رد : شعر العرب في ميزان الذهب / علم العروض والأوزان والبلاغة
كُتب : [ 23 - 08 - 2008 ]
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خيال الغلباء
بسم الله الرحمن الرحيم
إخواني الكرام / أعضاء ومتصفحي منتديات قبيلة سبيع بن عامر الغلباء السلام عليكم و رحمة الله وبركاته وبعد : فإن الفصاحة في اللغة : بمعنى البيان والظهور ، قالى تعالى : ( وأخي هارون هو أفصح منّي لساناً )القصص : 34. وفي الإصطلاح هي : عبارة عن الألفاظ الظاهرة المعنى ، المألوفة الإستعمال عند العرب . وتكون وصفاً للكلمة والكلام والمتكلم يقال : كلمة فصيحة ، وكلام فصيح ، ومتكلم فصيح . وفصاحة الكلمة هي : خلوص الكلمة من الأمور التالية :
1 ـ من تنافر الحروف ، بأن لا تكون الكلمة ثقيلة على السمع ، صعبة على اللسان ، نحو : ( الهعخع ) اسم لننت ترعاه الإبل ، متنافر الحروف . وأظنه العلندا ومنه قيل : ( نخلة الهعخع والهعيخعان لا يهعخعها إلا كل مهعخع فصيح اللسان ).
2 ـ ومن غرابة الاستعمال ، وهي كون الكلمة غير ظاهرة المعنى ، ولا مألوفة الاستعمال عند العرب ، حتى لا يفهم المراد منها ، لاشتراك اللفظ ، أو للإحتياج الى مراجعة القواميس ، نحو : ( مسرّج ) و ( تكأكأتم ) غريب . قال الشاعر :
ومـــقلةً وحاجـــباً مـــرجــّجا
= وفــاحماً ، ومــرسِناً مسرّجاً
وقال : عيسى بن عمروا النحوي حين وقع من حماره واجتمع عليه الناس ـ ( ما لكم تكأكأتم عليّ ، كتكأكئكم على ذي جنة ، إنفرقعوا عنّي).
3 ـ ومن مخالفة القياس : بأن تكون الكلمة شاذة ، على خلاف القانون الصرفي المستنبط من كلام العرب ، نحو : ( الأجلل ) مخالف للقياس ، والقياس ( الأجل ) بالإدغام . قال أبو النجم :
الـــــحمد لله الــعلي الأجــلل
= الواحــد الــفرد الــقديم الأول
4 ـ ومن الكراهة في السمع ، بأن تكون الكلمة وحشية ، تمجّها الأسماع ، كما تمجّ الأصوات المنكرة ، نحو : ( الجرشّى) بمعنى : النفس . قال المتنبي :
مـــبارك الإسم أغـــرّ اللقبْ
= كريم الجرشّى شريف النسبْ
والحاصل : أنه إذا كان في الكلمة شيء من هذه الأربعة ، كانت غير فصيحة ، فاللازم على الفصيح اجتناب هذه الأمور . وفصاحة الكلام هي : خلوص الكلام من الأمور التالية :
1- من عدم فصاحة بعض كلماته ، فإذا اشتمل كلام على كلمة غير فصيحة ـ كما تقدّم ـ سقط الكلام عن الفصاحة .
2- ومن تنافر الكلمات المجتمعة ، بأن يكون بين كلماته تنافراً ، فتثقل على السمع ، وتَعسر على النطق ، نحو هذين البيتين :
وقــبر رحــرب بــمكان قفــــرُ
= وليس قــربَ قـبر حـرب قـبرُ
وقال أبو تمّام :
كــريم متى أمــدحه والــورى معي
= وإذا ما لمته لمته وحدي
3- ومن ضعف التأليف : بأن يكون الكلام جارياً على خلاف قوانين النحو المستنبطة من كلام العرب ، كوصل ضميرين وتقديم غير الأعرف نحو : ( أعاضهاك ) في قول المتنّبي :
خلت البلاد من الغزالة ليلهـا
= فأعاضهاك الله كــي لا تحزنا
4- ومن التعقيد اللفظي ، بأن تكون الكلمات مرتّبة على خلاف ترتيب المعاني . قال المتنبي :
جفختْ وهم لا يجفخون بها بهم
= شيمٌ على الحسب الأغر دلائل
والأصل : جفخت بهم شيمٌ دلائل على الحسب الأغرّ وهم لا يجفخون بها .
5 ـ ومن التعقيد المعنوي : بأن يكون التركيب خفي الدلالة على المعنى المراد بسبب إيراد اللوازم البعيدة ، المحتاجة الى إعمال الذهن ، حتى يفهم المقصود . قال عباس بن الاحنف :
سأطلب بعد الدار عنكم لتقربوا
= وتسكب عيناي الدموع لتجمدا
أردا بجمود العين : الفرح والسرور الموجب لعدم البكاء ، وهذا خلاف المعنى المتفاهم .
6- ومن كثرة التكرار ، بأن يكرر اللفظ الواحد ، فيأتي به مرتين أو أزيد . قال الشاعر :
إني وأسطار سطر (ن) سطرا
= لقائل يا نصر نصر نصرا
7- ومن تتابع الإضافات ، بأن تتداخل الإضافات . قال ابن بابك :
حمامة جرعى حومة الجندل اسجعي
= فأنت بمــــرأى مـــن سعاد ومسمع
والحاصل : أنه إذا كان في الكلام أحد هذه الأمور السبعة كان غير فصيح . وفصاحة المتكّلم عبارة : عن أن يكون المتكلم ذا ملكة يقتدر بها على التعبير عن المقصود ، بكلام فصيح ، والملكة تحصل بطول ممارسة الكلام الفصيح ، بأن يكون في بيئة عربية فصيحة ، أو يمرّن نفسه بكلمات الفصحاء كثيراً ، كل ذلك وللذوق مدخل عظيم .
و(البلاغة) في اللغة : بمعنى الوصول والانتهاء ، قال تعالى : ( ولّما بلغ أشدَّه ) يوسف : 22 أي وصل . وفي الاصطلاح :
1 ـ أن يكون مطابقاً لمقتضى الحال ، بأن يكون على طبق مستلزمات المقام ، وحالات المخاطب ، مثلاً لمقام الهول كلام ، ولمقام الجد كلام ، ومع السوقة كلام . ومع كلام الملوك كلام . وهكذا .
2 ـ وأن يكون فصيحاً ـ على ما تقدم ـ. والبلاغة تقع وصفاً للكلام وللمتكلم ، فيقال : كلام بليغ ، ومتكلم بليغ ، ولا يقال : كلمة بليغة . وبلاغة الكلام عبارة عن : أن يكون الكلام مطابقاً لما يقتضيه حال الخطاب ، مع فصاحة ألفاظ مفرداته ومركباته ، فلو تكلم في حال الفرح مثل ما يتكلم في حال الحزن ، أو العكس ، أو تكلم في حال الفرح بكلام يتكلم به في هذه الحال لكن كانت الألفاظ غير فصيحة ، لا يسمى الكلام بليغاً . ثم إن الأمر المقتضى للأتيان بالكلام على كيفية مّا ، يسمى :
1 ـ ( مقاماً) باعتبار حلول الكلام فيه .
2 ـ ( حالاً ) باعتبار حالة المخاطب أو المتكلم أو نحوهما .
وإلقاء الكلام على هذه الصورة التي اقتضاها الحال يسمى ( مقتضى ) فقولهم : ( مقتضى الحال ) أو ( مقتضى المقام ) بمعنى الكيفية التي اقتضاها الحال أو المقام . مثلاً : يقال عند كون الفاعل نكرة ، حين يتطلب المقام التنكير : هذا الكلام مطابق لمقتضى الحال . إذاً : فالحال والمقام شيء واحد ، وإنما الاختلاف بالإعتبار . وبلاغة المتكلم عبارة عن : ملكة في النفس يقتدر بها صاحبها على تأليف كلام بليغ ، بحيث يكون مطابقاً لمقتضى الحال فصيحاً . وقد عرّف ( ابن المعتز ) الكلام البليغ بكلام بليغ ، فقال : ( أبلغ الكلام : ما حسن إيجاده ، وقلّ مجازه ، وكثر إعجازه ، وتناسبت صدوره وأعجازه ). منقول وأنتم سالمون وغانمون والسلام .
|
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خيال الغلباء
شكرا جزيلا لكم على هذا الموضوع الثري وقد قال / جلال الدين السيوطي في صاحب الذوق السليم من الشعراء . لسانه فصيح وتخيله مليح وهجوه قبيح التغزل والإقتباس والحماسة والجناس والطباق والإكتفاء والتشابيه بمعرفة ينظك الموشح والزجل وكان مثل العسل وألذ وفي بيت الموالي والتهاني والمرثي نظمه سريع عارف بصناعة البديع من أهل الهمم وشعره حكم قال سيد هذه الأمة : ( وإن من الشعر لحكمة ). يسكر بشعره الأنام أعظم من المدام أفديه من نديم يذكرني العهد القديم وصاحب الصحاح أكتب منه الإفصاح يعجب أهل الألباب بالتواضع للأصحاب ولا مكابرة ولا محاورة وله الأمثال السائرة . وضد ذلك المسلوب الذوق من الشعراء أبياته مكسرة قليل القشمرة يسرق أبيات الناس ويكابر ويدعي وقع الحافر على الحافر لا يعرف صناعة القريض والناس معه في الطويل والعريض قليل العقل خسيف ثقيل الدم كثيف يدعي اللطافة وهو مجبول على الكثافة لا يعرف فناً من الفنون والناس معه في غبون يعترض على الحذاق مجنون سيء الأخلاق قرقاع مطلاق سبحان الخلاق لا يعرف الأوزان ولا فيه نوع من أنواع الإنسان كأنه حيوان .
|
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حزم الجلاميد
بسم الله الرحمن الرحيم
اخواني الكرام / أعضاء ومتصفحي منتديات قبيلة سبيع الغلباء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : اليكم هذا الموضوع عن : تيسير علوم البلاغــة فهذا العلم قسم واسع من علوم اللسان العربي الذي هو لسان الإسلام وقلمه ، وهو من العلوم المخترعة التي استفيدت من استقصاء العلماء وتتبعهم لأحوال اللسان العربي ، وما يكون عند العرب وفي عرفهم فصيحاً بليغا ،ً يوافق طباعهم السليمة ، ويؤدي إلى أرق المعاني وأجمعها وأجملها .
تعريف البلاغة :
والبلاغة ابتداء في لغة العرب ـ كما في المعجم الوسيط ـ حسن البيان وقوة التأثير .
وهي عند علماء البلاغة : علم تدرس فيه وجوه حسن البيان ، ومن هنا ، فإن علوم البلاغة لعبت دوراً كبيراً في تاريخ العرب من حيث تخليد البلغاء وضربهم للناس أمثلة يحتذون بها ، ورفع شأن المتكلم أوالخطيب أوالشاعر بحسب قربه أوالتصاقه بقواعد البلاغة وقوانينها .
يقول : صديق بن حسن القنّوجي في كتابه ( أبجد العلوم ) علم البلاغة عبارة عن علم البيان والبديع والمعاني .
والغرض من تلك العلوم : أن البلاغة سواء كانت في الكلام أوالمتكلم رجوعها إلى أمرين :
أحدهما : الاحتراز عن الخطأ في تأدية المعنى المراد .
والثاني : تمييز الفصيح عن غيره .
علوم البلاغة ثلاثة :
المعاني . والبيان . والبديع :
ولاشك أن البلاغة ذات علاقة وثيقة بعلوم متن اللغة والنحو والصرف فتلك علوم عربية أوضح ماتكون للمتأمل ، ولكن علوم البلاغة إنما اختصت بجانب آخر وهو جانب الاحتراز عن الخطأ في تأدية المعني المراد ، ومن هنا نشأ علم المعاني ، وكذلك الاحتراز عن التعقيد المعنوي ـ ومن هنا نشأ علم البيان ـ وإلى المحسنات اللفظية ومن هنا نشأ علم البديع . ولنتناول كل واحد من تلك العلوم على حدة .
1 ـ علم المعاني :
وهو / تتبع خواص تراكيب الكلام ومعرفة تفاوت المقامات حتى لا يقع المرء في الخطأ في تطبيق الأولى على الثانية .
وذلك ـ كما في أبجد العلوم ـ لأن للتراكيب خواص مناسبةً لها يعرفها الأدباء ، إما بسليقتهم ، أو بممارسة علم البلاغة ، وتلك الخواص بعضها ذوقية وبعضها استحسانية ، وبعضها توابع ولوازم للمعاني الأصلية ، ولكن لزوماً معتبراً في عرف البلغاء ، وإلا لما اختص فهمها بصاحب الفطرة السليمة . وكذا مقامات الكلام متفاوتة ، كمقام الشكر والشكاية ، والتهنئة والتعزية ، والجد والهزل ، وغير ذلك من المقامات . فكيفية تطبيق الخواص على المقامات تستفاد من علم المعاني . ومداره على الاستحسانات العرفية .
مثال علم المعاني :
ولعل من هذا القبيل ماروي أن أعرابياً سمع قارئاً يقرأ قول الله تعالى : { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالاً من الله والله غفور رحيم } ( المائدة/38 ) فاستنكر منه ختام الآية بصفة الرحمة والمغفرة ، حتى تنبه القارئ إلى خطئه فأعاد القراءة على الصحيح : { والسارق والسارقة ... الاية وختامها والله عزيز حكيم } كما نزلت في كتابه الله ، عند ذلك قال الأعرابي الآن : استقام المعنى . فلا يستحسن في مقام العقوبة ، وتهديد السارق بقطع يده ، والأمر بذلك إن سرق إلا أن يقال ( والله عزيز حكيم ) حيث يوصف الرب سبحانه بالعزة ، التي منها أن يأمر بما يشاء بمن يخالفه ، ثم بالحكمة التي منها أن لا تزيد العقوبة عن مقدارها أو تنقص عنه ، بل تكون مساوية للذنب ومقاربة . ومن هذا القبيل أن لا يتفاخر إنسان في مقام الاستجداء والسؤال ، وأن لايمدح من يشكو إلى من هوأكبر منه ، ولايضحك في مقام التعزية ، وأن لايعبس أويقطب في خطبته أوكلامه أوشعره في مقام التهنئة .
2 ـ علم البيان :
وقد عرفه صاحب كشاف اصطلاحات الفنون بقوله : هو / علمُُ يعرف به إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة في وضوح الدلالة عليه . يقول ابن خلدون في مقدمته : ألا ترى أن قولهم ( زيد جاءني ) مغاير لقولهم ( جاءني زيد ) من قبل أن المتقدم منهما هو الأهم عند المتكلم ، فمن قال : جاءني زيد ، أفاد أن اهتمامه بالمجيء قبل الشخص المسند إليه ، ومن قال : زيد جاءني أفاد أن اهتمامه بالشخص قبل المجيء المسند ، وكذا التعبير عن أجزاء الجملة بما يناسب المقام من موصولٍ أو مبهمٍ أو معرفة .
من أمثلة البيان القرآني :
ولقد قال الله سبحانه في كتابه الكريم : { ولاتقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم } ( الإسراء/31 ) و قال أيضاً في مقام آخر : { ولاتقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم } ( الأنعام/151 ) فلما ذكر الخوف من الفقر مستقبلاً ( خشية إملاق ) ولم يذكر وقوعه فعلا ،ً قدم رزق الأولاد على آبائهم ، من حيث إن الله سبحانه قد رزق الآباء حالياً ، لكنهم يخشون الفقر إذا كثر أولادهم ، ولما ذكر في الآية الأخرى وقوع الفقر ( من إملاق ) دعاهم إلى عدم قتل أولادهم ، وقدم سبحانه رزقه لهم على رزق أولادهم ، حيث يُخشى قتلهم أولادهم لقلة رزقهم الحالي . ومثل هذا يعد من أرفع أنواع البيان الذي تميز به القرآن فيما خاطب به العرب من بني الإنسان . ومن هذا القبيل استخدام الاستعارة والكناية والتشبيه والتمثيل وغير ذلك .
3 ـ علم البديع :
وهو يشبه بالنسبة للبلاغة العربية كل مايستخدمه الناس لتجميل أشيائهم تجميلاً ظاهرياً ، يلفت الأنظار ، ويحرك الأفكار ، ويثير الإعجاب ، ويطرب الألباب .
تعريف البديع :
وهو / علم تُعرف به وجوهُُ تفيد الحسن في الكلام بعد رعاية المطابقة لمقتضى الحال ، أوهو التحسين والتزيين العرضي بعد تكميل دائرة الفصاحة والبلاغة . ومن هذا العلم استخدام السجع ، وهو نهاية كل جملة على حرف أو حرفين متطابقين ، كقول الأعرابي عندما سئل عن دليل وجود الله فقال : البعرة تدل على البعير ، وأثر الأقدام يدل على المسير ، أَفَسماء ذات أبراج ، وأرض ذات فجاج ألا تدلان على الحكيم الخبير . ومن هذا العلم أيضاً استخدام الطباق والجناس كقولك : تآلف المؤتلف ، وتخالف المختلف ، وتشابه المتشابه ، وتعارض المتعارض . قال : التهانوي في( كشاف اصطلاحات الفنون ) وأما منفعته فإظهار رونق الكلام ، حتى يلج الآذان بغير إذن ، ويتعلق بالقلب من غير كد ، وإنما دونوا هذا العلم ، لأن الأصل وإن كان الحسنَ الذاتي ، وكان المعاني والبيان مما لايكفي في تحصيله ، لكنهم اعتنوا بشأن الحُسْن العرضي أيضاً ، لأن الحسناء إذا عَريت عن المزينات ، ربما يذهل بعض القاصرين عن تتبع محاسنها ، فيفوت التمتع بها . ولاشك أن علوم البلاغة الثلاثة لا تنال بمجرد معرفة الاسم ، أو مطالعة المبادئ ، وإنما لابد للمرء من دراسة مستفيضة ، واستماع عميق ، ومعايشة ومعاشرة لكتب الأدب وخزائن العربية .
القرآن الكريم كتاب البلاغة الأم :
وليس ثمة أنفع للإنسان من دراسة القرآن الكريم دراسة لغوية بلاغية ، لتحصيل علوم البلاغة ، بل وعلوم العربية كلها ، فضلاً عن الهداية والاسترشاد اللذين هما مقصودا القرآن الأول . وهو الخادم الأول للغة العربية لان الله تعالى حفظها بحفظه . واستمع إلى قوله تعالى : { وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء ، وقضي الأمر ، واستوت على الجود وقيل بعداً للقوم الظالمين } ( هود/44 ) ثم انظر إلى الآية كيف حوت : أمرين ، وخبرين ، وبشارة ، ودعاء .أوأجل فكرك في قوله تعالى : { إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى ، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ، يعظكم لعلكم تذكرون } ( النحل/90 ) كيف جمعت الأمر بكل خير الدنيا والآخرة ، على المستوى الفردي والجماعي ونهت عن كل الشرور الدينية والدنيوية ، ثم ختمت ذلك بالتذكير ترغيبا وترهيبا .
كتب البلاغة :
قال : السيد أحمد الهاشمي في كتابه ( جواهر الأدب ) وأول كتاب دون في علم البيان كتاب ( مجاز القرآن ) لأبي عبيدة تلميذ الخليل ، ثم تبعه العلماء . ولايعلم أول من ألف المعاني بالضبط ، وإنما أُثِر فيها كلام عن البلغاء ، و أشهرهم الجاحظ في ( إعجاز القرآن ) وغيره . وأول من دون كتباً في علم البديع ابن المعتز وقدامة بن جعفر . و بقيت هذه العلوم تتكامل ويزيد فيها العلماء حتى جاء فحل البلاغة : عبد القاهرالجرجاني فألف في المعاني كتابه( إعجاز القرآن ) وفي البيان كتابه ( أسرار البلاغة ) وجاء بعده السكاكي فألف كتابه العظيم ( مفتاح العلوم ). و لمن يريد ان يتعلم البلاغة هاكم شرح مبسط لعلوم البلاغة كاملة . علم البلاغهـ : بداية ان كنت تريد أن تصبح بلاغياً بارعاً . احضر معجمك واكشف عن معنى كلمة البلاغة : ان نسيت كيف تبحث عنها فها هي خطواتك : قوم بتجريد الكلمة من الحروف التالية ان وجدت ( انيت ) .- ارجع الكلمة ان كانت جمعاً إلى مفرد .- احذف ال التعريف ان وجدت . كلمة البلاغة ستقوم بحذف ال التعريف . ووجدت من كلمة انيت الألف ستحذف عندها ستصبح لديك الكلمة (بلغه) . بقدرتك البلاغية التي اثق بها لاوجود لكلمة تكتب املائياً بهذه الطريقه . ستقوم بحذف الهاء . ستصبح لديك مادة ( بلغ ) وهي المطلوبة هنا . ستبحث عنها في معجمك ستجد لها معانٍ كثيرة سأتركك الآن لتبدأ : البلاغة : مأخوذة من مادة بلغ ( أي وصل ). نقول : بلغت الغاية إذا انتهيت إليها وبلغتها غيري . البلاغة : إيصال المعنى كاملاً لذهن السامع دون عِي وهوحسن العبارة مع صحة الدلالة . سميت البلاغة بهذا الإسم : لأنها تنهي المعنى إلى قلب سامعها فيفهمها يُقال رجل بليغ : حسن الكلام ، والبلاغة صفة للكلام لامن صفة المتكلم . وعلوم البلاغة : ثلاثة علم البيان – وعلم المعاني – وعلم البديع . توقف عن القراءة قليلاً وردد : ( اللهم انك عفو تحب العفو فاعفوا عني انه لا يغفر الذنوب إلا انت ). علم البيان : هو العلم الذي يهتم بالصور والأخيلة ويورد المعنى الواحد بصور مختلفة . ومباحث علم البيان : التشبيهات : وهي تشبه أمر بأخر لصفة جامعة بينهما . مثل محمد كالاسد / الصفة الجامعة هي الشجاعة . أركانه : أ- المشبه : وهو الموضوع المقصود بالوصف ( محمد ) ب- المشبه به : وهو الذي يجعل نموذجا للمقارنة ( الاسد ). ج- وجه الشبه : الوصف الجامع بين المشبه والمشبه به ( الشجاعة ) د- أداة التشبيه : وهي الكلمة التي تدل على معنى ( ك ) التشبيه ( الكاف ، مثل ، كأن ) .
أنواع التشبيهات في علم البيان :
التشبيه التمثيلي :
وهو مايكون وجه الشبه فيه حالة مركبة من جملة صفات . مثاله : قوله تعالى في وصف اليهود ( مثلُ الذينَ حُمِّلُوا التوراةَ ثمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كمثلِ الحمارِ يحملُ أسفاراً ) لايكون التشبيه التمثيلي ابداً بكلمة أو كلمتين بل بجملة . تشبه احداها بالأخرى كما في الآية أعلاه .
والتشبيه الضمني :
وهو الذي يفهم من سياق الكلام ، وغالبا ما يؤدى بجملتين فأكثر ، بدل الجملة الواحدة .
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها
إن السفينة لاتجري على اليبس
التشبيه الضمني هو ما يوصل التشبيه بجملتين يكون التشبيه فيه واضحاً بمجرد قراءتك للبيت ترجو النجاة ولم تسلك طرقها الصحيحه كما السفينة التي تريد الإبحار في البحر وهي عاجزة فوق الرمال .
التشبيه المقلوب :
هو جعل المشبه مشبها به بادعاء أن وجه الشبه فيه أقوى وأظهر .
مثاله :
وبدا الصباح كأن غرته
وجه الخليفة حين يمتدح
القلب هنا معناه : كأنك تقول كالقمر سلمى ومن ثم تقلب لإثبات القوة والجمال وحسن الصفات سلمى كالقمر جعلت الوصف بناءاً على سلمى لشدة جمالها لجذب الإنتباه لها ودائماً ماتكون الكلمة الأولى في التشبيه المقلوب الأقوى والأظهر .
المجاز اللغوي :
هو اللفظ المستخدم في غير ماوضع له لعلاقة .
مثاله :
بلادي وإن جارت علي عزيزة
وقومي وإن ضنوا علي كرام
قد تكون في كلمة واحدة في غير موضعها كما في البيت أعلاه تجد أن الكلمة بلادي ليست بموضعها بلادي وان جارت علي عزيزة أي بلادي وان ظلمتني عزيزة والبلاد جماد ولاتظلم هنا لم يقصد البلاد بحد ذاتها بل قصد بها أهل
البلاد .
الاستعارة :
هي تشبيه حذف أحد طرفيه ، فعلاقتهما المشابه .
الاستعارة التصريحية :
وهي ما يصرح بها بلفظ المشبه به و( حذف المشبه ) .
مثاله : ( وهو الذي يتوفاكم بالليل ) .
الاستعارة تشبيه يحذف فيه المشبه ويترك المشبه به كما في الآيه أعلاه يتوفاكم تعني الوفاة الصغرى وهي النوم لم تذكر كلمة النوم بل حذفت لوجود مايدل عليها ويوصل المعنى فيها .
الاستعارة المكنية :
هو التشبيه الذي ذكر فيه المشبه ، وحذف المشبه به وذكر لازم من لوازمه .
مثاله :
أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا
من الحسن حتى كاد أن يتكلما
تجد أعلاه أنه شبه الربيع بالإختيال والضحك والقدوم وهذه جميعها صفات للعاقل فلا الربيع يأتي ولايختال ولا يضحك
بل حذف هنا المشبه به ووجد المشبه .
توقف عن القراءة وردد :
( ربي لا تذرني فرداً وانت خير الوارثين ).
علم المعاني :
مباحث علم المعاني :
-الخبر : هو الكلام الذي يحتمل التصديق والتكذيب .
أضرب الخبر :
أ- أن يكون المخاطب خالي الذهن من الحكم .
ب- أن يكون المخاطب متردد في الحكم شاكا فيه .
ج- أن يكون المخاطب منكراً لحكم الخبر .
- الإنشاء : هو الكلام الذي لا يحتمل التصديق والتكذيب .
أقسامه :
أ - الإنشاء الطلبي : ( الأمر – النهي – الاستفهام – التمني - النداء ) .
ب - الإنشاء غير الطلبي : ( صيغ المدح والذم – التعجب – القسم – الرجاء ) .
- الحذف : حذف المسند ( الفعل والخبر ) . والمسند إليه ( الفاعل والمبتدأ ) .
شروط الحذف يتوقف على أمرين :
أحدهما : وجود ما يدل على المحذوف مع تحقيق غاية بلاغية .
مثاله : من خرج من الفصل ؟ ستجيب أنا رأيت زيد دون ان تقول زيد خرج ( فقط زيد ) لوجود مايدل على المعنى في السؤال . والأمر الأخر : وجود القرينة الدالة على المحذوف . مثاله : جائزتي . المفترض ان يقال هذه جائزتي ولكن هنا الغاية من حذف هذه الإسراع بالمسرة والخبر .
- الذكر : الذكر لركني الإسناد وهو الأصل : مثاله : إبليس اللعين هو الذي أخرج آدم من الجنة .
- الإيجاز : هو الجمع للمعاني الكثيرة بألفاظ قصيرة . مثاله : ( لا إله إلا هو له الخلق والأمر ) .
- الإطناب : هو زيادة اللفظ على المعنى لفائدة . مثاله : ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ) .
- المساواة : المذهب المتوسط بين الإطناب والإيجاز . مثاله : قال عليه الصلاة والسلام ( الحلال بين ، والحرام بين وبينهما أمور متشابهات ).
- الوصل : عطف جملة على آخرى بالواو دون سواها . مثاله :
وليتك تحلو والحياة مريرة
وليتك ترضى والأنام غضاب .
- الفصل : ترك العطف بين الجمل بالواو . مثاله :
كفى زاجراً للمرء أيام دهر ه
تروح له بالواعظات وتغتدي .
توقف قليلاً وردد : ( سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ).
علم البديع :
هو العلم الذي يهتم بوجوه تزين الكلام وتحسينه بنوع من التنميق .
مباحث علم البديع : *المحسنات المعنوية *
المطابقة :
أن يجمع بين في كلام واحد لفظ ومقابله ( ضده ) . مثاله : ( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا )
المقابلة :
أن يكون التقابل بين معنيين فأكثر وما يقابلها على الترتيب . مثاله : ( فليضحكوا قليلاً وليبكوا كثيراً ) .
التورية :
تسمى الإبهام ، هو أن يطلق لفظ ويكون له معنيان قريب وبعيد ، ويراد البعيد منهما . مثاله : ( والسماءُ بنيناها بأيدٍ وإنا لموسعون ).
مباحث علم البديع : * المحسنات اللفظية *
الجناس : أن يتشابه اللفظان في النطق ويختلفا في المعنى .
أقسامه :
أ- جناس تام : مثاله : (يوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة ) .
ب- جناس ناقص بأحدى الاسباب التالية ( عدد الحروف أو شكلها أو ترتيبها أو نوعها . مثاله :
1ـ عدد الحروف مثل ( القنا – القنابل )
2ـ شكل الحروف أي حكاتها ( شَعر ـ شِعر )
3ـ ترتيب الحروف ( بقر ـ قبر )
4ـ نوع الحروف مثل ( همزة ـ لمزة)
السجع :
هو توافق الفاصلتين من النثر على حرف واحد والأصل في السجع هو الاعتدال في مقاطع الكلام . مثاله : ( فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر) وأعظم البلاغة في القران الكريم الذي أعجزالله تعالى به فصحاء وشعراء وبلغاء العرب أن ياتوا باية من مثله وهو الخادم الاول للغة العربية نحوا وصرفا وبلاغة ولولا حفظ الله له لضاعت العربية قال تعالى : ( انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون ) وأعظم الخلق بلاغة هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أعطي جوامع الكلم ولما قال : له أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه رأيتك أفصح الناس يارسول الله فقال : له رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف لاأكون وأنا قرشي واسترضعت في بني سعد أو كما قال صلى الله عليه وسلم . وقد صادفت قصيدة لشاعر شاب تتجاوز الستمئة بيت وكل بيت أقوى من سابقه فبحثت عن ذلك الشاب واذا به من حفظة كتاب الله القران الكريم فلم أستغرب بعدها قوة قصيدته وجزالتها لأنه اذا علم السبب بطل العجب .
أصحاب المهن في وصفهم البلاغة.
1- قال العطار :
أطيبُ الكلام ما عُجن عنبر ألفاظه بمسكِ معانيه ، ففاح نسيم نشقه وسطعت رائحة عبقه ، فتعلقت به الرواة وتعطرت به السراة .
2- وقال النجار :
خير الكلام ما أحكَمْتَ نِجرَ معناه بقَدْومِ التقدير ، ونشَرته بمنشار التدبير ، فصار باباً لبيت البيان ، وعارضةً لسقف اللسان .
3- وقال الشريف شاعر ال غالب المتخصص في الادارة المالية :
أحسن الكلام ما نطقتْ به الأرقام ، وهضَمته الأفهام ، فانسَاب من جدولِه حِبراً على دفترِه ، ليكْتُبَ نُقاطَ دعمِه ومقاومتِه . فكلٌ وصف البلاغة من منظوره المهني . منقول بتصرف وأنتم سالمون وغانمون والسلام .
|
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جعد الوبر
بسم الله الرحمن الرحيم
( من فضيلة الشعر )
اخواني الكرام / أعضاء ومتصفحي منتديات قبيلة سبيع بن عامر الغلباء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : اليكم هذا الموضوع المنقول عن فضيلة الشعر ويقول كاتبه فيه : لما قدم / الحجاج بن يوسف الثقفي الى العراق جفا الشعراء جفاء اتصل خبره ب/ عبد الملك بن مروان فكتب إليه : بسم الله الرحمن الرحيم ، من عبد الله عبد الملك الى الحجاج بن يوسف ، أما بعد : فقد بلغني عنك أمر كذب فراستي فيك ، وأخلف ظني عندك ، وهو إعراضك عن الشعر والشعراء ؛ فإنك لا تعرف فضيلة الشعر ولا تعلم مواضع كلام الشعراء ومواقع سهامهم ، أو ما علمت يا أخا ثقيف أن بالشعر بقاء الذكر ونماء الفخر ، وأن الشعراء طرز المملكة ، وحلي الدولة ، وعناوين النعمة ، وتمائم المجد ، ودلائل الكرم ، وأنهم يحضون على الأفعال الجميلة ، وينهون عن الخلائق الذميمة ، وأنهم سنوا سبيل المكارم لطلابها ودلوا بغاة المحامد على أبوابها ، وأن الإحسان إليهم كرم ، والإعراض عنهم لؤم وندم ، فاستدرك فارط تفريطك ، وامح بصوابك وحي أغاليطك . منقول من كتاب نضرة الاغريض في نصرة القريض للمظفر بن الفضل . نعم . إن الشعر زبدة الأدب وميدان العرب ، كانوا في الجاهلية يعظمونه تعظيم الشرائع ، ويعدونه من أعلى الذرائع . وجاء الإسلام فأجراه على الرسم المعهود في قطع لسان قائله بالجود . وإذا طالعت الأخبار ، وصح عندك ما فاض من إحسان / الرسول صلى الله عليه وسلم الى / حسان ، و / ثابت بن قيس ، وخلعه البردة على / كعب بن زهير ، واهتزازه للشعرالفصيح ، وقوله : إن من الشعر لحكماً علمت أن إكرام الشعراء سنة ألغاها الناس لعمى البصائر ، وتركيب الشح في الطباع . منقول وأنتم سالمون وغانمون والسلام .
|
أخوي / خيال الغلباء مشكور على المرور بالموضوع وعلى الإضافة والله يحييك مع أطيب أمنياتي وخالص تحياتي .
|