عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 4 )
راعي الهلالية
عضو فعال
رقم العضوية : 749
تاريخ التسجيل : 23 - 01 - 2004
الدولة :
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 190 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
قوة الترشيح : راعي الهلالية is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
رد : حلقات في الأحاديث الضعيفة والموضوعة

كُتب : [ 23 - 03 - 2004 ]

]أخوي الفاضلين
أخو شما
الأجمل حضورك وهذه الإشادة الغالية
المولع
وجزاك الله عني خير الجزاء
أطيب تحياتي لكم
وإليكم الحلقة التالية :

النافلة
في الأحاديث الضعيفة ‏والباطلة ‏

لأبي إسحاق الحويني


كلمة الناشر
[/align]
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات ‏أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ‏وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .‏
‎‎‏ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ‏‎‎‏ ‏ ‏ .‏
‎‎‏ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ ‏مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ ‏رَقِيباً ‏‎‎‏ ‏ ‏ .‏
‎‎‏ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ‏ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ‏‎‎‏ ‏ ‏ . ‏أما بعد ..... ‏
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى ، وأحسن الهدي هدي محمد ‏‎‎‏ ، وشر الأمور ‏محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .‏
وهذا كتاب { النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة } .‏
وتتشرف دار الصحابة للتراث بنشره ، بعد أن تفضل علينا الأخ المكرم / أبو أسحاق ‏الحويني الأثري بنشره .‏
وهو رسالة مباركة بإذن الله تعالى نتعهد بنشره تباعاً إن شاء الله على هيئة أجزاء كل جزء ‏مائة حديث . ‏
وفقنا الله لما يحبه ويرضاه . ‏‏ ‏
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة المؤلف
إن الحمد لله تعالى ، نحمده ونستعين به ونستغفره ، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ‏وسيئات أعمالنا ، من يهد الله تعالى فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن ‏لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .‏
أما بعد :‏
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى وأحسن الهدي هدي محمد – صلى الله عليه وآله ‏وسلم - ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في ‏النار .‏‏
فهذا كتاب { النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة } أحد كتبي التي بدأت في ‏تسطيرها قديماً ، منذ نحو عشر سنوات ، وهو عبارة عن أحاديث مختلفات في معناها ‏ومرامها ، كنت أُسأل عنها ، فأضطر إلى تحقيق القول فيها ، فإن كان صحيحاً أو ضعيفا ‏احتفظت به في (( مضبطة )) عندي .‏
ثم راودتني نفسي أن أجمع الضعيف وحده . فصرت كلما حققت حديثا ألحقته بما سبق لي ‏تحقيقه ، وجعلت ألحق ما أجده من زيادات مناسبة ، فأضعها في موضعها حتى تجمع لديَّ ‏‏- وقتها - أكثر من خمسمائة حديث ، كنت أتوخى أن لا يكون قد سبقني إليها شيخنا ‏، حافظ الوقت ناصر الدين الألباني في كتابه { سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة } ‏وقد صدر منها .‏
المجلد الأول والثاني والثالث 0‏
ثم قدر الله – عز وجل – وانصرفت عن الكتاب لمشاريعي الأخرى والتي منها : ‏
‏1-‏ ‏{ بذل الإحسان بتقريب سنن النسائي أبي عبد الرحمن } .‏
‏2-‏ ‏{ مسيس الحاجة إلى تقريب سنن ابن ماجة } .‏
‏3-‏ ‏{ غوث المكدود بتخريج منتقى ابن الجارود } . ‏
‏4-‏ ‏{ صحيح كتاب الأدب المفرد } للبخاري . ‏
‏5-‏ ‏{ صحيح كتاب أخلاق النبي } لأبي الشيخ .‏
‏6-‏ ‏{ جنة المستغيث بشرح علل الحديث } لابن أبي حاتم .‏
مع أشياء أخرى يطول الأمر بذكرها وإني أسأل الله تعالى أن يجلعها خالصة لوجهه ، ولا ‏يجعل فيها شيئا . فهذه المشروعات وغيرها كانت – وما زالت – تلتهم كل وقتي – إلا ‏ما لابد منه لتستقيم أمور الحياة – فلذاك صرفت عن أعمال مشروعي (( النافلة )) وفي ‏مساء يوم من شهر المحرم سنة ( 1405ه‍ ) زارني في بيتي الأستاذان : محمد عامر رئيس ‏تحرير جريدة النور ، وعبد الفتاح الشوريجي وكيل حزب الأحرار ، برفقة الأخ الصديق ‏الدكتور أحمد نور الدين – أكرمه الله ورعاه ، فهو صاحب الفضل الأول في نشر هذه ‏المقالات ، وبعد الفضل الإلهي – وفاتحني رئيس التحرير برغبته في أن أكتب مجموعة من ‏المقالات أرد بها على الكاتب عبد الرحمن الشرقاوي في تهجمه على أعلام المسلمين من ‏الصحابة أمثال (( عثمان بن عفان )) ‏‎‎‏ وكذا (( السيدة عائشة )) أم المؤمنين في كتابه ‏‏(( علي إمام المتقين )) . ‏
فقلت له : هذا مطلب لا يسعني التخلف عنه ، ولا سيما والكاتب من أجهل الناس ، وإن ‏لم أقل أجهلهم بالمنقول ، وكيفية قبوله ورده ، ومعروف أن أخبار من مضى إنما عمدتنا ‏في معرفتها عن طريق النقل ، فقد رأيت الكاتب المذكور أورد في كتابه أخباراً ، ‏وحكايات ، هي من جنس المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة ، مع أشياء أخرى لا ‏يعول عليها من شم ريح العلم ولو مرة في حياته ، فكم من مؤلف خاطب ليل ، وجارف ‏سيل ، لا يميز بين الصحيح والضعيف ، ويظن كل مدور رغيفاً !! . فرأيته يأتي بأباطيل ‏وأوابد . قد نص على بطلانها بعض من نقلها كالذهبي وابن كثير يعتنون بنقد الروايات .‏
ولكن نقد كتابه أمر يطول ، والوقت أعز من أن أنفقه في الرد على رجل ، جل مؤلفاته ‏تمشي على هذه الوتيرة ، ثم ليس هو وحده بل هناك عشرات مثله ، لذلك رأيت أن أختار ‏نماذج من كتابه ، وأنقدها ، وعليها يقيس القارئ بقية الكتاب . لكن هذا يحتاج مني إلى ‏وقت أتدبر فيه النماذج التي سأنتقيها ، وليس ذلك قبل ثلاثة أشهر فقال لي : وحتى تنعم ‏النظر في الكتاب ، نرجوا أن تهيئ لنا بعض المقالات من الأحاديث الصحيحة مع شرح ‏شيق يستفيد منه غالب القراء ، ويحببهم في السنة النبوية ، على صاحبها الصلاة والسلام . ‏
فقلت له : نعم ، غير أني أرى أنه من تمام الفائدة أن تنشر لفيفاً من الأحاديث الضعيفة ‏والموضوعة تحذيراً ونصحاً ، والأمر ذلك كما قال الشاعر : ‏
عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه ‏
‏ ‏ ومن لا يعرف الخير من الشر يقع فيه ‏
فوافق الرجل ، وهكذا بدأت أنشر مقالين : ‏
الأول : (( النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة )) .‏
الثاني : (( الأجوبة الصريحة عن معاني الأحاديث الصحيحة )) . ‏
وكان الأستاذ رئيس التحرير قد قال لي أكثر من مرة إن الأستاذ (( الحمزة دعبس )) ‏رئيس مجلس الإدارة يريد أن يوقف هذه المقالات ، لأنها ليست مفهومة بالنسبة لعامة ‏الناس . فقلت له : هب أنها غير مفهومة لعامة الناس ، ولكن يوجد من يفهمها ممن ‏يتجهون معنا هذه الوجهة ، ومن الخير أن يستفيد الجميع من (( الصحيفة )) على ‏اختلاف مذاهبهم ولقت بعث هذه المقالات - على قلة مساحتها – روحا علمية في ‏نفوس كثير ممن قابلوني ورغبوا في المزيد ، فما الذي يضر ، أن تكون الصحيفة لعامة ‏الناس إلا نصف عمود فهو للمتخصصين ، وبهذا تجمع بين الحسنيين . مع أن هذه ‏المقالات كان كثير من خطباء المساجد والمدرسين يستفيدون منها ، لأني أكتب درجة ‏الحديث في أوله ، فكان الواحد منهم يعرف درجة الحديث الذي يريده بكلمة واحدة ، ‏وهي تغنيه عن قراءة ما لا يحسن فهمه . فبهذا عمَّ نفعها والحمد لله . ثم قلت له : أرجو ‏أن تبلغ كلامي إلى الأستاذ (( الحمزة )) ثم لم يمض وقت حتى ترك الأستاذ محمد عامر ‏رئاسة تحرير جريدة النور ، وبهذا توقفت المقالات . ثم جدد الأخ الدكتور أحمد نور الدين ‏سعيه في إعادة نشر المقالات ، مع رئيس التحرير الجديد ، فكان الجواب أن الأستاذ (( ‏الحمزة )) هو الذي يأبى نشرها فصرفت النظر عنها . حتى أخبرني أخ لي أنه كلم الأستاذ ‏المذكور بالهاتف في شأن امتناعه عن نشر مقالات الأحاديث الضعيفة مع عظيم أثرها . ‏فكان الجواب : أنا ما عندي مانع ، والأخ الحويني هو الذي امتنع ، فليس عندنا مقالات ‏له ، ولم يعد يراسلنا . هكذا قال !! ويعلم الله أن مقالاتي ما زالت عندهم حتى الآن لم ‏آخذها فألح أخونا على ضرورة إرسال عدة مقالات لعل المقالات الأولى ضاعت . ‏فأعطيت الأخ الدكتور أحمد نور الدين مقالاً واحداً ليعطيه لرئيس التحرير ، ففوجئ ‏بالرفض ، وأن الأستاذ (( الحمزة )) هو الذي يمتنع عن نشرها ، فوضح لي أن الأستاذ ‏المذكور – مع فعله الذي أشرت إليه – مستبد برأي نفسه فهو لم يبد أية حجة في امتناعه ‏، وإذا كلمه أحد وافق ، ثم يعطي تعليماته بعدم الموافقة . ‏
فلذلك أعرضت عنه وإنما حدا بي إلى ذكر حقيقة ما حدث ، أن كثيراً من إخواننا ‏يحملونني تبعة توقف المقالات ، وأن التقصير كان من جهتي ولعل الواقف على كلامي ‏يلتمس لي العذر . والله تعالى يوفقنا إلى مرضاته . ‏
أما موضوع الكتاب ، فخطره جليل ذلك أن الله عز وجل قال لنبيه صلى الله عليه وآله ‏وسلم : ‏‎‎‏ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ... ‏‎‎‏ فصارت السنة بهذه الآية ‏‏– وبغيرها – هي المبينة في القرآن مما يلتبس على إفهام الناس . ويعلم كل عارف بالتاريخ ‏كم أدخل الوضاعون – على اختلاف مذاهبهم – في السنة من الأباطيل والمناكير ، بل ‏وشارك في ذلك كثير من الصالحين الذين لم يكن ضبط الحديث من همتهم ، فصار الدخن ‏كثيراً . غير إن كثرة الأئمة العارفين بهذا الشأن كان يهون من الخطب حتى قيل لابن ‏المبارك – شيخ الإسلام : - (( الأحاديث الموضوعة ؟! قال : تعيش لها الجهابذة )) . ‏وقال الدار قطني يوماً : (( يا أهل بغداد ! لا يظنن أحدكم أنه يقدر أن يكذب على ‏رسول الله ‏‎‎‏ - وأنا حي )) وذلك لسعة دائرة حفظة وإدراكه .‏
ودون الناس الكتب فمنهم من كان يتحرى الصحيح وحده كالشيخين ، ومنهم من كان ‏يجمع الصحيح والضعيف دون الموضوع ؛ كأصحاب السنن الأربعة ‏ ‏ وغيرهم ، ومنهم ‏من جمع كل ما وقع بإسناد فدونها حفاظاً لها من الضياع ، فخلفوا لنا ثروة هائلة ، ‏فجزاهم الله خيراً ، فدار الزمان ، وقبض العلم بقبض العلماء كما في الحديث الصحيح : ‏‏(( إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، ‏فإذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوساً جهالاً ، فسئلوا ، فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا )) ‏‏. أخرجه الشيخان وغيرهما ، فلما قل العارفون بهذا الشأن ، تضاعفت المصيبة بعد أن ‏صار الناس – ومنهم من يتصدر للتدريس والوعظ – يلوكون هذه الأحاديث الباطلة ، ‏والتي لا أصل لها صحيح إطلاقاً ، فيعلمونها للناس ، ويأخذونهم بلازمها ، بل ويعرضون ‏عن الحديث الصحيح – أحياناً – لأنه يناقض أحد هذه الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة . ‏وذلك عن جهل بعدم ثبوتها . ‏
ولست أنسى أنني دخلت في أحد المساجد المشهورة ، فصعد الخطيب وصار يزمجر ويندد ‏بالذين يهاجمون مشايخ الطرق الصوفية ، أصحاب الكرامات ، ثم ساق للناس هذه القصة ‏مساق الدليل على صحة دفاعه فقال : خرج أحد المريدين يقصد شيخه ، فأعترضته امرأة ‏في الطريق ، فقالت له : أن ابني في الجندية وقد أرسل لي رسالة ، فهلا قرأتها عليَّ ؟! ‏فوافق الرجل المريد وذهب معها إلى البيت ، ولا يوجد فيه أحد !! فدخلت المرأة بيتاً في ‏دارها ، فتزينت ثم خرجت للرجل وقالت له : هيت لك ! وإلا صرخت ورميتك ‏بالفاحشة !! فقال الرجل : لكني أريد أذهب إلى الغائط ( دورة المياه ) فأذنت له ، فدخل ‏ثم صار يدعو الله باسمه الأعظم !! فبينما هو كذلك ، إذ رأى سُلماً ، فنْزل عليه إلى ‏الشارع !! وذهب إلى شيخه فقال له : أين كنت يا بني لقد تأخرت ؟! فقال : عرضت ‏لي حاجة ، فقال الشيخ : يا بني لا تخجل ، أنا الذي نصبت لك السلم ؟!!! وما أن ، ‏انتهى الخطيب من هذه الحاكية حتى هاج الناس ، وبكى بعضهم من التأثر ، وخلع ‏بعضهم العمائم إعجاباً . ومع بطلان هذه القصة ، وما في معناها من المخالفات الشرعية ‏فإن الناس طربوا لها ، مع كون الخطيب ساق عدة آيات وأحاديث صحيحة فما اهتز ‏وجدان أحد ، فضلاً عن إثارتها لدموعه . والسبب في ذلك شرحه يطول ، وقد شرحته ‏في غير هذا الموضع ‏ ‏ ، فانظر إلى هذا المثال ، وألوف مثله يلقيها الواعظون ، والمعلمون ، ‏فما بالك بغيرهم ؟!! مما يدل على ضرورة تبصير الناس بهذا المسلك الخطر .‏
وإذا كان ابن الجوزي – رحمه الله – وكان يعيش في القرن السادس تمثل – لقلة العالمين ‏بفن نقد الأسانيد – بقول القائل : ‏
وكانوا إذا عُدُّوا قليلاً فقد صاروا أقل من القليل ‏
فما الذي يقال في زماننا وفقد صار المحسنون لهذا الشأن لا يتجاوزن أصابع اليد الواحدة ‏إن لم يكن أقل من ذلك ؟!! ‏
وكان شخينا حافظ الوقت ، الشيخ الإمام ، حسنة الأيام ، ناصر الدين الألباني حفظه الله ‏وأمتع المسلمين بطول حياته قد بدأ قديما بنشر مقالات في الأحاديث الضعيفة والموضوعة ‏في مجلة التمدن الإسلامي ثم جمعها ونشر منها مجلدات حتى الآن ‏ ‏ وقد ذاع هذا كتابه ‏جداً – كسائر كتبه – وكان عظيم النفع والأثر لما أحيا به الروح العلمية القوية ، التي ‏غابت بموت المحسنين لهذا الفن ، حتى يصدق فيه أنه مجدد شباب الحديث في القرن ‏الخامس عشر ، لا ينازع في هذا إلا من ينادي بما يكره . ‏
والأحاديث التي أذكرها كنت اشترطت ألا يوجد فيها شيء سبقني الشيخ إلى تحقيقه فيما ‏نشر حتى الآن من (( السلسلة الضعيفة )) ، وإن كان قد حققه في المجلدات الأخرى ، ‏والتي ما صدر شيء منها ، وكنت بدأت في تهذيبها وإعادة تحقيقها تحقيقاً مختصراً حتى ‏يلائم المساحة المسموح لي بها في (( جريدة النور )) فأهملت الرد التفصيلي على العلل ‏الموجودة في الأحاديث ، رجاء الاختصار ، وليس عن غفلة مني ، وأهملت أيضاً البديل ‏الصحيح – إلا نادراً – لنفس الغلة السابقة . ثم طلب مني الكتاب للنشر ، فدفعت بالمائة ‏حديث الأولى على الاختصار السابق مع إضافة شيء يسير سمح به وقتي ، ولعل الله ‏‎‎‏ ‏يوفقني بعد ذلك في الوفاء بما ألمحت إليه ، مع ذكر البديل إن وقفت إلى وجدانه . والله ‏المستعان .‏
ثم إني أنبه إلى أمور منها : ‏
‏1-‏ هو أن التحقيق في هذا المجال ، يستلزم مناقشته بعض الأئمة من السالفين أو ‏المعاصرين في بعض ما ذهبوا إليه ، فلا يقعن في روع أحد أن ذلك هو من الحط ‏عليهم ، وعدم ذكرهم بالجميل ، فضلاً عن أن يكون اغتيابا لهم ، وكان يقال : (( ‏اعف عن ذي قبر )) ! فإنا نبرا إلى الله العظيم من ذلك . وكيف يكون تعقبنا لكبراء ‏شيوخنا وعلماء سلفنا هو من الطعن عليهم : ((.. وبهم ذكرنا ، وبشعاع ضيائهم ‏تبصرنا ، وباقفاء واضح رسومهم تميزنا ، وبسلوك سبيلهم عن الهمج تحيزنا ، وما ‏مثلنا إلا كما ذكر أبو عمرو ابن العلاء قال : ما نحن فيمن مضى إلا كبقل في أصول ‏نخل طوال ... )) ‏ ‏
بل من أمعن النظر ، وأعمل الفكر وجد أن بيان ما أهملوا ، وتسديد ما أغفلوا ، هو غاية ‏الإحسان إليهم فإن هؤلاء الأئمة يوم وضعوا الكتب ، أو تكلموا في العلم إنما كانوا ‏يريدون بيان وجه الحق ، فإذا أخطأ الواحد منهم كان هذا نقيض ما أحب وقصد ، ‏فالتنبيه على خطئه من أجل إعادة الأمر إلى قصده ومحبوبه واجب على كل من له حق ‏عليه ، إذ لم يكن أحد من هؤلاء الأئمة معصوماً من الزلل ، وآمنا من مقارفة الخطل ، ‏وإن كان ما يتعقب به عليهم لا يساوي شيئاً في جنب ما أخروه من صواب ، فشكر الله ‏مسعاهم ، وجعل الجنة مأواهم ، وألحقنا بهم بواسع إحسانه ومَنِّهِ . وحسبنا أن نسوق ‏على كل مسالة دليلها العملي ، حتى لا نرمي بسوء القصد ، أو شهوة النقد . وإني على ‏يقين من وقوع الخطأ في بعض ما أذكره . والسبب واضح لكون المرء غير معصوم ، فإن ‏كان السالفون مع علمهم وروعهم وقع منهم بعض الخطأ لهذه العلة ، فنحن أحق بذلك ‏منهم ، وإنما حدا بي إلى إطالة القول في ذلك أمران : ‏
الأول : إعذاراً ، وحتى لا يتعقب على لإغفاله . ‏
الثاني : أن بعض إخواننا – جزاه الله خيراً – أنكر علي أنني أتعقب بعض كبار الأئمة ‏وأتخذهم غرضاً ‏ ‏ فقال : (( أين هو من فلان الإمام ))؟! وصرح بأشياء كرهتها له ، مع ‏مسامحتي إياه في قولها ، والجواب من وجهين : ‏
الأول : أننا إذا أخذنا بعض المآخذ على الأئمة ، فلا يعني أننا صرنا مثلهم في علمهم ‏فضلا عن أن نرتفع عليهم ؛ لأن الجزئيات في العلم لا تكاد تتناهى ، ولو أراد أي عالم في ‏الدنيا إلا يخطئ في شي من العلم ، لمات وعلمه في صدره ، فليس إلى العصمة من الخطأ ‏سبيل .‏
الثاني : أن يكون تعقيبي على ضربين . ‏
‏1-‏ إما أن أكون مصيباً في قولي ، فما المانع أن يُقبل مني ؟!‏
‏2-‏ أن أكون مخطئا ، فعلى المعترض أن يبين ذلك بالدليل ، فليس قويماً ولا في ميزان ‏العدل كريماً ، أن يقبل القول من إنسان لمجرد أنه قديم ، وأن يُهتضم حق المصيب ‏لكونه حديثاً ولله در من قال : ‏
قل لمن لا يرى المعاصر شيئاً ‏ ويرى للأوائل التقديما ‏
إن ذاك القديم كان حديثاً ‏ وهذا الحديث سيبقى قديما ‏
نقول هذا الكلام ونحن والحمد لله من العارفين لأقدار العلماء ، وإن بدرت مني عبارة قد ‏تبدو جافة ، فإني معتذر عنها ، إنما قد يكون ذلك من حظ العلقة التي هي في قلب ابن ‏آدم .‏
‏2- الأمر الثاني : أن الحكم على الأحاديث بما يناسبها إنما تخضع فيه للقوانين العامة التي ‏حددها علماؤنا مصطلح الحديث ، مع إعمال النظر والاستفادة من استقراء الأئمة ‏المحسنين لهذا الشأن ، ولا مجال لما يسميه بعض الأغمار (( النقد عن طريق الكشف )) ، ‏فإن معنى الأخذ بها أن يصير الباطل حقاً ، والحق باطلاً . قال العجلوني في (( كشف ‏الخفاء )) ( 1/10) : (( وفي الفتوحات المكية للشيخ الأكبر قدس الله سره (!) ما حاصله ‏‏: فرب حديث يكون صحيحاً من طريق رواته يحصل لهذا المكاشف أنه غير صحيح ‏لسؤاله لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فيعلم وضعه ويترك العمل به ، وإن عمل به ‏أهل النقل لصحة طريقه . ورب حديث ترك العمل به لضعف طريقه من أجل وضاع في ‏رواته ، يكون صحيحاً في نفس الأمر لسماع المكاشف له من الروح حين إلقائه على ‏رسول الله ‏‎‎‏. )) أ . ه‍ . ‏
قلت : لقد أساء العجلوني جد الإساءة وكتابه ، أنه نقل هذا الباطل ولم يقدح فيهِ ! وهل ‏في إقراره هذا الكلام إلا هدم لكتابه كله إذ هو قائم على القواعد المعروفة عند أهل ‏الحديث ؟! لقد ظننت أن تحت القبة شيخاً !! وليس هذا الكلام بأول شيء مرق بهِ ابن ‏العربي على الإسلام وأهله ، حتى لقد كفَّره جماعة من العلماء ، وحرموا النظر في كتبه ؛ ‏لأن قولُهُ هذا يتمشى مع زعمه أن للشريعة ظاهراً وباطناً ، أما الظاهر فهوَ لعامة الناس ، ‏الذين هم علماء الملة ، فلا يرونهم على شيء لا من العلم ولا من التقوى . لأن ذلك لمن ‏أدركوا علم الباطن !! وهذا القول ساقط بأدلة كثيرة طرفاً منها في جزء لي سميته : (( ‏كشف المخبوء ، بثبوت حديث التسمية عند الوضوء )) وهو قيد الطبع . ‏
‏3- الأمر الثالث : أن ما ذكرته في كتابي إنما هو بحسب ما ظهر لي بعد إعمال القاعدة ‏العلمية ، ولا شك أنه قد وقع في خلل بعض ما ذهبت إليه ، فأنا لا أؤكد الثقة به ، وكل ‏من عثر على حرف منه ، أو معنى يجب تغييره فإني أناشده الله في إصلاحه ، وأداء حق ‏النصيحة فيه ، وما أبرأ من العثرة والزلة ^17 ‏
وما أستنكف من الرجوع إلى الصواب عن الغلط ، فإن هذا الفن لطيف ، وابن آدم إلى ‏العجز ، والضعف ، والعجلة أقرب ، فرحم الله أخاً نظر فيه نظرة تجرد وإنصاف ، ودعا ‏لي بظهر الغيب على صواب وفقني الله إليه ، واستغفر لي زلاتي الكثيرة فيه . ‏
‏(( والله أسال أن يجعله زاداً لحسن المصير إليه ، وعتاداً ليمن القدوم عليه ، إنه بكل جميل ‏كفيل ، وهو حسبي ونعم الوكيل )) .‏

منقوووووووووول
[/align][/frame]


سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لاإله إلا أنت أستغفرك وأتوب
إليك
رد مع اقتباس