عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 38 )
خيَّال الغلباء
وسام التميز
رقم العضوية : 12388
تاريخ التسجيل : 01 - 03 - 2007
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة : نجد العذية
عدد المشاركات : 20,738 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 49
قوة الترشيح : خيَّال الغلباء is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
رد : الكتابة في الأنساب

كُتب : [ 02 - 12 - 2008 ]

بسم الله الرحمن الرحيم

من منهجية دراسة علم الأنساب :

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وأزكى المرسلين أما بعد : فمن المواضيع المهمة والمبهمة في الوقت ذاته ، موضوع علم النسب ، فرغم أهميته التي أكد عليها القرآن بنصه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، إلا إن الإشكالات والمآخذ المتشعبة التي يتعرض لها من يخوض غمار هذا العلم ، سائلا كان أم طالبا ، عالما أو متعلما ، صادقا أم مدعيا ، تدعونا إلى مراجعة أسس تطبيقات هذا العلم على أرض الواقع ، لمعالجة تلك الإشكالات . ولسنا هنا بصدد ماهية علم النسب أو أهميته ، فقد كتب في ذلك عباقرة هذا الفن الشريف ما يجعلنا نخجل من محاولة تقليدهم من إتقان وجمع ومنع وإجمال ، بل مناقشه منهجية دراسة هذا العلم . قد لا يختلف إثنان في فضل المنهجية والتنظيم على أي مجال في بناء أسس قوية لا تسمح بأي ثغرات أن تخترق هذا البناء ، وقد تكون أهمية المنهجية في الدراسة والبحث هي العمود وجسم البناء في الوقت ذاته ، فالقوى المؤثرة على بناء البحث والمضادة له ليست معلومة بأي اتجاه تأتي أو بأي كم تؤثر . فمقياس تأهيل الشخص للخوض في البحث لا تشفع له المصادر مهما كثر عددها ، ما لم ينتهل منها بشكل صحيح منطقي ، ليورد المعلومة المطلوبة في مكان احتياج البحث إليها ، لا أن يفتح سيل المعلومات والروايات دون ترابط ؛ عشوائيا ، وقد تكون الكلمة ( العشوائية ) هي الضد المناسب لكلمة ( المنهجية ). ولكي لا أطيل في موضوع ليس محورنا ، فمحورنا هو عن منهجية دراسة الأنساب ، ومعلوم ما للدراسة والتدريب من تأثير على منطق الباحث وعلى أسس أفكاره فمن غير الممكن أن يخرج الطبيب إلى مضمار عمله دون فترة تدريب طولها يطيل من سني خبرته ، وقصرها يزيد من إرباكه ووقوعه في الخطأ ، كذا هو حال علم الأنساب ، فمسألة التقاط بعض المعلومات والأخبار عشوائيا وسردها في أي محفل دون منهجيه ، هو بلا شك دليل على قلة خبرة ساردها ، ولا يأمنن صاحبها أن يُسأل عن معلومة بسيطة لم يسعفه الحظ بمعرفتها رغم أنها قد تكون من أبجديات علم النسب ، كأن يُسأل عن أول من أفرد النسب بالتدوين ؟ فيحار جواباً ولا يجد منفذا من هذا السؤال الأولي !. ومن خلال تتبعي البسيط لبعض الباحثين ، علمت أن المنهجية في البحث قد تعريها منهجية الدراسة ، فقواعد بسيطة قد تفند إدعاء عظيما لأسرة أو بيت من البيوتات دون أن يحسبوا لها حسابا ، وشواهدنا كثيرة لا يسعها مجرى المقالة . ومن هذا فقد التمست من الباحث أن يريني بعض المناهج وطريقة دراستها وسبل إتمامها على سبيل المعرفة ومحاولة الإلمام ، وهي محاولة شبه مستحيلة ، فالمنهج الذي على طالب علم النسب أن يسلكه هو ليس - كما يظن بعض الأخوة – قراءة كتب الأنساب المطبوعة والموجودة في المكتبات أو قراءة كل ما يتعلق بالنسب وكل ما يقع في اليد منها فحسب ، بل عليه دراسة العلوم المرتبطة بهذا العلم وهي فروع كثيرة لا يحتمل أن تؤخذ منها رؤوس أقلام أو تمرر مرور الكرام ، وإنما أن تُقرأ وتهضم بشكل علمي وعملي ، على قدر ارتباط تلك العلوم بعلم الأنساب . من أول هذه العلوم هو القرآن الكريم ، إذ يجب الإلمام بوجهات نظر الشارع جل وعلا في مسألة النسب والإنتساب ، كذلك دراسة عامة لبعض التفاسير المعتبرة للوقوف على تفسير أحوال الإدعاء والميراث والوصية والرضاعة والحرمات وغيرها كثير مما له ربط وثيق مع علم النسب . ومما يستدعي التأمل أيضا رأي الفقهاء المجتهدين في هذا وذاك من المسائل المتعلقة بالأنساب ، لذا لا بد من الإطلاع على رسائلهم والإستعانة بها . هذا بالإضافة إلى التوقف مع اللغة العربية والنحو ، فهي لغة التدوين ، ومن هنا جاءت أهمية الإحاطة بالقواعد والنحو والصرف والمعاني ، لتفسير ما عسر من نصوص لغوية وألفاظ وتعابير . وبما أن علم الأنساب هو علم تاريخ ورواية وسير ، فلا بد من دراسة التاريخ الإقليمي والجغرافي للمنطقة العربية والإسلامية عموما فحدود البلدان لم تك كما هي الآن ، والأسماء القديمة لأغلب المدن والأمصار صحفت إلى أسماء أخرى ، كذلك لا بد من نظرة عامة للحوادث التي مرت على هذه البلدان والشخوص المؤثرين في تاريخ هذه الحقبة أو تلك لترابط هذه الأحداث بالتدوين التاريخي . كذلك علم الرواية والرواة ، ففي علم الحديث " أن العلم بأحوال الرواة وأرباب السير من أساس الأحكام الشرعية وعليه تبنى القواعد السمعية " ، فاعتماد المعلومة المنقولة يكون أساسا على روايتها ، وصحتها متعلقة بكون راويها ثقة من عدمه . ولا غنى لمن أراد تعلم الأنساب ؛ عن دراسة علم الرجال والتراجم ، إذ يكاد علم الرجال أن يكون أقرب العلوم من علم الأنساب ، فنحن نرى أن معظم النسابين لهم باع في علم الرجال ، كما إن من علماء الرجال من لهم معرفة بأنساب الناس ، للتماس بين العلمين ، إلا إن لكل امرئ ما يجيده ويبرع فيه دون غيره . ولا يمكن الخوض في غمار علم دون معرفة من حذق به وأحاط بمكنوناته من الأولين والآخرين ، لذا فلا بد من دراسة شاملة لتراجم النسابين وكل من كتب في هذا الفن مبسوطا وتشجيرا ، للوقوف على مصنفاتهم وما أحصوه من أنساب ، وهذا ما تسعفنا به كتب الطبقات . ومن بعد ذلك كله نتوجه إلى متن علم الأنساب الذي يتمثل بمجموعة من كبريات كتب الأنساب المعتبرة ، والمتفق على كونها مناهج صالحة بسمعة أصحابها ونزاهتهم عن الغلو والمجاملة والتحريف ، ومن أهم خواص هذه الكتب ؛ أنها تجمع بين قواعد علم النسب وبين التدوين ، ويمكن اعتبارها – نسبيا – بأنها قاموس علم الأنساب الذي لا غنى عنه . وصولا إلى المدونات الخطية والمصنفات التي صنفت في القرون الماضية وهذه المدونات هي المنجد في إثبات صحة الإنتساب خاصة لاّل البيت ، وتعتبر حلقة الوصل بين النسب المدون قديما في كتب المتن وبين إدعاء الشخص للنسب ، ورغم عدم الإحاطة بأنساب أل محمد صلى الله عليه وسلم لكثرة عددهم وشعبهم وتراميهم في البلدان ، إلا أن هذه المدونات هي المحدد الأهم لإجابة الإدعاء وهي القول الفصل في رأي النسابة ، لذلك فإنها تأخذ النصيب الأوفر في الدراسة الكمية للأنساب من خلال رفد طالب علم الأنساب بمسميات نهايات الفروع المتأخرة ؛ أو ما يصطلح عليها بالألقاب المتأخرة . ولا ننسى أن بالإضافة إلى تطوير علمية الشخص بهذه المناهج الدراسية فلا بد له من تطوير قدرتين أساسيتين يحتاجها من أراد الولوج إلى علم الأنساب ، الأولى هي قدرة الحفظ ويتم تطويرها بحفظ بعض السور الطوال من القرآن الكريم ، والثانية هي ملكة الخط العربي ؛ وهذه تطور بالتمرين بالاستعانة بكراسات الخط العربي وطرق الخط وأنواعه هذا بالنسبة للمشجرات . ويختلف التدرج في تلك المناهج قياسا بالإبكار في طلب هذا العلم ، والقدرة على الإستيعاب وغير ذلك من المؤثرات . ولعل من المؤثرات الغائبة عن عيون البعض هو طريقة تناول هذه المناهج ، فليس كل ما يقرأ يقال ، وليس كل المصادر تقرأ مثل بعضها ، فلبعضها طرق عجيبة ، فمنها ما يقرأ من الغلاف إلى الغلاف ، ومنها ما يحفظ ومنها ما يستلزم أن ينقل كتابه لآتقان سبيل سرده ، ومنها ما يقرأ للإطلاع لا غير ، ومنها ما يستعان به عند الحاجة فقط، الخ .. من عجائب طرائق الدراسة ، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن هذه الطرق ليست ثابتة أو واجبة ، بل هي مجرد طرق مبتكرة ، يبتكرها الشخص ويطورها كيفما رأى الفائدة تأتي . منقول بتصرف مع خالص التحية وأطيب الأمنيات وأنتم سالمون وغانمون والسلام .



رد مع اقتباس