عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 1 )
المختار العروسي
عضو
رقم العضوية : 27701
تاريخ التسجيل : 13 - 06 - 2008
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
قوة الترشيح : المختار العروسي is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
Post رسائل الأنس مع القرآن الكريم مع الآية 177 من سورة البقرة بقلم المختار العروسي البوعبد

كُتب : [ 21 - 06 - 2008 ]

رسائل الأنس مع القرآن الكريم مع الآية 177من سورة البقرة بقلم المختار العروسي البوعبدلي

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بســــــم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) } { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) } . { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) }
أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار " }
في هذه الكلمة نحاول أن نتناول قوله تعالى:{ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177) } البقرة في هذه الآية يبين الله تعالى حقيقة علاقة الإنسان بالزمان والمكان، وبمعنى أدق علاقة عمل الإنسان بالزمان والمكان، فيقول الله تعالى بأن تأسيس عمل الإنسان يبنى على طلب تحقيق الغاية وليس على أساس أن الغاية تبرر الوسيلة لكن بمعنى تحقيقها وفق قواعدها المشروعة، ومن هذا فنفي الله تعالى لما كان من صناعة الإنسان للحدث بمتعلقاته من زمان ومكان راجعة إلى طبيعة خلقية قال تعالى:{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) } البقرة. الخلافة خلافة الإنسان في الأرض تكون بالتكاثر والتعمير وفق ما كان من عقد اجتماع، أي صناعة الحدث وكيفية صناعة الحدث، هي ترتيب المعلومات و المعطيات الموجودة و المتاحة بين يدي الفرد أو الجماعة ترتيبا صحيحا ومستقيما، حتى يصل كل منهما إلى تسخير النتائج تسخيرا يرجع على مرتبها بالإيجاب التام، و الترتيب الخطأ المعوج لها إنما يعني ممارسة الفوضى و ترسيخ قوانينها، وللمثال على ذلك: في حال إجراء عملية حسابية بسيطة (1+1=2)، ما الجديد في ذلك، مسلمة اثنان تساوي اثنان، إذن فأهم ما فيها هو ترتيب المعطيات ترتيبا صحيحا، فالأفكار على الطرقات و لكن كيف نتعامل و نتفاعل معها؟، إذ لا يكون ذلك إلا بتوفر مصادر، و أدوات، و مشارط التفكير لدى الفرد و الجماعة، المبنية على أركان عدة أهمها الركنين الفصل و التمييز بين الحق و الباطل، الصحيح و الخطأ، المستقيم و المعوج.......، في صفاتهما و خصائصهما وقوانينهما، ليتم بذلك العمل المؤسس على المرجع المعرفي و العلمي، ومنه تتم صناعة الحدث.
ومنه صناعة التاريخ من محاولة تحقيق الوظيفة الخَلقية والعمل وفق قوانين الاجتماع، التي تدل على الوحدة الخلقية والوحدة الوظيفية. وهي الاستخلاف في الأرض لعبادة الله وحده لا شريك له.
قلنا نفي الله تعالى لصناعة الحدث من منطلق التبرير العقلي المتعلق بعبادة المكان المرتكز على الإدراك المادي في التعامل والتفاعل مع الأشياء "وليس كمثله شيء سبحانه وتعالى عما يصفون"، ليرفعنا ويسمو بنا إلى كماله تعالى بما يكون من صناعتنا للحدث أي ما كان من عمل الذي قال فيه الله تعالى بوجوب كينونته على أساس البر أي الصلاح. ونفي الله لتعلق الفعل الإيماني بالمكان ثم بيانه لحقيقة هذا الفعل الإيماني المتعلق بخالق المكان، ثم إن النفي وبيان الله بيان تأكيد لحقيقة البر كان فيها قيمة يهبها الله لخلقة غير مرتبطة بشرط ألا وهي الحرية، هذه القيمة التي تبين في حد ذاتها وتدل دلالة جلية على العدل الرباني في كل شيء وفي هذا الموضع على حقيقة الجزاء بمعنى قاعدة الجزاء من جنس العمل قال تعالى:{ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (182)} آل عمران. وقال تعالى:{ ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (51) } الأنفال. وقال تعالى:{ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (10)} الحج. وقال تعالى:{ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (46)} فصلت. وقال تعالى:{ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (29) }ق. ومن هذا فإن الحرية الموهوبة منه تعالى كانت في أهم أمر وهو الحرية في الاعتقاد. قال تعالى:{ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) } البقرة. وقال تعالى:{ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29) } الكهف ومن هذا نخلص إلى القول أن الحرية مفهوم مطلق ولا تكون إلا بما ارتبطت به وفي هذا الموضع فإنها مرتبطة بالاختيار ليتحقق لدينا أن الحرية اختيار ملزم في الفكر والنظام والممارسة. والإسلام ملزم في كل قوانينه من أمر ونهي. ثم إن الحرية لا تكون إلا من علم فالجاهل لا يعي حريته ففاقد الشيء لا يعطيه. ومن هذا فالبر لا يكون إلا من علم كذلك، والعلم بما كان من الأمر والنهي، ولن يكون العلم إلا بتحقيقه عمليا، والعمل كما ذكرنا في كلمات قبل هذه أنه إرادة وقدرة بتوفر العلم المضبوط الخاضع المنظم بتفعيل المسلمتين الخَلقيتين الفصل والتمييز.وهذا إن دل فإنما يدل على بناء الإنسان لعلاقة بنفسه علاقة مبنية على أساس إيماني صحيح ومن هذا يكون الحال، والحال هو انعكاسات حاصل العمل من تفاعل الفكر والنظام و الممارسة وفق ما تقتضيه بيئة الإنسان على الإنسان، خاصة في التأثير و التأثر قال تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى (43) وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا (44)} النجم، إذ منها نقرأ أن الأثر الحاصل من تفاعل الفكر والنظام و الممارسة وفق طبيعة الخلق يعبر عن الحال، فولادة مولود تنعكس فرحا، و الموت ينعكس حزنا، و الخطأ والصواب في المعاملات و العلاقات له انعكاساته، فسياق الآية و ترتيبها يضفي عليها صبغة الحال، و فيها يكون العلم باكتشاف الأسباب فالمعرفة بالقوانين لتسخير النتيجة، مع معرفة أن الأسباب أكثر ما تكون من إتباع الحاجات حسب القيم الإنسانية العملية و الأخلاقية على وجه التخصيص، و القيم الإنسانية لا ملائكية منها و لا شيطانية فيها. قال أبو ذر لما بلغه مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، قال لأخيه: اركب إلى هذا الوادي فاسمع من قوله، فرجع فقال: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق. حديث أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم {إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق }رواه الحاكم في صحيحه، أي أن الوصول إلى انعكاسات حاصل العمل أي الحال لا يكون إلاّ بذلك التكوين والبناء القيمي. .../... يتبع


رد مع اقتباس