عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 9 )
محمد سنجر
عضو فعال
رقم العضوية : 8097
تاريخ التسجيل : 14 - 06 - 2006
الدولة :
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 103 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
قوة الترشيح : محمد سنجر is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
رد: جيفارا الذي لا يعرفه أحد (دقات : محمد سنجر)

كُتب : [ 05 - 03 - 2009 ]


( الدقة السادسة )

( فتحت الباب برفق ،
حاولت التسلل إلى داخل الغرفة المظلمة ،
سرت على أطراف أصابعي كي لا أوقظهم ،
أنات و تأوهات الجرحى من الأسرى تختلط ببعضها البعض ،
ما الفارق بين ألمنا و ألمهم ،
الآلام لا تفرق بين إنسان و آخر ،
الآلام هي نفسها ، بوجعها و عذاباتها عند جميع البشر ،
يتساوى فيه الغني و الفقير ، الأبيض و الأسود ،
نظرت إليهم ، أحاول أن أستبين وجوههم على ضوء المصباح الشاحب ،
حاولت حبس دموعي ،
فجأة صرخ أحدهم صرخة مدوية ارتجت لها جنبات المكان )
ـ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآه .
( أسرعت باتجاه الصرخة ، و إذا بأحد أسراهم المصابين بطلق ناري ، كانت الدماء تلطخ ملابسه ،
بالكاد يحاول أن يلتقط أنفاسه ،
جحظت عيناه ،
حلق بناظريه في أركان المكان ،
، ناولته إناء الماء الموجود بجواره ، أخذ يشرب و يشرب حتى غرقت ملابسه ،
عندما التقيت عيونه بعيوني ،
تسللت من عينيه التوسلات ،
خرجت الكلمات متحشرجة من بين شفتيه )
ـ أرجوك ، أريد شيئا يسكن آلامي .
ـ لا أستطيع .
ـ أرجوك ، لا أقدر على تحمل هذا الكم من الألم ،
ـ لا أستطيع فلقد حذروا علينا مداواتكم .
ـ أية إنسانية هذه التي تنتمون إليها أيها الحيوانات ،
هل ستتركني هكذا أتألم ؟؟
ـ ليس بيدي شيئا أقدمه لك .
ـ اقتلني إذن ، خلصني من هذه الآلام التي تسحقني كل لحظة .
ـ و لا هذه أيضا ، فلقد أمرونا بالإبقاء عليكم لاستجوابكم .
( انتفض جسمه الهزيل من شدة الألم ،صرخ صرخة عالية)
ـ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه .
( تبعتها آهات بقية الأسرى هنا و هناك ،
مررت بينهم بمصباحي الزيتي الشاحب أتفقدهم ،
منهم من فقد ذراعه أو كسرت ساقه ،
و آخر نالته بعض الطعنات أو أصابته طلقات نارية و لكنها لم تجهز عليه ، الجميع هنا يصارعون الألم ،
جذبت إحداهن يدي تقبلها ،
أحسست حرارة دموعها و دمائها على كفي ،
حاولت القيام من نومتها ، جذبتي من رقبتي حتى قربت فمها من أذني ،همست بصوت واهن )
ـ أرجوك ، أرحنا من آلامنا ، أرجوك .
ـ سيقتلونني لو علموا بمساعدتي لكم .
ـ لا نستطيع التحمل أكثر من ذلك ، ارحمنا بالله عليك .
ـ أنا متعاطف معكم ، و أرى أنه يجب معالجتكم ، أو على الأقل إعطائكم ما يخفف آلامكم ، و لكن ما بيدي حيلة ، فالطبيب المسئول عن الأدوية و توزيعها ، حرمها عليكم ، و لو خالفت رأيه سيقتلني لا محالة ، و لذلك لا أستطيع أن أفعل أي شيء لكم ، لا أستطيع ، لا أستطيع .
ـ ارحمنا ، ألا تعرف الرحمة ؟
( ضربت بيدها الواهنة على صدري )
ـ أليس في صدرك قلب ينبض ؟
( صرخ الجميع صرخة واحدة )
ـ وا إنسانيتااااااااااااااااااه .
( عندها وجدت (فيدل) فوق رأسي ، صرخ في وجهي )
ـ ماذا هناك ، ماذا فعلت ؟
ـ لم أفعل شيء يا سيدي ، و لكن هؤلاء الأوغاد يطلبون دواء يسكن آلامهم .
ـ و لماذا لا تعطهم أيها الحقير ؟
هل نزعت الرحمة من قلبك ؟
ـ إنما هي أوامر ( تشي ) يا سيدي .
ـ فلتذهب أنت و (تشي) إلى الجحيم ، أي نوع من البشر أنتم ؟ أي إنسانية هذه التي تدعون ؟؟؟
إياك أن تمنعهم أي شيء من هذا ، هيا .
ـ و لكن يا سيدي .....
ـ أمازالت هناك لكن أيها البائس ؟
( أخرج مسدسه من جعبته ، صوبه باتجاهي ، عندها جريت من أمامه ، توجهت إلى الخزانة على اليسار ، أخرجت منها بعض الأدوية ، بدأت بتوزيع الأدوية على الجرحى ،
فجأة دخل ( تشي ) و سيجاره الطويل في فمه ،
و لما وجدني على هذه الحالة صرخ صرخة عالية )
ـ ماذا تفعل أيها الحيواااااااان ؟؟؟ ألم أحذرك ...
( عندها نظرت إليه ، هممت بالكلام و لكن (فيدل) كان أسرع مني فقاطع كلامه )
ـ هل خالفت أوامري و أمرته بعدم إعطاء الدواء للأسرى ؟
ـ نعم ،فالأدوية لنا و لرجالنا المصابين و ليست لأعدائنا .
ـ هل نزعت الرحمة من قلبك ؟ هه ؟
ما الفرق بيننا و بينهم في الإحساس بالألم ؟
أي نوع من البشر أنت ؟
( أمسك ( تشي ) بسيجاره بين أسنانه ، بينما أخذ في جمع الأدوية من بين أيادي الأسرى عنوة بكلتا يديه ،
و أخذ يصرخ )
ـ لم أحمل كل هذه الأدوية على عاتقي خلال هذه المسافات حتى تقيحت قدماي لأهبها لهؤلاء ،
لم أحملها و أعبر بها كل هذه المستنقعات اللعينة بحشراتها و أفاعيها و تماسيحها و وحوشها لأعطيها بالنهاية لأعدائنا ،
هل نسيت ؟ هؤلاء الذين أرادوا قتلنا منذ ساعات ، أي منطق هذا ؟
دواءنا نداوي به أنفسنا و من ينتهجون منهجنا فقط ، شرابنا و طعامنا لنا و لم يخدمنا فقط ،
لمن تلتقي أفكاره و أفكارنا ،
هؤلاء الذين لهم نفس مبادئنا و نفس اتجاهنا فقط لا غير ، لا غير ، فقط ، فقط ، فقط .
( عندها انتزع (فيدل) الأدوية من بين يدي (تشي )
و أخذ يوزعها بنفسه على الأسرى )
ـ هؤلاء أهلي لا علاقة لك بهم ،
هؤلاء كوبيون ، هل تفهم ؟
كوبيون مهما كان الخلاف بيننا و بينهم ،
يبقوا أولا و أخيرا أبناء و شعب و أهل كوبا ،
( وقف في مواجهة (تشي) ، سحب السيجار من فمه ،
قذف به تحت قدميه و فركه بحذائه ،
وجه مسدسه لوجه (تشي) ، صرخ في وجهه )
ـ حاول إذن أن تأخذ هذه الأدوية منهم مرة أخرى إن استطعت .
( عندها انسحب (تشي) خارجا و لم يعقب ،
بينما أخذ الأسرى يهتفون )
ـ فيدل ، فيدل ، فيدل ..

( يتبع )


رد مع اقتباس