عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 291 )
خيَّال الغلباء
وسام التميز
رقم العضوية : 12388
تاريخ التسجيل : 01 - 03 - 2007
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة : نجد العذية
عدد المشاركات : 20,738 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 49
قوة الترشيح : خيَّال الغلباء is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
Post رد: قطوف من الفكاهة والبلاغة والحكم والأدب والحكمة

كُتب : [ 29 - 12 - 2009 ]

بسم الله الرحمن الرحيم

إخواني الكرام / أعضاء ومتصفحي منتديات قبيلة سبيع بن عامر الغلباء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : إليكم هذه القصيدة التي أعجبتني وهي من وجهة نظري من أجمل قصائد الرثاء في الشعر العربي الفصيح لسبب واحد وهو أنها مرتجلة من الشاعر لحظة رؤيته للموقف الذي استدعاها وقصتها : أنه في عصر دولة البويهيين كان هناك وزيرا للسلطان البويهي يكنى بــ / ابن مقلة وكان محبوبا من العامة لكثرة بذله وعطاءه لهم من أمواله الخاصة حتى قيل : كأن العامة أبناءه, مما أشعل نار الحقد والكراهية في نفس السلطان البويهي, فقام بتدبير مكيدة للإيقاع به ونجح في ذلك وكان عقاب تلك المكيدة هو الصلب فصلبه على جذع شجرة ومنع الشعراء من أن يرثوه بقصائد أو أن يبكونه العامة وقام السلطان بإشعال النار حول / ابن مقلة ليلا كي لا يقترب منه أحد ووضع عنده حراس ليردوا من حاول الاقتراب منه وكان الناس يرونه من بعيد ويبكونه وكان الشاعر / أبي الحسن الأنباري خارج بغداد أثناء هذه الحادثة ولم يعلم بها, وكان من أعز أصدقاء ابن مقلة - الوزير المصلوب - فكانت تربطهم علاقة صداقة متينة, فعندما دخل بغداد ووجد الوزير مصلوب بكى بكاءً شديداً وتوجه إليه مباشرة رغم منع السلطان من الاقتراب منه ووقف تحته وأنشد ولكم أن تتخيلوا جمال التصوير في الأبيات المرتجلة التي يقول فيها :-
علوٌّ في الحياة وفـي الممـات =لحقٌ أنت إحـدى المعجـزات
كأن الناس حولك حين قامـوا =وفـود نِـداك أيـام الصـلات
كأنـك قائـم فيهـم خطيـبـاً =وكلـهـم قـيـام لـلـصـلاة
مددت يديـك نحوهـم احتفـاءً =كمدهمـا إليـهـم بالهـبـات
ولما ضاق بطن الأرض عن أن =يضم علاك مـن بعـد الوفـاة
أصاروا الجو قبرك واستعاضوا =عن الأكفان ثـوب السافيـات
لعظمك في النفوس تبيت ترعى =بحـراسٍ وحـفـاظٍ ثـقـات
وتوقد حولـك النيـران ليـلاً =كذلـك كنـت أيـام الحـيـاة
ركبت مطية مـن قبـل زيـد =علاها في السنيـن الماضيـات
وتلـك قضيـة فيهـا تــأسٍ =تباعـد عنـك تعييـر العـداة
ولم أرى قبل جذعك قط جذعـاً =تمكن مـن عنـاق المكرمـات
أسأت إلى النوائب فاستثـارت =فأنـت قتيـل ثـأر النائبـات
وصير دهرك الإحسـان فيـه =إلينـا مـن عظيـم السيئـات
وكنـت لمعشـر سعـد فلمـا =مضيـت تفرقـوا بالمنحسـات
غليل باطن لـك فـي فـؤادي =يخفـف بالدمـوع الجاريـات
ولو أني قـدرت علـى قيـام =بفرضك والحقـوق الواجبـات
ملأت الأرض من نظم القوافي =وبحت بها خـلاف النائحـات
ولكني أصبّـر عنـك نفسـي =مخافة أن أعـد مـن الجنـاة
ومالك تربـةٌ فأقـول تُسقـى =لأنك نصب هطـل الهاطـلات
عليك تحيـة الرحمـن تتـرى =برحمـات غـوادٍ رائـحـات

وكان نصيب الشاعر بعد هذه القصيدة أن غضب عليه السلطان لعصيانه وقيامه برثاء / ابن مقلة, فأمر بفيلة كانت عنده وأحضر الشاعر وقيّد وأمر بأن تقوم الفيلة بالسير على الشاعر حتى مات ويذكر عن السلطان أنه وبعد زمن طويل قال : أنه تمنى لو كان هو المصلوب وهذه القصيدة قيلت فيه لشدة إعجابه بها ولانتشارها بين الناس ولشجاعة شاعرها ومدى حبه لذلك الوزير . هذا والله يحفظكم ويرعاكم منقول مع خالص التحية وأطيب الأمنيات وأنتم سالمون وغانمون والسلام .



رد مع اقتباس