أبو محمد موظف متقاعد استقبله المرض ما أن ودعته وظيفته الحكومية التي لم يخرج منها إلا براتب تقاعدي وسمعة حسنة بين زملائه فرضتها استقامته ونظافة يده!!
بعد تقاعده أصيب بمرض عجزت المستشفيات الحكومية عن التصدي له بسبب ازدحامها بالمرضى واستحالة الحصول على فترات مواعيد متقاربة، مما اضطره إلى اللجوء إلى المستشفيات الخاصة طلبا للمساعدة الطبية السريعة التي تستطيع تدارك المرض قبل أن يصل إلى نقطة اللاعودة، غير أن المستشفيات الخاصة في المسائل المالية كالنار التي لا تشبع من التهام الحطب، فقد استنفدت مال الرجل مما اضطره للاستدانة وبيع سيارته حتى لم يبق له من حطام الدنيا غير بيته الذي أمضى عمره في الادخار لامتلاكه لضمان المأوى الذي يظلل أسرته ويسترها من غوائل الزمن!!
لم تنفعه برقيات طلب المساعدة التي بعث بها في كل اتجاه لعل فيها ما يفتح له أبواب العلاج في المستشفيات التخصصية أو يرفع عن كاهله عبء العلاج في المستشفيات الخاصة، فأصرت عليه أسرته أن يبيع البيت لينفق منه على علاجه الضروري، غير أنه شعر بأن هذا البيت هو الشيء الأخير والوحيد الذي يمكن أن يتركه لهم في هذه الحياة، فصار يتمنى الموت ليريح أهله من تحمل آلامه ويستريح هو من مواجهة خاسرة مع مرض لم يكتف بالتهام صحته وسعادته وماله بل ويطمع الآن بمأوى أسرته!!
هل هناك أقسى من أن يكون الموت هو الثمن الوحيد ليتجنب الإنسان إلقاء من يحب في الشارع؟!
Jehat5@yahoo.com