رد: قطوف من الفكاهة والبلاغة والحكم والأدب والحكمة
كُتب : [ 16 - 09 - 2009 ]
بسم الله الرحمن الرحيم
العفو عند المقدرة من شيم الكرام ومن أعظم مكارم الأخلاق وأفضل دواء في العالم يصرف من صيدلة الوحي « ادفع بالتي هي أحسن » « والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين » قام رجل يسبُّ أبا بكر الصديق ويقول : والله لأسبنَّك سباً يدخل معك قبرك، فقال / أبو بكر : بل يدخل معك قبرك أنت، وسبَّ رجلٌ الإمام / الشعبي فقال / الشعبي : إن كنتَ كاذباً فغفر الله لك، وإن كنتَ صادقاً فغفر الله لي وإن تحويل القلب إلى حيّات للضغينة وعقارب للحقد وأفاعي للحسد أعظم دليل على ضعف الإيمان وضحالة المروءة وسوء التقدير للأمور، وما أطيب القلب الأبيض الزلال، ما أسعد صاحبه، ما أهنأ عيشه، ما ألّذ نومه، ما أطهر ضميره، ثم هل في هذا العمر القصير مساحة لتصفية الحسابات مع الخصوم، وتسديد فواتير العداوة مع المخالفين ؟ إن العمر أقصر من ذلك، وإن الذي يذهب ليقتصّ من كل من أساء إليه وينتقم من كل من أخطأ عليه سوف يعود بذهاب الأجر، وعظيم الوزر، وضيق الصدر، ناهيك عن الأمراض الجسدية المصاحبة إذاً اقترح عليك أن تصدر الليلة مرسوماً بالعفو عن كل من أساء إليك وبعدها سوف تنام ليلة سعيدة وتلك النفحات الإيمانيه من شيم الكرم والعفو عند المقدرة والتسامح مأخوذة من قول الله تعالى : ( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ) ( الأعراف : 199 ) وقوله تعالى : ( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) ( الحجر : 85 ) وقوله تعالى : ( وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) ( النور : 22 ) وقوله تعالى : ( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) ( آل عمران : 134 ) وقوله تعالى : ( وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) ( الشورى : 43 ) وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحُدٍ ؟ قال : ( لقد لقيتُ من قومك، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على / ابن عبد ياليل بن عبد كُلالٍ، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقتُ وأنا مهمومٌ على وجهي، فلم استفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابةٍ قد أظلتني، فنظرتُ فإذا فيها جبريل عليه السلام، فناداني فقال : إن الله تعالى قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمُرهُ بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال، فسلم على ثم قال : يا محمدُ إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربي إليك لتأمرني بأمرك، فما شئت : إن شئت أطبقتُ عليهم الأخشبين فقال النبي صلى الله عليه وسلم بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً ) متفق عليه وذلك والله قمة العفو ولكم في رسول الله أسوة حسنة وقال الشاعر في العفو عند المقدرة وأنه من شيم الكرام :-
وما قتل الأحرار كالعفو عنهم
= ومن لك بالحر أن يحفظ اليدا
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
= وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
فوضع الندى في موضع السيف بالعلا
= مضرُّ كوضع السيف في موضع الندى
هذا والله يحفظكم ويرعاكم منقول مع خالص التحية وأطيب الأمنيات وأنتم سالمون وغانمون والسلام .
|