عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 1 )
خالد الشماسي
إدارة المنتديات
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : 11 - 04 - 2003
الدولة :
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة : منتديات سبيع
عدد المشاركات : 11,812 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 51
قوة الترشيح : خالد الشماسي will become famous soon enough
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
رماح ....... بين الحاضر والماضي

كُتب : [ 23 - 05 - 2003 ]




* انطلقنا في الرابعة مساء باتجاه الغرب حتى نزلنا في (رماح) فوجدنا (معسكراً) بدوياً تابعاً لقبيلة (سبيع) التي يصل تعدادها إلى ألفي أسرة تقريباً. وفي رماح هناك سبع آبار عميقة تمونت فيها من الماء. وأحضرت معي أربعة أعمدة وعجلتين لأنصب هيكلاً من أجل سحب الماء، إذ يبلغ عمق كل بئر سبع قامات، وقد استعملنا الجمال لسحب الدلاء من البئر. ورماح التي يظهر من اسمها وهي الرمح أو مكان المعارك التي تجري في الصحراء ، وتبدو أهمية هذه المنطقة في الصحراء وكأن وضع اليد على مثل هذه الآبار مسألة من النتائج الهامة هناك وبما يعادل قلعة مشيّدة للحماية في القارة الأوروبية(!!) وكان الباشا (العثماني) قد زار هذه المنطقة من عدة أشهر قبل وصولي بعد استيلائه على الدرعية فعاقب هذه القبيلة لأنها أبت أن تنصاع لأوامره المتعلقة باسهامها في القضاء على (الوهابيين!!)

كان هذا بالطبع في ( 26تموز 1819م) مدوناً في ورقة من مذكرات كتبها الكابتن (سادلير) الانجليزي قائد الفوج السابع والأربعين الذي أرسلته حكومة الهند ل (تهنئة) إبراهيم باشا العثماني على تدميره الدرعية(!!) ولإقناعه بإكمال حملته التاريخية لتأديب عرب السواحل (القواسم) الذين أزعجوا بغاراتهم الباسلة حكومته أي حكومة سادلير وأنا إذ استعرض هذه الورقة بشكل خاص وأعيد استذكارها بكل فخر فلأنني فخور أولاً ب (رماح) كموقع تاريخي هام في ذاكرة (ثقافة الصحراء) وهي تشكل بالنسبة للقبائل النجدية بالذات والتي تعتمد على رعاية الإبل هي شريان الحياة ونسغ الروح وثدي الأم الأولى التي تمد هذه (القبائل الظاعنه) بسيرورة الحياة الماء والكلأ في أغلب أعوام الخصب والجدب و(الدهور) أيضاً.

وفخور ثانياً باستعراضي لهذه الورقة بموقف هذه القبيلة العريقة (سبيع) من الاحتلال الأجنبي الذي حاول أن يُلغي تاريخ هذه الأرض الباسلة التي استعادت بفضل من الله أولاً ومن ثم بفضل رجالها الأباة أن تعيد أمجادها السابقة مرة أخرى لتقيم عليها مملكة العزة والكرامة (المُوحدة والموحِّدة) ولكي يتاح لنا أبناء ذلك التاريخ أن نتجول في رماح اليوم وهي مدينة رائعة تعج بالأنوار والحياة وأرقى الخدمات الحضارية التي تصلها من بلاد العالم بما في ذلك بلاد سادلير نفسه الذي رآها مجرد (معسكر) أو مخيم بدوي لقبيلة سبيع. ولكي تبقى رماح هي الشاهد الحي على مؤامرات القوى العظمى آنذاك التي كانت تحاول طمس تاريخنا المجيد وابقاءنا مجرد (بدو همج)،كما يرد في ثنايا أغلب مذكرات سادلير نفسه.

أقول تذكرت ذلك كله وأنا أتجول في نواحي (مدينة) رماح وبراريها الشاسعة الرائعة لأمارس هواية قنص الطيور العابرة ولأمارس أيضاً هواية استعادة اكتشاف التاريخ المتعلق بهذه الصحراء وما مرَّ عليها من فرسان عظام وشعراء تغنوا بمرابعها بدءاً من (جرير) وحتى كاتب هذه السطور. ولكن المحزن حقاً وأنا أمارس رحلتي التاريخية تلك ورحلة القنص أيضاً وأنا أقلّب أوراق الذاكرة وأوراق سادلير نفسه أن أجد ورقة يتحدث فيها عن القنص ويقول فيها: "في الطريق من الاحساء إلى رماح رأينا الوعول والأرانب البرية وما يقارب ستة من الجواميس ذات الصدر الأسود. كما توجد بعض الحمامات الزرقاء ، أما الغربان فنادراً ما تُرى هناك). بقي أن نتساءل أين ذهب ذلك كله ونحن لم نجد اليوم في تلك الأنحاء الجميلة حتى (القبّره) ،بل وحتى (الحُمّره) أيضاً فيا للحزن ورغم ذلك كله نقول: تحية إلى رماح وصحرائها موطن الرجال والجمال والتاريخ المجيد، تحية إلى رماح وآبارها المهجورة أيضاً(!!) والإبل التي تنهل من خزانات الماء المحمول والناس الذين يشربون المياه المعدنية من البقالات. تحية إلى رماح اليوم.
------------
سليمان الفليح / جريدة الرياض


رد مع اقتباس