رد: نسب قبيلة عتيبة عند الأستاذ / تركي بن مطلق القداح العتيبي
كُتب : [ 01 - 11 - 2009 ]
ورد إلى " العرب " من الأستاذ / تركي بن فالح العتيبـي ، من الرياض ، ما يلي :
اطلعت على التعقيب الذي كتبه الأخ الأستاذ / فالح بن شراع العتيـبي في ( مجلة العرب ، ج11و12 ، س 41 ، الجماديان 1427هـ )، وإنني إذ أشكر الأخ الفاضل على تلبيته لطلبي بإدلائه بدلوه في هذا الموضوع ، إلا أنني لاحظت عليه بعض الملاحظات التالية التي سآتي على ذكرها ، والأخ / فالح العتيـبي سبق أن بعث إليّ بهذا التعقيب مشكورًا بتاريخ 16/5/1426هـ ، ويقع في 11 صفحة ، ورددت عليه بتاريخ 1/9/ 1426هـ ، وكان ردِّي يقع في 16 صفحة ، وطالما أنّ ردَّه نُشر في مجلة العرب مختصرًا فيما يبدو فها أنا أنشر ردِّي عليه هنا على قدر ما كتب في هذه المجلة الكريمة ، وها هو الرد على ملاحظاته :
1- لم يذكر الأخ الكريم في تعقيبه سوى مصدرين ؟! فهل مصدران كافيان في إثبات نسب قبيلة معاصرة إلى قبيلة جاهلية ؟!! ، لذا فقد اتصف تعقيبه في كثير منه على تأويلات خاطئة نظرًا لأنه لا يعتمد على مصادر .
2- ذكر الأخ الكريم أنه لا يوجد في قبيلة كنانة إلا سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة فقط ؟!! وهذا الكلام لا يصح البتة ، فسعد كنانة التي ذكرها الهمداني في القرن الرابع الهجري في جنوب الطائف هي غير سعد بن ليث من كنانة ، فسعد بن ليث ديارها قرب مكة المكرمة .
3- ذكر الباحث ما نصه : " وإطلاق نسبة السعدي في الحجاز ولفظة بني سعد معلوم أنها تعود إلى سعد بن بكر بن هوازن ؛ ولذا درج المؤرخون القدامى ومنهم الفاسي على إطلاق نسبة بني سعد بدون الحاجة إلى ذكر أبيه بكر بن هوازن نظرًا لشهرته في الحجاز ".
قلت : ما هو المصدر الذي اعتمد عليه في هذا الكلام ؟! وقد ذكر أبو الحسن الجزري قوله : " .. وفاته النسبة إلى سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة منهم أبو الطفيل عامر بن واثلة بن عبدالله بن عمير بن جابر بن حميس بن جدي ابن سعد بن ليث الكناني ثم الليثي ثم السعدي له صحبة وهو من شيعة أمير المؤمنين علي عليه السلام " (1).
ثم كيف يجزم بهذا خاصة وأنّ مؤرخين كبارًا كابن خلدون وغيره نصُّوا على انتقال سعد بن بكر بن هوازن من الحجاز كما سيأتي . ثم كيف يجزم الكاتب الكريم أنّ الفاسي يقصد ببني سعد الذين يحلون جنوب الطائف هم سعد بن بكر ؟!! مع أن الفاسي لم يذكر سوى قوله :" بني سعد " فقط ؟!
4- نقل الكاتب قول الفاسي : " سراة بني شبابة هي سراة بني سعد ". وأضاف : " وشبابة التي ذكرها البلاذري هي من بني مالك بن كنانة ، بينما هناك سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة ؛ مما يعني أنّ شبابة وسعد الكنانيين مختلفان في الآباء وليس هذا من ذاك . والتسمية بشبابة ليست مقتصرة على كنانة بل هي في زهران وإياد ، فما المانع من وجود اسم شبابة " وقد يكون لقبًا " في بني سعد بن بكر بن هوازن ".
قلت : كل ما تقدم تأويل للنصوص وهو تأويل خاطئ ، وليس في محله ؛ لأنّ الكاتب يفسّر النصوص تفسيرًا خاطئًا ؛ فالبلاذري ( ت 279 هـ ) يقول ما نصه : " ومن بني مالك بن كنانة بنو شبابة وهم ينزلون اليمن وإليهم ينسب العسل الشبابي " (2).
فهذا نص واضح لعالم متقدم يوضح لنا نسب شبابة وأنها قبيلة من كنانة . والأزهري ( ت 370 هـ ) يوضح نص البلاذري في تحديد الديار وأنّ المقصود باليمن جنوب الطائف فيقول : " وعسل شبابي : ينسب إلى بني شبابة قوم بالطائف ، وهم من بني مالك بن كنانة ، ينـزلون اليمن " (3).
وقد فسر الكاتب أنّ سعدًا الكنانية المقصودة هي سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة ، وهذا مالم أذكره أنا أو أشير إليه ، وإنما ذكرت بأنّ سعدًا المذكورة هي حسب الوثيقة المنشورة في مقالي السابق والمؤرخة سنة 1005هـ ، وهم بنو سعد بن [ جد بني سعد ] بن حجاج بن مسعود بن أكوع بن عتيب [ جد قبيلة عتيب ] بن كعب بن هوازم بن صالح بن شباب [ جد شبابة ]، ومن هنا فإنّ سعدًا التي وصفها الهمداني بقوله ( سعد كنانة ) هي سعد التي تقدم ذكرها والتي تقيم في جنوب الطائف ، حيث يقول الهمداني ( ت نحو 344هـ ) : " ... ثم سراة بجيلة ، وغورها بنو سعد من كنانة ، ثم سراة بني شبابة وعدوان " (4).
فنرى أنّ الهمداني لم يقل بأنها سعد بن ليث بن بكر ... إلخ ، وإنما اكتفى بقوله ( سعد كنانة ) فعلام استند الباحث في قوله بأنها سعد بن ليث الكنانية ؟!!
ثم إن هناك نصًّا لابن سعيد ( ت 685 هـ ) نقله عن البيهقي ذكر فيه وبكل وضوح أن وادي المعدن وهو من بلاد عتيبة حيث يقول : " قال البيهقي ومن منازل كنانة في طريق الطائف معدن البُرم التي تُحمل إلى الآفاق ، وفي طريق العراق وادي نخلة : وفيه قرى ومزارع ، بينه وبين عرفات مرحلة .. " (5).
أفلا يؤكد هذا النص وغيره من نصوص أن بني سعد التي ذكرها الفاسي هي سعد كنانة وأن شبابة هي شبابة كنانة التي ذكرها البلاذري والأزهري في جنوب الطائف وهي بنو سعد من عتيبة من شبابة كنانة !
لذا فلا خلاف بين قبيلة بني شبابة بن مالك بن كنانة ، التي تحل جنوب الطائف وبين بني سعد كنانة التي تحل أيضًا جنوب الطائف ؛ لأنّ سعدًا هذه هي بنو سعد بن حجاج ... إلخ النسب المتقدم ذكره والمنحدر من شباب جد شبابة ، فبهذا نعلم أنّ قول الفاسي إنّ سراة شبابة هي سراة بني سعد هو أنّ بني سعد ورثوا ديار آبائهم الشبابيين ، وأنّ اسم سعد في السراة حل محل اسم شبابة القديم والمشهور في كتب البلدانيين . وهذا في نظري ونظر بعض الإخوة هو التحليل المنطقي للنصوص وليس التأويل الذي لا يستند على نصوص المؤرخين .
أمّا قوله بأن اسم شبابة : " ليست مقتصرة على كنانة بل هو في زهران وإياد ، فما المانع من وجود اسم شبابة " وقد يكون لقبًا " في بني سعد بن بكر بن هوازن " ؟!
أقول : إنّ الكاتب الكريم لا يقوده البحث عن الحقيقة فيما يبدو ، وإلا كيف يحاول أن يهمش نصوص العلماء الدامغة كالبلاذري والهمداني وابن سعيد وغيرهم ، ويحاول أن يقحم شبابات قلة ليست مشهورة ولا معروفة في كتب النسابين والبلدانيين وعلماء اللغة وغيرهم ، ولم تذكر كذكر شبابة كنانة ، ثم إن هناك أسئلة تطرح نفسها وهي كما يلي :
الأول : أنّ الهمداني حدد السراة وذكر موضع كل قبيلة وسراتها ؛ ومن ذلك أنه حدد سراة شبابة التي ذكرها البلاذري قبله بأقل من نصف قرن فقال محددًا سراتها بين سراة ثقيف وسراة بجيلة كما تقدم فقال : " ثم سراة بجيلة ، وغورها بنو سعد من كنانة ، ثم سراة بني شبابة وعدوان .. ".
وبهذا نعلم أنه يستحيل أن تكون السراة المقصودة في نص الهمداني هي سراة زهران من الأزد لأنها تأتي بعد سراة بجيلة [ بني مالك ]!
الثاني : هل يستطيع الباحث أن يذكر نصًّا واحدًا ذكر شبابة الأزد في جنوب الطائف ؟!!
الثالث : هل يستطيع الباحث أن يبين لنا من المصادر التاريخية القديمة أو كتب البلدانيين أن شبابة إياد يوجد فيها بطن يعرف ببني سعد ؟!! وحتى شبابة زهران الأخرى فهل يوجد فيها بطنٌ يعرف ببني سعد ؟!
أمّا قوله إنّ الاسم قد يكون لقبًا في بني سعد ؛ فقديمًا قيل : " لا اجتهاد مع النص " فقد عدّت الوثيقة وهي حجة على من لم يعلم بأنّ شبابًا اسم رجل وهو جد قبيلة عتيبة والنسبة إلى شباب شبابي .
ثم كيف يضع الأخ الكريم لبني سعد بن بكر بن هوازن ديارًا في جنوب الطائف ؟! ومن هو الذي ذكر ديارهم في هذا المكان من المتقدمين ؟! حتى يحق له أن يؤوّل نص الفاسي كما يحلو له ! مع أنّ هناك نصوصًا مهمة تذكر أنّ بني سعد من هوازن في بلاد المدينة وأنها انتقلت من بلادها شرق مكة المكرمة سنأتي على ذكرها .
5- ذكر الباحث أنه : " لو كانت عتيبة من شبابة كنانة فكيف تنقطع صلتها بفروع كنانة الأخرى كالجحادلة وبني شعبة جنوبي مكة ، وهي الديار الأصيلة [ الأصلية ] لكنانة ولم يُسمع قط بأدنى صلة بينهما لا في قديم الزمن ولا في حديثه ، ولا حتى من فرد واحد أو عتيبي واحد رغم قرب المكان ".
قلت : أولاً لم يبيّن لنا الباحث من أي فروع كنانة بني شعبة ؟! فكنانة قبيلة جاهلية قديمة ، ثم من المؤرخ أو النسابة الذي قال بكنانية بني شعبة ؟! والصحيح أنّ بني شعبة من قبيلة تغلب ذكر هذا ابن سعيد ( ت 685 هـ ) حيث يقول : " ... ودخلت جزيرة العرب ، فسألت : هل بقي في أقطارها أحد من ربيعة ؟ فقالوا : لم يبق ...، وبني شعبة المشهورين بقطع الطرقات ... في أطراف الحجاز مما يلي اليمن والبحر ..."، وقال أيضًا : " .. بنو شعبة الذين يقطنون الطرقات ، وهم من بني تغلب . ولم يبق في البادية ممن يُنسب لتغلب وله قائمة غيرهم " (6).
كذلك الجحادلة أيضًا لم يبيّن لنا من قال بكنانيتهم ، وقد ذكر عاتق البلادي أنّ الجحادلة من فروع بني شعبة ! (7) وبهذا نعلم أنهم من تغلب لأنهم جزء من قومهم بني شعبة ، إذن ما علاقة تغلب بكنانة ؟؟!
ثم إنه لو كان كلامه مقبولاً لوجدنا مثلاً صلات بين قبيلتي عدوان التي تقطن الطائف وقبيلة فهم الموجودة حاليًّا في تهامة فليس بين القبيلتين أي تواصل رغم أنهما من عمرو من قيس عيلان ؟! كذلك قبيلة بلحارث هي جزء من قبيلة زهران وانقطعت الصلة بينهم ذكر هذا الشيخ حمد الجاسر - رحمه الله - (8).
6- ذكر أنّ الحروب كانت تقع بين هذيل وكنانة ، وذكر أنّ لهذيل أيضًا حروبًا مع سعد هوازن وخاصة فيما يقرب من البوباة في الجاهلية واستمرارها في الإسلام إلى وقعة استقلال بني سعد بجبل عروان قرابة 300هـ ، ولشدة ما وقع بينهما من عداء قام حلف شبابة وخندف ؛ فهذيل خندفية النسب من مدركة بن إلياس بن مضر ، والتحقت بها قبائل غير خندفية النسب عداءً لعتيبة . ثم قال : ومن المعروف أن كنانة رأس خندف فلو كانت عتيبة كنانية لما ميّزت هذيل هذا الحلف باسم خندف ما دام أن رأس الحلف المخاصم لها خندفي أيضاً ؛ فالتسمية بشبابة تنفي علاقته بخندف وتؤيد صلته بقيس إذ بين القيسية وخندف حروب معلومة وتنافس ظاهر ، بينما الحروب التي قامت بين هذيل وكنانة في الجاهلية كانت في أغلبها غارات صعاليك ولم تصل إلى حد قيام حلفين مضادين .
قلت : حروب سعد هوازن وكنانة مع هذيل دونها بعض المؤرخين ، أما تفسيره إلى وقعة استقلال بني سعد بجبل عروان وأنها سعد هوازن فهذا غير صحيح ليس لعدم وجود مصدر فحسب ؛ بل لأنّ الهمداني نص على من استقل بجبل عروان هم سعد كنانة ، وتعليله أن الحرب قامت على أثر تلك الحروب فهذا ما لم يأتِ على ذكره أحد من المؤرخين ، خاصة أنّ ابن شبّة المتوفى سنة 262 هـ يقول : " وعن شرقي خطة مزينة .. بنو سليم بن منصور أيضًا ، وسعد بن بكر بن هوازن بن منصور إلى دار خلدة بن مخلد الزُّرَقِي . وأدنى دار أمّ عمرو بنت عثمان بن عفان ، إلى بيوت نفيس بن محمد ، مولى بني المعلى في بني زُريق من الأنصار ، إلى أن تلقى بني مازن بن عَدِيّ بن النجار ؛ فهؤلاء الذين نزلوا مع مزينة ، ودخل بعضهم في بعض . ونزلوا جميعًا لأن دارهم في البادية واحدة " (9).
وقد ذكر السمهودي المتوفى سنة 911هـ نقلاً عن ابن شبة خبرًا يفيد بوجود بني سعد بن بكر في المدينة المنورة حيث يقول : " ونقل ابن شبة في تأديب عمر بن الخطاب الرعية في أمر دينهم أنّ رجلاً من أشجع يقال له بقيلة كان غازيًا ، فبلغه أنّ جَعْدة بن عبدالله السلمي يحدث النساء ، وأنّ جواريه يخرجن إلى سلع فيحدثهن ، ثم يعقل الجارية ويقول : قومي في العقال فإنه لا يصبر على العقال إلا حصان ، فتقوم ساعة ثم تسقط ، فربما تكشفت ، فكتب الأشجعي إلى عمر :
أَلاَ أَبْلِغْ أَبَا حَفْصٍ رَسُولا
= فَمَا قُلص تَقُمْنَ مُعْقلاَتٍ
قلائصُ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ
= يُعقِلُهُـنَّ جعْـدَةُ مِنْ سُلَيْمٍ
فِدًى لَكَ مِنْ أَخِي ثقة إِزَارِي
= قفَا سَلعٍ لمخْتَلفِ النِّجَـارِ
أَوْ أسْلم أَوْ جُهَيْنَة أَوْ غفَارِ
= مُعِيـدًا يَبْتَغِي سَقْطَ الْعَذَارِي
... فدعا عمر بجعدة فقال : أنت لعمري كما وصف " أبيض شيظمي "، وسأله فأقرّ ، فضربه مائة معقولاً ، وغرَّبه إلى الشام ، فكُلِّم فيه ، فأذن له على أن لا يدخل المدينة .. " (10).
وقد روى أبو علي الهجري في كتابه " التعليقات والنوادر " عن رواة منهم وسماهم سعد الحضنة (11). وكان الهجري في المدينة المنورة في مطلع القرن الرابع الهجري تقريبًا .
وبهذا نعلم أنهم نزحوا منذ وقت مبكر لعله قبل سنة 130هـ أي قبل وفاة شاعرهم أبي وجزة السعدي الذي أشار إلى رحيلهم في إحدى قصائده المشهورة ، وهو قوله (12) :
عفت مرُّ من أحياء سعدٍ فأصبحت
= بسابس لا نـارٌ ولا نبحُ نـابحِ
أمّا تعليله حول توزيع قبائل حلفي شبابة وخندف وأنه لو كانت عتيبة كنانية لما ميزت هذيل هذا الحلف باسم خندف ؟!... إلخ ، وعلى ذلك أقول :
- لماذا رأى أن من ميّز هذا الحلف هم هذيل ؟ وعلى ماذا استند !؟ ولا أراه كذلك ؛ فغامد وزهران إخوة وهما من الأزد ، والأولى من خندف والثانية من شبابة وهو ما يخالف وجهة نظره ، ومن وجهة نظر أخرى فلو كانت عتيبة من سعد هوازن كما يراه فثقيف وسعد أبناء بكر بن هوازن ، وثقيف من خندف ، وسعد إذا عددناها سعد هوازن فتكون من شبابة ؟!
- وأعتقد أن حلفي خندف وشبابة تم في عهد المماليك ، وأنه عقد بأمر من حاكم أو سلطان صاحب نفوذ ؛ لأن تصنيف القبائل فيه أو توزيعها ، أعني الحلفين ، قائم على التضاد فقبائل الأزد انقسمت في الحلفين ( فغامد من خندف ، وزهران من شبابة )، وقبائل قيس ( ثقيف من خندف ، وعدوان من شبابة ) ... إلخ .
- أما وصفه بأن حروب كنانة مع هذيل في الجاهلية كانت في أغلبها غارات صعاليك ولم تصل إلى حد قيام حلفين مضادين .
فأقول : هذا الكلام غير دقيق ، ومن المعلوم أن هناك مؤلفات مفقودة كثيرة وفيها ما يتكلم عن بعض القبائل ومنها كنانة ؛ فإطلاق القول على عواهنه أمر لا يصح البتة وهو مردود على صاحبه .
7- ذكر الباحث قوله : " قاعدة النسب الأولى : " الناس مأمونون على أنسابهم " وعوارف عتيبة وقدماؤها نصُّوا على النسب إلى سعد هوازن ، ولو قلنا إن الأمر اختلط عليهم لشهرة حليمة السعدية فكيف نرد ما ورد في وثيقة لعلوان الجار الله السعدي من شيوخ بني سعد بن بكر بن هوازن في العراق قبل حوالي مائة عام سمَّى فيها فروعًا من بني سعد ورد فيها :
" في نجد رئيسهم / عقاب بن غصن .
في الحجاز قرب الطائف في قرية لغب رئيسهم / ساعد المطر .
بنو سعد الساكنين في الحجاز في قرية دار الحمراء رئيسهم / قليل بن عايد . بنو سعد في الحجاز في قرية كلاخ رئيسهم / قنيبس بن غالي ". ثم أضاف أيضًا : " وهؤلاء من عتيبة معروفون ، وقوم علوان في العراق لديهم شجرة نسب موثّقة صحيحة العدد إلى سعد بن بكر بن هوازن ".
قلت : قاعدة " الناس مؤتمنون على أنسابهم " أو أجدادهم القريبي العهد أي الجد الرابع أو الخامس أو السادس ، أي خلال قرنين من الزمان تقريبًا ، ولكنهم ليسوا في نظري مؤتمنين على أجداد عاشوا في قرون بعيدة وموغلة في القدم . فكيف لرجل أو قوم أن ينتسبوا إلى جد عاش مثلاً في القرن السابع أو الثامن الهجريين أو ما قبله وهم لا يعرفون اسم أبيهم أو جدهم الذي عاش قبل قرنين من الزمان ، وهذا أمر وارد عند الكثيرين ، لندرة التدوين عند كثير من أبناء القبائل والأسر .
أمّا الجدود القديمة وتسلسل أنسابها فلا بد من مصدر موثق يوضح ذلك ، ومن ذلك على سبيل المثال :
أنّ أبناء النفعة من عتيبة ، بل ونسابة عتيبة في الحجاز كابن دخين وغيره يعرفون أن جد النفعة هو نفيع بن رايق بن فلاح بن ناصر بن سعد فقط ؟! ويظنون من خلال قراءة بعضهم للكتب أنه سعد بن بكر بن هوازن ؟! بينما هم أبناء صرار ومجنون بن صالح بن نافع بن نفيع بن رايق بن فلاح بن شملان ( شملى ) ... من سعد بن حجاج بن أكوع بن عتيب ( جد قبيلة عتيبة )، من شباب جد العتبان الشبابيين .
وبهذا يتضح أن المصدر الموثق أولى وأرجح ، وأن القاعدة تنتفي بوجود الوثائق والصكوك القديمة التي تلغي مثل هذه الروايات التي لا أصل لها سوى الاستفاضة الخاطئة عن طريق شيوع المصادر الحديثة التي استند عليها البعض ، وهي غير صحيحة بل تبنى على ربط أسماء القبائل الموجودة حاليًّا بناءً على تشابه الأسماء مع القبائل القديمة بدون تحقيق أو تثبت ، وفي هذا الصدد يقول الشيخ / حمد الجاسر - رحمه الله -: " والاتفاق في الأسماء مدعاة لوقوع الخلط في الأنساب كما أوضح ذلك الهمداني في كتابه صفة جزيرة العرب ، مشيرًا إلى أن القبيلة عندما يوافق اسمها اسم قبيلة أخرى تنتسب إليها خطأ " (13).
وقد قال الشيخ العلامة / بكر أبو زيد موضحًا معنى قول الإمام مالك : " الناس مؤتمنون على أنسابهم " إن المراد به في اللقيط ؛ فالمسلم مؤتمن عليه بحكم الشرع يرعى أموره ولا يتبناه ، ولا يراد به ما هو شائع من تصديق مدعي النسب من غير بينة ، كاستفاضة وشهرة ونحوهما ؛ لأنه بهذا المعنى يناهض قاعدة الشرع من أن البينة على المدعي ، وقوله : ( لو يُعطى الناس بدعواهم لادَّعى ناسٌ دماءَ رجالٍ وأموالهم .. ) (14).
أمّا بالنسبة لقوله : كيف نرد ما ورد في وثيقة لعلوان الجارالله السعدي ... إلخ ، أقول : إنّ ما ورد في وثيقة علوان الجارالله السعدي صحيح ؛ إذ بنو سعد الذين في العراق هم بنو سعد بن بكر بن هوازن ؛ لأن هناك نصوصًا قديمة مر بنا بعضها تعضد انتقالهم إلى العراق .
أمّا ما جاء في قوله عن تحديد مساكن بني سعد وعتيبة في كل من نجد والحجاز فيبدو أنه منقول عن بعض المصادر الحديثة مثل ( جريدة " القبلة " التي أصدرها الشريف الحسين بن علي )، أو ( جريدة " زوراء " العراقية )، أو أنه منقول عمن زار بلاد الحجاز من أولئك - أعني العراقيين - سواء بني سعد أو غيرهم ، خاصة أن طريق حجاج العراق يمر ببلاد عتيبة ، مع ملاحظة عدم دقة المعلومات الواردة فيها ومن ذلك :
أ- أنّ / ساعد بن مطر من خديد من الطفحة من النفعة من بني سعد من عتيبة ، ومن قرية خديد ، وليس من قرية لغب ؟!، فأهل لغب هم اللصة من الثبتة من بني سعد من عتيبة .
ب - أنّ / قليّل بن عايد ليس من أهل قرية الدار الحمراء ؟! وإنما هو من قرية الرحا .
ج- لا يعرف / قنيبس بن غالي في أهالي قرية كلاخ ؟! ولكن لعله يريد / علي بن فهيد الزيادي من شيوخ أهل كلاخ وهو من ذوي زياد من النفعة من بني سعد من عتيبة .
د- أنّ / عقاب بن غصن لا يعرف في قبيلة عتيبة رئيسًا بهذا الاسم ، وقد يكون المقصود به / عقاب بن شبنان بن حميد ، المقتول سنة 1301هـ في وقعة أمّ العصافير (15).
8- ذكر الباحث مسميات قديمة في بني سعد بن بكر وذكر أن لها وجودًا في فروع عتيبة في الوقت الحاضر ومنها : أبو ذؤيب - عطية - بنو شُهيب - أبو برقان ( صحابي ) - بجاد - الشرابيون في بني سعد العراقين ، وذكر أيضًا أن الأسماء وحدها لا تكفي ولكن إذا عاضدتها أدلة أخرى فإنها تصبح قرينة ظاهرة الوضوح وخاصة في الذويبات ( أبو ذويب ) الذي اشتهر في بني سعد قديمًا أيام الرضاعة النبوية ، والذويبات اليوم وفي قرون مضت لهم منـزلة في عتيبة خاصة زمن كونها في الحجاز بمثابة المشيخة ، أفلا يدل ذلك على شيء ؟!
أقول : الشرابيون هؤلاء لا علاقة لهم بالفرع الذي في بني سعد من عتيبة والسبب بسيط جدًّا وهو أنّ الشرابية نزلوا وادي شرب شمال الطائف بعدما انتقلوا من قرية لغب ونسبوا إليه ، وإلا فهم من الشروط من الثبتة من بني سعد من عتيبة ، ولا شأن لهم بالشرابيين الذين لم يُعرفوا داخل الحجاز ولم يذكرهم أحد من المتقدمين أو المتأخرين ، بل إنّ نسب الشرابيين الذين في العراق فيه نظر فهناك من يرى أنهم قدموا من اليمن ؟!! وأنّ سبب تسميتهم بهذا الاسم نظرًا لأنّ جدّهم شرب فنجالاً من القهوة على أثر نخوة حدثت له (16).
وأمّا ذؤيب فهو كثير في قبائل العرب فهناك شاعر جاهلي من هذيل يدعى أبو ذؤيب ، وهناك قبيصة بن ذؤيب الخزاعي ، وذؤيب في بني العنبر من تميم ، وعامر بن ذؤيب الكناني سلطان حلي سنة 730هـ ، ذكره ابن بطوطة (17).
أمّا اسم بجاد فهو اسم لا يختلف عن بقية الأسماء الأخرى التي توجد في عتيبة وفي غيرها من القبائل القديمة والمعاصرة مثل : عبدالله بن بجاد الكناني (18)، ويسر بن الحارث ... بن بجاد العبسي ، وثمامة بن بجاد العبدي ، وغيرهم ، كذلك اسم عطية فهو كثير في قبائل العرب مثل : عطية بن جشم بن وائل ، وعطية بن جعال بن مجمع ، وعطية بن ظفر بن الحارث ، وعطية بن عامر بن الحارث ، وعطية بن عبدالرحمن ، وعطية بن قيس بن غالب ، وعطية بن زيد بن قيس وعطية بن نويرة بن عامر ، وغيرهم كثير (19).
وكذلك ما الدليل على أن أبا برقان ( الصحابي ) هو جد قبائل برقا من عتيبة ؟! وكذلك وقدان وهو شخص ذكره ابن الكلبي ، ولم يثبت أن له سلالة ؟! (20)، ثم إن بلاد سعد بن بكر كانت في شرق مكة المكرمة ، بينما بلاد عتيبة جنوب الطائف . وفي الوقت نفسه فإنّ وقدان عتيبة ذكرها أبو علي الهجري في القرن الرابع الهجري تجاور ثقيفًا وهي لا تزال إلى الآن في الموضع نفسه (21)، ووثائقهم تنسبهم إلى بني سعد العتيبي (22)، وقول شاعرهم ( وأنا عتيبي عريب الجد والخالِ )، وزيادة على ذلك فقد ذكر الحضراوي في ترجمته لبديوي الوقداني أنه قال له : أنه من بني سعد العتيبي ، أي سعد بن حجاج العتيبي (23)، والأسماء ليست دليلاً كافيًا لنسبة قوم إلى قوم آخرين ولو أخذنا بهذا لوجدنا في قبائل أخرى أكثر تشابهًا من سعد بن بكرفي مسألة الأسماء واتفاقها ، فهناك عبدالله بن وقدان القرشي ، من بني لؤي ، وزرارة بن وقدان ، حليف بني تميم ، ووقدان الحريش من بني عامر بن صعصعة ، وغيرهم الكثير .
وقد ذكر أنّ الأسماء وحدها لا تكفي ولكن إذا عاضدتها أدلة أخرى فإنها تصبح قرينة ظاهرة الوضوح وخاصة في الذويبات ( أبو ذؤيب ) الذي اشتهر في بني سعد قديمًا أيام الرضاعة النبوية ... إلخ .
أقول : الذويبات الذين من عتيبة هم من أبناء : ذويب بن صرار الثبيتي السعدي العتيبي الشبابي ، أي من بني سعد بن حجاج الذي هو من عقب " عتيب "، جدّ قبائل عتيبة ، التي تفخر بنسبتها إلى شبابة فهو أصلها الأول . ولا شك أنّ بيت الذويبات من أعرق بيوت عتيبة وأكرمها ، وهم بيت قضاء وعرف في العهد السابق أكثر من أي شيء آخر ، حيث ذكر هذا خير الدين الزركلي فقال عن ابن هليّل الذويبي : " قبائل عتيبة كلها ترجع في قضائها الأخير ( التمييز ) إلى آل هليل ، وهم قبيلة منهم تتداول القضاء بالإرث ، لا يدرس أحدهم الحقوق في الجامعات ولا الكليات بل يتلقفه في بدء نشأته بشيء من علوم الدين ، ثم يتلقى أخبار القضاة عن أبيه أو عمه القاضي ، ويصغي إلى أحاديث القضاء فيحفظ كثيرًا من الوقائع والشواهد التاريخية القضائية عندهم ، حتى إذا انتهى إليه الأمر كان حلالاً للمشاكل ، كشافًا للمعضلات . وقضاء عتيبة الأعلى في بادية الحجاز منحصر اليوم بالشيخ تركي بن هليّل ، وقوله القطع . وفي قبائلها عدة قضاة تختلف درجاتهم ولا يرجع إلى أحد فيهم بعد ابن هليل ، وقد يماثله في درجته ابن دخين ، وهو من قبيلة الثبتة إحدى بطون عتيبة ولكن ابن هليّل أوسع شهرة وأكثر قصادًا " (24).
ولكن أن نقول إنّ لهم القيادة في كل القرون السابقة فهو قول غير دقيق ، وحتى قبل أن تنـزل عتيبة نجدًا ، وسوف أذكر أمثلة على ذلك ، ومنها :
- ذكر الشيخ علي بن سالم في حوادث سنة 911هـ ، والشيخ هنيدس الروقي ، شيخ الروقة من عتيبة ، وهو هنيدس بن فدعوس العضيّاني في حوادث سنة 1114- وسنة 1116هـ ، والشيخ ابن حميد سنة 1217هـ ، والشيخ الهيضل في حوادث الدولة السعودية الأولى ، والشيخ ابن ربيعان سنة 1205هـ ، والشيخ أبو رقبة سنة 1255هـ ، والشيخ نقا بن فهيد سنة 1255هـ ، والشيخ شالح الضيط ، والشيخ ابن جامع ، والشيخ ابن محيّا ، والشيخ زريب الجذع ، وغيرهم الكثير (25).
ومن آخر الأدلة الكتاب الذي أشرت أنت إليه ونقلت عنه معلومات وثيقة ( علوان الجارالله ) فإنه أشار إلى شيوخ من بني سعد وعتيبة في الحجاز ونجد منهم ساعد بن مطر ، وقليّل بن عايد وهم من شيوخ بني سعد ولم يشر إلى أي شيخ من الذويبات مع وجود شيوخ منهم في منطقة بني سعد ؟!
ثم إنهم لو كانوا من ولد حليمة السعدية لما أغفل ذلك العلماء المجاورون في مكة والطائف والمعروف أن سلالتها أي حليمة السعدية ، يعرفون بالحليمي ؟!! ذكرهم السمعاني ( ت 562 هـ ) (26)، أضف إلى ذلك أنّ قبر حليمة السعدية في مقبرة البقيع فكيف تكون قبيلتها شرق مكة في البوباة وتدفن في المدينة ؟! كما أنّ لسان وشاعر بني سعد أبو وجزة السعدي ، الذي قال له / عمر بن الخطّاب : أتريد الرجوع إلى قبيلتك سليم ، فرفض ذلك لأنهم سيعيرونه ، دفن في المدينة (27)، ثم هناك جمع من أعلام بني سعد بن بكر يوصفون بعد ذكر اسم أحدهم بالمدني والمديني مثل : أبي وجزة ، شاعر بني سعد بن بكر ، وعبدالله بن جعفر السعدي وغيرهم (28)، كل هذا ألا يدل على شيء ؟؟
أمّا مسألة تشابه الأسماء فليست حجة فهناك أسماء أعلام في قبيلة كنانة تشابه أيضًا أسماء فروع وبطون من قبيلة عتيبة مثل : ثابت بن الحجاج الكناني ، ومنصور بن جامع الكناني! (29).
ثم إنّ وثيقة النفعة المؤرخة في سنة 1005هـ قد كشفت الحقيقة في نظري ونظر الكثير ، وألغت كل ما يتناقله العوامّ حول انتساب بني سعد ( عتيبة ) إلى سعد بن بكر حيث اتضح أنهم ينتسبون إلى سعد بن حجاج العتيبي الشبابي وديارهم هي ديار شبابة القديمة بالنصوص المدونة قديمًا .
9- ذكر أنّ وجود أربعة أسماء في هوازن باسم عتيبة في عصور مختلفة ، اثنان من سعد هوازن ، والآخران نصري وجشمي ، بينما لم نظفر بكناني واحد يدعى ( عتيبة ) ؟!
أقول : إنّ قبيلة عتيبة المعروفة في زماننا هذا لا يمكن أن تكون نسبة إلى رجل يدعى عتيبة ؛ لأنّ إحدى روايات عتيبة أن جدهم يدعى " عتيب "، وجاءت وثيقة النفعة المؤرخة سنة 1005هـ وأوضحت وأكدت أنّ اسم أبيهم " عتيب " وهو جدّ قبيلة عتيبة وعمرها الآن أكثر من أربعة مئة سنة ، وهي في نظري من أوثق المصادر في نسب عتيبة ، فالوثيقة أملاها أَحدَ عشر شيخًا من النفعة من عتيبة وهم أدرى في ذلك الوقت بنسب قبيلتهم أكثر من غيرهم ، وهم حسن المسعودي ، وخاتم الفليت ، وزيدان الزيادي ، ومقبل السويط ، ومحيّا النخيش ، وغالي الحليفي ، ومحسن الحصيني ، وزاير الجعيد ، وحاسن بن رشود ، وخضر بن سماح ، وشهودها أحمد الثبيتي وحسن العدواني ويحيا الثمالي ، وعلي المطيري ، وحمدان وحميدان الشلوي ، وليس بالضرورة أن نجد اسم عتيبة علمًا على أحد من كنانة ، فنصوص البلاذري والأزهري وغيرها بالإضافة إلى الوثيقة سالفة الذكر كافية لإيضاح نسب قبيلة عتيبة وتسلسله ، كما ذكر عباس المدني حول النسبة إلى عتيبة فقال : " العتيبي : لعتيب أبي حي من اليمن ... " (30)، ثم إنّ اسم عتيبة موجود في كنانة وغيرها مثل : عتيبة بن أبي لهب القرشي الكناني ، وعتيبة بن الحارث بن شهاب الملقب بـ " صياد الفوارس "، وهو من تميم ، وعتيبة بن مرداس ، وعتيبة بن النهاس بن حنظلة ، وغيرهم كثير (31).
10- ذكر أنه إذا كانت نخلة وجنوب الطائف وجنوب مكة منازل كنانة ؛ فأين منازل سعد هوازن ؟ هل هي مقتصرة على البوباة ؟! بينما ذُكر من منازل هوازن السراة ( سراة الطائف ), حسب قول الهمداني .
أقول : منازل سعد هوازن كما ذكر ابن شبة ( ت 262 هـ ) في نصه المتقدم في نواحي المدينة المنورة كما أنّ وفاة شاعرهم أبي وجزة في المدينة ، وكذلك حليمة السعدية التي دفنت في البقيع كما تقدم ذلك ، مع أنّ الهمداني لم يشر إلى وجود بني سعد هوازن في سراة الطائف باسمها ، فالراجح أنه يشير إلى ثقيف وهلال وغيرها من بطون هوازن ؛ لأنّ سعد بن بكر انتفى وجودها في جنوب الطائف ( السراة )، ليس لعدم وجود نصوص تذكرهم في جنوب الطائف فحسب ؛ بل لأنّ المؤرخ ابن شبة ذكرهم في بلاد المدينة المنورة في عهد متقدم كما مر بنا . أمّا هلال فقد نزحت بعد زمن الهمداني خلال القرن الخامس الهجري إلى بلاد المغرب العربي (32).
11- ذكر نص الهمداني حول قبائل السراة ومنها ( سعد كنانة )، ثم سراة ( بني شبابة )، وذكر أنه لم يقل بأنّ شبابة من كنانة أيضًا ، وذكر أنه لا يلزم أن تكون شبابة التي ذكرها البلاذري هي هذه الواردة في كلام الهمداني ؛ فالسراة ذات امتداد طويل وتسكنها قبائل عديدة ، والهجرات والانقراض والارتحال واردة في تاريخ القبائل (33)، والهمداني نفسه يقول : " سراة بجيلة نجدها بنو المعترف وأصلهم من تميم وقال لي بعضهم أنهم من عُكل "؛ فأين هؤلاء الآن ؟ إنه لا يُعرف أحد من تميم أو عكل في هذه السروات في وقتنا هذا " [ تقدم ذكر هذا النص ].
أقول : تطرق في هذا الكلام إلى ثلاث نقاط :-
• أنّ شبابة التي ذكرها الهمداني قد تكون غير التي ذكرها البلاذري !
وعلى ذلك أقول : إنّ البلاذري والأزهري نصا على أنّ شبابة يمن الطائف أي جنوبه ، هي شبابة كنانة ، وهما بذلك أوضحا نسبها وصارا حجة على من جاء بعدهما ، خاصة أنّ الهمداني لم ينسبها إنما ذكر أن بني سعد التي تحل هذه الديار هي ( سعد كنانة ) وأن من ذكر ذلك مؤرخ ونسابة متقدم ألا وهو الهمداني الذي أرى أنه بهذه الرواية أيّد رواية البلاذري والأزهري من أنّ شبابة التي تقطن جنوب الطائف هي من كنانة .
أمّا قولك إنّ السراة ذات امتداد طويل وتسكنها قبائل عديدة ، والهجرات ... إلخ فأقول :-
• أوضح الهمداني من يسكن السروات من قبائل العرب ، وذكر سراة كل قبيلة ومنها سراة الأزد وسراة بجيلة وسراة شبابة وعدوان ..
وبهذا نلحظ أنّ الهمداني حدّد بلاد القبائل في السراة وأنّ سراة شبابة تقع بين سراة الطائف وسراة بجيلة [ بني مالك ]، وهذا يعني قربها من الطائف مما يؤكد أنها المعنية في كلام البلاذري .
وإذا كانت قبيلة بني المعترف التي نسبها إلى تميم أو عُكل لا تعرف اليوم فلا يعني أن نلغي بقية القبائل المعروفة إلى اليوم فمثلاً الأزد لا تزال معروفة إلى اليوم وكذلك بجيلة : ( بني مالك ) وعدوان وثقيف موجودة بمنطقة الطائف ، وكذلك سعد كنانة التي ذكرها ، وهي بني سعد التي لا تزال في سراة شبابة إلى اليوم وهي بني سعد من عتيبة ، وإذا قلنا إنها نزحت أو ارتحلت فعلينا أن نأتي بالدليل ، ولا دليل ؟!!
أمّا قوله الأخير وهو مع إمكانية تحريف في جملة من كنانة فقد يكون أصلها ( ابن بكر ) ؟! فأعتقد أنّ هذا الكلام ينفيه ما تقدم من ذكر للأدلة ناهيك أنّ اسم كنانة لا يمكن أن يصحّف إلى اسم بكر ؛ فالاسمان لا يشتركان سوى في حرف واحد وهو الكاف !
ثم كيف للكاتب أن يتجاهل أقوال العلماء أمثال البلاذري والأزهري ، والهمداني ، والبيهقي الذين نصُّوا على وجود كنانة في جنوب الطائف ؟!!
كما أنّ ابن خلدون ذكر أنّ بني سعد بن بكر بن هوازن قد افترقوا في الإسلام ولم يبق لهم حي فيطرق (34).
12- ذكر الكاتب ما نصه : " أنّ الديار والمواقع ، حتى مع تماثل أسماء القبائل قديماً وحديثاً ، لا تكون مؤكدة للنسب إذا عارضتها أمور أخرى ؛ فوجود شبابة من كنانة وبني سعد من كنانة ( إن صحت هذه النسبة القديمة ولا أراها تصح ) في جنوب الطائف في زمن الهمداني والبلاذري لا يعني انتساب عتيبة إليهم ؛ فالعربي مهما جهل من أسماء أجداده واتصال نسبه فهو قطعًا لا يجهل أصله الذي هو منه ؛ فالعتبان وهم عشرات الألوف ، وعلى مدى قرون من الزمن (35) لم يُذكر عن أحد منهم معرفته بكنانة التي لا يجهلها الجحادلة وبنو شعبة المنتمون إليها اليوم رغم بُعد الزمن ، وكذا معرفة عتيبة بانتمائها إلى سعد هوازن كما في مشجرة الدُّخنة (36)؛ وقد قرأت في الأنساب نسبة التميمي في فلسطين إلى أصلين مختلفين أحدهما تميم بن أوس الداري اللخمي من قحطان ، والثانية تميم بن مر القبيلة المضرية المعروفة ؛ فهاتان نسبتان مختلفتان مع أنّ البلد واحد والاسم واحد والعصر واحد ، بينما شبابة كنانة قديمة ، وبينها وبين ظهور عتيبة قرون متطاولة ، وفي هذه القرون تنقرض قبائل وتتشكل قبائل وتظهر مسميات جديدة ؛ وشبابة كنانة - كما تقدم - ليست من نسل سعد كنانة ، ولم يُذكر أن في نسل سعد بن ليث بن بكر بن عبدمناة بن كنانة من اسمه شبابة .
أقول معلقاً على هذا الكلام : -
• الروايات المستفيضة في أمر نسب ما ليست حجة فقد تكون هذه الروايات مبنية على استفاضة متأخرة ، ولا أريد أن أطيل في هذا الأمر ، وأظنه أمرًا معلومًا للباحثين ، أمّا قوله بأنّ العتبان وهم عشرات الألوف .. إلخ فليس في الكثرة دليل يصح ؛ لأنّ النسب الذي يتحدثون عنه نسب قديم بيننا وبينه أربعة عشر قرنًا وأبناء عتيبة متأخرون عنه ، ولم يعاصروا جدهم عتيب ، والحق يثبت بالبينة والدليل وما يدعيه بعض أبناء عتيبة اليوم من أنهم من هوازن هو استفاضة متأخرة لا ترتكز على دليل يسلسل نسبهم إلى هوازن ، وقد قال الله سبحانه وتعالى : ( وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ ) سورة الأنعام ، الآية [ 116 ].
• ذكر ( العتبان ) في رحلة موريس تاميزييه إلى الحجاز سنة 1249هـ ، أنهم ينحدرون من قريش ، وقريش كما هو معروف رأس كنانة ، وهذه الرواية هي أقدم رواية ترويها عتيبة حول نسبها ولا يهمنا من دونها سواء كان أجنبيًّا أو عربيًّا ؛ لأنّ المعلومة ليست من كلام المؤرخ أو الرحالة (37). وقد ظن بعض العامة أن المقصود بهذا القول هم ( قريش الوهط ؟! ) المحالفين للقثمة من عيال منصور من عتيبة والصواب أن قريش الوهط لم يحالفوا القثمة إلا على أثر الحرب التي وقعت بينهم وبين العصمة من عتيبة بعد سنة 1280هـ لأنّ وثيقة الصلح بين الطرفين كتبت سنة 1284هـ ؟! ثم إن الرحالة قال : ( ويدعي هؤلاء البدو ) وهو يتحدث عن عتيبة ، بل كأنهم الثبتة أهل السيل جماعة الشيخ عون بن هليّل الذويبي !؟
• ليس بين عتيبة وشبابة كنانة قرون متطاولة كما ذكر ؛ فعتيب - جدّ قبيلة عتيبة - هو ابن هوازم - بالميم (38) - بن صالح بن شباب ، أي شبابة فشباب جدّه ، أي إنّ المدة الزمنية بينهما هي مئة سنة تقريبًا !
• أنا لم أقل إنّ شبابة من نسل سعد كنانة ، ولم يقل بهذا أحد على حد علمي كما إنني لم أقل إنّ سعد كنانة هي سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة ، وإنما أقول : إنّ بني سعد هم أبناء سعد بن حجاج العتيبي ، وعتيب من ذرية شباب أي شبابة فنسب عتيبة هكذا : بني سعد من عتيبة من شبابة كنانة ، وسعد المقصودة هنا هي سعد بن حجاج التي تنحدر من كنانة وليست سعد بن ليث ؟!
أمّا مسألة ضرب المثل على من ينتسب إلى التميمي في بلاد الشام ، وهل هو ينتسب إلى تميم بن أوس الداري اللخمي من قحطان ، أو تميم بن مر المضرية العدنانية وأنّ النسبتين مختلفتان مع أنّ البلد واحد والاسم واحد .. فإنّ هذا مثال في غير محله ولا داعي لإيراده هنا والاستشهاد به ؛ فمن المعروف أن ليس لتميم المضرية العدنانية وجود في تلك البلاد ، وإنما الصحيح أنها نسبة إلى تميم الداري اللخمي لوجوده في تلك البلاد .
ثم إنّ شبابة كنانة وسعد كنانة مذكورة بنصوص العلماء والمؤرخين المتقدمين في جنوب الطائف وهذه بلاد عتيبة منذ عصر الهمداني وأقدم من ذلك ، وأنا أذكر نصوصًا موثّقة ولا أؤوِّل النصوص ، وأنا أتحدى أن يذكر لي الأخ الفاضل نصًّا واحدًا وصريحًا أنّ لبني سعد هوازن وجودًا في جنوب الطائف سواء في زمن الهمداني أو ما بعده حتى القرن الثاني عشر الهجري ؟!!
13- ذكر وأشار إلى الشجرتين العراقية والحجازية وذكر أنّ الأولى لدى بني سعد في العراق ، وهي توصلهم إلى سعد بن بكر بن هوازن بعدد صحيح من الآباء ... إلخ .
أقول : صحيح أنّ الشجرة العراقية توصل بني سعد الذين في العراق بأجدادهم من بني سعد من هوازن الذين ينحدرون منهم ، ولكن وكما أوضحت له سابقًا ليس هناك علاقة بين بني سعد الذين يقطنون جنوب الطائف والمنحدرين من سعد بن حجاج العتيبي الشبابي الكناني ، وبين سعد المنحدرة من هوازن القيسية سوى التشابه في الأسماء ، كما سبق أن أوضحت أن عتيبة تنتسب إلى أبيها عتيب وليس إلى عتيبة !
أمّا تعليقه على المشجرة الحجازية [ وثيقة النفعة ] المؤرخة سنة 1005هـ ، وإيراده لسياق النسب الوارد فيها والمنشور في مجلة " العرب "، وقوله : ويتضح في هذه السلسلة الخلل والاضطراب والتصحيف بعكس السلسلة العراقية التي تبدو واضحة ... إلخ ؟!
أقول : وثيقة النفعة المؤرخة سنة 1005هـ أملاها أَحَدَ عشر شيخًا من عتيبة قبل أربعة قرون ونيف من الآن ، وليس فيها خلل أو اضطراب كما ذكر . لا أقول هذا لأنني من أبناء النفعة ، لكن لأنها تتفق مع النصوص القديمة ومع المحفوظ ، بل إنها كشفت أنّ قبائل شملى تنتسب إلى شملان ، وأنّ هذا سبب تسميتها بشملى وليس لأنها أشملت ؟!
ووثيقة علوان العراقي ورد فيها كما مر عليه : عدنان بن معلة ، وتارة عتيبة ابن معلة ، وهي وثيقة حديثة فالأب الثالث عاصرها ، وشتان بينها وبين وثيقة لها الآن أكثر من أربعة قرون تحتفظ بها قبيلة لم تغادر بلادها التي ذكرها فيها الهمداني والتي رواها (11) شيخًا من عتيبة وعليها أسماء شهود من ثمالة وعدوان ومطير وبلحارث ، خلاف أنّ وثيقة علوان العراقي لا دخل لها في أنساب قبيلة عتيبة ، كما أنّ عمرها الزمني لا يرقى إلى عمر وثيقة النفعة ، فالفرق واضح ! وقد جاء اسم عتيبة في المشجرة العراقية بعدة صور مرة : عدنان من سلسلة الجميلي ، ومشجرة نسب شيخ القبيلة ، مع أنّ كتاب الجميلي طبع في سنة 1994م ، وأخرى عتيبة بدل عقبة وتارة عتبة أو عنبة أو غيره ؟!!
ويقول جاسم محسن ملا عبود ، مؤلف كتاب " هوازن وبنو سعد "، ص122 حول تصحيف الاسم : " فلا يضر ولا يضير ؛ لأنه رمز لجيل وليس نصًّا حرفيًّا ، ولا يستدعي أن يُعدّ سرًّا يوعد بذكره " (39).
ثم إنه ذكر أنّ عتيبة هذا جدّ سعد هوازن في العراق - إن صحّ - يكون بعد الهجرة بما يقارب الثلاثمائة سنة ويزيد .
أقول : أمّا عتيب جد قبيلة عتيبة الحجازية فإنه قبل الهجرة بنحو قرن أو قرنين من الزمان حيث وجدت تسلسلاً مدوّنًا خلال القرن الثالث عشر الهجري لأحد رجال النفعة من عتيبة ساق نسبه إلى سعد بن حجاج وعتيب ثم شباب ، واستنادًا إلى قاعدة ابن خلدون لكل ثلاثة أجيال مائة سنة اتضح لي أنّ عتيب جد قبيلة عتيبة جد جاهلي ، والله أعلم ، وهو على كل حال ليس قريبًا مما ورد في مشجرة العراق ، والبون شاسع بينهما ، كما أنّ بني سعد كنانة في بلاد الحجاز يطلق عليهم عتيبة منذ القدم ؛ فنص المرجاني في القرن الثامن الهجري عندما ذكر وقدان في نخب وقال عنهم : وقدان جماعة من عتيبة ، وكذلك نصوص آل فهد وغيرهم من مؤرخي مكة المكرمة عندما يذكر بنو سعد بعتيبة خلال القرن التاسع الهجري ، وقد مر بك ذلك منها في كتاب : " إتحاف الورى حوادث سنة 874- 875هـ "، لابن فهد ، حيث جاء في الخبر الأول أنّ شريف مكة محمد بن بركات غزا بعض عرب عتيبة لأنهم قطعوا المجود ووصفوا بأنهم من عرب الشرق ، وفي الخبر الثاني ذكر أنّ شريف مكة نفسه سافر إلى الشرق وأنّ نيته يصالح عرب بني سعد (40).
بينما لا يوجد نص لبني سعد هوازن في العراق , ويقال لهم عتيبة رغم ذكرهم في حوادث مختلفة ، حتى أنّ مؤلفهم / جاسم محسن ملا عبود وغيره يذكرون العنوان باسم ( هوازن وبنو سعد )، فلماذا لا يضعون اسم عتيبة على العنوان ؟! ولماذا لا يكتب أفراد قبيلتهم العتيبي بدل السعدي ؟!! طالما أنهم أبناء عمومة لنا ؟!! ولماذا عندما تسأل سعدياً في جنوب الطائف عن فخذه فيقول ( نفيعي ) أو ( ثبيتي ) أو روقي ...، وعندما تقول له من أي قبيلة أنت ؟ يجيب على الفور ( عتيبي )، أليس لأنه نسبة إلى سعد بن حجاج بن أكوع بن عتيب [ جدّ قبيلة عتيبة ]، بينما السعدي في العراق ينتسب إلى سعد فقط ؟! ولا ينتسب إلى عتيبة ولا إلى أي من بطون عتيبة المعروفة ؛ لأنه ليس منها ولا علاقة بين القبيلتين البتة سوى أنهما من مضر من عدنان .
فإنّ الخلل والاضطراب أتى من مقارنتها بوثيقة العراق التي لا شأن لها فيها ، فما هو الاساس الذي قورنت الوثيقتان عليه ؟!! فبنو سعد العراق هي سعد هوازن لا شك ، وسعد الطائف هي سعد كنانة ؛ لذا فإنّ من حاول الربط بين هاتين القبيلتين سيلحظ الخلل والاضطراب لا في الوثيقتين فحسب بل في كثير من الجوانب ؛ لأنّ القبيلتين مختلفتان ومتباينتان في النسب والمنازل ، حتى وإن تشابه اسما سعد وحجاج .
أمّا تعليله أنّ عتيبة لو كانت بني عتيب لقيل قبيلة عتيب ولم يُقل عتيبة .
أقول : من المعروف أنّ أبناء عتيبة وغيرهم من البوادي يبدلون الياء ألفًا ، ومن ذلك قولهم : ( عتابه ) بدل عتيبة ، و ( مطار ) بدل مطير ، و ( سباع ) بدل سبيع ، و ( شبابه ) بدل شباب (41)، ومن هنا قالوا : عتابه بدل عتيب وأضافوا لها الهاء على صيغة الجمع المؤنث .
وقد ذكر الشاعر المشهور كثيِّر عزة المتوفى سنة 105هـ قصيدة طويلة يمدح فيها عمر بن عبدالعزيز الذي تولى الخلافة بين سنتي 99- 101هـ ، وهي كما قال محقق ديوانه إنّ القصيدة قد نظمت في تلك المدة ، حيث ذكر فيها قبيلة تعرف باسم عتيب في بلاد السراة حيث يقول :-
ومُلْقَى الْوِلاَيَا مِنْ مِنىً حَيْثُ حلَّقَت
= قُرَيْشٌ ، وَأَهْدَتْ غَافِقٌ وتُجِيبُ
بِرَبِّ المطَايَا السَّابحَاتِ وَمَا بَنَتْ
= إِيَادٌ وَحَلَّتْ غَامِـدٌ وَعُتَيبُ (42)
ونلحظ أنه ذكر غامدًا ، وهي من قبائل السراة ، وعتيب هو على الأرجح المقصود به قبيلة عتيبة .
أمّا ما يذكره ابن دخين عن ناصر ، وترجيحه له بنصر الوارد في الجمهرة وهو نصر بن سعد بن بكر أو ناصرة بن فُصيّة بن نصر بن سعد وقوله إنه يعني أحدهما ؟!
أقول : وما الدليل على أنّ ابن دخين يعني أحدهما ؟! وما الدليل على أنّ عتيبة من بني سعد هوازن بعدما تقدم من أقوال العلماء والمؤرخين ونصوصهم وأنها - سعد هوازن - التي رحلت من شرق مكة المكرمة إلى الشمال ! ثم إنّ نصر بن سعد وناصرة بن فصية ليس في أجدادهما من يعرف بعتيب أو عتيبة ؟! والنفعة الذين يرى ابن دخين أنهم من عقب ناصر لم تذكر وثيقتهم ناصرًا ولا نصرًا ؟! وإنما ذكرت سعد بن حجاج ثم عتيباً ثم شباباً ، وبلاد عتيبة القديمة هي عين بلاد شبابة كنانة ! إذًا فما دخل نصر وناصرة في نسب عتيبة ؟! وهل الشيخ ابن دخين يستند إلى مشجرة قديمة ؟! وما تاريخها ؟! وهل هي أقدم من وثيقة النفعة المؤرخة بسنة 1005هـ ؟! وقد أطلعني أحد الثقاة على أوراق نقلها مباشرة عن الشيخ / عبدالله بن دخين - رحمه الله - قال له فيها : إننا بنو سعد بن قيس عيلان ؟! (43).
أمّا قوله سواءً كان عتيبة أبًا أو أمًّا … إلخ فإنني أستغرب هذا القول ومثله من باحث جاد وقدير مثل الأخ فالح (44) وذلك بعد خروج وثيقة النفعة المؤرخة سنة 1005هـ التي كشفت أنّ اسم أبيهم عتيب ، وأيدت بذلك رواية مفادها أنّ جد العتبان يدعى ( عتيب )، فجاءت هذه الوثيقة لكي تؤكد هذه الرواية ، فكيف نقول إنه قد يكون اسم أبٍ أو أمٍّ ؟! والقبائل كما تنسب أحيانًا إلى ألقاب فإنها أيضًا عادة ما تنتسب إلى أجدادها كجهينة تنتسب إلى جهينة والنسبة إليه جُهني ، وهذيل إلى هُذيل بن مدركة والنسب هُذلي ، وحرب والنسب حربي ، والسهول والنسبة سهلي ، وعنـزة بن أسد بن ربيعة والنسبة إليه عنـزي ، وشمر بن عبد والنسبة شمري ... إلخ ، وقبيلة عتيبة تنتسب إلى أبيها عتيب والنسبة إليه عتيبي .
14- ذكر أيضًا : إنّ الوقداني الذي ذكره الهجري وقال إنه من أحلاف ثقيف ، والذي ظنه حمد الجاسر حليفًا لثقيف ، وليس بصواب ، فهو ثقفي نسبًا من فروع الأحلاف وذكر أنهم بنو غاضرة ... وبنو عوف ... إلخ .
أقول : هذا صحيح فهو من أحلاف ثقيف ، لأننا نعلم أنّ الوقداني نسبة إلى رجل يدعى وقدان ، ولم نجد من بني غاضرة أو بني عوف بن ثقيف من اسمه وقدان ، ويبقى ما ذكره وجهة نظر لا أراها صحيحة وتحتاج إلى مصدر يؤكد أنّ الوقداني من ثقيف نسبًا لا حلفًا ، ثم إنّ السؤال الذي يطرح نفسه لماذا أطلق على اسم الأحلاف على الأحلاف ؟!
وفي الختام أودّ أن أشكر الأخ الكريم على اهتمامه وحرصه وتجاوبه مع هذا الموضوع ، وأنّ الخلاف في الرأي كما قيل لا يفسد للودّ قضية ، فلكل قناعته ووجهة نظره ، كما أنّ عتيبة سواء أكانت من هوازن أو كنانة ، فالجميع من مضر من عدنان ، والناس لآدم ، وآدم من تراب . ولكن الحق أحق بأن يتّبع .
|