عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 47 )
خيَّال الغلباء
وسام التميز
رقم العضوية : 12388
تاريخ التسجيل : 01 - 03 - 2007
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة : نجد العذية
عدد المشاركات : 20,738 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 49
قوة الترشيح : خيَّال الغلباء is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
Post رد: الشاعر الكبير / سعد بن جدلان الأكلبي ونماذج من شعره

كُتب : [ 03 - 06 - 2009 ]

بسم الله الرحمن الرحيم

خرج من الأسلوب التقليدي ورسخ في ذاكرة الشعر :-

ابن جدلان يتفرد في قصائده بالخواتم المضيئة

رؤية : قاسم بن خلف الرويس

الفواتح : أوائل القصائد والخواتم : أواخرها وحسن الابتداء دليل على البيان وكذلك حسن الانتهاء وحسن الانتهاء : هو أن يختم الكلام بعذب الألفاظ وصحيح المعنى بحيث يشعر السامع بالتمام ولذا يفضل أن تكون خاتمة القصيدة حلوة يؤذن النفس بانقضائها لئلا تكون كالبتراء وخاتمة الكلام أبقى في السمع وألصق بالنفس لقرب العهد بها فتقع من الأسماع والقلوب على حسبها . وقد اتجهت معظم القصائد النبطية القديمة في خواتيمها إلى ختم القصيدة بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كتقليد سائد نابع من النزعة الدينية المغروسة في نفوسهم والأمثلة على ذلك كثيرة نجد ذلك جليا في قصائد راشد الخلاوي والشريف بركات وجري الجنوبي وحميدان الشويعر ويستمر هذا التقليد عند الهزاني وابن لعبون وابن سبيل والقاضي ثم عند ابن شريم ولويحان والنصافي والسديري وغيرهم وخاصة في المطولات مع اتجاه للتغيير ورغم ذلك فهناك خواتيم ونهايات مختلفة لعديد من القصائد مثل قول / فهيد المجماج :-

حبه يخج القلب ما يوجع اوجاع =لا شك قلبي مودعه بيت نمله

وعند ظهور التقسيم في المرحلة الحالية إلى شعر تقليدي وشعر حديث ما زال هذا التقليد منتشرا عند الشعراء الكلاسيكيين ـ كما يسمون في الوقت الحاضر ـ ولكنه اختفى بل تلاشى في قصائد الشباب الذين يسيرون في اتجاه آخر .

ابن جدلان :-

وسنعرض هنا نموذجا مختلفا لخاتمة القصيدة النبطية لأحد الشعراء المعاصرين المتميزين والذي يعدونه من الشعراء الكلاسيكيين ولكنه تفوق على الكثيرين .

التعريف بالشاعر : هو سعد بن جدلان الأكلبي ينتمي لقبيلة أكلب وموطنها منطقة بيشة ولهجة هذه القبيلة تميل إلى البداوة وتخلو من المفردات الأعجمية شاعر لم يعرفه الإعلام إلا في السنوات الأخيرة رغم أنه يعد في الصفوف الأولى لشعراء الجزيرة يشهد بذلك كبار الشعراء والنقاد حيث أن له أسلوبه الخاص في صياغة القصيدة التي لا يطيلها في غالب شعره حتى إن ديوانه المسمى (سمان الهرج ) والذي يحتوي على 82 قصيدة منها 37 أقل من سبعة أبيات فقصائده تتميز بقصرها وجودتها وتركيزها مما ساعد في سهولة حفظها وبالتالي انتشارها بين الناس فهو شاعر مطبوع غير متكلف وألفاظه جزلة رصينة أصيلة فإذا وصف أجاد وإذا تغزل أمتع وإذا مدح أقنع له طريقته العجيبة في الوصف يتعمد أحيانا القوافي الصعبة فيبدع أيما إبداع . وحين يلقي القصيدة بلهجته الجنوبية التي يستقي منها مفرداته يلقيها على سليقته بدون تصنع يجبرك على الاستماع إليه طربا .

والشاعر / ابن جدلان وإن كان له كثير من الفواتح والاستهلالات الجميلة مثل :-

ألا يا الهبوب الباردة عجلي هبي =على جاش من قامت هواجيسه تلوبه

وقوله :-

قابل يا ديان وأوف حقوق ديانك =طالت عليه الرجاوي والمواعيدي

وقوله :-

أنا وين أبلقى يالأجاويد فاعل خير =حريص على سر المحبين لأرسلته

إلا أن خواتم قصائده ذات خاصية سحرية عجيبة تشنف الآذان وتعلق بالأذهان بل إنها تهز المشاعر بصياغتها وتجد فيها حكمة الشيوخ وعنفوان الشباب وخاتمة القصيدة عند الأكلبي هي عادة ملخص للقصيدة وبيان لموضوعها الرئيس ولكن بحروف ذهبية ولن نعرج هنا لنهايات القصائد التي تقل أبياتها عن سبعة أبيات رغم جودتها التزاما بالعرف الأدبي على اعتبار أنها مقطوعات .

ولكن لننظر إلى قوله في نهاية رائعه لرائعته الغزلية المسماة ( مراسيلنا ) :-

لامر طرق بخـــــــــدراته ســــلام لي=كنه يسـلم علي بصــوته العــــــالي
خلوني أسج عن موضوعه أحسن لي=وإلا الغلا والله إن يبطي وهو غالي

فقد أسدل الستار على القصيدة ببيتٍ متوهج يختصر كل روايات الحب حيث يؤكد عشقه للمحبوب ولذا فكثرة النقاش حول هذا الأمر لا يفيد بقدر مايسبب المتاعب النفسية لهذا العاشق الولهان ولذا فمن الأفضل إغلاق الموضوع وبالتالي إغلاق القصيدة هنا تبرز العبقرية الشعرية .

ولنتأمل هذه النهاية لقصيدة الديوان الذي سمي باسمها ( سمان الهرج ) :-

أجمع سمان الهرج خوف من التقصير=ولا جيت بشرح له كلامي تهيزلته
يجيني منه هيبة معزه سحا تقدير=أقابله عندي علم وأروح ما قلته

يعرض الشاعر هنا المشهد الأخير وبعد نهايته يسدل الستار مباشرة صورة جميلة تتجلى روعة بذاتها ولا تحتمل زيادة الكلام بعدها فيجب إنهاء الكلام لأن العاشق حين لم يجد مايليق بالمقام سكت عن الكلام .

ويختم إحدى قصائده الاجتماعية بحكمة حقيقية بقوله :-

الآدمي لولا المكارم والاخلاق=كالحنظلة من عرقها لي ورقها

بيت بوزن قصيدة مرتبط بما قبله من الأبيات ارتباطاً كلياً ويتضمن لب المعاني والأفكار في قصيدته فلا يصح أن يعقبه ما هو دونه لأنه بيت القصيدة ولبها بل هو النتيجة المنطقية التي وصل إليها الشاعر من خلال مناقشته لموضوع القصيدة ذو الطابع الاجتماعي فختم القصيدة بإعلان النتيجة وكفى .

ومثل ما سبق ينهي قصيدته المميزة ( شكوى ) بحكمة أخرى :-

وأنا أعرف من أعادي وأنا أعرف من أحبي=وبه ناس لا تبغض ولا هيب محبوبة

ويستمر في حكمته لإنهاء قصيدته ( أنا بدوي ) بقوله :-

ولا كل من صادقت تبدي له الغاية=ولا كل من يضرب فج الخلا خوي

ويقول في ختام قصيدة أخرى :-

من عشق شرواك وإلا لا يهاوي=التقيد عن بعض الأشياء فضيلة

فيتقيد الشاعر نتيجة لهذا البيت عن فضول الكلام لأن ذلك فضيلة في حد ذاته وبالتالي التزم السكوت بعد هذا البيت هنا يظهر التناغم بين ما يقوله الشاعر وما يفعله فيفوح الختام مسكاًً .

ويختصر الوقت ويغلق الباب أمام العذال في ختام قصيدة ( يا رسولي ) فيقول :-

عروق الحشا ما تنبت إلا على طاريه=تناما على قربه وتهجر على فرقاه
فترى من يعذل مولع من هوى غاليه=مثل من يحاول يعدل السيل عن منحاه

نعم إنه ينهي القصيدة بصورة تتشابه مع من يغلق الباب في وجه العذال فلا فائدة من الكلام معهم لأن محاولاتهم في عذله عن العشق والتعلق بالمعشوق هو من رابع المستحيلات لأن السيل لا يمكن أن تغيره عن مجراه الطبيعي إلى طريق آخر وحالة الحب هنا هي الحالة الطبيعية للشاعر وتغيير الطبيعة أمر مستحيل وكفى .

ورغم هذه الخواتيم الجميلة فلم يختف لديه كشاعر كلاسيكي ختم القصيدة بما هو أجمل من ذلك كله ألا وهو الصلاة على النبي عليه أفضل الصلاة والتسليم مستلهما التراث وممتثلا لنهج السابقين يظهر ذلك في قصيدته ( غناة الرجال ) حيث يقول :-

وختمانها صلوا عدد ما ينوض بروق=على أفضل نبي عرج به فوق بيراقي

نقلآ من جريدة عكاظ :-

رابط الخبر




التعديل الأخير تم بواسطة خيَّال الغلباء ; 03 - 06 - 2009 الساعة 13:25
رد مع اقتباس