المملكة ومصر .. حنكة «الكبار»
تبقى العلاقات السعودية المصرية، واحدة من أهم أركان أي عمل عربي مشترك، لم تصنعها متلازمة الزمان والمكان فحسب، بل تتعداها إلى ما هو أهم وابعد بكثير عن مجرد مصالح آنية، لتطال مستقبل أمة بأكملها، ترفدها باستمرار رؤية قيادتين عملتا بإخلاص، وتقاسمتا العديد من الأعباء رغم ما يثار من عقبات من هنا أو هناك . كلنا نرى في كل زيارة متبادلة لأي من زعيمي البلدين، نهجاً استراتيجياً تعكسه تلك الحفاوة الهائلة، وتجسدها تلك النتائج التي تنم عن تنسيق وتشاور مستمرين لمصلحة كل ما فيه مصلحة وطننا العربي الكبير، من خلال عمل دؤوب لمواجهة الأخطار التي تسود منطقتنا المتوترة وما يعتريها من تجاذبات وتناقضات . من هنا، لم تكن القمة السعودية المصرية بالإسكندرية، إلا محوراً مهماً يجسد فيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وشقيقه المصري حسني مبارك، أقصى مراحل الوعي بالقيمة التاريخية عبر كل قواسمها التي تجمع بلدين يتشاركان ضفتي البحر الأحمر ، ومعه كل طموحات الجوار الشعبي بما يعنيه من علاقات دم وقربى ومصاهرة ورغبة مشتركة في مستقبل أفضل . فالمملكة ومصر ليستا مجرد دولتين عاديتين، بل إنهما عملاقان عربيان يحسب لهما ألف حساب وحساب. ولا يمكن تجاهلهما من المعادلة العربية أو الإقليمية أو الدولية، والعالم كله يعرف أن سر هذا التعملق لا يرتبط بالوضع المادي أو البشري فحسب، لكنه يتعداه للتأثير الاستراتيجي بعيد المدى، وهنا تعود بنا الذاكرة لما قيل سابقاً من أن سر قوة العالم العربي يكمن فقط في الرياض والقاهرة، وأنه متى ما اتحدت اليد السعودية المصرية فإن للعرب شأنا آخر .
إن أشد ما يحتاج له العرب في هذا التوقيت الصعب من تاريخهم، هو التوحد خلف أهداف واحدة ترسم لهم طريق الأمان مما يعانونه الآن في مناطق مختلفة، وأنه لا بد للخروج من فخاخ الفتنة المنصوبة من شرق العالم العربي إلى غربه، من السماع لصوت الحكمة والحنكة والعقل الذي يمثله خادم الحرمين الشريفين والرئيس مبارك، حيث أثبتت التجارب وأكدت عبر كل السنوات الماضية، أن اتزان الكبار هو وحده الضروري، وليس العنتريات والشعارات التي أعادتنا للخلف مئات السنين .
(مراقب)