عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 1 )
مخايل الغربي
وسام التميز
رقم العضوية : 7672
تاريخ التسجيل : 26 - 05 - 2006
الدولة :
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة : نجد العذيه
عدد المشاركات : 1,824 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
قوة الترشيح : مخايل الغربي is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
عبد الله بن سبأ اليهودي

كُتب : [ 25 - 01 - 2007 ]

بسم الله الرحمن الرحيم

عبد الله بن سبأ اليهودي اليماني بين الحقيقة والخيال د . سامي عطا حسن – جامعة آل البيت ملخص

تهدف هذه الدراسة بصفة أساسية إلى إثبات أن عبدالله بن سبا شخصية حقيقية تاريخية ، من خلال تحليل الروايات الواردة في المصادر الإسلامية المبكرة ، ومناقشة الشبهات التي أثارها بعض الدارسين المعاصرين من منكري وجود عبد الله بن سبأ و أتباعه في السبئية . وقد خلص الباحث إلى أن روايات كتب الفرق و الأدب عن عبد الله بن سبأ صحيحة ، وإن ابن السوداء عبدالله بن سبأ الذي نشر أفكاره ووزع دعاته في مختلف الأمصار حتى أفسد الرعية على الخليفة عثمان - رضي الله عنه - و جعلها تثور عليه و تقتله ، شخصية تاريخية و حقيقية قائمة ، وأن الدور المنسوب إليه في إيجاد وتسيير أحداث الفتنة التي وقعت في فجر الإسلام دور واضح للعيان . وانتهت الدراسة إلى بيان أن ما أثاره بعض الدارسين المعاصرين من شبهات حول وجود عبدالله بن سبأ تفتقر إلى الأدلة العلمية والدعم من المصادر الإسلامية المتقدمة والقريبة من الأحداث .

المقدمة :

بعد رحيل النبي - صلى الله عليه و سلم - إلى الرفيق الأعلى ، واندلاع حروب الردة ، وبعد أن تمكن أبو الصديق - رضي الله عنه - من قمعها ، دخلت إلى رواق الحياة الإسلامية شخصيات لم تستضيء قلوبها بأنوار النبوة ، ولم تستكمل حضانتها الإسلامية في ظل اليقين ، فكان دخولها لمناوأة الإسلام ، والانقضاض عليه من الداخل ، فزاحمت مناكبها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه و سلم - حتى أقصتهم عن مكانتهم ، وقبضت على كثير من مرافق الحياة في الأمة ، وقضت في كثير من قضاياها ، وتقدمت وتأخر أهل السبق في الإسلام ، فكان لهذه الشخصيات الدخيلة ، أثر عظيم في ظهور الفرق والمذاهب التي مزقت وحدة المسلمين ، وبددت شملهم ، وجعلت القرآن بينهم عضين ، تلجأ إليه كل فرقة وفي يدها سلاح التأويل المنحرف ، لتجعل منه سندا لمذهبها ، وحجة على منتحلها . تظاهروا بالحب لآل بيت النبوة ، في الوقت الذي عملوا كل ما من شأنه الإساءة إليهم ، والقضاء عليهم . تعرض آل البيت للقهر والاضطهاد من قبل العناصر المناوئة . لكونهم من البيوت الطاهرة الشريفة التي تربت في بيت النبوة ، ونهلت الإسلام من منابعه ، ولذلك فقد أصبحوا في صدارة أهداف العناصر المناوئة التي أظهرت الكيد للإسلام ، وكان ذلك في نفاق ماكر ، ومكر منافق ، حتى إذا لمعت لها بارقة الخلاف بين المسلمين في خلافة عثمان بن عفان - رضي الله عنه - هبت واثبة إلى مكان القيادة ، تسوق الناس بعصا الفتنة العمياء ، وتهمزهم إذا فتروا بمهمز المكر والدهاء . وكان رأس هذه العناصر المناوئة : عبدالله بن سبأ ، الملقب بابن السوداء ، وكان من يهود اليمن ، وفد إلى الحجاز ، وانتحل الإسلام لأغراض كان يسترها ، كشفت عنها دعوته المارقة ، ( اختزن خياله مرارة الإجلاء اليهودي من الجزيرة العربية ، فقدم إلى المدينة بكل توتره وحقده ، وأسلم ظاهريا وهو يصر على إغراق هذا المجتمع الناشئ في بحور من الفتنة والشك ) (1).

أصله و موطنه :

اتفقت كتب المقالات والفرق ومعظم كتب التاريخ و الأدب التي تعرضت لموضوع الفتنة التي حدثت أيام الخليفة عثمان بن عفان - رضي الله عنه - و لحادث مقتل الخليفة علي بن أبى طالب - رضي الله عنه - في الكوفة ، على ذكر عبدالله بن سبأ ، و أنه شخصية يهودية ظهر في مجتمع المسلمين بعقائد وأفكار ، ليفتن المسلمين في دينهم ، ثم اجتمع إليه رعاع القبائل وبعض الموتورين ، فاستطاع بهم شق وحدة المسلمين ، وإيقاف الفتوحات الخارجية ، لتبدأ حروب أهل البيت ، وإن كان هناك اختلاف بينهم في عرض أخباره . وتتفق المصادر السنية والمصادر الشيعية على أن عبدالله بن سبأ يهودي من صنعاء باليمن ، أسلم لتدبير المكائد للمسلمين ، وبث الفتنة ، وعوامل الفرقة والاختلاف فيما بينهم .

أ‌ - جاء في تاريخ الطبري : ( كان عبدالله بن سبأ يهوديا من صنعاء ). (2)
ب - قال ابن عساكر : ( عبدالله بن سبأ الذي تنسب إليه السبئية ، وهو من الغلاة الرافضة ، أصله من اليمن ) (3).
ج - قال الناشئ الأكبر : ( وكان عبدالله بن سبأ من أهل صنعاء ، اسلم على يد علي ، وسكن المدائن ) (4).
د - قال سعد بن عبدالله القمي الأشعري : ( وحكى جماعة من أهل العلم بأن عبدالله بن سبأ كان يهوديا فأسلم ووالى عليا (5).
هـ - ساق المستشرق الألماني اسرائيل فريدليندر حججا عديدة في دراسة بعنوان : عبدالله بن سبأ وأصله اليهودي ، عن يهودية ابن سبأ وأصله اليمني (6)
و - قال أحمد أمين : ( إن ابن السوداء هذا أتى أبا الدرداء (7) وعبادة بن الصامت (8 ) فلم يسمعا لقوله ، وأخذه عبادة إلى معاوية (9) وقال له : هذا والله الذي بعث عليك أبا ذر (10)، ونحن نعلم أن ابن السوداء هذا لقب لقب به عبدالله بن سبأ ، وكان يهوديا من صنعاء ) (11).
ز - قال د . صالح درادكة ما نصه : ( إن أخبار الفتنة وصلتنا عن طرق أخرى غير طرق سيف بن عمر التيمي ، وهذه الروايات بعمومها لا تخالف رواية سيف ، وإنما تؤكد صحتها وتضيف إليها بعض التفاصيل ، وإذا كان المؤرخون يأخذون برواية سيف ، فلأنهم وجدوا فيها كشفا لليد الخفية التي كانت وراء تنظيم المعارضة على عثمان .. إلى أن يقول : لهذا لا يمكن إنكار وجود السبئية في أحداث ذكرها قدامى المؤرخين للملل والنحل ، ومع وضوح حقيقة وجود السبئية يجب أن لا تخفى عن أعيننا الحقيقة الأخرى ، وهي : أنه لولا وجود المعارضة لما تمكن عبدالله بن سبأ من الوصول إلى أهدافه ) (12) فكل الروايات التي أوردناها آنفا ، تدل على أن عبدالله بن سبأ ، يهودي من صنعاء وهي كانت في أيام احتلال الأحباش لها ، قاعدة مهمة لليهود ، والظاهر أنهم أقاموا فيها قبل غزو الأحباش لليمن ( 13).
ومما يؤكد يهودية - عبدالله بن سبأ - ما ذكره الإمام ابن حزم الأندلسي إذ قال ما نصه : ( و القسم الثاني من الغالية يقولون بإلهية غير الله عز وجل ، وأولهم قوم أصحاب عبدالله بن سبأ الحميري ( 14) فنسبه إلى قبيلة حمير ، وقبيلة حمير كانت تسكن في صنعاء .
قال محقق كتاب ( قرة العيون بأخبار اليمن الميمون ) : ( وصنعاء هي حاضرة اليمن في معظم العصور الإسلامية ، ومن أقدم المدن العربية ، قد قيل أنها بنيت بعد الطوفان ، وهي عروس الجزيرة العربية ، وتاجها المتلالىء ، ومحط أملاك حمير ، وحمير هذه ينتسب إليها كعب بن ملتع الرعيني الحميري الذي اشتهر باسم كعب الأحبار ، وكان عالم أهل الكتاب ، ومن كبار أحبارها ( 15).
ويقول ابن قتيبة : ( كانت اليهودية في حمير وبني كنانة وبني الحارث بن كعب وكنده ) (16) ولم تذكر المصادر التي وقفت عندها اسم والد عبدالله بن سبأ ... اللهم إلا الزبيدي صاحب تاج العروس ، فقد ذكر إن ( سبأ ) الواردة في حديث ( فروة بن مسيك المرادي )، هو : والد عبدالله بن سبأ صاحب السبئية من الغلاة ، (17) وهو رأي بعيد عن الصواب ، فقد يكون والده من صميم حمير ، وقد يكون من المنتسبين إليها بالولاء ، وقد يكون من الأبناء (18) فلم يعرف له أب ، أما أمه فهي حبشية الأصل (19) ومن هنا جاء لقبه ( ابن السوداء ) ومن الثابت تاريخيا أن التزاوج بين الأحباش واليمنيين ، أنتج في اليمن سلالة هجينه ، ربما يكون ابن سبأ أحد أفرادها . وإلى هذه السلالة يشير الكميت في مفاخرته بالنزارية على اليمنية بقوله :

لنا قمر السماء وكل نجم
= تشير إليه أيدي المهتدينا

وجدت الله إذا سمى نزارا
= وأسكنه بمكة قاطنينا

لنا جعل المكارم خالصات
= وللناس القفا ولنا الجبينا

وما وجدت بنات بني نزار
= حلائل أسودين وأحمرينا (20)

والمقصود بـ سبأ التي ينتسب إليها عبدالله بن سبأ هو اليمن ، فكل يماني يصح أن يقال عنه أنه ابن سبأ ، كما يقال للمصري ابن النيل ، وهكذا …. وتتوثق نسبة أهل اليمن إلى سبأ ، بخبر يورده يعقوب بن شيبة في كتابه ( مسند أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ) ، قال : ( كان من سبأ من أهل اليمن ) ( 21).
وقد حكى القران الكريم في سورة النمل ما قصة الهدهد غلى سيدنا سليمان بقوله : ( فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين . إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم ) ( 22). وفي القران الكريم سورة تسمى سورة سبأ ، وقد حدثنا القران عما كانوا فيه من رزق رغيد ونعيم مقيم ، وخزنوا الماء بكميات كافية وراء السد الذي عرف بسد مأرب ، فلما أعرضوا عن شكر المنعم ، وعن العمل الصالح ، والتصرف الحميد ، سلبهم الله سبب هذا الرخاء الذي كانوا يعيشون فيه ، وأرسل عليهم السيل الجارف حاملا في طريقه العرم وهي الحجارة ، فتحطم السد وانساحت المياه فطغت وأغرقت الأرض ، وتبدلت جناتها الفيح إلى صحراء قاحلة ، تتناثر فيها الأشجار البرية الخشنة ، قال تعالى : ( وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلى الكفور ) ( 23).
ومن الجائز أن يكون ابن سبا قد أخفى عنا اسم والده اليهودي ، لئلا يعرف الناس حقيقته ، أما ما ذهب إليه البغدادي من أن ابن سبأ كان من أهل الحيرة ، حيث قال : ( وكان ابن السوداء- أي ابن سبأ - في الأصل يهوديا من أهل الحيرة ) (24) وتابعه في ذلك الإمام الفاضل ( محمد أبو زهرة ) في كتابه المذاهب الإسلامية (25)، فلا يتعارض مع الروايات التي تقول بأنه يماني الأصل ، إذ يجوز من أصل ، وهاجر إلى الحيرة قي العراق ، علما بأن الحيرة كانت مركزا لجميع اليهود وأبناء الديانات والمذاهب الأخرى ، ومن المؤكد أن المسلمين لما خططوا الكوفة لم ينتقل إليها بادئ الأمر أحد من اليهود ، بل ظلوا في الحيرة ، وكان الحجاج بن يوسف الثقفي قد وقف على المنبر في الكوفة ( سنة 77 للهجرة ) وقال : ( يا أهل الكوفة ، لا أعز الله من أراد بكم العز ، ولا نصر من أراد بكم النصر ، اخرجوا عنا ، لا تشهدوا معنا قتال عدونا ، انزلوا بالحيرة مع اليهود والنصارى ) ( 26) . وبعد أن جاء ابن سبأ إلى المدينة ، واحتك بالحياة الدينية والاجتماعية السائدة هناك ، اتخذ منها موقفا محددا يتسم ببغض الخليفة وذويه ، لما بدر منه في زعمه من استئثار أقاربه بالمال والسلطة ، فأخذ يبث أنصاره هنا وهناك ، ليكشفوا للمسلمين - زورا وبهتانا - مساوئ عهد عثمان - رضي الله عنه - ولتحريضهم على الثورة ، يقول المؤرخ الفارسي - مير خواند - إن السبب في حقد ابن سبأ على عثمان هو : ( أنه كان يأمل حين قدومه إلى المدينة إكرام الخليفة له . فلما لم يحصل له ما أراد ، أخذ يتصل بالناقمين عليه ، وينكر على عثمان إدارته علنا ، وبلغ عثمان خبره أخيرا فقال : من هذا اليهودي الذي أتحمل منه هذا . وأمر بنفيه من المدينة ، ثم ذهب أخيرا إلى مصر ، وصار من المشاغبين العاملين ضد عثمان ) ( 27).

شبهات منكري وجود ابن سبأ وتفنيدها :

حاول نفر من الكتاب المعاصرين نفي وجود ابن سبأ ، وذهبوا في أمره مذاهب شتى ، فمنهم من أنكر وجوده ، ومنهم من قال : لو سلمنا بوجوده جدلا ، فإننا ننكر أن يكون له كل ذلك التأثير في الفتن التي حصلت في مقتبل عمر الدولة الإسلامية ، وسنعرض لهذه التشكيكات والأوهام لبيان زيفها .

أولا : شبهات مرتضى العسكري :

حاول مرتضى العسكري ، عميد كلية علوم الدين بالنجف الأشرف ، إثبات أن معظم المؤرخين الذين تطرقوا للحديث عن عبدالله بن سبأ ، أخذوا معلوماتهم عن الطبري ، وأن الطبري اعتمد على روايات الإخباري سيف بن عمر ( 28) الذي جرحه علماء الجرح والتعديل .
يقول مرتضى العسكري : ( فإذا راجعنا كتب الرجال للبحث عن شخصية سيف ، وجدناهم يصفونه بأنه : يروي عن خلق كثير من المجهولين ، ضعيف الحديث ، ليس بشيء ، متروك ، يضع الحديث ، وهو في الرواية ساقط ، يروي الموضوعات عن الثقات ، وعامة حديثه منكر ، متهم بالوضع والزندقة ) ( 29 ).
ونقول : لقد جرحه علماء الجرح والتعديل ، فقال عنه النسائي : ( سيف بن عمر الضبي ضعيف ) (30)
وقال عنه أبو حاتم الرازي : ( حدثنا عبد الرحمن قال سئل أبي عن سيف بن عمر الضبي فقال : متروك الحديث ، يشبه حديثه حديث الواقدي ) وقال عنه ابن معين : ( سيف ضعيف الحديث ) (31).
وذكره الذهبي واكتفى بالقول ( ضعفه ابن معين و غيره ) (32).
وعند ابن حجر : ( سيف ضعيف الحديث ) (33). ولكن الطعن في مروياته من الأحاديث النبوية الشريفة ، لا ينسحب بالضرورة على الأخبار التي يرويها ، لأن الأحاديث النبوية جزء من التشريع تنبني عليها الأحكام ، ويؤخذ منها الحلال والحرام ، وتقام بها الحدود ، فهي تتصل بأصل من أصول التشريع الإسلامي وهو السنة النبوية الغراء .
ويختلف الأمر في رواية الأخبار التاريخية ، فهي وإن كانت مهمة ، إلا أنها لا تصل أهميتها إلى درجة الأحاديث النبوية ، ولا يتمخض عنها أحكام ملزمة ، إذ كل إنسان يؤخذ من كلامه ويترك .. إلا ما صح من قول رسول الله -صلى الله عليه و سلم -. ولنعد إلى كتب الجرح والتعديل التي جرحت سيف محدثا ، لنرى حكمها على سيف مؤرخا وإخباريا ،
قال الذهبي : ( كان سيف إخباريا عارفا ) ( 34). وقال ابن حجر : ( ضعيف في الحديث عمدة في التاريخ ) (35)، فلماذا نأخذ بعض الأقوال ونترك بعضها الآخر ..؟ وفي الواقع إن سيف بن عمر لم يكن المصدر الوحيد الذي استأثر بأخبار عبدالله بن سبأ ، بل ورد ذكر أخبار ابن سبأ وطائفته منقولة عن علماء متقدمين ، ورواة غير سيف بن عمر مثل :
أ - جاء في ( طوق الحمامة ) ليحيى بن حمزة الزبيدي عن سويد بن غفلة الجعفي الكوفي المتوفى عام (80هـ/699م) أنه دخل على علي - رضي الله عنه - في إمارته ، فقال : إني مررت بنفر يذكرون أبا بكر وعمر بسوء ، ويروون أنك تضمر لهما مثل ذلك ، منهم عبدالله بن سبأ ، فقال علي : مالي ولهذا الخبيث الأسود ، ثم قال : معاذ الله أن أضمر لهما إلا الحسن الجميل ، ثم أرسل إلى ابن سبأ فسيره إلى المدائن ، ونهض إلى المنبر ، حتى اجتمع الناس أثنى عليهما خيرا ، ثم قال : إذا بلغني عن أحد أنه يفضلني عليهما جلدته حد المفتري (36).
ب - أخرج ابن عساكر عن زيد بن وهب الجهني الكوفي المتوفى عام (90هـ/709م) قال : ( قال علي بن أبي طالب : مالي ولهذا الخبيث الأسود - يعني عبدالله بن سبأ - و كان يقع في أبي بكر و عمر ) (37).
ج - روى ابن سعد في طبقاته عن إبراهيم بن يزيد النخعي الموفى عام (96هـ/714م) إن رجلا كان يأتيه فيتعلم منه ، فيسمع قوما يذكرون أمر علي وعثمان ، فقال : أن أتعلم من هذا الرجل ؟ وأرى الناس مختلفين في أمر علي وعثمان فسأل إبراهيم النخعي عن ذلك فقال : ما أنا بسبئي ولا مرجئي (38).
د - اخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق عن الشعبي عمر بن شراحيل الحميري اليمني المتوفى عام (103هـ/721م) قال : ( أول من كذب عبد الله بن سبأ ).
وأخرج ابن عساكر كذلك عن ابن الطفيل عامر بن وائلة الليثي الصحابي المتوفى عام (110هـ/728م) قال : ( رأيت المسيب بن نجية أتى به ملبيه - يعني ابن السوداء - وعلي على المنبر ، فقال علي : ما شأنه ؟ فقال : يكذب على الله ورسوله ) ( 39).
هـ – نقل الإمام الطبري إن قتادة بن دعامة السدوسي المتوفى عام (117هـ/735م) كان إذا قرأ قوله تعالى : ( فأما الذين في قلوبهم زيغ … الآية ) قال : ( إن لم يكونوا الحرورية والسبئية فلا أدري ) (40).
وكما هو واضح فإن أصحاب هذه الروايات لم يذكر رواتها أنها نقلت عن سيف .. مما يدل على أن هذا الخبر لم ينفرد به سيف بن عمر التميمي ، بل ورد عن رواة آخرين ، وبعضهم متقدم على سيف ، ومع أن الأستاذ مرتضى العسكري يرفض الأخذ برواية ( سيف ) بحجة أن علماء الجرح و التعديل جرحوه - محدثا وليس إخباريا - إلا أننا نجده يأخذ بروايات ( أبو مخنف ) (41) الذي جرحه علماء الجرح والتعديل محدثا وإخباريا .
قال عنه ابن معين : ( ليس بشيء ) (42). وقال عنه الذهبي : ( وهو ليس عمدة في التاريخ كما هو شأن سيف بل هو إخباري تالف لا يوثق به ) (43).
وبمثل ذلك وصفه ابن حجر العسقلاني في لسان الميزان (44).
وأبو مخنف هذا لم يشر في أحداث فتنة عثمان إلى السبئية ، وأول إشارة لابن سبأ عنده تعود إلى أيام علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - إذ يذكر أنه بعد موقعة النهروان جاءه ( عبدالله بن سبأ الله بن وهب الراسبي الهمداني رأس الخوارج وهو ابن سبأ – والصواب : هو وابن سبأ – ومعه حجر الكندي وعمرو بن الحمق الخزاعي ، وحية بن جوين البجلي ، ثم العرني ، وسألوه عن رأيه في أبى بكر وعمر ، فغضب منهم وقال : أو قد تفرغتم لهذا ؟ ) (45)
هذه أول إشارة عند إخباري غير سيف لاعتقاد ابن سبأ بأحقية علي بالخلافة ، وفيها أيضا إشارة إلى وجود ابن سبأ عند إخباري يثق به مرتضى العسكري نفسه ، ويشير أبو مخنف إلى السبئية بصورة مقتضبة بعد استشهاد علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – ويفهم منه أنها الفئة التي توالي عليا ، ووصف - زياد بن أبيه –حجر بن عدي الكندي ( 46) وأصحابه بأنهم ( السبئية الجانية ) (47) وبأنهم ( الترابية السبئية ) (48) وذكر أبو مخنف أن شبت بن ربعي الرياحي تهكم على أصحاب المختار ، ووصفهم بأنهم سبئية ، ووصفت أشراف الكوفة المختار وأتباعه بأنهم سبئية – أثناء إحتجاجهم على المختار الثقفي قبل موقعة ( جبانة السبع ) التي انتصر فيها المختار سنة 66 للهجرة (49)، حيث قالوا : ( أظهر وسبئيته البراءة من أسلافها الصالحين ) (50)، كما وصف الخوارج أصحاب علي – كرم الله وجهه – بأنهم ( سبئية ) (51)، وكل هذه الروايات الواردة عن أبي مخنف ، والروايات السابقة عن سيف وغيره ، تفيد أن عبدالله بن سبأ وأتباعه ، كانوا من عالم الحقيقة لا عالم الخيال …. كما ادعى مرتضى العسكري ، وتجريحه للخبر على أنه مروي عن سيف لا محلله ، إذ ورد عن غيره فسيف ليس هو المصدر الوحيد لأخبار عبدالله بن سبأ ، كما أن ابن عساكر لم تقتصر طرق روايته على سيف ، وإنما أورد في تاريخه روايات لم يكن سيف فيها ، وكلها تثبت وجود ابن سبأ وتؤكد أخباره .
كما تنوعت المصادر الشيعية التي أثبتت وجود – ابن سبأ _ وتشمل هذه المصادر الشيعية كتب الفرق ، وفي مقدمتها كتاب الناشئ الأكبر (ت 293هـ) : مسائل الإمامة ومقتطفات من كتاب الأوسط في المقالات (52) وكتاب المقالات والفرق ( 53) للقمي (ت 301هـ) وفرق الشيعة ( 54) للنوبختي (ت 310هـ) وكذلك كتب الرجال ، ومنها رجال الكشي (55) ( أبو عمرو محمد بن عمر ، ت 340 للهجرة ) (56) وقد نقل أكثر من رواية مسندة تؤكد حقيقة ابن سبأ ، وكتاب رجال الطوسي (57) ( محمد بن الحسن الطوسي ، ت 460هـ ) وكلها تثبت وجود ابن سبأ وتدين من حاول من متأخري الشيعة إنكار وجود عبدالله بن سبأ ، أو التشكيك في أخباره ، ومع ذلك فقد رفض العسكري أخبار الرواة ، ولم يقنع بما نقله الحفاظ الثقات ، وشنع على كتاب الملل والنحل ، ولم يكتف برد أخبار علماء أهل السنة ، وإنما رد ما كتبه أئمة الشيعة .

ثانيا : شبهات الدكتور كامل مصطفى الشيبي :

حاول الدكتور كامل مصطفى الشيبي أن يثبت في كتابه ( الصلة بين التصوف والتشيع ) إن ابن سبأ هذا ما هو إلا : عمار بن ياسر (58). وللحقيقة ، إن أول من قال بذلك هو - ( هدايت ألو حكيم الهلي ) (59) الأستاذ بإحدى الجامعات البرطانية ، وردد الدكتور علي الوردي ذلك في كتابه ( وعاظ السلاطين ) ) (60)، وأيده الدكتور كامل الشيبي بشدة ، وقال : ( وهذه الأدلة مقنعة ومنطقية ولكنها في حاجة إلى نصوص تسند تسمية عمار بن ياسر بابن السوداء وابن سبأ )، ثم أخذ يسرد بعض الحجج التي توهم أنها تؤيد مدعاه ، ومنها : كان ابن سبأ يعرف بابن السوداء ، وقد رأينا كيف كان عمار يكنى بابن السوداء أيضا . وكان من أب يماني , ومعنى هذا أنه كان من أبناء سبأ ، فكل يماني يصح أن يقال عنه أنه ابن سبأ ، وأهل اليمن كلهم ينتسبون إلى – سبأ بن يشجب بن قحطان – وفي القرآن الكريم : قال الهدهد لسليمان : إنه جاءه من سبأ ، وقصد بذلك اليمن . وعمار فوق ذلك كان شديد الحب لعلي بن أبي طالب – رضي الله عنه – يدعو له ، ويحرض الناس على بيعته في كل سبيل . وقد ذهب عمار في أيام عثمان إلى مصر ، وأخذ يحرض الناس على عثمان ، فضج الوالي منه ، وهم بالبطش به وهذا الخبر يشبه ما نسب إلى سبأ من أنه استقر في مصر ، واتخذ من الفسطاط مركزا لدعوته ، وشرع يراسل أنصاره منها . وينسب إلى ابن سبأ قوله : إن عثمان أخذ الخلافة بغير حق ، وأن صاحبها الشرعي هو علي بن أبي طالب ، والواقع أن هذا كلام عمار بن ياسر بالذات ، فقد سمع ذات يوم يصيح في المسجد اثر بيعة عثمان ، يا معشر قريش ، أما إذا صرفتم هذا الأمر عن بيت نبيكم ههنا مرة ، وههنا مرة ، فما أنا بآمن عليكم من أن بنزعه الله فبضعه في غيركم ، كما نزعتموه من أهله ، ووضعتموه في غير أهله . ويعزى إلى ابن سبأ أنه هو الذي عرقل مساعي الصلح بين علي و عائشة إبان معركة البصرة ، فلولاه لتم الصلح بينهما حسبما تقوله الرواة . ومن يدرس تفاصيل واقعة البصرة ، يجد عمارا يقوم بدور فعال فيها ، فهو الذي ذهب مع الحسن ، ومالك الأشتر إلى الكوفة ، يحرض الناس إلى الانتماء إلى جيش علي ، وكان وقوف عمار بجانب علي أثناء المعركة ، من أسباب ندم الزبير وخروجه منها ، وقالوا عن ابن سبأ إنه هو الذي حرك أبا ذر في دعوته الاشتراكية ، ولو درسنا صلة عمار بأبي ذر لوجدناها وثيقة جدا ، فكلاهما من مدرسة واحدة ، هي مدرسة علي بن أبي طالب – كرم الله وجهه - وكان هؤلاء الثلاثة يجتمعون ويتشاورون ويتعاونون معا . نستخلص من هذا أن ابن سبأ لم يكن سوى عمار بن ياسر ، فلقد كانت قريش تعتبر عمارا رأس الثورة على عثمان ، ولكنها لم تشأ في أول الأمر أن تصرح باسمه ، فرمزت عنه بابن سبأ ، أو ابن السوداء ، وتناقل الرواة هذا الأمر غافلين وهم لا يعرفون ماذا يجري تحت الستار . ثم أخذ الدكتور – الشيبي – يسوق بعض الحجج و النصوص التي زعم أنها تسند تسمية عمار بن ياسر – رضي الله عنه – بابن السوداء ، وابن سبأ ( 61) ونقول : إن من يتفرس النقول السابقة التي أوردناها فيما سبق ، يجد أن شخصية عبدالله بن سبأ شخصية حقيقية عرفها الناس ، وعرفوا لها مرونتها وقدرتها التأثير إذ أنها تؤكد في غير لبس حقيقة وجوده ، بل يكاد يكون في حكم الإجماع بين الرواة الذين ذكروا عبدالله بن سبأ أنه كان يهوديا ، وقد أيد علماء الشيعة ذلك من أمثال النوبختي وغيره (62). أما لماذا عبدالله بن سبأ بابن السوداء ؟ فالذي يظهر من كلام الطبري وغيره ، أن عبدالله بن السوداء هو نفسه عبدالله بن سبأ سمي بذلك تحقيرا له لأن أمه سوداء ، وربما لأن أمه حبشية كما أسلفنا ، ويؤكد المقريزي في خططه (63)، وابن كثير في البداية والنهاية (64)، هذا التطابق . قال الطبري : ( كان عبدالله بن سبأ يهوديا من أهل صنعاء ، وكانت أمه سوداء ) (65).
وفي البيان والتبيين للجاحظ ، خبر جاء في بعض فقراته : ( فلقيني ابن السوداء وهو ابن حرب ) (66) وقد حاول الدكتور جواد علي أن يلقي ظلالا من الشك على وجود ابن سبأ من خلال هذه الرواية ، فقال : المهم في هذه الرواية أنه نص على اسم والد ابن السوداء فدعاه حربا ! ولكن أي حرب هو ؟ فهنالك مئات الأشخاص عرفوا بحرب ، ثم من كان والد حرب .. ؟ ومن أي قبيلة كان (67). ولا شك أن رواية البيان والتبيين محرفة ، وأظن أن أصل الرواية ( فلقيني ابن السوداء هو وابن حرب ) أي بتقديم هو على الواو – فيستقيم بذلك المعنى ، علما بان ابن حرب هذا , هو مؤسس الفرقة الحربية السبئية (68)، وكان من اتباع ابن سبا وكان يقول المقالات التي نادى بها سبأ ثم تجاوزه ، المهم أن الدكتور جواد علي ، علق على رواية الجاحظ السابقة بقوله : ( ولست في شك من أنه يقصد بابن السوداء ، عبدالله بن سبأ الذي تحدث عنه أصحاب كتب الفرق ) (69).
وقد انفرد صاحب كتاب ( الفرق بين الفرق ) (70) بالقول بأن ابن السوداء شخص غير ابن سبأ بيد أن الأفكار والآراء التي نسبها للثاني ، مما يؤدي إلى ان الاسمين لشخص واحد ، أثرت عنه الأفكار المستوردة من الشرق والديانات والمذاهب المنحرفة ، وقد اعتمد على رواية الشعبي التي تتحدث عن شخصين أحدهما : عبدالله بن سبأ ، وكان في الأصل يهوديا من اليمن ، والثاني : عبدالله بن السوداء ، وهو يهودي من الحيرة ، وقد بينا – فيما سلف – أن ابن سبأ في الأصل من اليمن ، وأنه نزل الحيرة فيما بعد ، وفيها صاغ معظم المقالات التي نادى بها ، وهذا التفريق بينهما لم يكن إلا من اختلاط الأمر على الرواة ، كما حصل لهم في رواية أخرى للشعبي نقلها صاحب العقد الفريد ، جاء فيها ( وقد حرقهم علي بن أبي طالب بالنار ، ونفاهم إلى المدائن ، ومنهم عبدالله بن سبأ ، نفاه إلى ساباط ، وعبدالله بن السياب ) (71) ... فذكر الشعبي في روايته هذه اسم شخصين هما : عبدالله بن سبأ ، وعبدالله بن السباب ، والذي يطالع في هذا الموضع ، يتصور أن الثاني من زعماء الغلاة في حب علي بن أبي طالب ، وأنه كان من حزب ابن سبأ ، فاسم والده السباب .. وبمراجعة لكتب الفرق نجد أنها تسمي عبدالله بن سبأ وأتباعه بالسبئية ، كما تسميهم بـ السبابية في ذات الوقت . جاء في كتاب ( الفرق بين الفرق ) : ( الفصل الأول من فصول هذا الباب : في ذكر قول السبابية : أتباع عبدالله بن سبأ ) ( 72) وقد تكرر ورود هذه التسمية في كتب أخرى مثل : عيون الأخبار لابن قتيبة إذ قال : ( أول من قال بخلق القران هو المغيرة بن سعيد العجلي وكان من أتباع عبدالله بن سبأ اليهودي )، وقال في موضع آخر : ( إن المغيرة كان سبابيا ) (73). فكل هذه التسميات إذن لمسمى واحد هو عبدالله بن سبأ ، وسموا بهذا الاسم ، لانتقاصهم من صحابة رسول الله – صلى الله عليه و سلم - وإطلاق ألسنتهم في سبهم وتجريحهم . واشتهار عبدالله بن سبأ بلقب ابن السوداء لم يكن يسره ، كما لم يسر اتباعه ، إذ استعملت هذه الكلمة دوما للتحقير والازدراء ، فقد عير بها المقداد بن الأسود ، فقيل له يا ابن السوداء ، وقالها أبو ذر لبلال – رضي الله عنه – فمن المحتمل إن يكنى عمار بن ياسر – رضي الله عنه – وغيره بابن السوداء، كما كني – ابن سبأ – بذلك، وليس معنى هذا أنهما شخصية واحدة ، وإنما رفض الشيعة المحدثون وجود ابن سبأ زاعمين أنه عمار بن ياسر ، وأن النواصب حملوه كل تلك الأفكار والآراء الشائعة بين الأقليات غير الإسلامية في المجتمع الإسلامي ، لينفوا بداية التشيع والغلو بعبدالله بن سبأ ، وقد أظهره مؤرخو الفرق وكتابها من سنة وشيعة ، كرائد للتشيع الغالي ، فكان رد فعل الشيعة المحدثين إن اعتبروا عبدالله بن سبأ ، اسما وضعه الأمويين لعمار بن ياسر المناهض لهم . ومقصدهم من ذلك إظهار عمار بن ياسر - بما عرف عنه - بأنه الرائد الأول لمذهبهم . ثم إن هذا الرأي الذي ذهب إليه كل من الدكتور علي الوردي ، والدكتور مصطفى الشيبي ، وغيرهما ، ترده كل كتب الجرح والتعديل ، وكتب الرجال المعتمدة عند الشيعة أنفسهم ، فهي تذكر عمار بن ياسر ضمن أصحاب علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – والرواة عنه ، ثم تذكر في موضع آخر ترجمة عبدالله بن سبأ في معرض السب واللعنة ، فهل يمكن اعتبار الرجلين شخصية واحدة ..؟
وإذا كان الدكتور علي الوردي ومن تابعه يرون أن من عوامل توافق ذهاب كل منهما إلى مصر زمن عثمان ، فإن استقراء النصوص ، ومعرفة تاريخها يعطي مفهوما غير الذي فهمه الدكتور الوردي ، وبالتالي دليلا على استقلال كل من الشخصيتين ، فعمار إنما بعثه عثمان إلى مصر سنة 35هـ، كما أن الذين استمالوا عمار بن ياسر في مصر قوم منهم : عبدالله بن سبأ ، وخالد بن ملجم ، وسودان بن حمران ، وكنانة بن بشر ، وذلك عندما طلب الخليفة عثمان – رضي الله عنه – مشورة خاصته ، عندما ترامت إلى أسماعه أنباء تذمر الرعية في الأمصار ، فقالوا له : ( نشير عليك أن تبعث رجالا ممن تثق بهم إلى الأمصار يرجعون إليك بأخبارهم، فدعا محمد بن مسلمة فأرسله إلى الكوفة ، أرسل اسامة بن زيد إلى البصرة ، وأرسل عمار بن ياسر إلى مصر ، وأرسل عبدالله بن عمر إلى الشام وفرق رجالا سواهم ) (74)، إذا فهما شخصان لشخص واحد . كما أن الظروف التاريخية والنفسية ، لا تسمح لنا بالقول بأنهما شخصية واحدة ، إذ يلزم من ذلك أن يكون عمار بن ياسر هو الذي أشاع فكرة الوصية ، والرجعة ، والمهدية ، والزندقة ، وهذا ما لا يستطيع أحد نسبته إلى الصحابي الجليل عمار بن ياسر – رضي الله عنه – بل يلزم من التوحيد بين الشخصيتين نسبة اليهودية إلى عمار ، والتي أتثبتها المؤرخون من أهل السنة والشيعة لـ عبد الله بن سبأ . أما اتفاقهما في الكنية ( ابن السوداء ) فلا يقوم دليلا على أنها شخص واحد ، لأتتا نجد كثيرا من العلام يتشابهون في الكنية والألقاب ، مما حمل المؤرخون على التأليف في المتشابه من الأسماء والكنى ، والألقاب ، لبيان الفرق بينها . ومن كل مما سلف يتبين لنا مجانبة الدكتور علي الوردي للصواب ، وكذلك من تابعه فيما ذهب إليه ، وما أوردناه كاف للدلالة على ذلك . يتبع


أشوف لي رجل يعدد جدوده = لو إن أبوه وجده أضعف من الـدود
لعـل رحمـة خالقـه ما تـعـوده = وعساه مع زمرة هل النار بخلـود
هـذا زمـان هايـبـات فـهـوده = والناس نادوا عنتره باسم مسعـود

[ سبيع الغلباء - متيهة البكار - معسفة المهار - مدلهة الجار ]

التعديل الأخير تم بواسطة خيَّال الغلباء ; 22 - 08 - 2008 الساعة 03:35
رد مع اقتباس