الحلقة الثانية :
ثانيا : الرفقة السيئة المشبوهة بصفة اعم :
بعضهم سألته كيف انقدحت عندك فكرة الذهاب الى العراق؟
قال : كنت جالسا في الحرم اصلي وبعد الصلاة اذا بي اجد شابا بجواري سماته سمات اهل الخير ، فوجدت قلبي
يميل اليه وارتاحت اليه نفسي ، وبدأ يحدثني عن الجهاد وفضله والكرمات واهميته الى آخر مايدور حوله مثل هذه
المواضيع ، وفي النهاية اقنعني بالذهاب الى العراق وان ادفع له 5000 ريال ، فدفعت له المبلغ وقام
بالتنسيق مع بعض رفاقه لتوصيلي الى العراق ، وحصل وماحصل بعد ان قبض علي وقابلته في السجن .
فسألته : مااسم ذلك الشخص الذي قابلته في الحرم ؟
قال: لا اعرف الا انه يقال له : ابوفلان المكي.
قلت :هذه كنية وليس اسم .
قال :لا اعرف الا هذا ولم يعطني اسمه .
قلت : سبحان الله الرجل لم يثق فيك ولا في امانتك ولا في دينك وانما اعطاك كنية حتى لا تستطيع التبليغ عنه وانت
اعطيته اسمك واسم قبيلتك ومالك ووظيفتك وما حصل لوالديك من بعدك وما سببته على وطنك وبلدك من حرج .
فقال : الحمدلله على كل حال ، وكانت هذه كالدرس .
فأوصي شبابنا بأن لا يغتروا حتى ولو كان ظاهره الخير والصلاح ، فالظاهر لا يكفي بل لابد من صلاح الباطن
وقد قال صلى الله عليه وسلم (( ان الله لا ينظر الى اشكالكم واموالكم وانما الى قلوبكم واعمالكم )) فالعبرة ليست
بالظاهر وان كان الظاهر مطلوب ولكن ليس دليلا قاطعا على صحة معتقد ذلك الرجل ، فأرجوا ان يتنبهوا الشباب
وان لا يغتروا .
ثالثا : الفتاوى اللامسئولة :
الفتاوى اللامسئولة انتشرت في الآونة الاخيرة تبعا لتطور التقنية ، فالتقنية الآن اصبحت وسيلة سهلة لنشر هذه
الفتاوى سواء عبر شبكات الانترنت او عبر رسائل الجوال او البريد الالكتروني او ما شابه ذلك من المنشورات التي
توزع وتصور وتنشر ,فالبعض منهم لايعرف مصدر الفتوى وانما اطلع على بحث او مقال في الانترنت فاقتنع
ببعض الادلة والاستدلالات وذلك لقلة علمه وقد تكون استدلالات باطلة فعمل بها وطبقها على نفسه وانطلق وغامر
بروحه وقدم حياته ثمنا لتلك الفتوى .
والبعض يسمع فتوى نقلا عن شخص ، فتأتي تسأله : من الذي افتاك ؟
قال : والله بلغني ان بعض الشباب يقولون : ان هذا فلان افتى بها .
قلت :سمعته انت منه شخصيا ؟
قال : لا ، وانما سمعته من الشباب .
والشباب قد تأتيهم فتوى على وجه معين فمع كثرة تناقلها قد تصبح فتوى بشكل آخر، وقد يفتى بها لشخص
معين في ظروف معينة ثم يتناقلها الشباب على انها صالحة لهذا الزمان ولهذا المكان ، فتُعمم وتنشر فيقال : قال
الشيخ فلان كذا وكذا فعندما يحصل التثبت والرجوع والتأكد نجد ان الشيخ لم يفتي بهذا مثلا او ان الشيخ افتى
بشي مقارب لهذه الفتوى لكنها ضُخمت واضيف اليها ، فتنقل للناس بهذا الشكل فيقرأها من يقرأها فيقع في
فيما يقع فيه عافنا الله واياكم .
بعضهم يقول مثلا سمعت خطبة مهيجة ومحمسة فاشتاقت نفسي الى الجهاد ،سمعنا عن فضائل الجهاد وعن
الكرامات و اهميته .
نقول : لا نشك ان الجهاد ذروة سنام الاسلام وهو من الامور العظيمة في هذا الدين ، والتي ينبغي ان يحرص عليها
المسلمون وعلى اقامتها متى وُجدت شروطها وضوابطها ، لكن أن يأتي خطيب يهيج الناس بفضل الجهاد قبل ان
يعرف الناس ماهو فقه الجهاد ، وهذا في الحقيقة مخالف لمنهج السلف ، جاء في البخاري من حديث عثمان بن
عفان رضي الله عنه انه دعا بوضوء ثم توضأ فلما فرغ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من توضأ نحو
وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث بهما نفسه الا غفر له ما تقدم من ذنبه ))ففعل الصحابة وخاصة الراشدين
ومنهم عثمان رضي الله عنه بدأ بتعليم الوضوء ثم بلغهم بالفضل والاجر المترتب عليه ، ولذلك الشيخ محمد بن
عبدالوهاب رحمه الله لو تأملنا كتاب التوحيد اول ما افتتحه بقوله: كتاب التوحيد وقوله تعالى { وماخلقت الجن
والانس الا ليعبدون }ثم بعدها ببابين قال :باب فضل التوحيد و ما يكفر من الذنوب ، فمتى ذكر فضل التوحيد ؟
ذكره بعد ان عرفنا وعلمنا ماهو التوحيد ، فنحن نحتاج ان نعرف الجهاد ماهو ؟وماهو فقهه ومن الذي يفتي فيه
ومن المخول له ؟ بعد ذلك نأتي الى فضائل الجهاد .
بعضهم اسأله : هل تعرف كيف تصلي صلاة الخوف ؟ قال : لا .قلت : تعرف كيف تتعامل مع السبي والغنائم ؟ قال :
لا.قلت تعرف تتعامل مع الكر والفر ومتى يجوز الفرار ومتى لا يجوز ؟قال : لا .قلت اذاً لماذا تذهب ماذا تفعل انت ،
انت تذهب بجهلك وستكون عبئاً على اخوانك هناك .
فالأولى للمسلم ان يتفقه في امور الجهاد وهذا المطلوب ، من الذي يأمر بالجهاد من الذي يأذن بالجهاد من الذي
يتكلم عن الجهاد ومتى يجوز لنا الجهاد ومتى يجب ومتى يحرم علينا الجهاد ؟
رسالة اوجهها الى اصحاب الفتاوى اللامسئولة ولكن بعد ان اقص عليكم بعض اخبار الذين عادوا من هناك ليس
من جعبتي شيء وانما انا ناقل ولست قائل .
شبابنا هداهم الله عندما يذهبون الى العراق لا تظنون انهم يذهبون بسماتهم وبلحاهم الطويلة والثياب القصيرة هذا
لا يستطيعون ان يذهبون به لأنهم يعرضون انفسهم للخطر فماذا يفعلون ؟ وهذا هو الذي حدثوني به ، يحلقون اللحى
ويلبسون بناطيل الجينز ويضعون سماعات الموسيقى في آذانهم وبعض الاحيان السجائر بين اصابعهم ثم يدخلوا
الى سوريا ، كي لا يقال بأنهم ذاهبون الى العراق ، يظن انهم سياح اورحالة او شيء من هذا القبيل .
يقول : بعد هذا يأتينا اصحاب التكاسي وفي الغالب انهم استخبارات فنعطيهم شيئا من المال لعلهم يوصلوننا الى
حدود العراق ، واذا لم يعجبه المبلغ يسلمنا لأقرب نقطة تفتيش ويأخذ مبلغا عن كل واحد منا وهذا بالتعامل معهم
والعياذ بالله ، وان كان المبلغ مجزيا ربما اوصلنا الى داخل العراق ، وبعد ذلك تبدأ الرحلة المضنية ، اول مايقرع
اسماعنا هناك التكفير ، تكفير الدولة السعودية وتكفير ابن باز وابن عثيمين هذا اول ما يقرع اسماعنا وكأنها
ابرة لجس النبض ان قبلنا مثل هذا الكلام تواصلوا معنا بقية المشوار ، واذا لم نقبل هذا الكلام خُصصت لنا الدروس
وجيء بمن يحاول اقناعنا بما سمعناه من هذه الاحكام الخطيرة .
فإذا دخلنا العراق لا نعرف اين المسلم من الكافر من السني من الرافضي من البعثي من اليزيدي من ملل وطوائف
شتى لا يعلم عددها واشكالها وانوعها الا الله ، بل سمعنا من بعض الشباب العرب الذين يحيطون بالمملكة جوارا
سمعنا من بعضهم يقول : متى ياتي اليوم الذي نسبي فيه السعوديات