عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 1 )
الحميدي محمد الفراعنه
عضو مميز
رقم العضوية : 14914
تاريخ التسجيل : 21 - 07 - 2007
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 1,252 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
قوة الترشيح : الحميدي محمد الفراعنه is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
النفس الإنسانية وأنواعها

كُتب : [ 18 - 07 - 2008 ]




الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

فأن من أعظم ما بعث به الرسل هو تزكية النفوس وتطهيرها وتخليصها من أدران الشرك والذنوب والمعاصي كما قال تعالى:{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}[1]

وكلما كان الإنسان على معرفة بنفسه وصفاتها وما جبلت عليه كان ذلك أدعى لأن يتولى زمامها وأقدر على قيادتها للخير وتزكيتها وتخليصها من الشوائب ولهذا يقال: "من عرف نفسه عرف ربه"

وقد اتفق السالكون إلى الله على اختلاف طرقهم وتباين سلوكهم على أن النفس قاطعة بين القلب وبين الوصول إلى الرب وأنه لا يدخل عليه سبحانه ولا يوصل إليه إلا بعد إماتتها وتركها بمخالفتها والظفر بها

فإن الناس على قسمين : قسم ظفرت به نفسه فملكته وأهلكته وصار طوعا لها تحت أوامرها وقسم ظفروا بنفوسهم فقهروها فصارت طوعا لهم منقادة لأوامرهم

قال بعض العارفين : انتهى سفر الطالبين إلى الظفر بأنفسهم فمن ظفر بنفسه أفلح وأنجح ومن ظفرت به نفسه خسر.

فالنفس تدعو إلى الطغيان وإيثار الحياة الدنيا والرب يدعو عبده إلى خوفه ونهي النفس عن الهوى والقلب بين الداعيين يميل إلى هذا الداعي مرة وإلى هذا مرة وهذا موضع المحنة والابتلاء.[2]



النفس عند علماء الغرب:

أن علماء الغرب الذين تموضعوا في المادة؛ وابتعدوا عن الروح كانوا أقل الناس حظاً في معرفة النفس؛ فهذا (ألكسيس كاريل) يقول في كتابه (الإنسان ذلك المجهول): (إن ما حققه العلماء فيما يختص بدراسات الإنسان ما زال غير كاف، وما زالت معرفتنا بأنفسنا بدائية في الغالب)..

هذه البدائية نجدها في تصور (سكمندي فرويد) للإنسان في قوله: (غريزتان تتحكمان في سلوك الإنسان البطن والفرج).

ثم جاء (كارل ماركس) ليؤسس ذلك كياناً فكرياً واقتصادياً وسياسياً.. ويتبعه في ذلك (فرويد) الذي أسس نظاماً (للمجتمع الغريزي)..

وخارج إطار المادة كان في الغرب من يدعو بخيال مجنح إلى كائن أسطوري ومخلوق خرافي يدعي أنه (الإنسان السوبر)!!.. ذلك هو (فريدريك نيتشه) الذي قال: (إن عهد الآلهة قد ولّى؛ وجاء عهد الإنسان الخارق)..

وما ذاك إلا لأن الغرب لا يملك رصيداًَ حضارياً يسمح له بأن يتعرف على حقيقة الإنسان؛ فتاريخه يشهد بإفلاسه الفكري والحضاري!!.. ويؤكد ذلك مقالات علمائه، وحياة شعوبه التي تكاد تخلو تماماً من المعاني الإنسانية؛ فهم يعيشون حياة يأنف الحيوان البهيم من عيشها[3]

أما هنا في العالم الإسلامي وعند علماء المسلمين فإن النفس تعرف بذاتها لأنها تستمد وجودها وحياتها من خلال خالق الوجود والحياة وهو الذي فطرها وهو الذي أخبر عنها.



النفس في لغة العرب:

لفظ ا لنفس يطلق ويراد به في اللغة عدة معان منها:

النفس بعنى الروح يقال خرجت نفس فلان أي روحه

والنفس بمعنى ذات الشيء وحقيقه تقول قتل فلان نفسه وأهلك نفسه

والنفس بمعنى العقل قال تعالى: { اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[4]

فالأولى هي الروح والثانية هي العقل والتي تزول بزوال العقل.

والنفس بمعنى العين يقال أصابت فلانا نفس أي عين.

وقال بعض اللغويين: النفس والروح شيء واحد وقال بعضهم بل هما متغايران فالنفس مناط العقل والروح مناط الحياة

وسميت النفس نفساً لتولد النفس منها واتصاله بها كما سموا الروح روحا لأن الرَّوح من صفاتها.[5]

ولعل أقرب هذه الأقوال إلى الصواب هو ما عليه جمهور أهل اللغة أن لكل إنسان نفسين : أحدهما نفس العقل التي يكون بها التمييز والأخرى وهي الروح.

رُوِي عن ابن عبّاس أنه قال : لكل إنسانٍ نفسان : أحدهما : نَفْسُ العَقْل التي يكون بها التمييز ، والأخرى نفسُ الرُّوح الّتي بها الحياة.

وللنفس اطلقات أخرى منها : الدم قال الشاعر: تسيل على حد الظبات نفوسنا

ومنها الجسد تقول : عندي ثلاثة أنفس.



النفس عند علماء الشريعة

يقول المناوي – رحمه الله – عن النفس: هي جوهر مشرق للبدن ينقطع ضوءه عند الموت من ظاهر البدن وباطنه أما عند الموت فينقطع ضوءه من ظاهر البدن دون باطنه فالموت انقطاع كلي والنوم انقطاع خاص.[6]

ويقول الجرجاني: هي الجوهر البخاري اللطيف الحامل لقوة الحياة والحس والحركة والإدراك.[7]



النفس عند علماء النفس:

أما علماء النفس فإنهم يقسمون النفس إلى عدة أقسام باعتبارات عديدة من أهم تلك الأقسام أنهم يجعلونها ثلاثة أنفس وهي:

1- النفس النامية (في النبات) ولها خصائص الاغتذاء والنماء والتوليد.

2- النفس الحاسة (في الحيوان) ولها نفس الخصائص السابقة وتزيد عليه بالحس.

3- النفس الناطقة (في الإنسان) ولها خصائص النوعين السابقين وتزيد عليهما بالعقل والإرادة.[8]



النفس الإنسانية في القرآن الكريم

إن المطالع لنصوص القرآن الكريم يجد أن الله عز وجل قد قسم النفس الإنسانية إلى ثلاثة أقسام:

1- النفس الأمارة.

2- النفس اللوامة.

3- النفس المطمئنة.

ولأهمية هذه الأقسام سنقف عند كل قسم في محاولة للتعرف عليها من خلال كلام أهل العلم والاختصاص وفي ذلك تقريب لأن يفهم كل واحد منا حقيقة نفسه وإلى أي من تلك الأقسام تنتمي:



أولاً: النفس الأمارة

وهي النفس التي تميل إلى الطبيعة البدنية وتأمر بالشهوات واللذات الحسية واتباع الهوى وهي مأوى الشرور ومنبع الأخلاق الذميمة. وهذه النفس هي التي توسوس لصاحبها وتحدثه بارتكاب المعاصي والآثام قال تعالى: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ}.[9]

وقال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}[10]

فإنها بذاتها أمارة بالسوء لأنها خلقت في الأصل جاهلة ظالمة إلا من رحمة الله والعدل والعلم طارىء عليها بإلهام ربها وفاطرها لها ذلك فإذا لم يلهمها رشدها بقيت على ظلمها وجهلها فلم تكن أمارة إلا بموجب الجهل والظلم فلولا فضل الله ورحمته على المؤمنين ما زكت منهم نفس واحدة فإذا أراد الله سبحانه بها خيرا جعل فيها ما تزكو به وتصلح : من الإرادات والتصورات وإذا لم يرد بها ذلك تركها على حالها التي خلقت عليها من الجهل والظلم[11].

وبهذا يعلم أنه لا غنى للإنسان عن ربه طرفة عين وضرورته إليه فوق كل ضرورة فإنه إن أمسك رحمته وهدايته عن العبد هلك وخسر.

والنفس الأمارة وإن كانت بهذا القدر من الجهل والظلم فإنها كما يقول شيخ الإسلام – رحمه الله – أحد ثلاثة أمور يستعاذ منها وهي:

النفس الإمارة وشياطين الجن وشياطين الإنس قال تعالى: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}[12]

قال ابن جريج: هما وسواسان فوسواس من الجنة وهو الخناس ووسواس من نفس الإنسان.[13]




--------------------------------------------------------------------------------

[1] الجمعة /2

[2] إغاثة اللهفان (1/75)

[3] من مقال لأمين حسن أحمد يس (شبكة المسلم الإسلامية)

[4] الزمر /42

[5] لسان العرب (6/223 وما بعدها) تهذيب اللغة (13/8).

[6] التوقيف على مهام التعاريف (328).

[7] التعريفات للجرجاني (262).

[8] الإنسان والصحة النفسية لمصطفى فهمي (8).

[9] يوسف / 53

[10] ق /16

[11] إغاثة الهفان (1/77)

[12] الناس /6

[13] الفتاوى (17/512 وما بعدها ).


رد مع اقتباس