عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 3 )
شبل السلاطين
عضو
رقم العضوية : 34627
تاريخ التسجيل : 06 - 02 - 2009
الدولة : ذكر
العمر : 42
الجنس :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 20 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
قوة الترشيح : شبل السلاطين is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
رد: مؤلفات الشيخ عائض القرني

كُتب : [ 19 - 11 - 2009 ]

تحدي المصاعب والانتصار على الأزمات


قيد أبو وردي بسبب روايته الحديث ، وصدعه بكلمة الحق ، لكنه صبر واحتسب في ذات الله عز وجل، وعد ذلك مكسباً عظيماً فقال:

انكر لي خصمي ولم يدر أنني


أعز ,احدث الزمان تهون


فبات يريني الخصم كيف أعتداؤه


وبت أريه الصبر كيف يكون!

تلوت هذين البيتين على فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله ، فصحح لي مساراً في البيتين ، حيث قال الشاعر في الأصل : (( تنكر لي دهري))، وصدق ابن عثيمن وأنا معه، وأنسخ من الآن البيتين وأرد كلمة (دهري) ، وأقول : تنكر لي خصمي، فرحم الله ابن عثيمين ، ورحم الله المظفر الأبي وردي الشاعر الكبير.
وابن رشيد الأندلسي وعظ النصاري في الأندلس فقيدوه ، ولطومه وجلدوه ، وحبسوه، فقال:

إن كان عندك يا زمان بقية


مما يهان بها الكرام فهاتها

يقول : بقي القتل، تعال بالقتل، حي الله القتل في سبيل الله!..
أم السؤال الذي يوجه لأصحاب السمو والمعالي من أهل الهمم العالية من العباد والزهاد وأهل الجهاد فهذا هو: قيل لابن عباس: كيف حصلت على هذا العلم؟ قال : بتوشد ردائي في القيلولة ، والريح تسف على وجهي من الرمل ومن وهج الصحراء ثلاثين سنة! وقالوا لعطاء : كيف حصلت على هذا العلم؟ قال: بتوسد فراشي في المسجد الحرام ثلاثين سنة !.. ثلاثون سنة لا يعرف بيته طلباً للعلم، أما طلبة العلم في هذا الزمان ـ إلا من رحم ربك ـ فإن أحدهم يدخل الى الجامعة أربع سنوات فأكثر ، ثم يخرج وهو جاهل، ثم يري أنه إمام الدنيا وحافظ العصر ، وخاتمة المجددين النبي صلي الله عليه وسلم يقول أخدهم في دخول للكلية:

ودخلت فيها جاهلاً متواضعاً


وخرجت منها جاهلاً دكتورا!

يقول : كنت قبل دخول الكلية جاهلاً لكني متواضع ؛ اسلم على رأس أبي، وأقبل كف أمي، وأجلس مع زملائي، فلما درست وتعلمت لسنوات خرجت فلا تواضع ولا احترام ولا أدب !..، وهذه صورة قبيحة لطالب العلم.
وقيل للشعبي: بم حصلت على هذا العلم؟ قال: بسهر طير النوم من عيني، وبسهاد، وبتبكير كتبكير الغراب.
نعم إن العظمة جهاد وسهاد وجلاد، ودموع واشلاء، قال المتنبي وهو على دنيا رخيصة ، ليس على تكبيرة إحرام ولا على عبادة:

أطاعن خيلاً من فوارسها الدهر


وحيداً وما قولي كذا ومعي الصبر!


وأشجع مني كل يوم سلامتي


وما ثبتت إلا وفي نفسها أمر


تمرست بالآفات حتى تركتها


تقول أمات الموت أم ذعر الذعر


وأقدمت إقدام الآتي كان لي


سوس مهجتي أو كان لي عندها وتر

الى أن يقول:

وتركك في الدنيا دوياً كأنما


تداول سمع المرء أنملة العشر

لكن الموحدين لهم نظام في الأمنية غير نظام المتنبي وأبي مسلم الخرساني والحججاج، أمنيتهم أن يموتوا على لا إله إلا الله، ولو كانوا غرباء وحيدين معزولين، كما في دفتري الزبيري:

خذوا كل دنياكموا واتركوا


فوادي حراً طليقاً غريبا


فإنـي أعظمكـم ثـروة


وإن خلتموني وحيداً سليبا

ويقول المتنبي :

لا يدرك المجد إلا سيد فطن


لما يشق على السادات فعال


لولا المشقة ساد الناس كلهمو


الجود يفقر والأقدام قتـــال

إن طريق السمو(مشقة) ؛ فأول السمو عندنا يبدأ بصلاة الفجر ، ومن لا يحضر صلاة الفجر فليس من أهل السمو ولا المعالي ولا السعادة، ولو زفت له الدنيا، وصفقت له البنود، وهتفت له الجنود ، وارتفعت عليه العلام ، وسددت أمامه السهامز
أبداً .. أبداً!!
لأن انطلاقتتنا الكبري من صلاة الفجر، من تكبيرة الإحرام النبي صلي الله عليه وسلم من حديث جندب بن عبد الله البجلي في مسلم: (( من صلي الفجر فهو في ذمة الله، فالله الله لا يطلبنكم من ذمته بشئ ، فإنه من طلبه أدركه كبة على وجهه في النار)).، ومن المحراب ننطلق إلي المعالي ، ومن لا يصلي الفجر والفروض الأخري جماعة ـ بلا عذر شرعي ـ فلا تظنه من أهل السعادة والسمو.


سمو في طلب العلم


سافر جابر بن عبد الله شهراً كاملاً على جمل إلى ( العريش) في مصر ، فلما وصل هناك طرق على عبد الله بن أنيس الباب، فخرج إليه عبد الله فسأله عن حديث الحوض فأخبره وطلب منه الدخول فأبي جابر وقال: رحلتي إلى الله ، والله لا أجلس أبداً، فمشي شهراً وعاد شهراً ، غدوة شهر ورواحة شهر!.. وللفت النظر فقط: فعبد الله بن أنيس هو الذي قتل خالد بن سفيان المشرك، فأعطاه صلي الله عليه وسلم عصاه وقال له : (( توكأ بها في الجنة))، والمتوكئون بالعصا في الجنة قليل ، فدخلت عصاه معه بره ، وسوف يبعث في العرصات وعصاه معه، وسوف يحضر الزحام عند الصحف والميزان والصراط وعصاه معه، وسيدخل الجنة وهو يتوكأ بها.
ونبي الله موسي عليه السلام ـ من قبل ـ ضرب أروع الأمثلة في طلب العلم ، وهو نبي معصوم يوحي اليه: ( لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً)(الكهف: 60).
والزمخشري يقول في قصيدة ماتعة:

سهري لتنقيح العلوم ألذ لي


من ضرب غانية وطيب عناق

والمعني: سهري مع الكتب والدفاتر أحسن عندي من أن أعانق امرأة جميلة ، أو أخلو بجارية فاتة، هكذا سمت نفسه.
ولأهل السنة سمة في هذا الباب، فخلوتهم مع صحيح البخاري ومسلم أحسن من ملك الدنيا جميعاً، واليك بعض النماذج السامية: طلب( شريك) العلم أربعين سنة، قال: طلبت العلم والله ما كان زادي في الىوم إلا كسرة خبز!.. وحضر في مجلس فيه وزير عباسي قد غاص في الركايا وفي الطنافس، فحدث بحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام ، فقال الوزير : (مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ)(المؤمنون: 24) ، فقال له شريك ـ وكان سريع البديهة ـ: من اين تسمع بهاذ وأنت تأكل الخبيص وتجلس على الطنافس ، وتغنيك الجواري؟!. وعرض به أحد خلفاء بني العباس حين قال له : أنت تحب عليا ، فأجابه : احبه حتى الدماغ ، فقال له : أواه من يوم عليك أظنك زنديق !، فقال شريك : الزنديق له ثلاث علامات، قال : ما هي ؟ قال: يترك صلاة الجماعة، ويشرب النبيذ، ويسمع الجواري!، قال: كانك تعرض بي وتلمح!، قال: ما ألمح لكن أقصدك!!.
وابن عبد البر مكث مع كتاب التمهيد ثلاثين سنة ليلاً ونهاراً ، ثلاثون سنة مع الكتاب يفليه، يكتبه، ينسخه ، يشرحه، ثم يقول :

سمير فؤادي من ثلاثين حجة


وصقيل ذهني والمفرج عن همي

وقد نظمت أربعة أبيات من باب التشبه بابن عبد البر فقط لا غير:

ثلاثون عاماً والدفاتر صحبتي


وقد صانني عن كل لهو وغفلتي


ثلاثون عاماً كلما قلت قد كفي


لأرتاح في داري وأحسو معيشتي


أبت همتي إلا الصعود الى العلا


إذا أنهد جسمي صارفي القلب قوتي



صعود أبداً وتفوق دائماً


دريد بن الصمة جاهلي من أهل الطائف ، خرج مع أخيه عبد الله لمواجهة العدو، فلما حضرت المعركة اجتمع القوم على أخيه عبد الله فقتلوه ، فسمع أخاه وهو في النفس الأخير يناديه: يا دريد.. يا دريد.. يا دريد، فانبعث هذه الصرخات إلى دريد وهو في آخر المعسكر وبينه وبين أخيه سيوف ورماح، فأخذ دريد في يمينه سيفاً وفي يساره رمحاً فشق الصفوص ، ووصل غلي أخيه وطاعن عنه الخيل وضارب الأبطال حتى جرح، ثم حمل فإذا أخوه ميت وهو حى!، فقال فيه قصيدة وهو يبكي عند أمه، يخبرها وخبر أخيه ، وهي من أرق وأجمل القصائد ، وقد جعلها أو تمام في حماسته ، يقول :

دعاني أخي والخيل بيني وبينه


فلما دعاني لم يجدني بقعدد


فطاع عنه الخيل حتى تبددت


وحتى علاني حالك اللون أسود


طعان أمرئ آسي أخاه بنفسه


ويعلم أن المرء غير مخلد


وطيب نفسي أنني لم أقل له


كذبت، ولم أبخل بما ملكت يدي


وهون وجدي أن ما هو فارط


أمامي وأني هامة اليوم أو غدا

وهذه من شيم أهل الجاهلية ، لكن الإسلام زكاها وسما بها الى أفق آخر. وفي سير الصالحينـ رضوان الله عليهم ـ مثال : في تسعة أسياف تكسرت في يد خالد بن الوليد ، وفي تسعة اسياف يطعن بها محمد بن حميد الطوسي فيقول له أبو تمام:

تردي ثياب الموت حمراً فما أتي


لها الليل إلا وهي من سندس خضر


فتي كلما فاضت عيون قبيلة دماً


ضحكت عنه الأحاديث والذكر

وهذه قصة قصيرة في سمو الهمم، شخوصها ابن عمر رضي الله عنه ، وعمرو بن أبي ربيعة وابن أبي لهب.
قال ابن عبد البر: أمر معاوية ألا يدخل أحد مكة إلا بإذنه ، فمر ابن ربيعة فقال له الجنود والحراس:
من أنت : فقال لهم :

بينما يذكرنني أبصرنني


عند قيد الميل يسعي بالأعز


قال تعرفن الفتي؟ قلن نعم


قد عرفناه وهل يخفي القمر؟!

فاذنوا له بالدخول.
فأتي ابن ابي لهب ، فقالوا له : من أنت ؟ قال:

وأنا الأخضر من يعرفتي


أخضر الجلدة من نسل العرب


من يساجني يساجن ماجداً


يمل الدلو الى عقد الكرب

فأذنوا له.
فأتي ابن عمر وإذا الناس كنفتيه كالغمامتين، وإذا سائل يسأله : نحرت قبل أن أرمي؟!، قال: أفعل ولا حرج ، قال: حلقت قبل أن أنحر ؟! قال: افعل ولا حرج، فأخذ الناس يسألونه...، فقال معاوية:
هذا والله هو الملك لا ملكي!.. وأمر الحراس فأذنوا له.
لأن ابن عمر تخرج من مدرسة محمد صلي الله عليه وسلم الهادية ، الناضحة، أما مدرسة ابن أبي ربيعة وابن أبي لهب فمدرسةلاغية، تعتمد على الهيام والغرام، ومثلها مدارس الأغنيات والآهات والزفرات في القنوات، وفي كل زمان ومكان تضيع فيه الآيات البينات، والأحاديث الثابتات.


وبسم الله نختم


ربنا اسلك بنا طريق محمد، ربنا اهدنا سبيل الخلفاء الراشدين، ربنا احشرنا مع الصادقين، ربنا اجعلنا مع الخالدين ، ربنا ارحمنا، ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا..، أخطأنا، أسأنان تجاوزنا ، لكنك رحيم ، لكنك كريم، لكنك عفو، لكنك منان، لكنك رحمن، لكنك ديان، فعفو منك يا الله النبي صلي الله عليه وسلم ورحماك يا رب ، اللهم أكرمنا برحمة منك، ومغفرة منك، ونوال طيب منك، لكل وافدٍ ضيافة، ولكل زائر رفادة ، ضيافتنا منك ربنا، فيا رب غفران، ووفادتنا رضوانن وأنت رحمنسُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ َسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).


يجيك شبل من ظهور السلاطين...... شبل مدرب فوق ظهر المطيه
اسمحلي على استعارة التوقيع يالغالي

رد مع اقتباس