بعض الناس يقول بأن حياة الأجداد كانت أفضل من حياتنا الحاضرة ، وبعض آخر يقول بعكس ذلك ، وبعض ثالث بلغت به الحيرة حدا جعلته يمتنع عن الإدلاء برأيه حول أي الزمنين أفضل : الماضي أم الحاضر . على أنه أيا كانت الإجابة واختلفت الآراء حول هذا الموضوع إلا أن الثابت هو أن المثقف في هذا العصر يعيش ضغوطا رهيبة تتعلق بمصير العالم الثالث إزاء الصراعات الدولية وموقفنا منها . نعم إن المثقف يؤكد حقيقة التطور ويجزم بأن المنطق يحتم بأن يكون الحاضر أفضل من الماضي ولكنه يظل مع ذلك يقول بين الحين والآخر بأنه إذا كان الآباء قد ماتوا مرة واحدة وانقضى عهدهم فإن المثقفين في هذا العصر المتوتر يموتون في اليوم الواحد أكثر من مرة . كيف لا وهم يرون كثيرا من شعوب العالم الثالث لا وزن لها في الحياة المعاصرة ولا يحسب لها حساب في مجريات الأمور أو عند اتخاذ القرارات التي تمس حياتها وكيانها ؟ حاول أن تبحث في سر هيمنة بعض الدول الكبرى على دول صغرى تجد أن جانبا من السر في ذلك يعود إلى الشعوب الصغيرة نفسها ، أو بالأحرى سياسات بعض دول العالم الثالث ذاتها . فهل استطاعت بعض الدول الكبرى أن تصبح دولا كبرى حقيقة أو أن تغدو بعض الدول المتحكمة في حياة الشعوب الصغيرة دولا متغطرسة لولا أن سياسات بعض دول العالم الثالث هيأت "للظالم" أن يكون ظالما ومكنت للمتغطرس أن يلعب بمصير البشر ؟
وبالتالي نستطيع أن نقول أن دولة مثل أمريكا ليست بحاجة إلى أن تثبت لا إنسانيتها بحق الشعوب الصغيرة وذلك لأن هذه الشعوب نفسها ستكون قد فقدت حياتها وقضت على إنسانيتها بمحض إرادتها .