فقابله بعفو وابتسام

اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة ، والحمد لله رب العالمين . منقول بتصرف وأنتم سالمون وغانمون والسلام .[/align][/size][/B]

مطلق35 12 - 03 - 2008 14:00

رد : وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْس
 
الله يوفقك اخوووووووووي خيال موضوع في غاية الاهميه استمر الله يوفقك في اتحافنا بجديدك القيم .حفظك الله

محـمــد 12 - 03 - 2008 17:06

رد : وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْس
 
[color=#000000][align=center][size=4][font=Simplified Arabic]خيال الغلباء موضوع في غاية الأهميه لأن الأنسان قد يمر في حياته اليومية
الى مايثيره ويغيظه فاذا ذكر الآيه احتسب الأجر وطابت نفسه
جزاك الله خير [/font][/size][/align][/color]

خيَّال الغلباء 12 - 03 - 2008 19:34

رد : وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْس
 
[B][size=4][align=center]أخي الكريم / مطلق السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : شكرا جزيلا لك على مرورك الكريم والله يعافيك ويبارك فيك هذا وتقبل فائق شكري وامتناني مقرونا بجزيل محبتي واحترامي مع أطيب الأمنيات واسلم وسلم والسلام .[/align][/size][/B]

خيَّال الغلباء 12 - 03 - 2008 22:20

رد : وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْس
 
[B][size=4][align=center]أخي الكريم / محمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : شكرا جزيلا لك على مرورك الكريم بالكاضمين الغيظ وقد روي أن مصعب بن الزبير أمر بقتل رجل فقال الرجل : ما أقبح أن أقوم من مقامي فأنظر الى صورتك هذه الحسنة ووجهك الذي يستضاء به فأتعلق بك وأقول أي رب سل مصعبا لم قتلني فأطرق مصعب هنيهه , وقال أطلقو سراحه فلما أطلقوه قال الرجل : أيها الأمير أجعل ما وهبت من حياتي في خفض عيش قال مصعب : قد أمرت لك بمائة ألف درهم . والله يعافيك ويبارك فيك هذا وتقبل فائق شكري وامتناني مقرونا بجزيل محبتي واحترامي مع أطيب الأمنيات واسلم وسلم والسلام .[/align][/size][/B]

جعد الوبر 22 - 07 - 2008 00:59

رد : وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْس
 
[QUOTE=خيال الغلباء;139583][B][size=4][align=center]بسم الله الرحمن الرحيم

اخواني الكرام / أعضاء ومتصفحي منتديات قبيلة سبيع بن عامر الغلباء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : لقد ندب الله عباده إلى العفو فقال : { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ } [ الأعراف : 199]. وقال تعالى : { وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } [ آل عمران : 134].

إن الرحمة في قلب العبد تجعله يعفو عمَّن أساء إليه أو ظلمه ، ولا يوقع به العقوبة عند القدرة عليه ، وإذا فعل العبد ذلك كان أهلاً لعفو الله عنه . يقول الله تعالى : { وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [ النور :22].

وقد نزلت هذه الآية عندما حلف أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه ألا ينفق على مِسْطَح رضي الله عنه وأرضاه لأنه من الذين اشتركوا في إشاعة خبر الإفك ، وقد كان الحلف عقوبة من الصديق لمسْطَح ، فأرشد الله إلى العفو بقوله : { وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا }.

ثم ألمح الله في آخر الآية إلى أن من يعفو عمَّن يسيء إليه فإن الله يعفو عنه : { أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ }.

وقد ورد عن الصديق رضي الله عنه وأرضاه أنه قال : " بلغنا أن الله تعالى يأمر مناديًا يوم القيامة فينادي : مَن كان له عند الله شيء فليقم ، فيقوم أهل العفو ، فيكافئهم الله بما كان من عفوهم عن الناس ".

الدعوة بالأخلاق الحميدة :

إن الإسلام يريد من أبنائه أن يكونوا دعاةً للإسلام بأخلاقهم الحميدة من أجل ذلك وجههم إلى العفو حتى عن الكافرين إن أساءوا على المستوى الشخصي : { قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } [ الجاثـية :14].

ولقد كان تعامل المسلمين بهذه الأخلاق السامية مع غير المسلمين سببًا لإسلام كثير منهم ، وأسوة المسلمين في هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فهذا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه يقول : " كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيًا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه ، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول : ( رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ) ".

إن تربية الإسلام لأبنائه على هذا المعنى العظيم السامي هي التي جعلت عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه يقول : " كل أمتي مني في حِلٍّ ".

ونفس المعنى نستشعره في كلمات ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه حين جلس في السوق يشتري طعامًا ، فلما أراد أن يدفع الدراهم وجدها قد سُرقت ، فجعل الناس يدعون على من أخذها ، فقال عبد الله بن مسعود : " اللهم إن كان حمله على أخذها حاجة فبارك له فيها ، وإن كان حملته جراءة على الذنب فاجعله آخر ذنوبه ".

العفو أولى :

وإذا كان الإسلام قد قرر حق المظلوم في معاقبة الظالم على السيئة بمثلها وفق مقتضى العدل ، فإن العفو والمغفرة من غير تشجيع على الظلم والتمادي فيه أكرم وأرحم . قال الله تعالى : { وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ * وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ } [ الشورى : 39 - 43].

فقوله تعالى : { وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ * وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا } يبرز حق المؤمنين في الانتصار لأنفسهم إذا أصابهم البغي ، ويضع لجامًا لهذا الانتصار للنفس وهو الحد الذي لا يجوز تجاوزه .

ثم يعرض الله مرتبة الإحسان مشجعًا عليها فيقول : { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ } ثم يتبع ذلك بإعلان حرمان الظالمين من محبة الله : { إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }. ثم يرجع النص فيعلن حق المظلومين في أن ينتصروا لأنفسهم ، ويعلن بشدة استحقاق الظالمين للعقاب في الدنيا ، وللعذاب الأليم في الآخرة فيقول : { وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }، ثم لا يدع النص مرتبة العدل هذه تتجه إليها الأنظار بالكلية ، بل يدفع مرة ثانية إلى مرتبة الإحسان بالصبر والمغفرة معلنًا أن ذلك من عزم الأمور : { وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ }.

وهكذا جاءت هذه الصفة في النص معروضة عرضًا متشابكًا متداخلاً ، فيه إبداع بياني عجيب ، يلاحظ فيه متابعة خلجات النفس ، باللمسات الرفيقة ، والتوجيهات الرقيقة ، مع مراعاة آلام المجني عليهم ، والنظر بعنف وشدة إلى البغاة الظالمين ، وإعلان أن من حق المجني عليهم أن ينتصروا لأنفسهم بالحق ، ثم العودة لدفعهم برفق إلى الصبر والمغفرة ، كل ذلك في ألوان دائرة بين العدل والإحسان .

ثم في آيات أخرى يبين القرآن ما لهؤلاء العافين عن الناس من الأجر : { وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } [ آل عمران : 133، 134].

العفو دليل كرم النفس :

إن الذي يجود بالعفو عبدٌ كرمت عليه نفسه ، وعلت همته وعظم حلمه وصبره ، قال معاوية رضي الله عنه وأرضاه : " عليكم بالحلم والإحتمال حتى تمكنكم الفرصة ، فإذا أمكنتكم فعليكم بالصفح والإفضال ".

ولما أُتي عبد الملك بن مروان بأسارى ابن الأشعث في وقت الفتنة قال عبد الملك لرجاء بن حيوة : ماذا ترى ؟ قال : إن الله تعالى قد أعطاك ما تحب من الظفر فأعط الله ما يحب من العفو ، فعفا عنهم .

إن العفو هو خلق الأقوياء الذين إذا قدروا وأمكنهم الله ممن أساء إليهم عفوا .

قال الإمام البخاري رحمه الله : باب الإنتصار من الظالم لقوله تعالى : { وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ } قال إبراهيم النخعي : كانوا يكرهون أن يستذلوا فإذا قدروا عفوا .

العفو يورث صاحبه العزة :

ولأن بعض الناس قد يزهد في العفو لظنه أنه يورثه الذلة والمهانة فقد أتى النص القاطع يبين أن العفو يرفع صاحبه ويكون سبب عزته . عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما نقصت صدقة من مال ، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًا ، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله " [ رواه مسلم ].

وأولى الناس بعفوك الضعفاء من الزوجات والأولاد والخدم ومن على شاكلتهم ، ولهذا لما بيَّن الله أن من الأزواج والأولاد من يكون فتنة قال : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [ التغابن:14].

فالإنسان من عادته أن يكون البادئ بالإحسان لزوجه وأولاده ، فإذا وجد فيهم إساءة آلمته جدًّا فلربما اشتد غضبه وصعب عليه أن يعفو ويصفح لأنه يعتبر إساءة الأهل حينئذ نوعًا من الجحود ونكران الجميل ، لهذا احتاج إلى توجيه إرشاد خاص إليه بأن يعفو ويصفح حتى يستحق من الله المغفرة والعفو والصفح .

أما الخدم ومَنْ على شاكلتهم فقد سئل عنهم النبي صلى الله عليه وسلم : كم نعفو عن الخادم ؟ فصمت ، ثم أعاد عليه الكلام فصمت ، فلما كان في الثالثة قال : " اعفوا عنه في كل يوم سبعين مرة " [ رواه أبو داود وصححه الألباني ]. فيا أخي :

إذا ما الذنب وافى باعتذار
= فقابله بعفو وابتسام

اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة ، والحمد لله رب العالمين . منقول بتصرف وأنتم سالمون وغانمون والسلام .[/align][/size][/B][/QUOTE][QUOTE=خيال الغلباء;139650][B][size=4][align=center]أخي الكريم / محمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : شكرا جزيلا لك على مرورك الكريم بالكاضمين الغيظ وقد روي أن مصعب بن الزبير أمر بقتل رجل فقال الرجل : ما أقبح أن أقوم من مقامي فأنظر الى صورتك هذه الحسنة ووجهك الذي يستضاء به فأتعلق بك وأقول أي رب سل مصعبا لم قتلني فأطرق مصعب هنيهه , وقال أطلقو سراحه فلما أطلقوه قال الرجل : أيها الأمير أجعل ما وهبت من حياتي في خفض عيش قال مصعب : قد أمرت لك بمائة ألف درهم . والله يعافيك ويبارك فيك هذا وتقبل فائق شكري وامتناني مقرونا بجزيل محبتي واحترامي مع أطيب الأمنيات واسلم وسلم والسلام .[/align][/size][/B][/QUOTE]

[B][size=9][align=center]خيال الغلباء جزاك الله خيرا .[/align][/size][/B]

خيَّال الغلباء 22 - 07 - 2008 09:25

رد : وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْس
 
[size=5][align=center]أخي الكريم / جعد الوبر السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : شكرا جزيلا لك على مرورك الكريم بالكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يعافيك ويبارك فيك ويجزاك خيرا هذا وتقبل فائق شكري وامتناني مقرونا بجزيل محبتي واحترامي مع خالص التحية وأطيب الأمنيات واسلم وسلم والسلام .[/align][/size]

س ب ع 777 26 - 07 - 2008 06:38

رد : وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْس
 
[size=7][align=center]بارك الله فيك وبيض الله وجهك[/align][/size]

خيَّال الغلباء 26 - 07 - 2008 15:03

رد : وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْس
 
[size=5][align=center]أخي الكريم / سبع السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : شكرا جزيلا لك على مرورك الكريم بالكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يعافيك ويبارك فيك ويجزاك خيرا هذا وتقبل فائق شكري وامتناني مقرونا بجزيل محبتي واحترامي مع خالص التحية وأطيب الأمنيات واسلم وسلم والسلام .[/align][/size]

سهيل 26 - 07 - 2008 16:48

رد : وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْس
 
[align=center]بارك الله فيك يأخي

وجزاك الله عنا خيراُ

وسدد خطاك لماتحب وترضى.

وجعله في موازين حسناتك

وجعلنا الله وياك من الذين يكظمون الغيظ ويعفون عن الناس[/align]


الساعة الآن 11:54.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. www.sobe3.com
جميع المشاركات تعبر عن وجهة كاتبها ،، ولا تتحمل ادارة شبكة سبيع الغلباء أدنى مسئولية تجاهها