انا حر
كُتب : [ 25 - 06 - 2009 ]
انا حر
كلمة نسمعها كثيرا في كل مكان، أي تصرف خاطئ يرد صاحبه: أنا حر.
يكسر الإشارة ثم يردد أنا حر، يتهجم على الآخرين ثم لا يعتذر ويقول أنا حر!
سلوكيات كثيرة نشاهدها ونسمعها ونسمع بعد ذلك التبرير الجاهز بالحرية، ولكن هل نحن أحرار حقاً؟
و إذا كنا أحرارا فما مدى حريتنا ؟ و ما هي أشكال الحرية التي يمكن أن نتصرف بها ؟
و هل للحرية حدود ؟
أسئلة كثيرة تدور في خلدنا ومنذ زمن طويل دون أن يتم الاستقرار على موقف ثابت بين دعاة الحرية المطلقة التي تصل إلى درجة الفوضى،
وبين المنادين بعدم وجود هذه الحربة التي تصل لدرجة الإلغاء والانغلاق.
ما بين التيارين يقف ديننا الإسلامي عند المفهوم الرائع الذي يقنن ذلك بالقول:
(أنت حر ما لم تضر) لكن هل الحرية تقتصر على منع الضرر فقط؟ الإجابة: لا ..
فأنت حر مثلا لتغير اسمك و لكنك لست حرا لتختار سنك فسوف يتقدم بك العمر و سيتغير عمرك شئت أم أبيت؟
أنت حر لتلبس ما تشاء، لكن حريتك هنا لها حدود ، فلا تلبس ما هو ضد القانون أو الشرائع أو ضد ما يخدش الحياء العام.
أنت حر في أن تعبر عن رأيك، لكن في إطار لا يمس الأخلاق أو القيم الاجتماعية والدينية أو يتهجم أو يسيء للآخرين
كل شخص تنحصر اختياراته في معيارين (الصدق ، والكذب) وكلنا لنا الحق في اختيار حريتنا ،
ولكن الحرية لها حدود ، ولنعلم أن حريتنا تنتهي عندما تبدأ حريات الآخرين.
هكذا روى التاريخ عن سلوك نبينا صلى الله عليه وسلم،
يحاربه قومه مع ما يعرفونه من صدقه وأمانته ونبله وكرم أخلاقه،
بمختلف أنواع الحروب القاسية ويطردونه من موطنه ومسقط رأسه،
ثم يتركهم أحراراً وما يختارون من دين وطريقة حياة؟!
لقد كان رسولنا الكريم يهديهم وينصحهم ويوضّح لهم طريق الرشد ويميّزه عن طريق الغيّ ثم يترك الاختيار لهم
(فمَن شاء فليؤمن ومَن شاء فليكفر)
(قد تبيّن الرشد من الغيّ فمَن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى)
(وهديناه النجدين)، (إنّا هديناه السبيل إمّا شاكراً وإمّا كفوراً)
هذا هو أسلوب الإسلام، لا ضغط ولا إكراه فيه.
قول الإسلام:
اعمل ما تشاء، فلك حرية العمل شريطة ألا تضرّ غيرك؛ فإنّه
«لا ضرر ولا ضرار في الإسلام» والإسلام يضرب بشدّة على يد الظالم ومَن يريد إلحاق الضرر بالآخرين،
وبعد ذلك فأنت حرّ في كلّ أمورك، في ذهابك ومجيئك وسفرك وعلاقاتك،
فلا ضغط ولا جبر ولا إكراه ولا كبت للحرية في الإسلام،
ولكن ثمة توجيهات وإرشادات تبيّن لك السلوك الأحسن،
تقول: هذا صحيح وهذا مستحبّ وهذا مفضّل وهذا مكروه.
نريد أن نرسي مفهوم الحرية الشخصية للفرد وعدم تدخل الآخرين في تفاصيل حياته،
نريده أن يعيش لنفسه ولمجتمعه كقيمة إنسانية، ولا يعيش فاقداً معنى الحياة.
منقووول
|