عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 16 )
جعد الوبر
وسام التميز
رقم العضوية : 15612
تاريخ التسجيل : 06 - 09 - 2007
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة : المملكة العربية السعودية
عدد المشاركات : 3,068 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 25
قوة الترشيح : جعد الوبر is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
رد: الشاعر الحكيم / عبدالله بن حمد السناني رحمه الله

كُتب : [ 19 - 06 - 2009 ]

بسم الله الرحمن الرحيم

أصدقاؤه ومقربوه : تقدم أن الوالد رحمه الله كان له اجتماعات مع أصدقائه في فترة شبابه ونحن صغار، وهذه الاجتماعات على دوائر مختلفة :-

( الأولى ) الاجتماع اليومي في مزرعة الأستاذ / عثمان القاضي رحمه الله والذي يجتمع فيها الأصدقاء من المساء حتى ذهاب جزء من الليل، وربما جاءوا بأبنائهم فيلعبون الكرة ويسبحون في البرك، فكانت من أجمل الأيام .

( الثاني ) الاجتماع الإسبوعي وذلك أن هؤلاء الأصدقاء صنعوا لهم ما كنا نسميه ونحن صغارٌ " بالصندقة "، وهي أشبه بالغرفة المربعة الكبيرة المبنية من الحديد الخفيف الذي يسمى " الشينكو " على هيئة الخيام الكبيرة اليوم، كان الوالد والأصدقاء يجتمعون فيها في كل ليلة جمعة ويكون العشاء على أحدهم بالتناوب .

( الثالث ) : الاجتماع الموسمي حينما تكثر الأمطار وتزهر الأرض كان الوالد والأصدقاء يخرجون برحلات " الكشتات " من ارتفاع النهار إلى المساء، ولا زلت أذكر بعض صور التي تحكي هذه الرحلات للوالد ومن معه كنا نتداولها بيننا والوالد رحمه الله محب للسحب والأمطار إلى درجة الهيام حتى إنه إذا أقبل السحاب من بعيد أخذ صديقه وجاره / أحمد الصائغ يتلقيان السحاب إذا أقبل، فتجود قريحته بالشعر وللوالد رحمه الله قصيدة يتغنى بها في مثل هذه الأجواء فهو يقول :-

لا شيء في طــــب النفـــوس
= كنزهة في ضاحيـة

أو روضــــــــــة ممطــــورة
= مـعزولة في ناحيـة

تاه الضجيج طــــريقهــــــــــا
= وسماؤها لك ساجية

فتكاد تسمع همـس نفســــــك
= للضمير مناجيـــــــــة

وتكاد تسمع نقـــر قلبــــــــك
= في الضلوع الغافيــة

وتحس وسوســـة الرمـــــال
= على النسيم مناغيـــة

ما أجمل الصحراء لـــــــــــــو
= قالوا حياة البـــــادية

مهد التأمل والهــــــــــــــــوى
= وقصيدة متصابيــــة

( الرابع ) : الرحلة السنوية، بذهابه رحمه الله مع ثلة من أصدقائه في كل إجازة إلى لبنان لمدة شهر يزيد أو ينقص، و في آخر سنوات رحلاته إلى لبنان قبل الحرب قال لي رحمه الله : إنه كان ينتظر نزول العقوبة على أهل لبنان؛ لأن سب الله سبحانه وسب دينه صار شيئاً عادياً جارياً على ألسنتهم في ثنايا كلامهم، وحكى لي رحمه الله بعض تلك العبارات الشنيعة وقد كان رحمه الله يتحسر على أيامه في لبنان لذا كتب قصيدة سماها " لبنــان " مما قاله فيها :-

لبنان ملك الناس ليس لمن هـم
= نعمــــــوا بجنتــــه وما شكـروه

لبســــوا النضـــــارة والمـــــــنى
= وعليــــل نسمتـــه فهل قــدروه

واليــوم وحــدي بالحنيــن بعهـده
= أفــــلا أحــــنّ ولا يحــــــن بنـوه

وإذا عتبــت على ذويـــه فإنمـــــا
= باللــــوم أقـــرصهم بمـا اقترفـوه

إن لم يكـونوا مثلـــــه فـي برِّهـم
= فالحــق يقضــي أن أقول دعــوه

أمسيت لا أخشى أن يُمزّق تخته
= أو ينطــــوي وإذا بهـــــم فقـــدوه

حســـدوا به جـــاراً يرتــل شعره
= بجمالـــه وبطبعهـــم حســــــدوه

وقد أخبرني زوج الخالة الأستاذ / عبدالله النهابي أنهم كلما دخلوا على الوالد رحمه الله في سكنه بلبنان وجدوه جالساً على زاوية يتأمل الطبيعة ومعه قلمه وقرطاسه يكتب شعراً وأما هو فحدثني رحمه الله ذات مرة عن شيء مما كان يدور في منتدياتهم الثقافية بلبنان بعد حين ذكرت له بعض المثقفين الذين انحرفوا في دينهم، فكان مما قاله لي : إن أحد هؤلاء قال له وهم في لبنان : أنت يا أبا سامي !! مثقف لكنك رجعي ولذا قال رحمه الله في الرد عليه بقصيدة بعنوان " إلى صديق تاه عن أمر ربه " :-

من لم يقده العقل بين شكوكه
= نحو الإله فذاك كـالنسنـــــــاس

كل الحقيقة كلها بوجــــــــوده
= فليذهب الإيمان بالوســـــــواس

يا طاعن الأديان في إلحــــــاده
= قد راج أفيون الشعوب الخاسي

الدين حق الله في ملكوتــــــــه
= هو واضع الأديـــان والآساسي

أديانه اجتمعت إلى قرآنــــــــــه
= ومحمد فيه إمـــــام النــــــاس

آمن بربك فهو مفتاح الهـــــدى
= والبس من الإسلام خير لبــــاس

فهناك تصبح آدمياً عاقلاً
= لا عابثاً كالمنتشي بالكأس

فلما دمرت الحرب لبنان كان الوالد وصحبه يذهبون إلى أرض الكنانة مصر، وأحياناً إلى المغرب، وكان من محفوظاتي التي بقيت عالقة في ذهني منذ ثلاثين سنة بيتان من مطلع قصيدة نبطية سمعتها من فيه قالها في نهاية رحلة لمصر سكنَ في حيٍّ معروف يدعى " الدقيّ " هما :-

يا شقة الدقيّ عليك السلامــي
= قرب السفر ادعي لنا بالتوافيق

عشرين وأربع طرفن بالتمامي
= انبهر الدلــــة وانتلاه بابـــــريق

وكان رحمه الله كتب قصيدة بعنوان " رسالة الأهرام " فمما جاء فيها :-

قصدت مقابــــر الأهــرام يومـــــــــاً
= لأكتــــب فكــــــــــرة عــــــبرت ببــــالي

رأيت قبور شعب في حضيــــــض
= (ومنق) و (خف) و (خوفو) في الأعالـــــى

أيجـــــدر بالبنـــاة نــزول تـــــــرب
= وهــــم رفــــعوا المــــقابـــر كالجبـــــال

عبيد الشمس تاهـــوا في حيـــاة
= وبعـــد المـــــوت تاهــــوا في التعــــــــــالي

يرون النـــــــاس مــن وحـل وطينٍ
= وهـــــم مــــن عنصـــر عالــي المنـــــــال

فشادوا من مقابرهم صــــروحـــاً
= على أشــــــــــــلاء وأكتـاف الرجــــــــــال

فمـــــــا تحنيطهـــــم إلا جـــــــــزاء
= لِمَا اقترفـــــــــــــوه أُمعــــــن بالــــــوبال

ترى الفرعون معروضــاً مسـجـى
= بأقفــاص التفـــاهــــــة بالريــــــــــــــــــال

فلو سكنوا التراب وفيــــه ذابـــــوا
= فمــــــا صـــــار الملـــوك لشــــر حــــــال

ولكــــن الإلـــــــــــه لــــه انتقــــام
= بمــن شركــــــوه أرديـــــــــة الجــــــــلال

ولو أنـــــي وجـــــدت بعصر خــوفو
= جهــــرت بمــــــا اعتقــــدت ولا أبــــالي

فما الأحجار وهــــي على ضــــريح
= تـــدل علـــى جــــلالتــــــه بحــــــــــــــال

ولكـــني أسفــــت علــــى زنـــــود
= مسخـــــــــــرة بنَتـــْهـــــــا بابتــــــــــذال

وفي المغرب له قصيدة بعنوان " طنجة " وأخرى بعنوان " ذكرى طنجة " قال في مطلع الأولى :-

رشيقة بسامة حلـــــــوة
= رقيقة تعزف لحنة الصـــــور

مضيافة بيضاء مياســـة
= أنسامها روح نسيم السحــــر

عانقتها بعد طول المــدى
= كنت وكانت كالندى والزهــــر

حيتك يا طنجة مني المنى
= في غمرة الشوق وبوح الذكر

لكن في آخر حياة الوالد رحمه الله خاصة منذ مرض والدته أقل من السفر جداً، وأقل من مثل هذه الاجتماعات الأربعة السابق ذكرها وصار يأوي كثيراً إلى حديقته الصغيرة، فيجتمع إليه فيها طائفة من الأصدقاء الذين يشاركونه بالشعر والأدب كالأستاذ الفاضل / عبدالرحمن المساعد المنير الذي كان زميلاً للوالد في الثانوية العامة، ثم زاملته أنا بعد وفاة الوالد بست سنوات في ثانوية ابن سعدي في عام (1415هـ) لسنتين قبل أن انتقل إلى الجامعة فكان من خير من عرفت فضلاً وعقلاً، وكان يحمل حباً وحنيناً عجيباً للوالد رحمه الله وذلك أن علاقة الوالد بأصدقائه علاقة تقوم على الاحترام والمحبة، فكل من عرفه رحمه الله وصاحبه أحبه واحترمه لخلقه وتواضعه وتودده للناس وكونه موسوعة في الأدب والشعر يؤنس بذلك من جالسه .

ومن أصدقاء الوالد القدماء الذين استحضرهم الآن وقد عرفتهم صغيراً : الأستاذ / عثمان الحمد القاضي رحمه الله صاحب المزرعة الشهيرة والصديق الملازم الذي كان الوالد يكن له الاحترام حتى إنه رحمه الله ذهب في مرض موته ليعايده بمناسبة العيد قبل موته بأشهر وهو يتوكأ على عصاه، والأستاذ الفاضل / عبدالرحمن بن صالح العليان مدير التعليم السابق، والأستاذ / عبدالله الخلف الخنيني وهو من ركبّ أول مكيف صحراوي جلبه الوالد لبيتنا الطيني على قاعدة خشبية فجزاه الله خيراً، ولا يزال يصلي معي أحياناً فأذكر به الوالد رحمه الله لأن به من أخلاقه وطبيعته، وجارا الوالد الأستاذان / أحمد بن عبدالعزيز الصائغ، و / عبدالعزيز بن سليمان الزيداني، والمربي الأستاذ أبو سامي / محمد السيوفي، والأستاذ / عبدالعزيز العمر، والأستاذ / محمد الكريداء مدير الثانوية العامة قديماً . يتبع .


سبيع ضد (ن) للحريب المعادي = أهل الرماح المرهفات الحدادي
مروين حد مصقلات الهنادي = سقم الحريب وقربهم عز للجار
]مدلهة الغريب - موردة الشريب - مكرمة الضيوف - مروية السيوف
رد مع اقتباس