عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 1 )
ابو هيثم
عضو هـام
رقم العضوية : 14123
تاريخ التسجيل : 13 - 06 - 2007
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 353 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
قوة الترشيح : ابو هيثم is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
حُسنُ الخُلُقِ؟ ؟؟؟

كُتب : [ 04 - 09 - 2008 ]

مَا هُوَ حُسنُ الخُلُقِ؟

عَن عَبدِ اللّٰهِ بنِ المُبَارَكِ رحمه الله: أَنَّهُ وَصَفَ حُسنَ الخُلُقِ، فَقَالَ: هُوَ بَسطُ الوَجهِ، وَبَذلُ المَعرُوفِ، وَكَفُّ الأَذَى.

1- بَسطُ الوَجهِ: هُوَ إِشرَاقُهُ حِينَ مُقَابَلَةِ الخَلقِ، وَضِدُّ ذَلِكَ عُبُوسُ الوَجهِ.

وَقَد نَظَمَهُ بَعضُ الشُّعَرَاءِ فَقَالَ:

بُنَيَّ إِنَّ البِرَّ شَيءٌ هَيِّنٌ وَجهٌ طَلِيقٌ وَلِسَانٌ لَيِّنٌ

فَطَلَاقَةُ الوَجهِ تُدخِلُ السُّرُورَ عَلَى النَّاسِ، وَتَجذِبُ المَوَدَّةَ، وَالمَحَبَّةَ، وَتُوجِبُ انشِرَاحَ الصَّدرِ مِنكَ وَمِمَّن يُقَابِلُكَ.

2- بَذلُ المَعرُوفِ: وَبَذلُ المَعرُوفِ لَيسَ كَمَا يَظُنُّهُ بَعضُ النَّاسِ أَنَّهُ بَذلُ المَالِ فَقَط، بَل يَكُونُ فِي بَذلِ النَّفسِ، وَفِي بَذلِ الجَاهِ، وَفِي بَذلِ المَالِ، وَفِي بَذلِ العِلمِ.

إِذَا رَأَينَا شَخصًا يَقضِي حَوَائِجَ النَّاسِ، وَيُسَاعِدُهُم، وَيَتَوَجَّهُ فِي شُؤُونِهِم إِلَى مَن لَا يَستَطِيعُونَ الوُصُولَ إِلَيهِم، وَيَنشُرُ عِلمَهُ بَينَ النَّاسِ، وَيَبذُلُ مَالَهُ بَينَ النَّاسِ، هَل نَصِفُ هَذَا بِحُسنِ الخُلُقِ؟ نَعَم، نَصِفُهُ بِحُسنِ الخُلُقِ، لِأَنَّهُ بَذَلَ المَعرُوفَ.

وَيَدخُلُ فِي بَذلِ المَعرُوفِ: العَفوُ عَنِ النَّاسِ.

عَن أَبِي هُرَيرَةَ رضي الله عنه: عَن رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا نَقَصَت صَدَقَةٌ مِن مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبدًا بِعَفوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ» رواه مسلم (2588).

العَفوُ عَن كُلِّ مَن أَسَاءَ إِلَيكَ بِقَولٍ، أَو فِعلٍ. وَالعَفوُ: تَركُ المُؤَاخَذَةِ، مَعَ السَّمَاحَةِ عَنِ المُسِيءِ، وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ مِمَّن تَحَلَّى بِالأَخلَاقِ الجَمِيلَةِ، وَتَخَلَّى عَنِ الأَخلَاقِ الرَّذِيلَةِ، وَمِمَّن تَاجَرَ مَعَ اللَّهِ، وَعَفَا عَن عِبَادِ اللَّهِ، رَحمَةً بِهِم، وَإِحسَانًا إِلَيهِم، وَكَرَاهَةً لِحُصُولِ الشَّرِّ عَلَيهِم، وَلِيَعفُوَ اللَّهُ عَنهُ، وَيَكُونَ أَجرُهُ عَلَى رَبِّهِ الكَرِيمِ، لَا عَلَى العَبدِ الفَقِيرِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (فمن عفا وأصلح فأجره على الله) [الشورى: 40]. أَي يَأجُرُهُ عَلَى ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ، وَأَبهَمَ الأَجرَ تَعظِيمًا لِشَأنِهِ، وَتَنبِيهًا عَلَى جَلَالَتِهِ.

وَيَنبَغِي أَن يُعلَمَ بِأَنَّ الإِنسَانَ إِذَا عَفَا عَمَّن ظَلَمَهُ فَقَد تَقُولُ لَهُ نَفسُهُ: إِنَّ هَذَا ذُلٌّ وَخُضُوعٌ وَخُذلَانٌ، «فَهَذَا مِن خِدَاعِ النَّفسِ الأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ وَنَهيِهَا عَنِ الخَيرِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُثِيبُكَ عَلَى عَفوِكَ هَذا عِزًّا وَرِفعَةً فِي الدُّنيَا وَالآخِرَةِ». وَتَنَالُ مِنَ الكَرِيمِ الوَهَّابِ: جَمِيلَ الَأجرِ، وَجَزِيلَ الثَّوَابِ.

فَالعَفوُ مِنَ المَخلُوقِ ظَاهِرُهُ ذُلٌّ، وَبَاطِنُهُ عِزٌّ وَمَهَابَةٌ، وَالِانتِقَامُ ظَاهِرُهُ عِزٌّ وَبَاطِنُهُ ذُلٌّ، فَمَا زَادَ اللّٰهُ بِعَفوٍ إِلَّا عِزًّا، وَلَا انتَقَمَ أَحَدٌ لِنَفسِهِ إِلَّا ذُلَّ، وَلِهَذَا مَا انتَقَمَ رَسُولُ اللّٰهِ صلى الله عليه وسلم لِنَفسِهِ قَطُّ.

عَن عُقبةَ بنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: لَقِيتُ رَسُولَ اللّٰهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لِي: «يَا عُقبَةُ بنَ عَامِرٍ! صِل مَن قَطَعَكَ، وَأَعطِ مَن حَرَمَكَ، وَاعفُ عَمَّن ظَلَمَكَ» رواه أحمد (4/158)، وصححه لغيره الألباني رحمه الله في «صحيح الترغيب والترهيب» (2536).

3- كَفُّ الأَذَى: وَهُوَ أَن يَكُفَّ الإِنسَانُ أَذَاهُ عَن غَيرِهِ بِالقَولِ وَالفِعلِ، فَمَن لَم يَكُفَّ أَذَاهُ عَنِ الخَلقِ فَلَيسَ بِحَسَنِ الخُلُقِ، بَل هُوَ سَيِّئُ الخُلُقِ.

وَقَد أَعلَنَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم حُرمَةَ أَذِيَّةِ المُسلِمِ بِأَيِّ نَوعٍ مِنَ الإِيذَاءِ، وَذَلِكَ فِي أَعظَمِ مَجمَعٍ اجتَمَعَ فِيهِ بِأُمَّتِهِ، حَيثُ قَالَ: «فَإِنَّ دِمَاءَكُم، وَأَموَالَكُم، وَأَعرَاضَكُم بَينَكُم حَرَامٌ، كَحُرمَةِ يَومِكُم هَذَا، فِي شَهرِكُم هَذَا، فِي بَلَدِكُم هَذَا» رواه البخاري (67)، ومسلم (1679).

فَالَّذِي يَعتَدِي عَلَى النَّاسِ بِالسَّبِّ وَالغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ، لَا يَكُونُ هَذَا حَسَنَ الخُلُقِ مَعَ النَّاسِ، لِأَنَّهُ لَم يَكُفَّ أَذَاهُ، وَيَعظُمُ إِثمُ ذَلِكَ كُلَّمَا كَانَ مُوَجَّهًا إِلَى مَن لَهُ حَقٌّ عَلَيكَ أَكبَرُ.

فَالإِسَاءَةُ إِلَى الوَالِدَينِ مَثَلًا أَعظَمُ مِنَ الإِسَاءَةِ إِلَى غَيرِهِمَا، وَالإِسَاءَةُ إِلَى الأَقَارِبِ أَعظَمُ مِنَ الإِسَاءَةِ إِلَى الأَبَاعِدِ، وَالإِسَاءَةُ إِلَى الجِيرَانِ أَعظَمُ مِنَ الإِسَاءَةِ إِلَى مَن لَيسُوا جِيرَانًا لَكَ. وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «وَاللّٰهِ لَا يُؤمِنُ، وَاللّٰهِ لَا يُؤمِنُ، وَاللّٰهِ لَا يُؤمِنُ» قِيلَ: وَمَن يَا رَسُولَ اللّٰهِ؟ قَالَ: «الَّذِي لَا يَأمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ». رواه البخاري (6016).

هَذِهِ هِيَ الأُصُولُ الثَلَاثَةُ الَّتِي يَدُورُ عَلَيهَا حُسنُ الخُلُقِ فِي مُعَامَلَةِ الخَلقِ


رد مع اقتباس