منتديات سبيع الغلباء - السيول والأمطار دروس وعبر

[RIGHT][FONT=arial][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]الحمدُ لله الذي صبَّ الماء صبًّا، وشقَّ الأرض شقًّا، وأنبتَ فيها حبًّا وعنبًا وقضبًا، وزيتونًا ونخلاً، وحدائقَ غُلْبًا، وفاكهة وأبًّا، متاعًا لكم ولأنعامكم.[/COLOR][/FONT][/SIZE][/FONT][/RIGHT]
[FONT=arial]

[COLOR=blue][SIZE=5][FONT=arial]أحمده سبحانه، جعل في الماء وما ينبت بعده للحياةِ وحقيقتِها مثلاً؛ {[/FONT][FONT=traditional arabic]وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ[/FONT][/SIZE]
[/COLOR][/FONT][RIGHT][FONT=arial][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]} [الكهف: 45].[/COLOR][/FONT][/SIZE][/FONT][FONT=arial]
[RIGHT][SIZE=5][FONT=arial][COLOR=blue]وأشهدُ أن لا إله إلا الله، جعَل من الماءِ كلَّ شيء حيٍّ، وأشهدُ أنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه.[/COLOR][/FONT][/SIZE]

[SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]أمَّا بعدُ:[/COLOR][/FONT][/SIZE][/RIGHT]
[/FONT][RIGHT]
[FONT=traditional arabic][FONT=arial][SIZE=5][COLOR=blue]فاتَّقوا اللهَ - عباد الله - حقَّ التَّقْوى.[/COLOR][/SIZE][/FONT][/FONT][/RIGHT]
[FONT=traditional arabic]

[/FONT][RIGHT][COLOR=blue][FONT=traditional arabic][FONT=arial][SIZE=5]معاشرَ المؤمنين:[/SIZE][/FONT][/FONT]
[FONT=traditional arabic][FONT=arial][SIZE=5]تعيشُ بلادُنا أجواءً ممطرةً وسحبًا غائمة، ورعودًا وبروقًا لامعة، وأوْدية جارية وسدودًا ممتلئةً، ونفوسًا - برحمة الله، عزَّ وجلَّ، وخيرِه - مُستبشِرة فرحة؛ {[/SIZE][/FONT][/FONT][FONT=traditional arabic][FONT=arial][SIZE=5]وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الوَلِيُّ الحَمِيدُ[/SIZE][/FONT][/FONT][FONT=arial][SIZE=5][FONT=traditional arabic]} [الشورى: 28].[/FONT][/SIZE][/FONT][/COLOR][/RIGHT]
[FONT=arial]

[RIGHT][SIZE=5][COLOR=blue][FONT=arial]من أجْملِ لحظات عيْش الإنسان في الدُّنيا: لحظاتُ نُزول المطَر، بل لا تكادُ توجد صورةٌ في الدُّنيا أجمل من نُزول الغيث من السَّماء، لاسيَّما مع حاجة النَّاس والحيوان والأرْض إلى الماء؛ وصدَق اللهُ العظيمُ إذ يقول: {اللَّهُ [/FONT][FONT=traditional arabic]الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ [/FONT][FONT=traditional arabic]*[/FONT][FONT=traditional arabic] وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ[/FONT][/COLOR][/SIZE][/RIGHT]
[/FONT][/RIGHT]
[FONT=arial]
[/FONT][RIGHT][FONT=arial][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]} [الروم: 48، 49].[/COLOR][/FONT][/SIZE][/FONT][FONT=arial]

[RIGHT][SIZE=5][FONT=arial][COLOR=blue]نسألُ الله أن يَجعَلَها سُقْيا رحمةٍ لا سُقْيا عذاب، ولا بلاءٍ، ولا هدم، ولا غرق، وأن يعمَّ بنفْعِها وبركتها البلادَ والعباد.[/COLOR][/FONT][/SIZE]

[SIZE=5][FONT=arial][COLOR=blue]ولعلِّي في هذه الجُمعة المباركة أتحدَّثُ عن المطَر، وشيءٍ من حِكَمِه وأحكامه، فهُناك آدابٌ وأحكام كثيرةٌ تتعلَّق بِهذه المظاهر، يَجهَلُها البعضُ ويتغافل عنها البعْض الآخر.[/COLOR][/FONT][/SIZE]

[SIZE=5][COLOR=blue][FONT=arial]الماء آيةٌ من آيات الله، ودليلٌ من دلائل قدرتِه الباهرة؛ {[/FONT][FONT=traditional arabic]وَجَعَلْنَا مِنَ المَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ[/FONT][/COLOR][/SIZE][/RIGHT]
[/FONT][/RIGHT]
[FONT=arial]
[/FONT][RIGHT][FONT=arial][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]} [الأنبياء: 30].[/COLOR][/FONT][/SIZE][/FONT][FONT=arial]

[RIGHT][SIZE=5][COLOR=blue][FONT=arial]الماء نعمةٌ من الله جليلة، وهبةٌ من الخالق جميلة؛ {[/FONT][FONT=traditional arabic]أَفَرَأَيْتُمُ المَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ المُزْنِ أَمْ نَحْنُ المُنزِلُونَ[/FONT][/COLOR][/SIZE][/RIGHT]
[/FONT][/RIGHT]
[FONT=arial]
[/FONT][RIGHT][FONT=arial][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]} [الواقعة: 68، 69].[/COLOR][/FONT][/SIZE][/FONT][FONT=arial]

[RIGHT][SIZE=5][COLOR=blue][FONT=arial]الماء أغْلى مفقودٍ، وأرْخصُ موجود، إذا عدم أو غار أو عجز الخلْق عن طلَبِه، فقدَتِ الأرْضُ نضارَتَها، وعدمتْ ثِمارَها، وهلكتْ ماشيتُها، وأصبح لونُها شاحبًا: {[/FONT][FONT=traditional arabic]كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ[/FONT][FONT=traditional arabic]} [يونس: 24]، فإذا عاد إليها اهتزَّت وربتْ وأنبتت من كلِّ زوْجٍ بهيج؛ {[/FONT][FONT=traditional arabic]إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي المُوتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[/FONT][FONT=traditional arabic] [فصلت: 39]، ويقول الحقُّ تبارك وتعالى: {[/FONT][FONT=traditional arabic]قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاءٍ مَّعِينٍ[/FONT][/COLOR][/SIZE][/RIGHT]
[/FONT][/RIGHT]
[FONT=arial]
[/FONT][RIGHT][FONT=arial][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]} [الملك: 30].[/COLOR][/FONT][/SIZE][/FONT][FONT=arial]

[RIGHT][SIZE=5][COLOR=blue][FONT=arial]الماء إن زادَ عن حدِّه وقدرِه هلكتِ الخليقةُ، ولكنَّ الله ينزِّل بقدَرٍ ما يشاء؛ {[/FONT][FONT=traditional arabic]وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ[/FONT][/COLOR][/SIZE][/RIGHT]
[/FONT][/RIGHT]
[FONT=arial]
[/FONT][RIGHT][FONT=arial][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]} [الحجر: 21].[/COLOR][/FONT][/SIZE][/FONT][FONT=arial]

[RIGHT][SIZE=5][COLOR=blue][FONT=arial]الماء جعله الحيُّ الرزَّاق للأرض حياةً، ولعبادِه بركةً ورحْمة، وللأنْعام رِزْقًا؛ {[/FONT][FONT=traditional arabic]وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكاً فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الحَصِيدِ[/FONT][FONT=traditional arabic]} [ق: 9]، {[/FONT][FONT=traditional arabic]أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ المَاءَ إِلَى الأَرْضِ الجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلاَ يُبْصِرُونَ[/FONT][/COLOR][/SIZE][/RIGHT]
[/FONT][/RIGHT]
[FONT=arial]
[/FONT][RIGHT][FONT=arial][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]} [السجدة: 27].[/COLOR][/FONT][/SIZE][/FONT][FONT=arial]

[RIGHT][SIZE=5][FONT=arial][COLOR=blue]الماء خَلْقُه عجيب، ونبؤُه غريب، صوَّره ربُّه بلا لون، وأوجدَه بِلا طعم، وأنزله بِلا رائحة، خفيف الرُّوح بَهي الطَّلعة، لطيفٌ رقراقٌ يُخالِط الجوف، وسهلٌ لينٌ يُحمل في الآنِية والأسْقِية، عنيدٌ مهْلِك يطغى على الأوْدِية، ويبلغ الجبال فيغرق من تحتَه ويهدِمُ ما أمامه.[/COLOR][/FONT][/SIZE]

[SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]أيُّها المسلمون:[/COLOR][/FONT][/SIZE][/RIGHT]
[/FONT][RIGHT]
[COLOR=blue][FONT=traditional arabic][FONT=arial][SIZE=5]كثيرةٌ هي آياتُ القُرآن تَسْرُد ذكر الماءِ وثَمراتِه وبركاتِه فيما يزيد على ستينَ موضعًا، تحفل بالصورِ والمشاهدِ الدَّالَّة على كونِه نعمةً ورحمةً من الله تعالى، ليس هذا فحسْب بل ونقمةً وعذابًا وبلاءً على الظَّالمين والكافرين والجاحدين، نعَم - عباد الله - فهذِه النَّسمات اللَّطيفة والقطَرات الصَّغيرة التي يُتَنَعَّم بها، قد تكون سيْلاً هادِرًا مُهْلكًا؛ {[/SIZE][/FONT][/FONT][FONT=arial][SIZE=5][FONT=traditional arabic]فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ [/FONT][FONT=traditional arabic]*[/FONT][FONT=traditional arabic] تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لاَ يُرَى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي القَوْمَ المُجْرِمِينَ[/FONT][/SIZE][/FONT][FONT=arial][SIZE=5][FONT=traditional arabic]} [الأحقاف: 24، 25].[/FONT][/SIZE][/FONT][/COLOR][/RIGHT]
[FONT=arial]

[RIGHT][SIZE=5][COLOR=blue][FONT=arial]عبادَ الله، إنَّ الماء جنديٌّ من جُنود الله، وسجَّل له القُرآنُ عمليَّات كبيرة، قامَ بِها ضدَّ مَن خالفَ أمْر الله، واستكبَر في الأرض، فكان نقمةً تُحدِث الكوارث والموتَ، فأصبحتْ كوارث ومصائب لا تُنْسى أبدَ الدَّهْر؛ {[/FONT][FONT=traditional arabic]وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى القَرْيَةِ الَتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لاَ يَرْجُونَ نُشُوراً[/FONT][FONT=traditional arabic]} [الفرقان: 40]، {[/FONT][FONT=traditional arabic]وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَسَاءَ مَطَرُ المُنذَرِينَ[/FONT][/COLOR][/SIZE][/RIGHT]
[/FONT][/RIGHT]
[FONT=arial]
[/FONT][RIGHT][FONT=arial][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]} [الشعراء: 173].[/COLOR][/FONT][/SIZE][/FONT][FONT=arial]

[RIGHT][SIZE=5][COLOR=blue][FONT=arial]لقدْ أغرقَ الله - جلَّ وعلا - بِهذا المطر أقوامًا تمرَّدُوا على شرْع الله، وفسَقوا وظلَموا، فكان عاقبتهم أن سلَّط الله عليْهِم هذا الجنديَّ، فأغرقَهُم ومزَّقهم كلَّ ممزَّق؛ {[/FONT][FONT=traditional arabic]كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ [/FONT][FONT=traditional arabic]*[/FONT][FONT=traditional arabic] فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ [/FONT][FONT=traditional arabic]*[/FONT][FONT=traditional arabic] فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ [/FONT][FONT=traditional arabic]*[/FONT][FONT=traditional arabic] وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى المَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ [/FONT][FONT=traditional arabic]*[/FONT][FONT=traditional arabic] وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ [/FONT][FONT=traditional arabic]*[/FONT][FONT=traditional arabic] تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ [/FONT][FONT=traditional arabic]*[/FONT][FONT=traditional arabic] وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ [/FONT][FONT=traditional arabic]*[/FONT][FONT=traditional arabic] فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ[/FONT][/COLOR][/SIZE][/RIGHT]
[/FONT][/RIGHT]
[FONT=arial]
[/FONT][RIGHT][FONT=arial][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]} [القمر: 9-16].[/COLOR][/FONT][/SIZE][/FONT][FONT=arial]

[RIGHT][SIZE=5][COLOR=blue][FONT=arial]إنَّه الماء الذي طغَى ليُهْلِك كلَّ طاغيةٍ، فأغرق فِرعون وأذلَّه، وأخذه وجيْشَه؛ {[/FONT][FONT=traditional arabic]فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي اليَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ[/FONT][FONT=traditional arabic]} [الذاريات: 40]، {[/FONT][FONT=traditional arabic]فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى[/FONT][FONT=traditional arabic]} [النازعات: 25]، شتَّت ملكَه وأبْقى أثَرَه؛ {[/FONT][FONT=traditional arabic]فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً[/FONT][/COLOR][/SIZE][/RIGHT]
[/FONT][/RIGHT]
[FONT=arial]
[/FONT][RIGHT][FONT=arial][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]} [يونس: 92].[/COLOR][/FONT][/SIZE][/FONT][FONT=arial]

[RIGHT][SIZE=5][COLOR=blue][FONT=arial]إنَّه الماء والسيل العرِم، الذي جاء لقوم سبأ فكانوا للنَّاس في العبرة أحاديثَ، ومزَّقهم الله كلَّ ممزَّق؛ {[/FONT][FONT=traditional arabic]لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ [/FONT][FONT=traditional arabic]* [/FONT][FONT=traditional arabic]فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ[/FONT][/COLOR][/SIZE][/RIGHT]
[/FONT][/RIGHT]
[FONT=arial]
[/FONT][RIGHT][FONT=arial][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]} [سبأ: 15، 16].[/COLOR][/FONT][/SIZE][/FONT][FONT=arial]

[RIGHT][SIZE=5][COLOR=blue][FONT=arial]إنَّه الماء والمطر الذي وقف في صفِّ الجيوشِ المسلمة، كما حصل في غزوة بدْرٍ؛ {[/FONT][FONT=traditional arabic]إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ[/FONT][/COLOR][/SIZE][/RIGHT]
[/FONT][/RIGHT]
[FONT=arial]
[/FONT][RIGHT][FONT=arial][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]} [الأنفال: 11].[/COLOR][/FONT][/SIZE][/FONT][FONT=arial]

[RIGHT][SIZE=5][FONT=arial][COLOR=blue]إنَّ هطول الأمْطار ونزولَ الماء رحمةٌ من والله، وبركةٌ على خلقه، وربَّما يكون عقابًا وعذابًا لآخَرين، ولعلَّ هذا السرُّ في أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم – كان إذا رأى غيمًا أو ريحًا تغيَّر لونُه، وعُرِفَ ذلك في وجهِه، فقالت له عائشة - رضي الله عنها -: الناسُ إذا رأَوُا الغيم فرِحوا رجاءَ أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيتَه عرفت في وجهك الكراهية! فقال: ((يا عائشة، ما يؤمنني أن يكونَ فيه عذاب! قد عُذِّب قومٌ بالريح، وقد رأى قومٌ العذاب فقالوا: هذا عارض مُمطِرنا))؛ رواه البخاري ومسلم.[/COLOR][/FONT][/SIZE]

[SIZE=5][FONT=arial][COLOR=blue]وعن عطاء بن أبي رباح، عن عائشة زوْج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّها قالت: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا عصفتِ الريح قال: ((اللَّهمَّ إنِّي أسألُك خيرَها، وخيرَ ما فيها، وخيرَ ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرِّها، وشرِّ ما فيها، وشرِّ ما أرسِلت به))، قالت: وإذا تخيلت السماء - يعني تغيَّمت وتهيأت للمطر - تغيَّر لونُه، وخرج ودخل وأقبل وأدبر، فإذا مطرت سُرِّيَ عنْه، فعرفتُ ذلك في وجْهه، قالتْ عائشة: فسألتُه فقال: ((لعله - يا عائشة - كما قال قومُ عاد: فلمَّا رأوْهُ عارضًا مستقْبِل أوديتِهم قالوا هذا عارضٌ مُمْطِرنا))؛ رواه مسلم.[/COLOR][/FONT][/SIZE]

[SIZE=5][FONT=arial][COLOR=blue]هكذا كان سيدُ الخلق وأعرفُ الخلق بالله، فما بالُنا نحن نغفل عن هذا؟! وكأنَّنا بمأمن من أن يُصيبنا العذاب بالرِّيح أو بالمطر، أو البرد أو الزلازِل، أو غيْرها.[/COLOR][/FONT][/SIZE]

[SIZE=5][COLOR=blue][FONT=arial]المطر عِلْمُ وقْتِ نُزوله بِيَد الله؛ {[/FONT][FONT=traditional arabic]قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ[/FONT][FONT=traditional arabic]} [النمل: 65]، قال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مفاتيح الغيْبِ خَمسٌ))، ثُمَّ قرأ: {[/FONT][FONT=traditional arabic]إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ[/FONT][FONT=traditional arabic]} [لقمان: 34]؛ رواه البخاري، {[/FONT][FONT=traditional arabic]وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ[/FONT][/COLOR][/SIZE][/RIGHT]
[/FONT][/RIGHT]
[FONT=arial]
[/FONT][RIGHT][FONT=arial][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]} [الأنعام: 59].[/COLOR][/FONT][/SIZE][/FONT][FONT=arial]

[RIGHT][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]عبادَ الله:[/COLOR][/FONT][/SIZE][/RIGHT]
[/FONT][RIGHT]
[FONT=traditional arabic][FONT=arial][SIZE=5][COLOR=blue]ومن مظاهر كُفْران نعمة إنْزال المطر: التشبُّه بأهل الجاهليَّة في نسبة إنْزال المطر إلى غير اللهِ، من الكواكب والأنواء والطبيعة وغيرها من الأسباب؛ ففي الصحيحين، عن زيْد بن خالد الجُهني - رضِي الله عنْهُما - قال: صلَّى بنا رسولُ الله صلاةَ الصُّبح بالحديبِية، على أثر سماءٍ كانت من اللَّيل، فلمَّا انصرف أقبلَ على النَّاس، فقال: ((هل تدْرون ماذا قال ربُّكم؟)) قالوا: الله ورسولُه أعلم، قال: ((أصبح من عبادي مؤمنٌ بي وكافر، فأمَّا مَن قال: مُطِرْنا بفضْل الله ورحْمتِه، فذلك مؤمنٌ بي كافرٌ بالكوكب، وأمَّا مَن قال مُطِرْنا بنَوء كذا وكذا، فذلِك كافرٌ بي مؤمن بالكوكب)).[/COLOR][/SIZE][/FONT][/FONT][/RIGHT]
[FONT=traditional arabic]

[RIGHT][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]فالواجب أن يُنسب نزولُ المطر وجَميع النعم إلى الله تعالى؛ {[/COLOR][/FONT][/SIZE][/RIGHT]
[/FONT][/RIGHT]
[FONT=traditional arabic]
[/FONT][RIGHT][COLOR=blue][FONT=traditional arabic][FONT=arial][SIZE=5]وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ[/SIZE][/FONT][/FONT][FONT=arial][SIZE=5][FONT=traditional arabic]} [النحل: 53].[/FONT][/SIZE][/FONT][/COLOR][FONT=arial]

[RIGHT][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]عباد الله:[/COLOR][/FONT][/SIZE][/RIGHT]
[/FONT][RIGHT]
[COLOR=blue][FONT=traditional arabic][FONT=arial][SIZE=5]في نزول المطر آياتٌ وعِبر؛ ففيه دليلٌ واضحٌ على قدرته - سبحانه - على إحياء الموتى، وإثبات البعْث والنُّشور، فالذي يُحْيي الأرْض بعد موتِها بالمطَر، قادرٌ على إحْياء الموتى بعد مُفارقتِهم للحياة؛ {[/SIZE][/FONT][/FONT][FONT=arial][SIZE=5][FONT=traditional arabic]وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا المَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي المُوتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[/FONT][FONT=traditional arabic]} [فصلت: 39]، {[/FONT][FONT=traditional arabic]فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي المَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيٍْ قَدِيرٌ[/FONT][FONT=traditional arabic]} [الروم: 50]، {[/FONT][FONT=traditional arabic]وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ المَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ المَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ[/FONT][/SIZE][/FONT][FONT=arial][SIZE=5][FONT=traditional arabic]} [الأعراف: 57].[/FONT][/SIZE][/FONT][/COLOR][/RIGHT]
[FONT=arial]

[RIGHT][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]أيُّها المسلمون:[/COLOR][/FONT][/SIZE][/RIGHT]
[/FONT][RIGHT]
[COLOR=blue][FONT=traditional arabic][FONT=arial][SIZE=5]إنَّ هذا الغيث الذي أنزَلَه الله عليْنا لَمن فضْل الله ورحمتِه، فكلُّنا يعلمُ أنَّ بلادَنا ليس بها أنْهار، وأنَّها تعتمد بعد الله في بعْض شؤونها على مياه الآبار التي تغذِّيها الأمطار، فعليْنا أن نقوم بشُكره - سبحانه - على نعمته، وأن نستعينَ بها على طاعته، فإنَّ مَن قام بشكر الله زاده الله، ومن كفَر بنِعْمة الله حرمه الله؛ {[/SIZE][/FONT][/FONT][FONT=traditional arabic][FONT=arial][SIZE=5]وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ[/SIZE][/FONT][/FONT][FONT=arial][SIZE=5][FONT=traditional arabic]} [إبراهيم: 7].[/FONT][/SIZE][/FONT][/COLOR][/RIGHT]
[FONT=arial]

[RIGHT][SIZE=5][COLOR=blue][FONT=arial]وينبغي ألا نغترَّ بكثْرة الخير والمطَر والماء؛ فقد يكونُ استِدراجًا؛ روى الإمام أحمد عن عُقبةَ بن عامر - رضِي الله عنْه - عنِ النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا رأيتَ الله - عزَّ وجلَّ - يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يُحب، فإنَّما هو استدراج))، ثم تلا: {[/FONT][FONT=traditional arabic]فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ[/FONT][/COLOR][/SIZE][/RIGHT]
[/FONT][/RIGHT]
[FONT=arial]
[/FONT][RIGHT][FONT=arial][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]} [الأنعام: 44].[/COLOR][/FONT][/SIZE][/FONT][FONT=arial]

[RIGHT][SIZE=5][COLOR=blue][FONT=arial]قال بعض السَّلف: "إذا رأيتَ الله يُنْعِم على العبد ثم هو يَعصيه، فاعلمْ أنَّما ذلك استِدْراج"، ثم تلا: {[/FONT][FONT=traditional arabic]سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ[/FONT][/COLOR][/SIZE][/RIGHT]
[/FONT][/RIGHT]
[FONT=arial]
[/FONT][RIGHT][FONT=arial][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]} [الأعراف: 182].[/COLOR][/FONT][/SIZE][/FONT][FONT=arial]

[RIGHT][SIZE=5][COLOR=blue][FONT=arial]ومن العجب أنَّ بعض النَّاس إذا زاد غِناه، ازدادَ طُغْيانه، يُنْعِم اللهُ عليْه وهو لا يزال يعصي؛ {[/FONT][FONT=traditional arabic]إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى[/FONT][/COLOR][/SIZE][/RIGHT]
[/FONT][/RIGHT]
[FONT=arial]
[/FONT][RIGHT][FONT=arial][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]} [العلق: 6، 7]، نسألُ الله غنىً لا يُطْغِينا.[/COLOR][/FONT][/SIZE][/FONT][FONT=arial]

[RIGHT][SIZE=5][FONT=arial][COLOR=blue]اللَّهُمَّ اجعلْ ما أنزلْتَه علينا عوْنًا على طاعتك، وبلاغًا إلى حين.[/COLOR][/FONT][/SIZE]

[SIZE=5][FONT=arial][COLOR=blue]أقولُ قوْلي هذا، واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم، من كل ذنب وخطيئة، فاستغْفِروه وتوبوا إليه.[/COLOR][/FONT][/SIZE][/RIGHT]
[/FONT][CENTER]

[FONT=arial][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]الخطبة الثانية[/COLOR][/FONT][/SIZE][/FONT][/CENTER]

[RIGHT][FONT=arial][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]الحمد لله ربِّ العالمين، الرَّحْمن الرَّحيم، ولا عدْوانَ إلا على الظَّالمين، والصَّلاة والسَّلام على أشرَفِ الأنبِياء وخاتم المرسلين، نبيِّنا محمَّد، وعلى آلِه وصحْبِه أجمعين، أمَّا بعد:[/COLOR][/FONT][/SIZE][/FONT][/RIGHT]
[FONT=arial]

[RIGHT][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]عبادَ الله:[/COLOR][/FONT][/SIZE][/RIGHT]
[/FONT][RIGHT]
[FONT=traditional arabic][FONT=arial][SIZE=5][COLOR=blue]وممَّا ينبغي التَّنبيهُ عليه، مسألةُ جَمع الصَّلاة بسبَبِ المطَر، فيُرخَّص في الجمْع بين المغْرِب والعِشاء جَمْعَ تقديم، بأذانٍ واحدٍ وإقامةٍ لكلٍّ منهما، من أجْل المطر الذي يبلُّ الثياب، ويحصل معه مشقَّة، من تكْرار الذَّهاب إلى المسجد لصلاة العشاء، على الصحيح من قولي العلماء.[/COLOR][/SIZE][/FONT][/FONT][/RIGHT]
[FONT=traditional arabic]

[RIGHT][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]وكذا يَجوزُ الجمْع بينَهما جَمْعَ تقديم للوحْلِ الشَّديد، على الصَّحيح من أقْوال العُلماء؛ دفعًا للحرج والمشقَّة؛ قال الله تعالى: {[/COLOR][/FONT][/SIZE][/RIGHT]
[/FONT][/RIGHT]
[FONT=traditional arabic]
[/FONT][RIGHT][COLOR=blue][FONT=arial][SIZE=5][FONT=traditional arabic]وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ[/FONT][FONT=traditional arabic]} [الحج: 78]، وقال : {[/FONT][FONT=traditional arabic]لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا[/FONT][/SIZE][/FONT][FONT=arial][SIZE=5][FONT=traditional arabic]} [البقرة: 286].[/FONT][/SIZE][/FONT][/COLOR][FONT=arial]

[RIGHT][SIZE=5][FONT=arial][COLOR=blue]وقد جَمَع أبانُ بن عُثمان - رضي الله عنهُما - بين المغْرِب والعِشاء في اللَّيلة المطيرة، ومعه جَماعة من كبار عُلماء التَّابعين، ولم يُعْرَف لهم مُخالف، فكان إجماعًا؛ ذكر ذلك ابنُ قدامة في "المغني"، فتاوى اللجنة الدائمة (8/135). [/COLOR][/FONT][/SIZE]

[SIZE=5][FONT=arial][COLOR=blue]وكذلك تُباح الصَّلاة في الرِّحال إذا كان البردُ شديدًا مصحوبًا بأمطار أو ريحٍ، تضرُّ النَّاس وتُؤْذيهم؛ كما روى نَافِعٌ - رحمه الله تعالى –: "أَنَّ ابن عُمرَ أذَّنَ بالصَّلاةِ في لَيْلةٍ ذاتِ بَرْدٍ ورِيحٍ فقال: ألا صَلُّوا في الرِّحَالِ، ثُمَّ قال: كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يَأمُرُ المُؤَذِّنَ إذا كانت لَيْلَةٌ بَارِدَةٌ ذَاتُ مَطَرٍ يقول: ((ألا صَلُّوا في الرِّحالِ))؛ رواه الشَّيخان، واللفظ لمسلم.[/COLOR][/FONT][/SIZE]

[SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]عبادَ الله:[/COLOR][/FONT][/SIZE][/RIGHT]
[/FONT][RIGHT]
[FONT=traditional arabic][FONT=arial][SIZE=5][COLOR=blue]ثبتَ عن نبيِّكم - صلى الله عليه وسلَّم - سُنَنٌ قوليَّة، وسُنَنٌ فعلية، كان يأتي بها عند نزول الأمطار ومن ذلك: [/COLOR][/SIZE][/FONT][/FONT]

[FONT=traditional arabic][FONT=arial][SIZE=5][COLOR=blue]- أنَّه كان يقول إذا رأى الغَيْثَ: ((اللَّهُمَّ صيّبًا نافعًا))؛ رواه البخاري، وفي رواية لأبي داود: ((اللَّهُمَّ صيبًا هنيئًا))، وثبت عنْه أيضًا أنَّه قال: ((مُطِرْنا بفضْل الله ورحمته))؛ رواه البخاري.[/COLOR][/SIZE][/FONT][/FONT][/RIGHT]
[FONT=traditional arabic]

[RIGHT][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]- أمَّا إذا نزلَ المطرُ وخُشِيَ منه الضَّرر، فيُدعى بقولِه - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((اللَّهمَّ حوالَيْنا ولا عليْنا، اللَّهُمَّ على الآكام، والظِّراب، وبطون الأودية، ومنابت الشجر))؛ أخرجه الشيخان.[/COLOR][/FONT][/SIZE]

[SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]- استغلال وقْت نزول المطَر بالدُّعاء؛ قال - عليه الصلاة والسلام -: ((ثنتان لا يُرَدُّ فيهما الدُّعاء: عند النداء، وعند نزول المطَر))؛ أخرجه الحاكم، وحسَّنه الألباني - رحِمه الله.[/COLOR][/FONT][/SIZE]

[SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]- وجاء في الأثَر بسندٍ صحيحٍ عن عبدالله بن الزُّبير - رضي الله عنْهما -: أنَّه كان إذا سمِع الرَّعْد، ترك الحديث، وقال: "سبحان الذي يسبِّح الرَّعد بِحمْده والملائكةُ من خيفته".[/COLOR][/FONT][/SIZE][/RIGHT]

[/FONT][RIGHT][COLOR=blue][FONT=traditional arabic][FONT=arial][SIZE=5]أمَّا السُّنن الفعليَّة فمِنْها: [/SIZE][/FONT][/FONT]
[FONT=traditional arabic][FONT=arial][SIZE=5]- كشْف بعْض البَدَن حتَّى يُصيبَه المطر؛ ثبتَ في صحيح مسلم عن سعد بن أبي وقَّاص - رضِي الله عنْه -: أنَّه قال: كشفَ النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن بعْضِ بدنِه ليصيبَه المطر، وقال: ((إنَّه حديثُ عهدٍ بربِّه))؛ أي: حديث عهد بتخليق الله تعالى له.[/SIZE][/FONT][/FONT][/COLOR][/RIGHT]
[FONT=traditional arabic]

[RIGHT][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]وروى أبو الشَّيخ الأصبهاني عن أنسٍ - رضي الله عنه -: ((أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلَّم - كشف عن رأسه حتَّى يصيبه المطر)).[/COLOR][/FONT][/SIZE]

[SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]وكان ابنُ عبَّاس - رضي الله عنهما - إذا أمطرتِ السَّماء يقول لجاريته: "يا جارية، أخْرِجي سرجي، أخْرجي ثيابي"، ويتلو قول الله تعالى: {[/COLOR][/FONT][/SIZE][/RIGHT]
[/FONT][/RIGHT]
[FONT=traditional arabic]
[/FONT][RIGHT][COLOR=blue][FONT=traditional arabic][FONT=arial][SIZE=5]وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكاً[/SIZE][/FONT][/FONT][FONT=arial][SIZE=5][FONT=traditional arabic]} [ق: 9].[/FONT][/SIZE][/FONT][/COLOR][FONT=arial]

[RIGHT][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]أيُّها المسلِمون:[/COLOR][/FONT][/SIZE][/RIGHT]
[/FONT][RIGHT]
[FONT=traditional arabic][FONT=arial][SIZE=5][COLOR=blue]إنَّ المطر نِعْمة، ومن كُفْران النِّعم تسخير هذه النعمة في معصِية الله تعالى، حيث تحصل في وقْت نزول هذه النعمة والفرحة بها أنواعٌ من المعاصي والمنْكرات والفسوق، فيخرج البعْضُ من النَّاس بعد نزول المطر إلى البراري والصَّحاري، مصطَحِبين منكراتِهم ومعاصيهم، من أنواع اللَّهْو المحرَّم، يعصون الله في أرضه، ويستمتِعون بنعمته، بل كثيرٌ من أولئك - وللأسف - يضيِّعون الصَّلاة أو يؤخِّرونَها عن وقتها، مع إهْمال واضحٍ للبنين والبنات، وتبرُّجُ النساء وعدم احتشامهنَّ في تلك الرحلات أمرٌ لا يخفى، ناهيكم عن غوغاءِ الشَّباب وإيذائهم لخلْق الله، وتلصُّصهم على المحارم والعورات، ورفع أصوات الموسيقى والغناء المحرَّم.[/COLOR][/SIZE][/FONT][/FONT][/RIGHT]
[FONT=traditional arabic]

[RIGHT][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]ألا فاتَّقوا الله - عباد الله - وخذوا على أيْدي السفهاء، مُروا بالمعروف وانهَوْا عن المنكر؛ {[/COLOR][/FONT][/SIZE][/RIGHT]
[/FONT][/RIGHT]
[FONT=traditional arabic]
[/FONT][RIGHT][COLOR=blue][FONT=traditional arabic][FONT=arial][SIZE=5]وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ[/SIZE][/FONT][/FONT][FONT=arial][SIZE=5][FONT=traditional arabic]} [المائدة: 2].[/FONT][/SIZE][/FONT][/COLOR][FONT=arial]

[RIGHT][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]فيا أيُّها الآباء والأولِياء، يا أيُّها الشباب والشابات:[/COLOR][/FONT][/SIZE][/RIGHT]
[/FONT][RIGHT]
[COLOR=blue][FONT=traditional arabic][FONT=arial][SIZE=5]اتَّقوا الله في أنفسكم، واحذَرُوا أن تكونوا ممَّن قال الله فيهم: {[/SIZE][/FONT][/FONT][FONT=traditional arabic][FONT=arial][SIZE=5]أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارِ[/SIZE][/FONT][/FONT][FONT=traditional arabic][FONT=arial][SIZE=5]} [إبراهيم: 28].[/SIZE][/FONT][/FONT][/COLOR][/RIGHT]
[FONT=traditional arabic]

[RIGHT][SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]اللَّهُمَّ اجعلْه صيّبًا نافعًا هنيئًا، اللَّهُمَّ أنزل عليْنا من بركات السماء، واعمر قلوبَنا بطاعتِك، يا أرحم الرحمين.[/COLOR][/FONT][/SIZE]

[SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]اللهم، كما أغثْتَ بلادَنا بالأمطار فأغِثْ قلوبَنا بالإيمان واليقين، وأقرَّ أعيُنَنا بنصْر الإسلام والمسلمين، اللَّهُمَّ أصلح حالَهم، واجْمع كلِمَتهم، ووحِّدْ صفَّهم، وقِهِم شرَّ أنفُسِهم وشرَّ عدوِّهم.[/COLOR][/FONT][/SIZE]

[SIZE=5][FONT=traditional arabic][COLOR=blue]اللهُمَّ آمِنَّا في الأوطان والدُّور، وأصلِحِ الأئمَّة وولاة الأمور.[/COLOR][/FONT][/SIZE][/RIGHT]
[/FONT][/RIGHT]