من أثار تنقية النفس والتقوى واتصال الروح بخالقها : الكرامات والخوارق والعلم و الفراسة
تقدم الكلام على آيات متعددة .. أربع آيات في التقوى وحكمها وبيان مافيها ومالها من الثمرات ...
أما هذه الآية الخامسة .. فهي قوله تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم)) ...
هذه ثلاث فوائد عظيمة ...
الفائدة الأولى ..
يقول (( يجعل لكم فرقانا )) أي يجعل لكم ماتفرقون به بين الحق والباطل .. وبين الضار والنافع .. وهذا يدخل فيه العلم بحيث يفتح الله على الإنسان من العلوم مالا يفتحها لغيره .. فإن التقوى يحصل بها زيادة الهدى .. وزيادة العلم .. وزيادة الحفظ ..
ولهذا يذكر عن الشافعي رحمه الله أنه قال :
شكوت إلى وكيع سوء حفظي ... فأرشدني إلى ترك المعاصي
وقال اعلم بأن العلم نور ... ونور الله لايؤتاه عاصي
ولاشك أن الإنسان كلما ازداد علما .. ازداد معرفة وازداد فرقانا بين الحق والباطل وبين الضار والنافع ...
وكذلك يدخل فيه .. مايفتح الله على الإنسان من الفهم .. فإن التقوى سبب لقوة الفهم .. وقوة الفهم يحصل بها زيادة العلم .. فإنك ترى الرجلين يحفظان آية من كتاب الله .. يستطيع أحدها أن يستخرج منها ثلاثة أحكام مثلا .. ويستطيع الآخر أن يستخرج أربعة .. خمسة .. عشرة .. أكثر .. بحسب ما آتاه الله من الفهم ...
فالتقوى إذن سبب لزيادة الفهم ...
ويدخل في ذلك أيضا .. الفراسة .. أن الله يعطي المتقي فراسة يميز بها حتى بين الناس .. بمجرد مايرى الإنسان يعرف أنه كاذب أو صادق .. أنه بر أو فاجر .. حتى إنه ربما يحكم على الشخص وهو لم يعاشره ولم يعرف عنه شيئا بسبب ماأعطاه الله من الفراسة ...
ويدخل في ذلك أيضا مايحصل للمتقين من الكرامات التي لاتحصل لغيرهم .. ومن ذلك ماحصل لكثير من الصحابه والتابعين رضي الله عنهم ..
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذات يوم يخطب على المنبر في المدينه .. فسمعوه يقول في أثناء الخطبة: ياسارية .. الجبل ... ياسارية الجبل ..
فتعجبوا .. من يخاطب؟ وكيف يقول هذا الكلام في أثناء الخطبة ..
فإذا الله سبحانه وتعالى قد كشف له عن سرية في العراق ..
كان قائدها سارية بن زنيم وكان العدو قد حصرهم .. فكشف الله لعمر عن هذه السرية كأنما يشاهدها رأي عين ..
فقال لقائدها ياسارية .. الجبل ...
يعني تحصن بالجبل ..
فسمعه سارية وهو القائد .. وهو في العراق .. ثم اعتصم بالجبل ...
هذا أيضا من التقوى .. لأن كرامات الأولياء كلها جزاء لهم على تقواهم لله عز وجل ..
فالمهم .. أن من آثار التقوى أن الله تعالي يجعل للإنسان فرقانا .. يفرق به بين الحق والباطل .. وبين البر والفاجر .. وبين أشياء كثيرة لاتحصل لغير المتقي ...
الفائدة الثانية ...
قال: ((ويكفر عنكم سيئاتكم)) .............
هذا كلام الشيخ من شرح الرياض .. وإتماما للفائدة .. هذه فتوى من موقع الشيخ رحمه الله:
فتاوى نور على الدرب (نصية) : متفرقه
السؤال:
الأخوة يسألون يا فضيلة الشيخ ويقولون ما حكم الشرع فيما يروى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى سارية وهو يخطب على المنبر في المعركة في موقف حرج مع الأعداء فقال له يا سارية الجبل هل هذه القصة حقيقة حدثت أم من الخيال نرجو منكم إفادة؟
الجواب
الشيخ: إن هذه القصة مشهورة عن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه أنه كان يخطب الناس يوم الجمعة على منبر النبي صلى الله عليه وسلم وكان سارية بن زنيم رضي الله تعالى عنه قائداً لأحد السرايا في العراق فحصر الرجل فأطلع الله تعالى أمير المؤمنين عمر على ما أصابه فخاطبه عمر من المنبر وقال له يا سارية الجبل يعني اصعد الجبل أو لذ بالجبل أو ما أشبه ذلك من التقديرات فسمعه سارية فاعتصم بالجبل فسلم ومثل هذه الحادثة تعد من كرامات الأولياء فإن للأولياء كرامات يجريها الله تعالى على أيديهم تثبيتاً لهم ونصرة للحق وهي موجودة فيما سلف من الأمم وفي هذه الأمة ولا تزال باقية إلى يوم القيامة وهي أمر خارق للعادة يظهره الله تعالى على يد الولي تثبيتاً له وتأييداً للحق ولكن يجب علينا الحذر من أن يلتبس علينا ذلك بالأحوال الشيطانية من السحر والشعوذة وما أشبهها لأن هذه الكرامات لا تكون إلا على يد أولياء الله وأولياء الله عز وجل هم المؤمنون المتقون قال الله عز وجل (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين أمنوا وكانوا يتقون) قال شيخ الإسلام رحمه الله أخذاً من هذه الآية من كان مؤمناً تقياً كان لله ولياً وليست الولاية بتطويل المسبحة وتوسيع الكم وتكبير العمامة والنمنمة والهمهمة وإنما الولاية بالإيمان والتقوى فيقاس المرء بإيمانه وتقواه لا بهمهمته ودعواه بل إني أقول إن من ادعى الولاية فقد خالف الولاية لأن دعوى الولاية معناه تزكية النفس وتزكية النفس معصية لله عز وجل والمعصية تنافي التقوى قال الله تعالى (هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُم ْمِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى) ولا نعلم أحداً ن أولياء الله المؤمنين المتقين قال للناس إني أنا ولي فاجتمعوا إلي وخذوا من بركاتي ودعواتي وما أشبه ذلك لا نعلم هذا إلا عن الدجالين الكذابين الذين يموهون على عباد الله ويستخدمون شياطين الجن للوصول إلى مآربهم وإن نصيحتي لأمثال هؤلاء أن يتقوا الله عز وجل في أنفسهم وفي عباد الله ونصيحتي لعباد الله أن لا يغتروا بهؤلاء وأمثالهم.