منتديات سبيع الغلباء

منتديات سبيع الغلباء (https://www.sobe3.com/vb/index.php)
-   المنتدى المـفـتـوح (https://www.sobe3.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   ما يستحوذ علينا !! (https://www.sobe3.com/vb/showthread.php?t=4554)

العويد 22 - 09 - 2004 23:02

ما يستحوذ علينا !!
 
[size=4][color=#0000FF][B][align=center]ما يستحوذ علينا

تستحوذ على كل منا فكرة أو مثال أو هدف، فنركز كل أنظارنا وحواسنا عليه ولا نرى شيئا آخر سواه. كل الأمور تعدو تفاصيل صغيرة أو ثانوية فلا نوليها اهتماما ولا نظن أنها جديرة بأن نتوقف عندها، بل إننا نغمض عنها الأعين بصورة لا إرادية فلا نكاد نبصرها...


في غمرة بحثنا عن الشيء الذي نريد أو استغراقنا فيه يحدث بسهولة ألا نرى إلا هذا الشيء، ولا نرى أشياء كثيرة سواه لا تقل عنه أهمية وجدوى. وحتى إذا صادفتنا هذه الأشياء ونحن في طريق البحث عما نشتهي أو نرغب فإنها لا تثير لدينا فضولا أو متعة ولا نراها في قيمتها الحقيقية. ما نقوله عن الأشياء يمكن أن نقوله عن الأشخاص أيضا. كم من البشر عبروا أمامنا خفافا خطافا من دون أن نلاحظهم، بل لعلهم أقاموا بعض الوقت في دنيانا الصغيرة من دون أن نقدرهم حق قدرهم، أو ندرك أو نلمس تلك الجوانب الخفية الرهيفة في أرواحهم، ثم بعد حين قد يطول أو يقصر تمر على البال تلك الومضات السريعة من الحياة التي اجتازوها أمام أنظارنا فيما لم تكن هذه الأنظار تلاحظهم أو تتوقف عند مرآهم، فنصاب ساعتها بالندم.



الحياة أوسع وأرحب وأغنى وأكثر تنوعا بالأشياء والظواهر والأفكار مما نظن. على قارعة الطريق حيث نسير، طريق الحياة الطويل الممتد الذي نجتازه تكمن كل هذه الأشياء والأفكار والتفاصيل التي لشدة إستغراقنا في أمر من الأمور أو هدف من الأهداف لا نراها. كحال تلك الصبية في أغنية فيروز القديمة التي تبحث عن أمر غامض مجهول فيما هو "ع الطرقات". لعل الأشياء التي تنشدها أرواحنا كامنة في الجوار إلى جنبنا. في زاوية نركن إليها، في شارع محاذ لنا، في مكان نعرفه حق المعرفة لكننا لا نبصرها، ولا نراها، لأننا في أحيان كثيرة لا ندري بالضبط ما الذي تهفو إليه أرواحنا. قد نبحث بعيدا فيما نريد هو هنا على مقربة منا. "حجر الزاوية هي الحجر الذي تجاهله البناءون". هكذا يصدر أمين معلوف إحدى رواياته نقلا عن الكتاب المقدس. ومثال هذا الحجر ينطبق على الأشياء والأفكار والأشخاص، على ما هو مادي وما هو قيمي معنوي في حياة كل منا.



مرة شكا صبي من متاعب في عينيه أثناء القراءة. فأخذته أمه الى طبيبة عيون، بعد أن فحصت نظرة قالت إنه في حاجة إلى نظارات طبية، وإنه كان من المتعين عليه أن يلبس هذه النظارات منذ سنوات، قالت الأم للطبيبة إنه لم يشك الأمر قبل ذلك قط، فأجابت الطبيبة: هذا يحدث غالبا، الإنسان لا يعرف أن بوسعه أن يرى أفضل، ويظن أن قدرته المعطاة على الإبصار هي نفسها القدرة القصوى. لدى كل واحد منا أمر مشابه لحال هذا الصبي إذا تحدثنا عن البصيرة، لا عن البصر وحده. نحن نظن أن ما نراه ونعتقده ونأتي به من عمل هو الحدود القصوى لطاقاتنا، فإذا ما وضعتنا الحياة ذات يوم رائع على أحد منعطفاتها الصعبة كأنها تختبرنا، نكتشف هول ما أضعناه. نكتشف غنى وثراء الأشياء والأفكار التي لم نلحظها لأننا كنا مستغرقين في البحث عن هدف أو أن فكرة بعينها استحوذت علينا وعلى كل حواسنا، فلم نبصر سواها.

[/align][/B][/color][/size]


الساعة الآن 10:40.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. www.sobe3.com
جميع المشاركات تعبر عن وجهة كاتبها ،، ولا تتحمل ادارة شبكة سبيع الغلباء أدنى مسئولية تجاهها