عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 1 )
خيَّال الغلباء
وسام التميز
رقم العضوية : 12388
تاريخ التسجيل : 01 - 03 - 2007
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة : نجد العذية
عدد المشاركات : 20,738 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 49
قوة الترشيح : خيَّال الغلباء is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
Post الحاسد عدو للنعمة وعدو للمنعم

كُتب : [ 07 - 01 - 2009 ]

بسم الله الرحمن الرحيم

إخواني الكرام / أعضاء ومتصفحي منتديات قبيلة سبيع بن عامر الغلباء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : فإن الغبطة مباحة وهى أن تتمنى أن يهبك الله كما وهب غيرك من أهل النعمة دينية كانت النعمة أم دنيوية وقد تسمى الغبطة بالحسد مجازاً والفرق بينهما أن الغابط يتمني مثل ما للمغبوط مع عدم تمني زوال نعمة المغبوط ، أما الحاسد فإنه يتمنى زوال نعمة المحسود ولو لم تذهب إلى ذلك الحاسد . ففي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا حسد إلا في اثنتين : رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق ، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلِمها "ـ أي أن هاتين الخصلتين هما اللتان تستحقان أن يتنافس الناس فيهما ويجب أن يتمنونهما ـ. والحسد مرض من أمراض القلوب وهو من شر الأدواء وأخطر البلايا أعاذنا الله منه ومن أهله وهو يدفع إلى الكبر والتعالي والجدال بالباطل ويقال إن أول حاسد هو ابليس اللعين حيث حسد أبينا آدم عليه السلام على نعمة سجود الملائكة له ـ رغم علمه أن السجود هذا بأمر الله ـ فدفعه ذلك الحسد إلى الكبر والعصيان وتبرير فعله فكان جزاؤه الطرد من رحمة الله والحرمان من الجنة والمنصب الرفيع فيها ومما قالوه فى هذا المجال : " الحسد أول ذنب عُصِيّ الله به في السماء وأول ذنب عصي الله به في الأرض ". ففي السماء حسد إبليس اللعين أبانا آدم عليه السلام على ما أعطاه الله من فضله فدفعه الحسد إلى الكبر وأول ذنب عصي الله به في الأرض حين حسد قابيل أخاه هابيل على قبول الله قربانه فحسده على ذلك فقتله وقيل الحسد : " ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم من حاسد حيث يرى النعمة عليك نقمة عليه ". وقالوا أيضا : " كل جريمة تكون عقوبتها بعد فعلها إلا جريمة الحسد فإن الحاسد يعاقب قبل جريمته حيث يصاب قلبه بالألم والهم وكفى بهما عقاباً للحاسد ؛ والحاسد جاحد لنعم الله على الناس مستنكر لفضله عليهم حيث يتمنى زوال نعمة الغير ولذلك فهو عدو لنعمة الله وللمنعم ذاته . لأنه بحاله هذا يتهم المنعم فى عطائه وقضائه ويرى أن المولى تبارك وتعالى أعطى النعمة من لا يستحقها كمنطق ابليس تماما ، ولذلك قال الشاعر :

ألا قل لمن بات لى حاسداً
= أتدرى على من أسأت الأدب ؟!

فظنك في خالقي سيئ
= لأنك لم ترض لى ما وهب

فكان جزاؤك أن زادني
= وسد عليك طريق الطلب

ويكفى الحاسد خيبة أنه ينسى فضل الله عليه ونعمته ويتمنى زوال فضل الله ونعمته على غيره فهو فى ألم دائم وصراع مستمر ما بين قلبه وعقله ونفسه وفكره . ويكفيه أن يموت بغيظه ويحاسب يوم القيامة على حسده وأنه كالشيطان أمرنا الله بالاستعاذة من شره في سورة الفلق : { .. ومن شر حاسدٍ إذا حسد }، ومما نسب إلى الإمام أبي حنيفة قوله :

إن يحسدوني فإني غير لائمهم
= غيري من الناس أهل الفضل قد حسدوا

فدام لي ما بي وما بهم
= ومات أكثرنا غيظاً بما يجد

وقالوا :" إن كل عدو يمكن أن ترضيه إلا حاسد النعمة فإنه لا يرضيه إلا زوالها ". ومن الراحة للمحسود أن يصبر على حسد الحاسد فإن صبره من أشد أنواع العقوبة له :

اصبر على كيد الحسود
= فإن صبرك قاتله

فالنار تأكل بعضها
= إن لم تجد ما تأكله

وكما أن الحسد نقمة على الحاسد فكثيراً ما يكون نعمة للمحسود فكم رأينا وسمعنا عن حاسد أطلق لسانه فى محسوده فما كان من الناس إلا أن أثنوا عليه وذكروا فضله :

وإذا أراد الله نشر فضيلة
= طويت أتاح لها لسان حسود

لولا اشتعال النار فيما جاورت
= ما كان يعرف ريح عرف العود

ومن ناحية حسد العين بالذات فهذا مرض قلبي أيضاً يجعل الحاسد ينفعل عند رؤية النعمة فينطلق من العين ما يؤثر في تلك النعمة بالشر الظاهر للعيان وهذا أمر واقع محسوس ومشاهد .

والعلاج من الحسد يكون بالوقاية والتحصن منه قبل حدوثه فإذا ما حدث فيكون بالعلاج منه ، كما أنه علاج للحاسد يمنعه من الحسد وعلاج للمحسود يمنع عنه الحسد ومن ذلك كله ننصح بحسن اليقين في الله والاعتماد عليه كثرة ذكره تعالى وقراءة بعض آيات القرآن الكريم للتحصين كسورة الفاتحة وآية الكرسي وآخر سورة البقرة والإخلاص والمعوذتين ثم بعض الاستعاذات النبوية التي كان يعوِذ بها أهله الأطهار وأصحابه الكرام ولننظر إلى ما عند الله من فضل الله ولنسمع إلى قول الله تعالى موبخاً الحسدة : " { أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله } ( 54 : النساء ) كما يقول عز وجل : { أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا } ( 32 : الزخرف ) كما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إياكم والحسد ؛ فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ، أو قال : العشب ".

وما أجمل أن يكون الإنسان قنوعاً بما أعطاه الله غير ملتفت لما عند الغير وإن كان لا بد ناظراً فإن الغبطة هي البديل الحلال فمن يدري أن ما عند الغير نعمة له ومن يدري أن ما فيه بعض الناس من ضيق نقمة عليه فسبحان العليم الحكيم :

قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت
= ويبتلي الله بعض الناس بالنعم

منقول بتصرف مع خالص التحية وأطيب الأمنيات وأنتم سالمون وغانمون والسلام .



رد مع اقتباس