رد : من شهداء الغرام رحمهم الله
كُتب : [ 09 - 05 - 2008 ]
بسم الله الرحمن الرحيم
إخواني الكرام / أعضاء ومتصفحي منتديات قبيلة سبيع بن عامر الغلباء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : محيسن الرحان رحمه الله وأسكنه فسيح جناته من شهداء الغرام وهذه قصته مع الشيخ / خلف بن دعيجا الشراري وكثير من الناس والرواة قد أعجبوا بأفعاله أيما إعجاب كيف لا وهو / مهودي على روس الفطر وهو الفارس الشيخ / خلف بن دعيجا الشراري ، وقد عا ش الشيخ خلف بالقرن الثالث عشر الهجري وهو من مشاهير عصره فقد عرف عنه الكرم والمروءة والحمية والشجاعة . وكانت العربان تقصده من كل مكان في حاجاتها فيقوم بواجب من يفد إليه ولم يذكر الرواة أن ابن دعيجا قد رد سائلا أو لم يقض حاجة لمحتاج أو لم ينجد طالب نجدة وقد ذكره الفارس الشاعر الكبير / عدوان الهربيد الشمري بقصيدته المسماة بالشيخة والتي تتضمن أربعين شاعرا فارسا والبيت التي جاء به ذكر الشيخ / خلف في قصيدة الهربيد هو :
وابن دعيجا اللي بيته كما الحيد
= وابن سمير اللي بفرع الشمالي
فهو قمة في الكرم ، والشيم ، والوفاء ، والنخوة ، ومكارم الأخلاق . وله في هذا قصص نادرة ، ومواقف متأبية إلا على مثله ، فهو مثال نادر في جيله ، وأنموذج يذكرنا بأعلام العرب الذين نتلقى أخبارهم وآثارهم التي تشبه الأساطير . نشأت الشيخ / خلف بن دعيجا في قبيلته الشرارات ملء السمع والبصر ونبه ذكره وطار صيته مما جعل زعماء العرب في جهته تنافس وتلتمس له مغمزاً أو تجد له هناة وسبب تسميته " بمهودي على روس الفطر " : أن أحد شيوخ الجربان من شمر سمع بأن ابن دعيجا يقطن في أرض جرداء البسيطاء في زمن الربيع لا أثر فيها للحطب ولا للحجارة مما سوف يحرجه إذا حل به ضيف فمن أين يجد الحطب لطهي ذبيحته . ومن أين يجد الحجارة لنصب قدوره عليها . وجدها الجربا فرصة للإحراج وكان في غزو كبير يبلغون المئات فحل ضيفاً على ابن دعيجا بكامل غزوه فبادر ابن دعيجا بإحضار ثلاث جزر كوم ( ثلاث نياق) وذبحها في الحال وكشط جلودها عن أسنمتها ووضعها في القدور وأوقد عليها من يابس العشب وقليل العرفج حتى ذابت ، ثم غمس ما لديه من الخام في ذوب هذه الأسمنة من الودك وعمد إلى رؤوس الجزر ( رؤوس البعارين ) ونصبها أثفي للقدور وأوقد عليها بالخام المشبع بالودك . وهكذا حتى قدم لهم طعامهم وبسط لهم في قراهم ويأبى الله إلا إن يعين الكريم وينجي الشجاع . ولم يكن هذا الجانب المشرف من جوانب شخصية ابن دعيجا هو أبرز جوانبها بل إنه عرف بالنخوة وضرب به المثل فيها واستغلها فيه من شغفهم الوجد وأضناهم الحب وبرح بهم الغرام ممن أحبوا وحال بينهم وبين من أحبوا سلطان الحجر ( التحجير )، وعوائد القبيلة لأن المحبوبة حجرها ابن عمها القريب لنفسه وحرمها على من سواه إلا برضاه ولو كانت لا تريده أو أن فارق السن كبيراً جدا ولو كان فارق المستوى أكبر ولكن هؤلاء المحرومين يجدون في ابن دعيجا متنفساً ويجدون في احراجه وسيلة تبلغهم مآربهم إما بالمال أو بالجاه أو بالشعر أو بأية وسيلة تدنيه وتوصله إلى مأربه . " واليكم أحد فزعاته " : نزل به ( عيادة بن رخيص الشمري ) فبثه مابه وشكى وأمعن في الشكوى وشفع ذلك بشعر قال فيه :
يا راكب حــمرا تسوج الحبالى
= كم ذيرت مـن راتع عند جران
تلفى خلف قل يا خلف من غدالي
= فكاك ربعه يوم روغات الأذهان
لعل ما يجري لك اللي جرى لي
= هم عـن المطعوم والنوم قزان
تقطعت كـــل العرى والمدالي
= افزع لنا يا شوق مياح الأردان
فأجابه خلف بقوله :
عياد فإن اللي جرى لك جرى لي
= شربت شفق ورحت عياد طميان
لوبي سباحة دوبي أسبح لحالي
= لا شـك أنا باللي حـوالي بلشان
اصــبر ومـض أيامها والليالي
= كم قالة كبرت وخير آمرها هان
مـــير اصطبر لا يختلف بك محالي
= لما تجيك الدايرة مــثل ذا ألوان
يا أولاد مكلب فوق حـيل جلالي
= ولا لي بكم غير أريش العين غرضان
ولم يزل يلاحق قضيته حتى أدرك له محبوبته . و" قصة أخرى لنخوة ابن دعيجا " : إذ نصاه محيسن السرحاني وقد أحب إحدى بنات ( أحد القبائل ) حباً مبرحاً وعلق بها فلم يستطع قلبه أن يسلوها . فلاذ بابن دعيجا وجعل بيته مستقراً له فحاول ابن دعيجا أن يقنع محيسناً بأنه هذه البنت ليست من قبيلته وليس له عليهم دالة وأبوها أمير قبيلته ومن أين له أن يدركها وهاهو بيتي وإبلي وولدي وبندقيتي عطية لك مني فاعفني من ذلك ولكن هذا العاشق . أصر على أن يجعل نخوته برقبته وأن لا يبرح الأرض حتى يدركها له وقال :
يا راكب حـمراً مــن الني تبني
= ومرود من غير الدفوف السنامي
ترعـى زهــر نوار رق جذبني
= مرباعها ما بين شرق وشامي
وعيونها جمر الغضا يلتهبني
= وإلا سراج مروطنين الكلامــي
تلفى لبيت كنه الحــيد مبنى
= راعيه قطاع الفـرج والمظامي
لا يا خلف يكفيك هي ركبتني
= حيثك على الشدات رجل تحامي
غش العراق الله يجيرك ضربني
= وقام يتساوق مع مفاصل عظامي
على حـبيب (ن) بالمـودة سلبني
= سلبة عباة (ن) في يدين الحرامي
فرد عليه خلف بهـــذه القصيدة :
قيفان من صدر الفهيم انهذبني
= لولو ومرجان مــلاوي كلامــي
يا راكـــب اللي للبلد ما جلبني
= قطم الفخوذ معربات الأسامـــي
ما لافتن عـــن أول الذود لا بني
= وما لا فـتن للحشو يوم الفطامي
من نسل هرش بالهدد لك يجبني
= يطلق عليهن يوم كـل ينامــي
وما قيظن يرعــن رمام وتبني
= ولا صفرن قاع الجوى والوخامي
مرباعـهن فيحان ثم اقتلبني
= يرعن زهر نوار عشب الوسامـي
يلفن على اللي من ربوعي ندبني
= يا جايبين العلم دمــتم ودامــي
إن كان ذودي للحبيب يجبني
= دونك نياقي قــد لهن بالتمامي
دونك قعود البيت والبيت وابني
= وبي قلة العــقلا علينا حـرامي
مـــع بندق لفظات فمها يصبني
= ولها علي الضــد المناحر مرامي
البيض قبلك يا مـحـيسن سلبني
= لب الهــــوى لرهيفات الخيامـي
والببض جــعل البيض ما يرتحبني
= هويهن يرمـــى عليه التهامـــي
يصلني بالبير مـــن لا جـذبنـي
= صل الرشا من فوق هدف المقامي
محيسن على حوض المنايا عقبني
= حثرب على جـمي قليل الرحامي
لزم محيسن بابن دعيجا وآلى أن لا يفارقه حتى يدرك له محبوبته مما اضطر ابن دعيجا لأن يذهب إلى قبيلة محبوبة محيسن ويبقى فيهم أجيراً متنكراً يرتقب الفرص ويدير الحيل لعله يدرك فرصة يدرك بها بغيته وفي هذه الأثناء أغير على هذا الحي الذي هو فيهم حي قبيلة الفتاة فبرز شجعان الحي للدفاع عن أنفسهم ومالهم ومحارمهم وبرز من بينهم شجاع فاتك لا يشق له غبار يجتال الخيل اجتيالاً مما جعله سبباً في نصرهم وصد العدو المغير عنهم فجعل بعضهم يسأل بعضاً من يا ترى هذا الفارس الذي برز هذا البروز وفعل هذا الفعل ؟ وإذا به خلف بن دعيجا فارس مفوه يعرفه الفرسان فاجتمعوا حوله وجعلوا يسألونه ما الذي أتى بك ؟ وما سبب انحداره بنفسه ليكون أجيراً فأخبرهم الخبر وقال :
أنا بلــون الناس وأنا تبلــويت
= وصارت عليه مــن كبار البلاوي
هذالي ثلاث مية وخمسين مضيت
= وأنا بسببها عندأهلها فداوى
يفيد أنه أخذ ثلاثمائة وخمسين يوماً أجيراً عند أهل محبوبة محيسن من أجل النخوة فابتدره شيوخ القبيلة وطلبوا البنت من أبيها بالجاهة فأدركوها وحملوها مع قيمها ومع ابن دعيجا إلى حيث أهله وحيث يجاور محيسن عندهم ولما وصلوا وجدوا محيسناً قد قتله الحب وفارق الحياة منذ أيام فأرجعوا البنت إلى أهلها وظلت قصتها قصة نخوة عجيبة غريبة تضاف إلى مآثر ابن دعيجا وأخباره الجملية . وهكذا يفعلون في سبيل النخوة والعادات الكريمة والشيم ومكارم الأخلاق . رحم الله الشيخ / خلف بن دعيجا والعاشق / محيسن السرحاني وأموات المسلمين أجمعين وأسكنهم فسيح جناته . منقول وأنتم سالمون وغانمون والسلام .
|