رد : القهوة العربية عند بعض شعراء الجزيرة العربية
كُتب : [ 12 - 08 - 2008 ]
بسم الله الرحمن الرحيم
لشبّة النار عند العرب معان سامية ونبيلة فهم يوقدونها ليلا للتدفئة والطبخ وعمل القهوة ولإهتداء ابن السبيل وجلب الضيفان . وعندما يُهجى أحدهم يقال له ( يا طافي الضو أو ميــــت النار ) أو الله يطفي ضوّك ( الله يذبح نارك ). أو ناره رماد . والكرم عند العرب من القيم التي يحرصون عليها ورمز الكرم عندهم بالدرجة الأولى شبة النار والقهوة ومسامر الضيف . والقهوة العربية كما يقال أفضل صحيا من أنواع القهوة الأخرى من حيث التحميص وعدم استخدام السكر كما أنها تحتوي على مادة الكربون التي تساعد على الهضم وتنشيط الجسم . ويذكر أن شجرة البن دائمة الخضرة تنمو طبيعيا في المناخ الإستوائي الذي يكون حارا رطبا في موسم النمو وحارا جافا في موسم القطاف ويبلغ ارتفاعها ستة أمتار أو أكثر لكنها تقلم كي لا ترتفع أكثر من نحو أربعة أمتار وأزهار البن بيضاء وثمراتها حمراء وتلقيحها ذاتي ويتم نموها من 6 إلى 8 أعوام وتقطف حبوب البن بالاّلات أو بطريقة الهز وتجمع وتنقع في مغطس أو في سيل ماء لتزول مرارتها . ويقال أن أفضل أنواع القهوة ( الخولاني ) نسبة إلى صعدة من بلاد اليمن وإلى قبيلة اسمها خولان أما الأدوات المخصصة للقهوة واسمها الدارج ( المعاميل ) وقد اختفت في زمننا هذا واستبدلت بأواني حديثة ويقول الشاعر في هذا :
يا عَاملِينْ البنّ وَسْطَ التَرَامِيسْ
= لا تَقْطَعُونِهْ من حَشَا مِرْضعَاتِهْ
رُدُّوه لأمَّات الخْشُوم المِقَابِيسْ
= صُفْر الدلال اللي عَلِيهَا حَلاتِهْ
مَا عَاد شِفْنَا البن وَسْط المَحَامِيسْ
= يَحْمِسْ وصَوْت النِّجْر طَوَّلْ سكَاتِهْ
فالمعاميل التي أذكرها تتكون من : الدلة : وهي إناء من النحاس يهتمون بنظافنها وتلميعها في المناسبات . والمحماس : وهو عبارة عن إناء من النحاس أو الحديد الصلب له يد بطول 30 سم تقريبا يحمصون فيه القهوة على النار . والمصفاة : وهو إناء يضعون به الماء والقهوة لتغلي ثم يسكبونها في الدلة بعد إظافة البهارات ( الهيل ) ( الزعفران ) ( العويدي - المسمار - القرنفل ). والنجر ( منادى ) : وهو إناء من النحاس أو البرونز وهو خليط من القصدير والنحاس له شكل وصوت جميل عندما تدق فيه القهوة . والمبرادة : وهي إناء من الخشب أو الخوص تترك فيه القهوة بعد الحمس لتبرد قبل دقها في النجر . والبيز أو ( اللطوة ) : وهو أداة مصنوعة من قماش لإمساك الأواني الحارة وفيها المثل المشهور ( هات البيز رد البيز وأثر البيز خرقة ). والمركـّب أو المنصب : وهو أداة من الحديد بثلاثة أرجل لحمل الأواني على النار ( وإن لم تكن متوفرة فيضعون ثلاث أحجار بدلا منها وتسمى في اللغة الأثافي والهوادي ).
الفنـــــــــــــــاجــــــــــــــــــــــيل :
فالفنجـال الأول ( الهـيف ) وهو الفنجال الذي يحتسيه المعزب أو المضيف قبل ما يمد القهـوة لضيوفه . قديما : كانت تسري هذه العادة عند العرب ليأمن ضيفهم من أن تكون القهوة مسمومة . حديثا : جرت هذه العادة ليختبر المعزب جودة وصلاحية القهوة قبل تقديمها إلى الضيوف خوفا من أن لا تكون قد عملت بطريقة صحيحة أو نحو ذلك .
الفنجـال الثاني ( الضـيف ) : وهو الفنجـال الأول الذي يقدم للضيف وهو واجب الضيافـة وقد كان الضيف قديما في البادية مجـبرا على شربه إلا في حالـة العداوة أوأن يكون للضيف طلب صعب وقوي عند المضيف فكان لا يشربه إلا بعد وعـد من المضيف أو المعزب بالتلبية وقد كان من عظائم الأمـور أن يأتي إنسان إلى بيتك ولا يشرب فنجالك إلا بعد تلبية طلبه فأنت حتما مجـبر على التلبيـة وإلا لحق بك العـار عند النـاس .
الفنجـال الثالث ( الكـيف ) : وهو الفنجـال الثاني الذي يقدم للضيف وليس مجـبر على شربه ولا يضير المضيف إن لم يشربه الضيف إنما هو مجـرد تعديل كيف ومزاج الضيف وهو أقل فناجيل القهـوة قـوة في سلوم ( عادات ) العرب .
الفنجـال الرابـع ( السـيف ) : وهو الفنجـال الثالث الذي يقدم للضيف وهذا الفنجـال غالبـا ما يتركـه الضيف ولا يحتسـيه لأنه أقـوى فنجـال قهـوة لدى عرب الباديـة إذا أنه يعـني أن من يحتسـيه فهـو مع المضيف في السـراء والضـراء ومجـبر على الدفـاع عنه بحـد السـيف وشريكه في الحـرب والسلم يعادي من يعاديه ويتحالف مع حلفـاؤه حتى وإن كان من بين حلفائه من هم أعداء له في الأصل ( أعداء للضيف ) فقد كان هذا الفنجـال عبارة عن عقد تحـالف عسكري ومدني وميثاق أمني ما بين الضيف والمضيف ، وقد كان هذا الوضـع يحمل النـاس أمورا شداد ويواجهون الموت والدمـار بسببه ، فلذلك كانوا يتحاشـونه ويحترصون منه أشـد الحـرص أما شرب أكثر من ثلاثة فناجـيل فعادة يعملها أهل وذوي صاحب القهوة وأفراد قبيلته وأنسبائه وذوو الدم .
بقي أن نذكر أن هناك فنجـال ( الفارس ) حيث يكون هناك من يطلب شخص ما بدم أو ثأر أو ما شابه إن كان شيخ القبيلة أو كبير في السن أو إمرأة يجمع شباب القبيلة وفرسانها ويصب القهوة في الفنجال ويرفعه عاليا على رؤوس الأشهاد وأمام الجميع ويقـول : هــذا فنجـال فـلان بن فـلان من يشربـه ؟ أي من يأخذ حقنا أو ثأرنا أو دمنا منه ؟ فيقوم أحد الفرسان ويقـول : أنا له ويأخذ الفنجـال ويشربـه . ويذهب في طلب هذا الشخص ولا يعـود إلى قبيلته إلا بعد إحضـار البينة على أنه انتقم لصاحب الفنجـال من الشخص المطلوب وإلا فله أحد خيارين : إما أن يجلي من قبيلته ولا يعـود لها أبد لما لحقه من ذل وعار وصم بها جبينه وإما أن يعود محملا بالخزي والعار ويصبح مدعاة لسخرية أفراد القبيلة صغيرها وكبيرها رجالا ونساء ولا يتزوج منها ولا يخرج للحرب مع فرسانها . منقول وأنتم سالمون وغانمون والسلام .
|