![]() |
وا أماه ( نزف قلم : محمد سنجر )
صعدت الجسر رغما عني ،
خوف سيطر على أوصالي ، تذكرت ما قالوه لي عن خطر السقوط نتيجة التدافع فوق الجسر ، وجدتني أسير غصبا عني وسط الجموع ، تتدافع أمواج الآلاف من البشر من خلفي ، مجرد التفكير في التوقف درب من دروب الخيال ، أحسست و كأنني محمولا ، قدماي بالكاد تلامس الأرض ، أنقلهما بسرعة مخافة اعتراض هذه الحركة التوافقية للجموع من ورائي ، فجأة علق نعلي ، عندها سقط قلبي بين أقدامي ، تذكرت لحظتها نصيحة أخي الأكبر ، إذا حدث هذا لا قدر الله فانزع قدمك بسرعة و إلا وقعت أرضا ، و ساعتها قل على نفسك يا رحمن يا رحيم ، أفلت قدمي كالصاروخ من بين فكي الموت ، نجوت بحمد الله من الكارثة حافيا ، حاولت السيطرة على نفسي و التماسك مرة أخرى ، عندما اقتربنا من منتصف الجسر ازداد التدافع قوة ، وجدت الناس تتقاتل للهرب بعيدا عن حافة الجسر مخافة التردي ، كلما لفظ التدافع أحدهم ناحية أسوار الجسر يستميت للهرب من مجرد تخيل السقوط ، عدوى هلع استشرت بين الجموع ، حاولت جاهدا التخفيف من روعهم ، حاولت تذكيرهم بهذه الروحانيات التي تعبق المكان من حولنا ، حاولت تذكيرهم بنبي الرحمة ( صلى الله عليه و سلم ) ، حاولت تذكيرهم بوصيته بتوادهم و تراحمهم ، حاولت و حاولت و لا حياة لمن تنادي ، ازداد التدافع شراسة ، فجأة وجدتني مدفوعا تجاه هوة بين الناس ، فراغ من البشر يحاول الجميع الهرب بعيدا عنه ، تخيلت للوهلة الأولى أنه ناتج عن حجر أو صندوق تحكم كهربي يعترض الطريق ، أو ربما هوة حدثت بالجسر ، فجأة بدأت الغشاوة تزول أمام عيني ، يا للهول ، امرأة ؟؟؟؟؟ لا لا لا غير معقول ، إنما هو كابوس ، نعم كابوس ، تضرعت إلى الله أن يكون كابوسا ، لا حول و لا قوة إلا بالله ، هل هي حقيقة ؟ امرأة سقطت بين الأقدام ؟ يبدو أنها بالفعل حقيقة ، نعم أرى امرأة هناك ، فركت عيني جيدا ، و الله إنها الحقيقة المخزية ، امرأة في عقدها السابع سقطت تدوسها الأقدام ، يا للهول ، وجدت المسكينة ممددة أرضا ، عبثا تحاول النهوض و لا فائدة ، حاولت إحداهن مساعدتها ، و بمجرد أن انحنت تحاول ايقافها ، فإذا بالجموع من خلفها يدفعونها رغما عنهم ، و إذا بالمسكينة هي الأخرى تسقط بين الأقدام ، صرخت بأعلى صوتي ) : يا عالم حرام عليكم ، أرجوكم لا تتدافعوا . ( و لا حياة لمن تنادي ) : هناك أناس يموتون نتيجة هذا التدافع ، أرجوكم ، يا عالم ، يا هــــــــــــــــــو . ( ضاعت صرخاتي أدراج الرياح ) : أستحلفكم بالله ، استحلفكم باللطيف الحليم ، أستحلفكم بالرحمن الرحيم . ( حاولت جاهدا الابتعاد عنهما ، حاولت و حاولت و لا فائدة ) : من لا يرحم لا يرحم ، الراحمون يرحمهم الرحمن . ( وجدتني مشدودا إليهما رغما عني ) : ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء . ( وجدت عينيها بعيني ، وجدتهما عينا أمي عليها رحمة الله ، أخذت تستعطفني ، تصرخ من خلال نظراتها ) ـ أنقذني يا بني . ( فاضت الدموع من عيني ، أغرقت الكون من حولي ) ـ صدقيني لا أستطيع يا أمي ، و الله الذي لا إله إلا هو لا أستطيع ، لا أستطيـــــــــــــــــــــــــــــــع ، إنما تدفعني الجموع من خلفي رغما عني . ـ أرجوك يا بني ، بالله عليك ، استحلفك بالله . ـ يا أمي لو حاولت ـ مجرد المحاولة ـ لسقطت كهذه المسكينة بجوارك . ـ حاول يا بني ، بالله عليك . ـ و الله لا أستطيع يا أمي ، لا أستطيع ، ( أخذت المسكينة تصرخ و تصرخ تحاول النهوض و لا فائدة ، وجدتهما تختفيان تحت الأقدام ، حاولت أن أهرب بعيني من نظراتهما ، دفعتني الجموع تجاههما ، حاولت و حاولت و لا فائدة ، أحسست بأقدامهن الرخوة تحت أقدامي ، أخذت أبكي و أصرخ ) : سامحيني يا أمااااااااااااه ، اعذريني يا أماااااااااااااااااااااااااااه ، أرجوك سامحيني يااااااااااااااااااا أمي . ( صم أذني صوت تكسر عظامهما الهشة تحت أقدامي الحافية القذرة ، دارت الدنيا من حولي ، كلما حاولت تذكر ما حدث بعدها ، ترتد أبواب الذاكرة ، تعتصرني بين مصراعيها بقوة ، أجدني أجهش بالبكاء حتى أفقد الوعي ثانية ) |
رد : وا أماه ( نزف قلم : محمد سنجر )
[size=7][align=center]مشكور وما قصرت والله لا يهينك[/align][/size]
|
رد : وا أماه ( نزف قلم : محمد سنجر )
[QUOTE=حزم الجلاميد;215350][size=7][align=center]مشكور وما قصرت والله لا يهينك[/align][/size][/QUOTE]
بارك الله فيك و لك حزم الجلاميد |
الساعة الآن 05:04. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. www.sobe3.com
جميع المشاركات تعبر عن وجهة كاتبها ،، ولا تتحمل ادارة شبكة سبيع الغلباء أدنى مسئولية تجاهها