عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 1 )
خيَّال الغلباء
وسام التميز
رقم العضوية : 12388
تاريخ التسجيل : 01 - 03 - 2007
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة : نجد العذية
عدد المشاركات : 20,738 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 49
قوة الترشيح : خيَّال الغلباء is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
Post العُجْب وما أدراك ما العُجْب

كُتب : [ 24 - 07 - 2009 ]

بسم الله الرحمن الرحيم

عُجْبٌ التَّعْرِيفُ :-

1- مِنْ مَعَانِي الْعُجْبِ - بِالضَّمِّ - فِي اللُّغَةِ : الزَّهْوُ . وَلَا يَخْرُجُ اسْتِعْمَالُ الْفُقَهَاءِ لِهَذَا اللَّفْظِ عَنْ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، قَالَ الرَّاغِبُ الْأَصْفَهَانِيُّ : الْعُجْبُ : ظَنُّ الْإِنْسَانِ فِي نَفْسِهِ اسْتِحْقَاقَ مَنْزِلَةٍ هُوَ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ لَهَا .

وَقَالَ الْغَزَالِيُّ : الْعُجْبُ هُوَ اسْتِعْظَامُ النِّعْمَةِ وَالرُّكُونُ إلَيْهَا، مَعَ نِسْيَانِ إضَافَتِهَا إلَى الْمُنْعِمِ .

قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ : الْعُجْبُ فَرْحَةٌ فِي النَّفْسِ بِإِضَافَةِ الْعَمَلِ إلَيْهَا وَحَمْدِهَا عَلَيْهِ، مَعَ نِسْيَانِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الْمُنْعِمُ بِهِ، وَالْمُتَفَضِّلُ بِالتَّوْفِيقِ إلَيْهِ، وَمَنْ فَرِحَ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ مِنَّةً مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَاسْتَعْظَمَهُ، لِمَا يَرْجُو عَلَيْهِ مِنْ ثَوَابِهِ، وَلَمْ يُضِفْهُ إلَى نَفْسِهِ، وَلَمْ يَحْمَدْهَا عَلَيْهِ، فَلَيْسَ بِمُعْجَبٍ .

( الْأَلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ ) :-

أ - ( الْكِبْرُ ) :-

2- الْكِبْرُ : هُوَ ظَنُّ الْإِنْسَانِ بِنَفْسِهِ أَنَّهُ أَكْبَرُ مِنْ غَيْرِهِ، وَالتَّكَبُّرُ إظْهَارٌ لِذَلِكَ، وَصِفَةُ " الْمُتَكَبِّرِ " لَا يَسْتَحِقُّهَا إلَّا اللَّهُ تَعَالَى، وَمَنْ ادَّعَاهَا مِنْ الْمَخْلُوقِينَ فَهُوَ فِيهَا كَاذِبٌ، وَلِذَلِكَ صَارَ مَدْحًا فِي حَقِّ الْبَارِي سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَذَمًّا فِي الْبَشَرِ، وَإِنَّمَا شَرَفُ الْمَخْلُوقِ فِي إظْهَارِ الْعُبُودِيَّةِ .

وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْكِبْرِ وَالْعُجْبِ هِيَ : أَنَّ الْكِبْرَ يَتَوَلَّدُ مِنْ الْإِعْجَابِ .

ب - الْإِدْلَالُ :-

3- الْإِدْلَالُ : مِنْ أَدَلَّ، وَالْأَدَلُّ : الْمَنَّانُ بِعَمَلِهِ، وَالْإِدْلَالُ وَرَاءَ الْعُجْبِ، فَلَا مُدِلَّ إلَّا وَهُوَ مُعْجَبٌ، وَرُبَّ مُعْجَبٍ لَا يُدِلُّ . قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ : الْعُجْبُ إنَّمَا يَكُونُ بِوَصْفِ كَمَالٍ مِنْ عِلْمٍ أَوْ عَمَلٍ، فَإِنْ انْضَافَ إلَى ذَلِكَ أَنْ يَرَى حَقًّا لَهُ عِنْدَ اللَّهِ سُمِّيَ إدْلَالًا، فَالْعُجْبُ يَحْصُلُ بِاسْتِعْظَامِ مَا عَجِبَ بِهِ، وَالْإِدْلَالُ يُوجِبُ تَوَقُّعَ الْجَزَاءِ، مِثْلُ أَنْ يَتَوَقَّعَ إجَابَةَ دُعَائِهِ وَيُنْكِرُ رَدَّهُ .

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ :-

4- الْعُجْبُ مَذْمُومٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا } ذَكَرَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِ الْإِنْكَارِ، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ : شُحٌّ مُطَاعٌ، وَهَوًى مُتَّبَعٌ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ } { وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ لَمْ تَكُونُوا تُذْنِبُونَ لَخَشِيت عَلَيْكُمْ مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ : الْعُجْبَ الْعُجْبَ } فَجَعَلَ الْعُجْبَ أَكْبَرَ الذُّنُوبِ . وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : الْهَلَاكُ فِي شَيْئَيْنِ : الْعُجْبِ وَالْقُنُوطِ، وَإِنَّمَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا، لِأَنَّ السَّعَادَةَ لَا تُنَالُ إلَّا بِالطَّلَبِ، وَالْقَانِطُ لَا يَطْلُبُ، وَالْمُعْجَبُ يَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ ظَفِرَ بِمُرَادِهِ فَلَا يَسْعَى . وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : الْإِعْجَابُ ضِدُّ الصَّوَابِ، وَآفَةُ الْأَلْبَابِ . وَقَالَ الشِّيرَازِيُّ : اعْلَمْ أَنَّ الْعُجْبَ وَصْفٌ رَدِيءٌ يَسْلُبُ الْفَضَائِلَ وَيَجْلُبُ الرَّذَائِلَ، وَيُوجِبُ الْمَقْتَ وَيُخْفِي الْمَحَاسِنَ وَيُشْهِرُ الْمَسَاوِئَ وَيُفْضِي إلَى الْمَهَالِكِ .

( أَنْوَاعُ الْعُجْبِ ) :-

5- مَا بِهِ الْعُجْبُ ثَمَانِيَةُ أَقْسَامٍ :-

الْأَوَّلُ : أَنْ يَعْجَبَ بِبَدَنِهِ فَيَلْتَفِتَ إلَى جَمَالِ نَفْسِهِ وَيَنْسَى أَنَّهُ نِعْمَةٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّهُ عُرْضَةٌ لِلزَّوَالِ فِي كُلِّ حَالٍ . وَيَنْفِي هَذَا الْعُجْبَ : النَّظَرُ فِي بَدْءِ خَلْقِهِ وَإِلَى مَا يَصِيرُ إلَيْهِ .

الثَّانِي : الْقُوَّةُ، اسْتِعْظَامًا لَهَا مَعَ نِسْيَانِ شُكْرِهَا، وَتَرْكُ الِاعْتِمَادِ عَلَى خَالِقِهَا، كَمَا حُكِيَ عَنْ قَوْمٍ حِينَ قَالُوا فِيمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ : { مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً } وَيَنْفِي هَذَا الْعُجْبَ اعْتِرَافُهُ بِمُطَالَبَةِ الشُّكْرِ عَلَيْهَا، وَأَنَّهَا عُرْضَةٌ لِلسَّلْبِ، فَيُصْبِحُ أَضْعَفَ الْعِبَادِ .

الثَّالِثُ : الْعَقْلُ، اسْتِحْسَانًا لَهُ وَاسْتِبْدَادًا بِهِ . وَيَنْفِي الْعُجْبَ فِيهِ تَرْدِيدُ الشُّكْرِ عَلَيْهِ، وَتَجْوِيزُ أَنْ يُسْلَبَ مِنْهُ كَمَا فُعِلَ بِغَيْرِهِ، وَأَنَّهُ إنْ اتَّسَعَ فِي الْعِلْمِ بِهِ فَمَا أُوتِيَ مِنْهُ إلَّا قَلِيلًا .

الرَّابِعُ : النَّسَبُ الشَّرِيفُ افْتِخَارًا بِهِ وَاعْتِقَادًا لِلْفَضْلِ بِهِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الْعِبَادِ . وَيَنْفِي هَذَا الْعُجْبَ عِلْمُهُ بِأَنَّهُ لَا يَجْلِبُ ثَوَابًا وَلَا يَدْفَعُ عَذَابًا، وَأَنَّ أَكْرَمَ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاهُمْ، وَأَنَّ { النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِكُلٍّ مِنْ ابْنَتِهِ فَاطِمَةَ وَعَمَّتِهِ صَفِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : لَا أُغْنِي عَنْك مِنْ اللَّهِ شَيْئًا } وَمِنْ الْعُجْبِ التَّكَبُّرُ بِالْأَنْسَابِ عُمُومًا، فَمَنْ اعْتَرَاهُ الْعُجْبُ مِنْ جِهَةِ النَّسَبِ فَلْيَعْلَمْ أَنَّ هَذَا تَعَزُّزٌ بِكَمَالِ غَيْرِهِ، ثُمَّ يَعْلَمُ أَنَّ أَبَاهُ الْقَرِيبَ نُطْفَةٌ قَذِرَةٌ، وَأَبَاهُ الْبَعِيدَ تُرَابٌ .

الْخَامِسُ : الِانْتِسَابُ إلَى ظَلَمَةِ الْمُلُوكِ وَفَسَقَةِ أَعْوَانِهِمْ تَشَرُّفًا بِهِمْ . قَالَ الْغَزَالِيُّ : وَهَذَا غَايَةُ الْجَهْلِ وَعِلَاجُهُ أَنْ يَتَفَكَّرَ فِي مَخَازِيهِمْ وَأَنَّهُمْ الْمَمْقُوتُونَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .

السَّادِسُ : كَثْرَةُ الْأَوْلَادِ وَالْأَقَارِبِ وَالْأَتْبَاعِ اعْتِمَادًا عَلَيْهِمْ وَنِسْيَانًا لِلتَّوَكُّلِ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ . وَيَنْفِي الْعُجْبَ بِهِ تَحَقُّقُهُ أَنَّ النَّصْرَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَأَنَّ كَثْرَتَهُمْ لَا تُغْنِي عِنْدَ حُضُورِ الْمَوْتِ شَيْئًا .

السَّابِعُ : الْمَالُ، اعْتِدَادًا بِهِ وَتَعْوِيلًا عَلَيْهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إخْبَارًا عَنْ صَاحِبِ الْجَنَّتَيْنِ إذْ قَالَ : { أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا } وَرُوِيَ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا غَنِيًّا جَلَسَ بِجَنْبِهِ فَقِيرٌ فَكَأَنَّهُ قَبَضَ مِنْ ثِيَابِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَخَشِيت يَا فُلَانُ أَنْ يَعْدُوَ غِنَاك عَلَيْهِ، وَأَنْ يَعْدُوَ إلَيْك فَقْرُهُ } وَذَلِكَ لِلْعُجْبِ بِالْغِنَى . وَيَنْفِيهِ عِلْمُهُ أَنَّ الْمَالَ فِتْنَةٌ، وَأَنَّ لَهُ آفَاتٍ مُتَعَدِّدَةً .

الثَّامِنُ : الرَّأْيُ الْخَطَأُ، تَوَهُّمًا أَنَّهُ نِعْمَةٌ، وَهُوَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ نِقْمَةٌ، قَالَ تَعَالَى : { أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا } وَعِلَاجُ هَذَا الْعُجْبِ أَشَدُّ مِنْ عِلَاجِ غَيْرِهِ، لِأَنَّ صَاحِبَ الرَّأْيِ الْخَطَأِ جَاهِلٌ بِخَطَئِهِ، وَعِلَاجُهُ عَلَى الْجُمْلَةِ : أَنْ يَكُونَ مُتَّهِمًا لِرَأْيِهِ أَبَدًا لَا يَغْتَرُّ بِهِ، إلَّا أَنْ يَشْهَدَ لَهُ قَاطِعٌ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ دَلِيلٍ عَقْلِيٍّ صَحِيحٍ .

أَسْبَابُ الْعُجْبِ :-

مِنْ أَقْوَى أَسْبَابِ الْعُجْبِ كَثْرَةُ مَدِيحِ الْمُتَقَرِّبِينَ، وَإِطْرَاءُ الْمُتَمَلِّقِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا النِّفَاقَ عَادَةً وَمَكْسَبًا، فَقَدْ وَرَدَ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : { أَنَّ رَجُلًا ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَثْنَى عَلَيْهِ رَجُلٌ خَيْرًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَيْحَك، قَطَعْت عُنُقَ صَاحِبِك - يَقُولُهُ مِرَارًا - إنْ كَانَ أَحَدُكُمْ مَادِحًا لَا مَحَالَةَ فَلْيَقُلْ : أَحْسَبُ كَذَا وَكَذَا إنْ كَانَ يَرَى أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَاَللَّهُ حَسِيبُهُ، وَلَا يُزَكِّي عَلَى اللَّهِ أَحَدًا } وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " الْمَدْحُ ذَبْحٌ . وَلِذَا يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يَسْتَرْشِدَ إخْوَانَ الصِّدْقِ، الَّذِينَ هُمْ أَصْفِيَاءُ الْقُلُوبِ، وَمَرَايَا الْمَحَاسِنِ وَالْعُيُوبِ، عَلَى مَا يُنَبِّهُونَهُ عَلَيْهِ مِنْ مُسَاوِيهِ الَّتِي صَرَفَهُ حُسْنُ الظَّنِّ عَنْهَا . وَقَدْ رَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ الْمُؤْمِنِ، إذَا رَأَى فِيهِ عَيْبًا أَصْلَحَهُ } وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ : رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً أَهْدَى إلَيَّ عُيُوبِي . وَيَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ إذَا رَأَى مِنْ غَيْرِهِ سَيِّئَةً أَنْ يَرْجِعَ إلَى نَفْسِهِ، فَإِنْ رَأَى فِيهَا مِثْلَ ذَلِكَ أَزَالَهُ وَلَا يَغْفُلُ عَنْهُ . منقول مع خالص التحية وأطيب الأمنيات وأنتم سالمون وغانمنون والسلام .



رد مع اقتباس