عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 3 )
الراعي
عضو مميز
رقم العضوية : 13
تاريخ التسجيل : 12 - 04 - 2003
الدولة :
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 797 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 11
قوة الترشيح : الراعي is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
رد : فضل إعتاق المحكوم عليهم بالقصاص

كُتب : [ 21 - 05 - 2004 ]

من تفسير القرطبي
ــــــــــــــــــــــــ


مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ

أَيْ مِنْ جَرَّاء ذَلِكَ الْقَاتِل وَجَرِيرَته , وَقَالَ الزَّجَّاج : أَيْ مِنْ جِنَايَته ; يُقَال : أَجَلَ الرَّجُل عَلَى أَهْله شَرًّا يَأْجُل أَجْلًا إِذَا جَنَى ; مِثْل أَخَذَ يَأْخُذ أَخْذًا . قَالَ الْخِنَّوْت : وَأَهْل خِبَاء صَالِح كُنْت بَيْنهمْ قَدْ احْتَرَبُوا فِي عَاجِل أَنَا آجِلُه أَيْ جَانِيهِ , وَقِيلَ : أَنَا جَارُّهُ عَلَيْهِمْ , وَقَالَ عَدِيّ بْن زَيْد : أَجَلْ إِنَّ اللَّه قَدْ فَضَّلَكُمْ فَوْق مَنْ أَحْكَأَ صُلْبًا بِإِزَارِ وَأَصْله الْجَرّ ; وَمِنْهُ الْأَجَلُ لِأَنَّهُ وَقْت يُجَرّ إِلَيْهِ الْعَقْد الْأَوَّل , وَمِنْهُ الْآجِل نَقِيض الْعَاجِل , وَهُوَ بِمَعْنَى يُجَرّ إِلَيْهِ أَمْرٌ مُتَقَدِّم , وَمِنْهُ أَجَلْ بِمَعْنَى نَعَمْ . لِأَنَّهُ اِنْقِيَاد إِلَى مَا جُرَّ إِلَيْهِ , وَمِنْهُ الْإِجْل لِلْقَطِيعِ مِنْ بَقَر الْوَحْش ; لِأَنَّ بَعْضه يَنْجَرّ إِلَى بَعْض ; قَالَهُ الرُّمَّانِيّ , وَقَرَأَ يَزِيد بْن الْقَعْقَاع أَبُو جَعْفَر : " مِنِ اجْلِ ذَلِكَ " بِكَسْرِ النُّون وَحَذْف الْهَمْزَة وَهِيَ لُغَة , وَالْأَصْل " مِنْ إِجْل ذَلِكَ " فَأُلْقِيَتْ كَسْرَة الْهَمْزَة عَلَى النُّون وَحُذِفَتْ الْهَمْزَة . ثُمَّ قِيلَ : يَجُوز أَنْ يَكُون قَوْله : " مِنْ أَجْل ذَلِكَ " مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ : " مِنْ النَّادِمِينَ " [ الْمَائِدَة : 31 ] , فَالْوَقْف عَلَى قَوْله : " مِنْ أَجْل ذَلِكَ " , وَيَجُوز أَنْ يَكُون مُتَعَلِّقًا بِمَا بَعْده وَهُوَ " كَتَبْنَا " . فـ " ـمِنْ أَجْل " اِبْتِدَاء كَلَام وَالتَّمَام " مِنْ النَّادِمِينَ " ; وَعَلَى هَذَا أَكْثَر النَّاس ; أَيْ مِنْ سَبَب هَذِهِ النَّازِلَة كَتَبْنَا , وَخَصَّ بَنِي إِسْرَائِيل بِالذِّكْرِ - وَقَدْ تَقَدَّمَتْهُمْ أُمَم قَبْلهمْ كَانَ قَتْل النَّفْس فِيهِمْ مَحْظُورًا - لِأَنَّهُمْ أَوَّل أُمَّة نَزَلَ الْوَعِيد عَلَيْهِمْ فِي قَتْل الْأَنْفُس مَكْتُوبًا , وَكَانَ قَبْل ذَلِكَ قَوْلًا مُطْلَقًا ; فَغُلِّظَ الْأَمْرُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل بِالْكِتَابِ بِحَسَبِ طُغْيَانهمْ وَسَفْكهمْ الدِّمَاء .

أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ

وَمَعْنَى " بِغَيْرِ نَفْس " أَيْ بِغَيْرِ أَنْ يَقْتُل نَفْسًا فَيَسْتَحِقّ الْقَتْل , وَقَدْ حَرَّمَ اللَّه الْقَتْل فِي جَمِيع الشَّرَائِع إِلَّا بِثَلَاثِ خِصَال : كُفْر بَعْد إِيمَان , أَوْ زِنًى بَعْد إِحْصَان , أَوْ قَتْل نَفْس ظُلْمًا وَتَعَدِّيًا .

أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ

أَيْ شِرْك , وَقِيلَ : قَطْع طَرِيق , وَقَرَأَ الْحَسَن : " أَوْ فَسَادًا " بِالنَّصْبِ عَلَى تَقْدِير حَذْف فِعْل يَدُلّ عَلَيْهِ أَوَّل الْكَلَام تَقْدِيره ; أَوْ أَحْدَثَ فَسَادًا ; وَالدَّلِيل عَلَيْهِ قَوْله : " مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْس " لِأَنَّهُ مِنْ أَعْظَم الْفَسَاد . وَقَرَأَ الْعَامَّة : " فَسَادٍ " بِالْجَرِّ عَلَى مَعْنَى أَوْ بِغَيْرِ فَسَاد .

فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا

اِضْطَرَبَ لَفْظ الْمُفَسِّرِينَ فِي تَرْتِيب هَذَا التَّشْبِيه لِأَجْلِ أَنَّ عِقَاب مَنْ قَتَلَ النَّاس جَمِيعًا أَكْثَرُ مِنْ عِقَاب مَنْ قَتَلَ وَاحِدًا ; فَرُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ : الْمَعْنَى مَنْ قَتَلَ نَبِيًّا أَوْ إِمَام عَدْل فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاس جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهُ بِأَنْ شَدَّ عَضُده وَنَصَرَهُ فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاس جَمِيعًا , وَعَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ : الْمَعْنَى مَنْ قَتَلَ نَفْسًا وَاحِدَة وَانْتَهَكَ حُرْمَتهَا فَهُوَ مِثْل مَنْ قَتَلَ النَّاس جَمِيعًا , وَمَنْ تَرَكَ قَتْل نَفْس وَاحِدَة وَصَانَ حُرْمَتهَا وَاسْتَحْيَاهَا خَوْفًا مِنْ اللَّه فَهُوَ كَمَنْ أَحْيَا النَّاس جَمِيعًا , وَعَنْهُ أَيْضًا . الْمَعْنَى فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاس جَمِيعًا عِنْد الْمَقْتُول , وَمَنْ أَحْيَاهَا وَاسْتَنْقَذَهَا مِنْ هَلَكَة فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاس جَمِيعًا عِنْد الْمُسْتَنْقَذ , وَقَالَ مُجَاهِد : الْمَعْنَى أَنَّ الَّذِي يَقْتُل النَّفْس الْمُؤْمِنَة مُتَعَمِّدًا جَعَلَ اللَّه جَزَاءَهُ جَهَنَّم وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ; يَقُول : لَوْ قَتَلَ النَّاس جَمِيعًا لَمْ يُزَدْ عَلَى ذَلِكَ , وَمَنْ لَمْ يَقْتُل فَقَدْ حَيِيَ النَّاس مِنْهُ , وَقَالَ اِبْن زَيْد : الْمَعْنَى أَنَّ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا فَيَلْزَمهُ مِنْ الْقَوَد وَالْقِصَاص مَا يَلْزَم مَنْ قَتْل النَّاس جَمِيعًا , قَالَ : وَمَنْ أَحْيَاهَا أَيْ مَنْ عَفَا عَمَّنْ وَجَبَ لَهُ قَتْله ; وَقَالَهُ الْحَسَن أَيْضًا ; أَيْ هُوَ الْعَفْو بَعْد الْمَقْدِرَة , وَقِيلَ : الْمَعْنَى أَنَّ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا فَالْمُؤْمِنُونَ كُلّهمْ خُصَمَاؤُهُ ; لِأَنَّهُ قَدْ وَتَرَ الْجَمِيع , وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاس جَمِيعًا , أَيْ يَجِب عَلَى الْكُلّ شُكْره , وَقِيلَ : جُعِلَ إِثْم قَاتِل الْوَاحِد إِثْم قَاتِل الْجَمِيع ; وَلَهُ أَنْ يَحْكُم بِمَا يُرِيد , وَقِيلَ : كَانَ هَذَا مُخْتَصًّا بِبَنِي إِسْرَائِيل تَغْلِيظًا عَلَيْهِمْ . قَالَ اِبْن عَطِيَّة : وَعَلَى الْجُمْلَة فَالتَّشْبِيه عَلَى مَا قِيلَ 0 وَاقِع كُلّه , وَالْمُنْتَهِكُ فِي وَاحِدٍ مَلْحُوظٌ بِعَيْنِ مُنْتَهِكِ الْجَمِيعِ ; وَمِثَاله رَجُلَانِ حَلَفَا عَلَى شَجَرَتَيْنِ أَلَا يَطْعَمَا مِنْ ثَمَرهمَا شَيْئًا , فَطَعِمَ أَحَدهمَا وَاحِدَة مِنْ ثَمَر شَجَرَته , وَطَعِمَ الْآخَر ثَمَر شَجَرَته كُلّهَا , فَقَدْ اِسْتَوَيَا فِي الْحِنْث , وَقِيلَ : الْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اِسْتَحَلَّ وَاحِدًا فَقَدْ اِسْتَحَلَّ الْجَمِيع ; لِأَنَّهُ أَنْكَرَ الشَّرْع , وَفِي قَوْله

وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ

تَجَوُّز ; فَإِنَّهُ عِبَارَة عَنْ التَّرْك وَالْإِنْقَاذ مِنْ هَلَكَة , وَإِلَّا فَالْإِحْيَاء حَقِيقَة - الَّذِي هُوَ الِاخْتِرَاع - إِنَّمَا هُوَ لِلَّهِ تَعَالَى , وَإِنَّمَا هَذَا الْإِحْيَاء بِمَنْزِلَةِ قَوْل نَمْرُود اللَّعِين : " أَنَا أُحْيِي وَأُمِيت " [ الْبَقَرَة : 258 ] فَسَمَّى التَّرْك إِحْيَاء . ثُمَّ أَخْبَرَ اللَّه عَنْ بَنِي إِسْرَائِيل أَنَّهُمْ جَاءَتْهُمْ الرُّسُل بِالْبَيِّنَاتِ , وَأَنَّ أَكْثَرهمْ مُجَاوِزُونَ الْحَدّ , وَتَارِكُونَ أَمْر اللَّه .

من موقع
بدون أي تصرف
http://quran.al-islam.com


رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي
مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات
الراعي
رد مع اقتباس