[بن قاعد]

كم هي صعبة الكتابة من تحت الأرض ..
لمن هم فوق الأرض ..
أبني ..
أرسل لك حبي ولهفتي ..


أشتاق لحضنك الدافئ ..
وقبلاتك..
وابتسامتك ..
وجهك ..
لعيناك المليئتان دوما بالدموع ..


سأباغتك دوما في الحلم ..
لأحنوا عليك ..
ونستنشق معاً هواء الفجر ..
كما كنا نفعل دوماً ..
ولأعيد عليك وصاياي ..
تلك التي كنت تغمض عيناك عنها ..



وتخفي وجهك بيديك ..
فكان كأنه رذاذا ثلجياً ..
يداعب وجهك الشاحب ..
لتبتسم وتمتعض في آن واحد ..


سأبقى لك ذكريات معطرة بالورد ..
ذكريات البراءة والطهارة ..
صفاء الروح وطمأنينة النفس ..
لم يبق لي سوى أن أودعك ..
وداعاً أبدياً ..



لكنني أعلم أني سأبقى في ..
مسامك ..وروحك .. وخلاياك ..
وقلبك الرقيق ..
أودعك حبيبي.. والبرودة تغمر جسدي كله ..
ولأتذكر قبلتك الأخيرة ..
على خدي البارد ..
وهمستك الأخيرة ..
و بكائك علينا ..!

أبي حبيبي ..

وصلتني رسالتك بعد وداعنا الأخير ..
حين لمست خدك الطري البارد ..
ووجهك المشع نوراً و إيماناً و تقوى ..
وقبلتك القبلة الأخيرة ..
وشيعتك بالنظرة الأخيرة ..
والهمسة الأخيرة ..
ولكنني لم أبكي ..


كم هو شعور قاس ..
اليتم والغربة وفوضى المشاعر ..
وتردد الخطى ..
وأنك غريب عن كل البشر ..
مليء بالكلام ولكنك لا تستطيع القول .. !


الدنيا شديدة الحرارة ..
ولكنى أشعر ببرودة جسمك ..
فأرتعش ..
يأخذني الحنين إليك ..
إلى عالم الطهارة ..
لأمسح على رأسك ..
وأقبل لحيتك البيضاء ..
وأذوب في ذكراك العطرة ..



وأغمض عيني ..
لأسمع لحناً ساحراً ..
يأتي من تلك المنطقة ..
العميقة .. البعيدة .. والصادقة في القلب ..
ويلقى بي في طوفان من نور ..
لتبقى ابتسامتك العذبة ..
التي كنت تسبقها قبل أي نصيحة ..
تغمرني بها لمن يكره دنيا النصيحة ..
ويقبلها على مضض ..


فيشع وجهك بالفرح ..
الذي زرعته في روحي ..
فأسلم نفسي طائعاً لنصائحك ..
أشتاق لنصيحة أخيرة ..ومسحه على رأسي أخيرة ..
وهمسه وقبله أخيرة ..
ولكن لم تعد هناك مساحة متاحة .. بيننا ..
لم يبقى سوى ما تعلمته منك ..
ومشهد وداع في التراب ..
زرني كل ليلة ..
تعال لأسمعك ما فعلت ..
وما آل إليه حالي ..