رد : وسيما العامرية
كُتب : [ 30 - 04 - 2008 ]
قال الأخ / سليمان الحديثي في كتابه عن سبيع وأما شاعرات سبيع فكثر من أشهرهن : وسيما العامرية ، وزمانها في آخر القرن الحادي عشر . ( وأقول قد أخطأ التاريخ ) وذكروا من أخبارها أنه وقعت حرب بين سبيع والدواسر وانتهت بانتصار سبيع . وبعد مدة كبر أولاد القتلى من الدواسر ، فحرضهم / ناصر المبيعيج الشجاع المشهور على أخذ الثأر ، ( وأقول أن من حرضهم هو خال / ناصر المبيعيج / عامر بن بدران شيخ الدواسر ) فأعدوا عدتهم من الخيل والسلاح ، وأغاروا بقيادة / عامر بدران على قبيلة سبيع في يوم عيد ، فانتصر الدواسر وشفو غليلهم وقتلوا أخوة أوسيما العامرية التسعة ، ونبوها السبعة ( وأقول إتفق رواة بني عامر على أن الإنتصار حالف سبيعا في تلك الوقعة على الرغم من قتل إخواة وسيما وبنيها ) فقالت تبكيهم :
قالـت وسيـمى العامريـة واشرفـت
= عند الضحى والدمـع غـادي بدايـد
على تسعة أولاد مـع سبعـة اخـوة
= في ورد سمحيـن الوجيـه آل زايـد
يـا طـول ما بيتـي مـرب لهجمـة
= واليوم تومـي بـه هبـوب الشدايـد
أهل سبق مع حـرب خيـل وهجمـة
= وهلهـا مضرينهـا بلفـح الجرايـد
والله لـولا ذلتـي تشـمـت الـعـدا
= وتستـر بالفرقـا كـبـود غـدايـد
لأعوي عوا السرحان فـي جرهديـة
= واعـوي عـواه بنايفـات الفـرايـد
بشر غـدا عنـد المبيعيـج ناصـر
= غدا بينهـم يـوم اختـلاف الوعايـد
فأنا أصبر من صماصموك على الصفا
= صبور إلـى شبـوا عليهـا الوقايـد
ووسيما هي التي عناها الأمير الشاعر / محمد بن أحمد السديري – رحمه الله وأسكنه فسيح جناته – في ملحمته الزايدية ، بقوله – وكان يفتخر بشجاعة قومه :
تشهـد علـى ما قلتـه العامـريـه
= جضت سبيـع مـن عويـل ابكـاه
تبكي على فتخـان الأيمـان غلمـه
= تعشوهم اللـي بالحـروب اعصـاه
ولقد نظر الشاعر الأمير / محمد بن أحمد السديري – رحمه الله وأسكنه فسيح جناته – بعين واحدة من ثقب ضيق فحق له أن يقول ما قال . ( وأقول أن الملحمة كاملة موجودة في هذا المنتدى ) وملحمة السديري الزايدية طويلة ورائعة مطلعها :
عفـا الله عـن قلـب يزيـد عنـاه
= وداعـي غرامـه للغـرام دعــاه
ومنها :
وكمل مقام المجـد عامـر وشيـده
= طريـق المعالـي للدخيـل مشـاه
يا ناشـد عنـي وأنـا لـي قبيلـه
= قصـر النـدا زادوا عليـه إبـنـاه
وتختلف رواية الدواسر للمعركة ويسمونها برك علما أنها في عدامة زهير في عرق سبيع عن رواية بني عامر ويقولون : أنه حدثت معركة بين سبيع والمصارير من الدواسر ، وانكسر المصارير وقتل بعضهم . وبعدها بفترة مر الأمير / عامر بن بدارن أمير قبيلة الدواسر في ذلك الوقت بصبية من المصارير وهم يلعبون في عتمة الليل وجمع ملابسهم التي يفصخونها عند لعبه ( عضيم لاح وشق القنا ) كعادة ذلك الزمان وأخذها عنده وعندما يأتي الصبي ليأخذ ملبسة يقول له : مداعب من أبوك عنده . فيقول : عند سبيع . فيقول : خذ ثوبك وأنا أبوك ( لا شريت صفرا فأبشر بعفرا ). ثم يأتي الثاني : فيقول : من أبوك عنده . فيرد الصبي : عند آل فلان من سبيع . وبعدها عزم الأمير / عامر بن بدران بالأخذ بالثار لهؤلاء الصبيان ، وقد وفا بوعده لهم وأصبحوا مشهورين بالعشر المردّف في معركة برك الشهيرة وتلك من حنكته رحمه الله . وقرر ابن بدران على أخذ الثأر فجمع الجموع واستنفر الدواسر أهل الوادي وعقدوا النية على غزو سبيع ومن معهم في وادي ( برك ) وكانو في وقت شتاء ، وسارت جموعهم ومروا بمنطقة ( قرون ) وكان يقيم فيها الأمير / ناصر الودعاني وكان ابن بدران خاله ، ونزل ابن بدران والجموع التي عند ناصر ، وكان ناصر لا يعلم شيئاً عن وجهتهم أو مقصدهم . وبعدها بيوم شدوا من عند ناصر المبيعيج ولم يخبروه بوجهتهم . وبعد أن أبعدوا قليلا من المبعييج أرسل ابن بدران أحدا ليتفقد أحوال ناصر ، وقال له : إذا لقيته نايم فخله وارجع ، وإذا لقيته واعي وجالس عند الضو وسهران فرح له وأخبره بالعلم وخله يلحقنا . فذهب المرسول خفية إلى بيت / ناصر المبيعج ووجده سهرانا وجالس على جال الضو وهو محتار ويفكر إلى أين توجه خاله ومن معهم من الرجال وينشد هذه الأبيات :
يا سدرة المغنى اللي على مشرع الصفا
= فـي جـال مخضر جنـاب ( قــرون )
بنشدك ما شفتي هل الجـود والصخـا
= اللـي لهـم كـود الأمـور تـهـون
شـدوا وخلونـي أجـاذب هضايمـي
= تحملت مـن كثـر الغبـون اغبـون
ونيـت ونـات تحطـم لهـا الحشـا
= وهلـت غزيـرات الدمـوع عيـون
أقفو وأنا عينـي تخايـل اضعونهـم
= ضعايـن قفّـت تـلاهـا اضـعـون
أقفوا هل الشيمـات يـا دار وانتحـوا
= إلى وين يـا وادي قـرون يبـون ؟
أقفـوا كمـا نـوٍ حقـوقٍ مخايـلـه
= وبلـه وبـرقـه للـعـدات مـنـون
مـع البيـدا تـبـارى اضعونـهـم
= يقـودون طوعـات الرقـاب بهـون
لاكـن أرقـاب الزايديـات بالـحـني
= رقـاب المهـا لولادهـن اصـفـون
يتلون نزال الخطـر مرهـب العـدى
= عامـر لصعبـات الأمـور زبــون
خالـي ولا غيـره عزيـز رجيـتـه
= أرجيـه رجـوى الممحليـن قــرون
إن صـاح صيـاح نذيـر لقيتـهـم
= على سروج طوعات المهـار يجـون
ترعى بهم جـرد الرقـاب وتنثنـى
= ولهـا صهيـل المرهفـات إلـحـون
لاكن خرير الدم من ضـرب شلفهـم
= كما ناضح الماء مـن عيـون شنـون
ياليتنـي معهـم علـى كـور وجنـا
= ويبـرى لهـا وقـم الـربـاع ودون
من عقبهـم يـا دار لا علـك الحيـا
= ولا أخضرت بك بالسنيـن اغصـون
ذكرت بعض هذه الأبيات في كتاب شيوخ وشعراء الجزء الثاني . فلما سمع المرسول قصيدته ذهب إليه وأخبره أنه مرسل من خاله / عامر بن بدران ويطلب منهم اللحاق بهم وأخبره بالعلم . ففرح ناصر ولحقهم باليوم التالي ومن معه . وسارت الجموع إلى أن وصلوا إلى وادي برك وكانوا قد أطال ابن بدران في السير حتى أتعب من معه وعندما وصلوا إلى مشارف برك طلب بعض الدواسر من الشيخ ناصر ( المبيعيج ) الودعاني بأن يذهب إلى خاله ( عامر ) ويقنعه بالإستراحة بسبب المسافة التي قطعوها ولبرودة الجو ، فذهب ناصر إلى خاله في مقدمة الجيش فوجده على فرسه يحرك طرف عمامته يروح عن نفسه لشدة الحر وعرقة يتصبب ووجده ابن أخته يناجي نفسه ويقول كلمتة المشهورة : توسع يا برك توسع يا برك لشدة غضبه وحرارة انتقامه وإمعانه في تدبير المعركة تصبب عرقاً في تلك الليلة الباردة . وعندما اقترب الدواسر من مضارب سبيع ، عزم ابن بدران على تصبيحهم يوم العيد . وقد لمح أحد صناع سبيع من بعيد خيل ابن بدران وكانت صفر ( أي بيض )، وذهب ليخبر سبيع وهم يعرفون أن خيل ابن بدران صفر فقالوا : له إن ما رأيته ربما يكون صفقة قطيع من الوضيحي ، ولن يقطع الدواسر هذه المسافة للمجئ إلينا وشككوا بخبره . لكن الصانع عزم ألا يسرح إبله باليوم التالي خوفا عليها . وفي يوم العيد ، استعد الدواسر للهجوم على سبيع وأمر ابن بدران فقط ( اّلاد الحبيبي المصارير ) على عشر مردوفة بالهجوم وخط خطاً وأمر الدواسر الباقين ألا يتعدوه . فهجم أبناء المصارير وأبلوا بلاء ًحسناً وكانوا كلما اقتربوا من إبل الأعداء ردوهم فرسان سبيع ، وما كان من ناصر المبيعيج إلا أن بعج الخطة وانقض ومن خلفه الدواسر كلهم . ومن يومها لقب ناصر ب ( المبيعيج ) واشتبكوا مع سبيع ومن معهم وحصلت معركة عظيمة . وتحضرني أبيات من قصيدة لخشان بن مسرع أبو فقايا اليـامي في مدح معالي الأمير / خالد بن أحمد السديري رحمه الله ، تطرف فيها على معركة برك الشهيرة :
عيال الشهم ابن بدران حمال الشرف والتـاج
= زعيم القوم راعي افعال وخيول يسرجهـا
وسيوف مرهفة ترمي علفها من على الأسراج
= تشوق العين ذي حديـن صانعهـا ومعوجهـا
نخي في الزايدية ثم جمعهم مـن ورا الأفـلاج
= وتقدم فـي جمـوع مثـل ضلعـان يدرجهـا
بـلـيــل بـارد يفــوح راســه كـنـــه الــهــداج
= ويقول ابنا اتسع يا برك قد ضاقت مناهجها
وقام يصول عرض وطول لين الصباح انبـاج
= وهجم هجمة ذياب اللي علي العدوان ناسجهـا
وكان هناك وحدة سبيعية يتقال لها وسيما العامرية ، كان لها تسعة أخوة وسبعة أبناء ، وكان جارتها لديها فقط ابن واحد ، وكانت دائماً تعاير جارتها بأنه إذا حدثت معركة فهي يالتأكيد تضمن بقاء أحد من أبناءها أما هي فليس ليدها إلا ابن واحد مقلوع لا تضمن حياته . وشاء الله بأن يقتل إخوان وسيما التسعه وأبناءها السبعة في تلك المعركة في حين عاش ابن جارتها الوحيد . وبعد هذه المعركة وفقد وسيم لأبناءها وأخوتها أنشدت هذه القصيدة :
قالـت وسيـم العامريـة وأشرفـت
= عند الضحى والدمع غـادي بدايـد
على تسعة أولاد مع سبعـة اخـوة
= في ورد سمحين الوجيـه آل زايـد
يا طـول ما بيتـي مـرب لهجـمـة
= واليوم تومي بـه هبـوب الشدايـد
أهل سبق مع حرب خيـل وهجمـة
= وأهلهـا مضرينهـا بلفـح الجرايـد
والله لـولا ذلتـي تشمـت الـعـدا
= وتستـر بالفرقـا اكبـود غـدايـد
لأعوي عوا السرحان في جرهديـة
= وأعـوي عـواه بنايفـات الفرايـد
بشر غـدا عنـد المبيعيـج ناصـر
= غدا بينهم يـوم اختـلاف الوعايـد
فأنا أصبر من صما صموك على الصفا
= صبور إلى شبـوا عليهـا الوقايـد
وقد ذكرت في كتاب من أشعار الدواسر الجزء الأول والقصيدة مذكورة بكتاب من اّدابنا الشعبية في الجزيرة العربية لمنديل الفهيد الجزء الثاني . وبما أن العامرية مدحت الدواسر ، كافأها الدواسر بأن أعطوها ثمار نخيل تأتي سنويا لتأخذ محصوله وأعطوها النخيل اللي على راس الساقي أي التي تشرب ماءا كثيرا فيكون ثمرها أحسن ثمر . فكانت تأتي كل عام بجمالها وتحملها من ثمار نخلها جزاءا لها . ويقول الشاعر / شلعان بن ظافر رحمه الله
ومـن سوالفنـا وسيـما العامريـه
= يوم صاحت صيحةٍ يصـرخ نداهـا
هـزت الـوادي وهزتنـا الحميـه
= عقب فجعتها عطيناها ولا نبغي جزاها
منقول بتصرف وأنتم سالمون وغانمون والسلام .
|