رد: الحجــــــابُ ،، بين براثِنِ العادَةِ و حَلاوَةِ العِبادَةِ
كُتب : [ 11 - 02 - 2009 ]
بسم الله الرحمن الرحيم
ترك الحجاب وعواقبه في الدنيا والآخرة :
السؤال : ما حكم خلع المرأة للحجاب ، وما عاقبته في الآخرة ، وهل له عواقب في الدنيا ؟
الجواب :الحمد لله ، وأصلي وأسلم على نبينا محمد رسول الله ، وبعد : يجب العلم أولاً بأن المسلم والمسلمة يجب عليهما أن ينقادا لأوامر الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، مهما كانت صعبة وشاقة على النفس ، دون خجل من أحدٍ من الناس ، فإن المؤمن الصادق في إيمانه هو الذي يصدق في تحقيق طاعة ربه - سبحانه وتعالى - وامتثال أوامره ، واجتناب نواهيه ، وليس للمؤمن ولا المؤمنة أن يتلكآ أو يترددا في الأمر ، بل يجب السمع والطاعة مباشرة ؛ عملاً بقوله جل وعلا : " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم " [ الأحزاب : 36 ]، وهذا هو دأب المؤمنين الذين مدحهم ربهم - سبحانه وتعالى - بقوله : " إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون " [ النور : 50 -51 ]. ثم إن المسلم لا ينظر إلى صغر الذنب وكبره ، بل ينظر إلى عظمة من عصاه سبحانه وتعالى فهو الكبير المتعال ، وهو شديد المحال ، وهو جل وعلا شديد البطش ، أخذه أليم ، وعذابه مهين ، وإذا انتقم سبحانه ممن عصاه فالهلاك هو مصيره ، قال عزّ وجلّ : " وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود " [ هود : 102-103 ]. وقد تصغر المعصية في نظر العبد وهي عند الله عظيمة ؛ كما قال الله تعالى : " وتحسبونه هينًا وهو عند الله عظيم " [ النور : 15 ]، والأمر كما قال بعض أهل العلم : ( لا تنظر إلى صغر المعصية ، ولكن انظر إلى عظمة من عصيت )، والواجب علينا طاعة الله وتنفيذ أوامره ، ومراقبته في السر والعلانية ، واجتناب نواهيه وزواجره . أما من جهة الاعتقاد فإن المسلم المصلي إذا صدرت منه بعض المعاصي والسيئات فإنه باق على الإسلام ما لم يرتكب أمراً مخرجاً عن الملة ويقع في ناقض من نواقض الإسلام ، وهذا المسلم العاصي تحت مشيئة الله في الآخرة ، إن شاء عذّبه وإن شاء غفر له ، ولو دخل النار في الآخرة فإنه لا يخلد فيها ، ولا يستطيع أحدٌ من الناس أن يجزم بمصيره من ناحية وقوع العذاب عليه أو عدم وقوعه ؛ لأنّ هذا أمر مردّه إلى الله وعلمه عنده سبحانه وتعالى . والذنوب تنقسم إلى قسمين : ( صغيرة - وكبيرة )، فالصغيرة تكفّرها الصلاة والصيام والأعمال الصالحة ، والكبيرة ( وهي التي ورد فيها وعيد خاص ، أو حَدٌّ في الدنيا ، أو عذاب في الآخرة ) لا تكفّرها الأعمال الصالحة ، بل لا بد لمن وقع فيها أن يحدث لها توبة نصوحاً ، ومن تاب تاب الله عليه ، والكبائر أنواع كثيرة منها مثلاً ( الكذب ، والزنا ، والربا ، والسرقة ، وترك الحجاب بالكلية ، ونحوها ). وبناءً على ما تقدّم فلا يمكن الجزم بأن من تركت الحجاب سوف تدخل النار ، ولكنها مستحقّة لعقوبة الله ؛ لأنها عصت ما أمرها به ، وأما مصيرها على التعيين فالله أعلم به ، وليس لنا أن نتكلم فيما لا نعلمه ؛ قال تعالى : " ولا تقف ما ليس لكَ به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً " [ الإسراء : 36 ]. ويكفي المسلم صاحب القلب الحيّ أن ينفر من عمل يعلم بأنّه إذا فعله سيكون معرّضا لعقوبة الربّ - عزّ وجلّ -؛ لأنّ عقابه شديد ، وعذابه أليم ، وناره حامية ، " نار الله الموقدة التي تطّلع على الأفئدة " [ الهمزة : 6-7 ]. وفي المقابل فإن من أطاعت ربها فيما أمرها به - ومن ذلك الالتزام بالحجاب الشرعي - فإننا نرجو لها الجنة والفوز بها والنجاة من النار وعذابها . وغريب حقًا في امرأة صفاتها حميدة ، وتصلي وتصوم ولا تنظر للفتيان ، وتجتنب الغيبة والنميمة ثم بعد هذا لا تلتزم بالحجاب ؛ وذلك لأن من تمسكت حقاً بهذه الأعمال الصالحة الحسنة فإن هذا مؤشر كبير على حبها للخير ، ونفورها من الشر ، ثمّ لا ننسى أنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، والحسنة تأتي بأختها ، ومن اتقى الله تعالى في نفسه وفقه الله وأعانه على نفسه ، ويبدو أن هذه المسلمة فيها خير كثير ، وهي قريبة من طريق الاستقامة ، فلتحرص على الحجاب الذي أمرها به ربها - تبارك وتعالى -، ولتترك الشبهات ، وتقاوم ضغوط أهلها ، ولا تستسلم لكلام الناس والمنتقدين ، ولتترك مشابهة العاصيات اللاتي يردن التبرّج على حسب الموضة والموديلات ، ولتقاوم هوى النفس الذي يدعوها لإظهار الزينة والتباهي بها ، وتتمسك بما فيه صون لها وستر وحماية ، وتترفّع عن أن تكون سلعة يتمتع بها الغادي والرائح من الأشرار ، وتأبى أن تكون سبباً لفتنة عباد الله ، ونحن نخاطب فيها إيمانها وحبها لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، ونناشدها أن تحافظ على ما أُمرت به من الحجاب ، وأن تلتزم بقول الله تعالى : " ولا يبدين زينتهن " [ النور : 31 ]، وبقوله : " ولا تبرّجن تبرّج الجاهلية الأولى وأطعن الله ورسوله " [ الأحزاب : 33 ]. وعواقب التبرج في الدنيا كثيرة ، يكفي منها أن من خلعت حجابها وكشفت عوراتها صارت سلعة رخيصة غير مصونة ، تلتهمها أعين الذئاب ، فهي بتبرجها تدل على ضلالة ، وتدعو إلى فتنة ، وتيسر السبيل للمعصية .. والله أعلم . منقول مع خالص التحية وأطيب الأمنيات وأنتم سالمون وغانمون والسلام .
|