عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 5 )
حزم الجلاميد
وسام التميز
رقم العضوية : 13329
تاريخ التسجيل : 02 - 05 - 2007
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 1,641 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
قوة الترشيح : حزم الجلاميد is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
رد : الشاعر الكبير الشريف / جباره الشريف رحمه الله

كُتب : [ 24 - 01 - 2008 ]

بسم الله الرحمن الرحيم

( البجيري وصفار وعمران والدرعية والشريف جباره )

أحاديث في الأدب الشعبي البجيري وصفار وعمران والدرعية

عبد الرحيم مطلق الأحمدي

أسرني الأستاذ الدكتور سعد الصويان بكتابه " الشعر النبطي ذائقة الشعب وسُلطة النص ". كتاب الصويان يتجاوز الستمائة صفحة من القطع الكبير 17* 24صفحات مضغوطة بالأسطر ، تتناول الشعر النبطي دراسة ، مشروعية ورفضاً ، نشأة ولغة وعروضاً وتدويناً وكتابة ، ونماذج تمثل حقباً تأريخية متتالية. ولن أتناول الكتاب بالعرض أو النقد أو الإشادة بالجهد المضني الذي بذله المؤلف في تقصي موضوعات الكتاب ، وتحليل مواده تحليلاً علمياً يليق بمكانة عالم أكاديمي أحب موضوع دراسته ، وأخلص له ليس بحافز الحصول على درجة علمية عالية ، وإنما بهدف إبداع دراسة عجز عن الوفاء بمتطلباتها كثير من الباحثين والمؤلفين ، ولكنني أتناول موقفاً إنسانياً ونصاً شعرياً عبر عن هذا الموقف ، فأثارني الموقف والتعبير عنه ، ورغبت أن يشاركني القارئ الذي لم يطلع على الكتاب التأثر الذي يتركه الشعر الجيد في نفوس المتلقين عنه . والموقف هذا مشهور ويتردد في كثر من مجالس عشاق التراث ، واستعادة مثل هذه المواقف وما تركته من أثر المعاناة لدى الشاعر جدير بنا تذكرها وتأمل المعاني التي عبر بها الشاعر عن المعاناة ، ولن أطيل في التعريف بالرجل الشهم جبارة صاحب الموقف وشاعر النص . وباختصار كان الشاعر كريماً ومضيافاً ، والكرم كثيراً ما يجرد صاحبه من المال ويعرضه لمواقف لم يألفها تسبب له ألماً ، فلا يقدر على مواجهة واقع ليس بيده حيلة للاستجابة لمتطلباته ، ومن ذلك أن حط برحابه جماعة لم يكن لديه ما يقدمه لهم من واجبات الضيافة ، ولم يكن لديه وسيلة يستعين بها على حل مشكلته .

وفي غمرة غضبه وتأثره ضرب زوجته ولاذ بالفرار ، فما كان من الزوجة إلا أن تستعين بأخيها معتذرة بغياب زوجها ، ليهب الأخ مبادراً فيمدها بمتطلبات القرى ، وعندما شاهد الزوج الدخان يتصاعد من المنزل عرف أن زوجته وجدت حلاً ، وانقذت الموقف ، فعاد ورحب بضيوفه ، وعادت إليه الطمأنينة إلا أن الزوجة وبعد قيامها بهذا الدور غادرت إلى بيت أهلها مغاضبة ، وما كان من الشريف جبارة إلا أن يغادر الديار بحثاً عن الرزق وتحسين أحواله .

والتقى جبارة في نجعته برجل يدعى عمران وكان عائداً إلى نجد حيث أهله ، وحيث ترك جبارة زوجه الهذلية التي أشرنا إليها من قبل ، فأنشأ قصيدة طويلة معبرة عن مأساته وحنينه إلى أهله ودياره ، أشار إليها كثير من الكتاب مثل ابن خميس والبدراني والفهيد وغيرهم ، ولست في مقام المحقق لأتقصى الحقائق وأوازن بين ما قيل . والذي أعتقد أن جبارة عندما قدم الضيوف كان في وادي حنيفة وبالتحديد في الدرعية ، يشير إلى ذلك اشارته إلى البجيري من مرافق الدرعية وصفار شعب كبير أسفل الدرعية به سد لحفظ مياه الأمطار ، وكذلك اشارته إلى عمران الذي ربما كان صاحب ناحية في الدرعية تسمى قري عمران ، وقد ورد ذلك في عنوان المجد لابن بشر . أما زوجه الهذلية فقبيلة هذيل حجازية وربما قدم جبارة وزوجه من الحجاز كما ذكر الفهيد ، مع أن كثيراً من قبائل الحجاز استوطنوا نجد ومنهم هذيل ينتسبون اليوم إلى أسر مثل ابن جبير والعجلان وغيرهم ، أما نجعة جبارة وعمران فربما كانت في ركاب النجديين من العقيلات وغيرهم الذي قصدوا الشرق والشام ومصر في سبيل التجارة وطلب الرزق .

نعود إلى القصيدة مثار الحديث وما نقلت من ملامح المجتمع وقيمه وأحوال الناس فيما قبل ما يزيد عن الثلاثمائة عام تقريباً ، وكيف كانت المواقف دون واجبات العلاقات .

يصور لنا الشاعر في البدء إدارة الأفكار في رأسه وقد فكر في الرحيل ، وترجيح أيها :

يقول جبارة والركايب زوالف
= يدير الأريا أيهن خيار

الاعي الورقا بالإبعاد بعدما
= غشى جفن عيني بالمنام وذار

ثم يقرر الرحيل :

يا ركب شدوا واغنموا البرد قبل ما
= يهب عليكم بالهواجر نار

ولكنه وبعد ترجيح الرحيل واتخاذ القرار تثيره ناقة فقدت حوارها في حالة نفار رعب وكانت كسيرة لا تقدر على السير للحاق بحوارها وإزالة الخوف عنه ، فيتذكر الشاعر أهله ومرابعه التي سيغادر فيقول :

هيّض علي بتالى الليل والف
= لها ضايعٍ يوم الهحيج حوار

تحن وهي كد عاقها عن لحوقه
= على الساق بعض الرامحات كسار

فيوازن بينه وبين هذا الحيوان الذي يؤلمه فقد ليلة فكيف وهو سيغيب عن فلذة كبده غيبة قد تطول :

تحن اليهوديات من فقد ليلة
= عزي لمن فرقاه بيع جمار

هذي وهي عجما فيا ويل من له
= أولاد في سن الرضاع صغار

وربما كانت " اليهوديات " لهجة في سب من يتسبب في إثارة الشجن في نفسه وكان غافلاً عن هذه الأحزان التي أثارتها الخلوج ، وهو يعزي نفسه وأمثاله من الذين يفقدون جمارة قلوبهم . فلذات أكبادهم في سن صغيرة . هذه الناقة التي لا تحسن التعبير بغير الحنين أثارت شجونه ونبهته إلى أنه مقدم على مخاطرة قد تجلب له ولبنيه الويل . ولكنه يلوذ بالإيمان بالله بأن كل شيء مقدر مكتوب فتسري عن نفسه هذه الخاطرة ويقدم على ما نوى .

هل كان يتذكر الخطوات الأولى في رحيله أم ماذا ؟ نعم كانت مقدمة القصيدة تذكراً لساعات رحيله من دياره ، يصل ذلك بيوم عودة رفيقه عمران إلى الديار . كانت توطئة وتعزية لاغترابه وتبريراً له ، ففي تدارس عودة عمران يقول الشاعر :

فان كان يا عمران إلى نجد راجع
= عن الريف من خوفة يقال وصار

أوصيك يا عمران لا عاقك النيا
= حاذور عن ضعف العزوم حذار

إن طول غيبة الرجل عن أهله ودياره قيمة اجتماعية منتقدة ، لما يصاحبها من قيل وقال مما يسيءإلى المغترب ، لذا فالشاعر يحض عمران على اتخاذ القرار بالعودة :

إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة
= فإن فساد الرأي أن تترددا

ثم يتبع هذا التأييد بوصف الراحلة التي سيمتطيها عمران في العودة بالقوة والسرعة لأن حنينها وشوقها إلى ديارها تلك لا تقل عن حنين الشاعر وعمران إلى ديارهما وبخاصة إلى بطاح البجيري حيث معطنها وإلى منعطفات شعب صفار حيث مرعاها ، فيقول :

تشتاق في بطحا البجيري مجلس
= في ملتجا بابه وباب صفار

ومدخل الشعب هو بمثابة بابه . ثم يأتي الشاعر إلى أبيات القصيد في قصيدته ، وهو ذكر أهله صهره محمد وابني الشاعر شبيب وأحمد اللذين غادرهما صغاراً ، ثم زوجته ومدحها لمواقفها ولحسن تربيتها لابنيه ، وصبرها عليه وحسن أرومتها .

ثم ينطلق فيما بعد إلى طرح بعض الآراء في النساء وأمور الحياة بعامة .

وأخيراً لعل الدكتور الصويان يجد في إشاراتي إلى البجيري وصفار وقري عمران ما يجيب عن التساؤلات التي أثارها حين تكلم عن هذه الموضوعات الثلاثة واعتماد ما يجده موافقاً للحقيقة .

http://www.alriyadh.com/2008/01/16/img/171016.jpg

منقول وأنتم سالمون غانمون والسلام .


غلباء إليا عاف الرخاء بارد الزول = هل البخوت ولا دخلهم هلايم
عقال ما دام الردي يسمع القول = ومجن (ن) لا نطلـوا بالعـمايم



[ سبيع الغلباء - متيهة البكار - معسفة المهار - مدلهة الجار ]

التعديل الأخير تم بواسطة حزم الجلاميد ; 24 - 01 - 2008 الساعة 22:22
رد مع اقتباس