عبدالله بن سعد العضيدان في مجلة اليمامة في عددها 1931 بتاريخ 20/10/1427هـ
نسب راشد الخلاوي
طلب مني عدد من الأصدقاء أن أكتب ما أعرفه عن نسب الشاعر المعروف راشدالخلاوي , وحاولت إقناعهم بأنكم تطلبون مني أو تلزمونني بأن آتي بما لم يأتي به أحد ممن سبقني وكتب عن الخلاوي , أو تطلبون مني بأن آتي بما لم يأتي به الأوائل وهذه الأمور يصعب علي تحقيقها ما لم يتوفر لي نص من النقل يشجعني تقديمه وللاستشهاد به على نسب ( أبا محمد ) راشد الخلاوي , ونص كهذا أو وثيقة شافية كافية ما تحتاج إلى برهان غير متوفرة بعد فكيف أكتب وماذا أقول؟
قالوا :- أكتب ما نسمعه منك عن الخلاوي في سواليفك علينا عنه , لأننا وجدنا في سواليفك علينا أخباراً لم تتوفر في ما بين أيدينا من مراجع ونجزم أنك كسبتها بالنقل بحكم سنّك من سواليف وروايات عصر ما قبل عصر الراديو والتلفزيون في تلك الأيام التي كان يسود مجالسها الأخبار الماضية والأشعار النادرة مثل شعر راشد مما خلد أو مخلد عبر نقل الروايات .
ونزولاً عند رغبة هؤلاء الأخوة الأعزاء الذين ألزموني أدبياً أن أكتب ما أعرفه عنه , أقول لهم حباً وكرامة وهاأنذا بادئ بمعونة الله بالتأكيد لهؤلاء وللقراء الكرام أنه إن جاء بهذه الكلمة خبراً جديداً فسوف يكون لبنة من لبنات جمع المعلومات عن الخلاوي وليس جميع ما يجب علمه عنه .
بدأ اهتمامي بأخبار راشد الخلاوي منذ الستينات من القرن الماضي وكنا في تلك الأيام ساكنين في شعيبنا المعروف بـ ( عضيدان ) وهو أحد مراكز محافظة الغاط وكان والدي - أسأل الله له الرحمة - صديقاً لإمام مسجد هجرة (مليح) – هجرة السقايين المعروفين وهو أكبر مراكز محافظة الغاط – والإمام هو عبيد الموسى من أهل الزلفي وكان يرحمه الله يزور والدي بين حين وآخر في (عضيدان) وفي إحدى زياراته كان موضوع حديثهما يدور حول مواقيت المواسم الزراعية لراشد الخلاوي , وأذكر أنهما قالا يقول الخلاوي :-
إذا طلع الكانون فانظر لحملها... وطاب الجنى منها إلى غاب الفجر
يقصد طلوع حمل النخلة وتمامه. وضمن الحديث بينهما ذكر الإمام عبيد الموسى قوله :- يقال يا أبو حسن – يقصد والدي – أن طلحت الخلاوي قطعت وانتشر الخبر بين الناس وأثارت الدهشة والاستغراب عند جميع من سمع الخبر لأن قطع شجرة كائنة على طريق يمر عليه المسافرون ويستفيدون من ظلها في أوقات المقيال لأمر لافت لكل من يعرف لاهب السمائم وخصوصاً في منطقة لا يوجد بها غير طلحة الخلاوي الكائنة على طريق ( الجودي ) المار بالصمان.
وهنا سمعت والدي وضيفه يدعيان على ذلك الذي قطع الطلحة كما سمعت الإمام عبيد يقول :- أن الملك عبدالعزيز – طيب الله ثراه – لما علم بالخبر غضب غضباً شديداً بل انزعج بدعوى التساؤل , كيف تقطع شجرة كائنة على طريق يمر عليه الناس ؟! ولذلك أمر بالبحث عن الفاعل ليعرف أسباب قطع الشجرة , كما قرر مبلغاً من المال قدره خمسون ريال فرنسياً لمن يفيده عن قاطع طلحة الخلاوي , وهي تلك الطلحة التي وردت في قول الخلاوي :-
عن طلحة الجودي مواقيم روحه ... وعنها شمالي النسور يغيب
وعنها مهب الهيف رجم وفيضه... إحروري كان الدليل نجيب
ومن تأثر والدي وضيفه لما صار لطلحة الخلاوي وانفعالهما من الخبر الغير سار وتساؤلهما عن أسباب ودوافع الفاعل التي جعلته يقدم على قطع تلك الشجرة الجميلة التي كانت تظلل بظلها المارة على طريق الجودي والتي تقيهم هجير السمائم اللاهبه بظلها الوارف ودعائهما على قاطع الشجرة تأثرت بل أثرا علي والدي وضيفه , وصرت بعد ذلك الموقف أسيراً لأخبار الخلاوي بدءاً من خبر قطع طلحته فأحببت شعره وتتبعت اخباره عن أوقات الزراعة وعرفت الفرق بين طلوع النجم ونوءه
مثلما قال الخلاوي :-
إلى شربت من مربض الظبي ناقتي ... بنو الثريا قلت أوي ربيع
ومعلوم أن الثريا نجم من نجوم القيض كما هو معلوم وقول الخلاوي :-
أول نجوم القيض غراً لكنها ... مراغت بزوا عند باب المجحرا
فكيف نوفق بين الربيع وأول نجوم القيظ حسبما جاء في البيت أعلاه. وبقيت أخبار راشد الخلاوي لها الأولوية عندي على أخبار غيره إلى أن فاجئنا الشيخ عبدالله بن محمد بن خميس في مقال له عن الخلاوي صدر في اليمامة بعددها ال(112) في ربيع الثاني 1386هـ وصف الخلاوي بأن لا بلدة له يستقر بها وأنه (( خلوي )) أو (( صــلــبي )) على اعتبار ملازمة التنقل في الخلاء ومستشهداً بأشعار مجهولة القائل أو مكذوبة على الخلاوي . والفارق بين سجعها وشعر الخلاوي يدركه كل ذي ذوق سليم للشعر , أضف إلى ذلك أن للخلاوي من الحساد والأعداء ما سنشير إليه في ما يتلى في هذه الكلمة.
وعند صدور أول عدد من مجلة العرب في شهر رجب عام 1386هـ أتحف قراء العرب الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الربيعي برده على الشيخ بن خميس بقوله:- إن راشد الخلاوي ليس كما وصفه ابن خميس بل هو من أسرة عربية عريقة الأصل وأن الخلاوي وصف له لكثرة وصفه للفلوات لا لكونه من الخلوة ويسمون الخلوية أو الصــلب وعلق صاحب العرب الشيخ حمد الجاسر – يرحمه الله - في عدد مجلته الأول على ما جاء عن الخلاوي بين ابن خميس والربيعي بقوله : ( دراسات حول الأدب الشعبي في الجزيرة وحول الشاعر الشعبي راشد الخلاوي .
يتحدث الأستاذ عبدالعزيز بن عبدالله الربيعي معلقاً على مقال الأستاذ عبدالله بن خميس عن ((الخلاوي)) والأستاذ بن خميس يرى أن الشاعر بدوي لا بلدة له يستقر بها وأنه (( خلوي )) أو (( صــلبـي )) أي من طائفة (( الصلبة )) ويسمون ((الخلوية)) لملازمتهم للتنقل في الخلاء.
يدلل الأستاذ الربيعي على أن الشاعر من أسرة عربية عريقة الأصل وأن (( الخلاوي )) وصف له لكثرة وصفه للفلوات لا لكونه من الخلوة ويسمون الخلوية أو الصلبة ).
وبعد إطلاعي على ما قال ابن خميس في اليمامة ورد الربيعي عليه في مجلة العرب وذلك في عام 1386هـ صرت أسجل أي ذكر عن الخلاوي وزادت الرغبة في معرفة من هو راشد الخلاوي وممدوحه منيع بن سالم وأين عاشا ومتى وأين انتهت حياتهما أفي نجد أم في غيرها من أوطان العرب وهل لهما أعقاب وهل سلالاتهما لازالت مجتمعة أم تفرقوا وهل يعرف بعضهما الآخر إلى آخر ما يدور في الخلد من الأسئلة.
وفي عام 1392هـ صدر كتاب ( راشد الخلاوي ) بقلم مؤلفه الشيخ عبدالله بن خميس وجاء في الكتاب ما أمكن ذكره عن راشد الخلاوي وجل إن لم يكن كل شعر الخلاوي المتداول بين الناس , وأضاف إلى المتداول ما نقله من مخطوطة الشيخ عبدالعزيز بن سويلم بائية الخلاوي التي تجاوز عدد بيوتها الألف بيت. ولا يختلف اثنان على أن الشيخ عبدالله بن خميس بذل جهوداً يشكر عليها وسد فراغاً في المكتبة العربية عن أبرز شعراء القرن الحادي عشر وأول الثاني عشر الهجريين ألا وهو راشد الخلاوي موضوع هذه الكلمة.
وقبل إيراد ما أختلف أو ما أتفق عليه مع الشيخ عبدالله بن خميس فيما جاء في كتابه المشار إليه في نسب الخلاويوبعض أخباره أود الإشارة إلى أمور تتداولها الرواة وبعض جماع الشعر النبطي ومنها :-
1-ذكر محمد بن رزيقان الرشيدي : ( إن راشد الخلاوي وابن عمه منيع بن سالم يرجع نسبهما إلى الخلويةالذين ينتسبون إلى خلاوه بن سبيع بن بكر بن أشجع بن ريث بن غطفان ) انظر مجلة العرب (1).
2-قال سليمان الطامي : ( إن الخلاوي أما عازمي أو رشيدي ) انظر ديوان الشعر النبطي المختار(2).
3-قال عبدالله الخالد الحاتم : ( ... وليس بيدنا شيئاً نستطيع أن نجلي ناحية من حياته – يقصد الخلاوي – ما عدا شيئاً يسيراً قد لا يأتي بالفائدة المرجوة وهو أنه صــلبــي وقيل رشيدي ) انظر خيار ما يلتقط من الشعر النبط(3).
4-قال سعد بن محمد بن نفيسه في (إضمامه من التراث)(4) إن راشد الخلاوي من أهل ( رنية ) ولم يذكر مِنْ مَنْ.
أما من انتسب إلى راشد الخلاوي فمنهم :-
أولاً – الهرشان المعروفون قد تقدموا بوثائق تتضمن شهادات شهود من أهل النصف الثاني من القرن الرابع عشر الهجري ألحقها مؤلف كتاب ( راشد الخلاوي ) في الطبعة الثانية وما بعدها , شهد هؤلاء الشهود على أن الهرشان أبناء راشد الخلاوي وأن راشد الخلاوي هو ابن أحد أمراء قبيلة بنو هاجر المعروف بسحمي القصاب. ومعلوم أن قبيلة بني هاجر قبيلة قحطانية وهنا يكون راشد الخلاوي من سلالة قحطانية والله أعلم.
ثانياً – قال محمد الجعيلان الرويعي من قبيلة الصلبه : ( انه من قبيلة راشد ابن الخلاوي مبرراً قوله بقصيدته التي نشرها في
جريدة الأنباء الكويتية )(5).
ومنها قوله :-
يقـول الرويعي والرويــعي محمـد... من العنصـرية أكـثر الـــناس تايبــه
سمعنا قصيدة بالتلفزيون وأشغلت... نفسي ونفسي من عنا الشعر ذايبه
أنا من قبيلة راشـد ابن الخــلاوي ... صدوق النوايا حكمته في غرايـبـه
انظر باقي القصيدة في المرجع المشار إليه.
ثالثاً – رأيت أن ألفت انتباه من يكتب أو يتحدث عن ( راشد الخلاوي ) صاحب منيع بن سالم الذي ألف عنه عبدالله بن خميس كتابه ( راشد الخلاوي ) أن هناك من يشارك راشد بوصفه ( الخلاوي ) غيره ومنهم على سبيل التعيين لا الحصر :-
أ-قال ابراهيم السامرائي في كتابه ( القبائل العراقية )(6):
1-بنو عكيب رئيسهم شخيتر الخلاوي.
2-ومن فروع القراغول البو خلف رئيسهم منذر الخلاوي.
ب-قال د. عبدالجليل طاهر في كتابه ( العشائر العراقية )(7) : (إن الأجود أحد فروع المنتفق تتكون من مجموعة كبيرة من البطون والأفخاذ ومن بين من ينتسب إلى الأجود القراغول وهؤلاء يكونون مجموعة من الأفخاذ منهم الروضان منهم ( الخلاوي ) والبو خلف ورئيسهم سفيح الخلاوي.
ج- ذكر العزاوي في كتابه ( عشائر العراق )(8) أنه يوجد في المنتفق بيتاً يسمون بيت الخلاوي.
د - قال عبدالله بن خميس : ( إن اسم الخلاوي كان في عهد الخلاوي نفسه وما يقرب منه يطلق على غير صاحبنا فهناك محمد بن سالم الخلاوي – الحقيقة محمد بن راشد الخلاوي العجلاني – ذكره السخاوي في ((الضوء اللامع)) وابن فهد في ((الدر الكمين ذيل العقد الثمين)) وهناك غيره بل توجد الآن أسرة في المنطقة الشرقية تسمى بهذا الاسم ولا نعلم نسبتها إلى هذا الشاعر قد يكون غيرنا يعلم بذلك ).
هـ- قال أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري في كتابه ( تاريخ نجد في عصور العامية )(9) :- ( ولفت الشيخ ابن خميس إلى علم مترجم له عند السخاوي (46) فراجعت السخاوي فإذا فيه هذا النص : محمد بن راشد الخلاوي العجلاني أحد القواد مات في جمادى الآخرة سنة 857هـ بالليث من بلاد اليمن أرخه ابن فهد الضوء اللامع 7/243 ).
وهنا يجب أن لا يغيب عن بال من نسب راشد الخلاوي أو انتسب إليه أن هناك وفي زمن راشد الخلاوي وقبله وبعده من وصف بالخلاوي منهم من جاء ذكره في جنوب غرب أو شمال شرق شبه الجزيرة العربية وهو غير صاحبنا راشد الخلاوي صاحب منيع بن سالم موضوع هذه الكلمة والذي سوف نورد نسبه الذي نطق هو به بنفسه وأورده ابن خميس في جميع طبعات كتاب (راشد الخلاوي) الست ولا أعرف السبب الذي منع ابن خميس عن عدم مناقشة نص صادر عن الخلاوي نفسه
ووارد في جميع طبعات الكتاب وجل من لا يهم .
وهذه صورة للمقال :