رمضان.. «محرقة ذنوب» تبحث عن العائدين إلى الله
كُتب : [ 31 - 08 - 2008 ]
رمضان.. «محرقة ذنوب» تبحث عن العائدين إلى الله
يا عُشَّاق الليل.. يا واجدون.. يا مشتاقون
يا متفرِّدون.. يا متوحِّدون.. يا شعراء
يا نُسَّاك.. يا زُهَّاد.. يا عُبَّاد
هيَّا.. تَعَالَوا.. أَقْبِلوا
ففي رمضان تزكية للنفس وقرب من الله عز وجل، وفيه أيضا تغلق أبواب النار وتصفَّد الشياطين وتفتح أبواب الرحمة. ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم في فضل شهر رمضان «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدَّم من ذنبه» وقد ورد عن فضل السحور أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال «تسحَّروا فإن في السحور بركة» متفق عليه. وفي الصوم أيضًا يجب أن يمتنع المسلم عن الكلام البذيء والفعل السيِّئ لقول النبي صلى الله عليه وسلم «إذا كان يوم صوم أحدكم؛ فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل اللهم إني صائم».
إن رمضان وحده هو القادر على أن يبدد جهامة الزمن المتراخي الكسول، ويغيِّر الأزمان والفصول، فتغدو كلَّها ربيعًا إلهيًّا عطرًا يفوح منه رَوْحُ الله وريحان رسوله صلى الله عليه وسلم.
فرمضان بحد ذاته -زمانًا وتاريخًا- هو عالَم مفعم بأعظم صور التجارب الكفاحية الارتقائية لمعرفة الله وتوحيده وعبادته. فهو زمن البطولات الإيمانية أينما كان موضعها سواء في النفس أو خارجها، فهو سلسلة مترابطة من هذه اللحظات الكفاحية التي تكاد تكون «لا زمانية» لأنها فوق كل منطق زماني أو مكاني. وتظلُّ روح الصائم مترعة بأخيلة «العالم الآخر»، حتى لكأنها بغيوبها أقرب إليه من الدنيا بشهودها.
والمسلم الذي لا يخرج من رمضان بِزَخَّارٍ من المدارك الروحية الجديدة عليه أَنْ يعلن -خجلاً- عن إفلاسه الروحي، وينكفئ على نفسه يبكيها دمًا.
أصل كلمة «رمضان»
وأصل كلمة رمضان هو «الرمضاء» وهي من أصل عربي وتعني الحرارة المحرقة أو شدة الجفاف وقد يبدو غريبًا في بادئ الأمر ارتباط اسم رمضان بالحرارة ولكن لهذا الارتباط دلالة معينة، فهو يعكس شعور الإنسان بالجفاف في حلقه والحرقة في معدته من جراء شدة العطش أثناء الصيام ومثلما تقوم الحرارة بتشكيل المعادن يقوم شهر رمضان بتطهير النفوس وإعادة تهذيبها.
وقال الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين في شرحه على «بلوغ المرام»: قيل إن رمضان اسم جامد كأسد وذئب.. إلخ، وقيل هو مشتق، وسمي «رمضان» لأنه فرض في الرمضاء وهي شدة الحر وقيل لأنه يحرق الذنوب كما تحرق حرارة الرمضاء الشيء. ويتميز شهر رمضان بصلاة التراويح أو صلاة القيام وهي سنة للرجال والنساء تؤدى في كل يوم من أيام شهر رمضان بعد صلاة العشاء ويستمر وقتها إلى قبيل الفجر، وقد صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في جماعة ثم ترك الاجتماع عليها؛ مخافة أن تفرض على أمته، كما ذكرت ذلك عنه أم المؤمنين عائشة، واستمر المسلمون بعد ذلك يصلون صلاة التراويح كما صلاها الرسول صلى الله عليه وسلم، وكانوا يصلونها كيفما اتفق لهم، فهذا يصلي بجمع، وذاك يصلي بمفرده، حتى جمعهم عمر بن الخطاب على إمام واحد يصلي بهم التراويح، وكان ذلك أول اجتماع الناس على قارئ واحد في رمضان.
أما بالنسبة لعدد ركعات صلاة التراويح، فلم يثبت في تحديدها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أنه ثبت من فعله عليه الصلاة والسلام أنه صلاها إحدى عشرة ركعة كما بيَّنت ذلك أم المؤمنين عائشة حين سُئلت عن كيفية صلاة الرسول في رمضان، فقالت: «ما كان رسول الله يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثًا» متفق عليه.
وتقبل الله منا ومنكم صيامه وقيامه
أخوكــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــم
ناصــــــر بن هـــــاجدالســــــــــــبيعي
|