عرض مشاركة واحدة
 
غير متصل
 رقم المشاركة : ( 1 )
الرزيني
عضو
رقم العضوية : 22353
تاريخ التسجيل : 29 - 02 - 2008
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
قوة الترشيح : الرزيني is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
د. مصطفى عطية جمعة وماقاله عن شعراء المليون الاربعه الحلقه العاشره

كُتب : [ 02 - 03 - 2008 ]

قراءة في الحلقة العاشرة من برنامج شاعر المليون :
جدل التقليد والتجديد في الرؤية والشكل
د. مصطفى عطية جمعة
تفاجأنا في هذه الحلقة بوجود أربعة شعراء ، مختلفي المستوى ، والطرح ، والجماليات ، ويمكن أن نقسمهم إلى مجموعتين ، مجموعة تقليدية الطرح والتناول ويمثلها الشاعران : راشد البلوي ، وهزاع بن عبد الله ، ومجموعة مجددة في الرؤية والجماليات ويمثلها الشاعران : فليح الجبور الصخري ، وناصر الفراعنة . وسيتم تناول هؤلاء الشعراء حسب تتابع ظهورهم ، ومن ثم سيكون تقييمهم وفق طرحهم الشعري .
أول هؤلاء الشعراء الشاعر " راشد البلوي " من السعودية ، وجاءت قصيدته في الرثاء الممزوج بالمدح والفخر ، حول شخصية مؤسس الدولة السعودية الحديثة : الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله ، وفيها مشاعر متوقدة نحو الوطن كقوله :" سلام يا أغلى وطن ، وأعز من البسيطة كثير وقليل " ، ثم تعرض – شعريا – لما قدمه الملك عبد العزيز ، من إنجازات ملموسة ، ولذا طغى على النص المباشرة والتقريرية ، وخلا من الصور المميزة ، ويمكن أن نجد بعض الصور الموظفة مثل : "يا سيدي ، وقف التاريخ يسمع نداك ، يبقى الزمن يكتب كفوفك" ، وهي صورة تعطي بعدا تأريخيا لدور الملك عبد العزيز، وتشخّص التاريخ وتؤنسنه .
وقد تميز الشاعر بخصوصية في الإلقاء الشعري ، من خلال إلقائه الحميمي السريع ، وهذا يجذب السامع ، ولكن يجعله يركض لفهم معانيه ، ومرامي نصه، وقد رأت لجنة التحكيم أن " البلوي " تطوّر فنيا عما سبق ، إلا أنها لم تحدد مقاييس هذا التطور ، ولا ملامحه ، فالقصيدة مباشرة ، برؤية مكررة ، مطروقة مئات المرات ، وإن كانت هناك صور ، فهي محدودة ، ومقيدة بالمضمون التقليدي في النص ، ومن المعلوم أن الرؤية الجديدة ، تقدم جماليات ورموزا جديدة .
الشاعر الثاني " فليّح الجبور الصخري " من الأردن ، وقد أمتعنا بنص مميز ، جديد في طرحه إلى درجة لا بأس بها ، فهو يتناول علاقة البدوي بالحياة والناس والبادية ، من خلال اختلائه بنفسه ، واستذكاره أيام الزمن البدوي الفائت ، وما حدث اليوم من تغيرات في القيم والتقاليد العربية ، مثل قوله :"أستذكر أيام الزمن وأحواله ومضاربه ، وأكتب على أيام لها في خاطري نفس كبير " ، ثم يفتخر بأخلاقيات البداوة : " إنا ترفعنا بها عن كل عيبة وقلبة " ، وهذة الرؤية تجره إلى بعض الخطاب المباشر ، ولذا قال صراحة :" هذه نصيحتي " التي توجه بها للمجتمع البدوي ، وما أجمل قوله " تشفي غليل الديرة ومغاربه " ، فالغل شعور قلبي دال على الحسرة والألم ، لما أصاب البدوي المعاصر من تغيرات سلوكية .
النص جميل ، ويدل على تمكن الشاعر لغويا ، وقدرته على المقارنة بين الماضي والحاضر ، ورصد التغيرات الحادثة الآن في المجتمع البدوي ، وامتاز بتراكيبه الشعرية الجديدة ، المعبرة عن تمرسه في التجربة ، وقدرته على التعبير عن الهموم اليومية .
الشاعر الثالث " ناصر الفراعنة " من السعودية ، وقد قدّم نصا سياسيا ذا إسقاطات واضحة على الحياة السياسية العربية ، وارتكز على ثقافة شعرية راقية ، بها الكثير من الرموز التاريخية والدينية ، فاستشهد بـ " موبذان ، وتنوخ ، وخورشيد باشا ، وآل حسان " ، ويذم وضع الأمة الحالي ، وتفككها ، ويرى أن العرب لو صاروا متفرقين فإنهم سينتهون تاريخيا ، " غادينا في خبركان كما كانوا " . ورغم أن تعبير " خبر كان" مستهلك لغويا وشعريا ، ولكنه موظف هنا في النص ، والنص حافل بصور جميلة ، وقدرة على قراءة الوضع بشكل عال . وقد أخذ أحد أعضاء لجنة التحكيم على الشاعر استعماله الرموز، إلا أنني أختلف معه فالنص واضح ، وفي متناول المثقف العربي العادي ، فجلُّ المعلومات والشخصيات والرموز المذكورة فيه سهلة ، ومفهومة ضمن السياق النصي ، ونحتاج لهذه النوعية من النصوص لرفع مستوى التلقي ، ومناقشة حال الأمة العربية الآن ، بدلا من شعر المديح والتفاخر مكرور الفكر واللغة ، وقد تعاطف الجمهور مع الشاعر وتجربته الجيدة فنال ( 88 % ) ممتاز ، وهذا يعني أن التجربة نالت الفهم والاستحسان من الجمهور العادي .
الشاعر الأخير هزاع بن عبد الله من الإمارات العربية المتحدة ، وجاءت قصيدته متسقة مع قصيدة " البلوي " في مديح مؤسس الدولة في الإمارات الشيخ زايد آل نهيان رحمه الله ، مستعرضا في قصيدة مطولة تقترب من خمسين بيتا حياة الشيخ وإنجازاته ودوره في بناء الدولة ، وكما يقول عنه شاعرنا : " عطاها ما بغت منه ، ولا خيّب بغاوياها " ، فهو رجل الدولة ، لم يخيب رجاء شعبه فيه . " زايد من العزة مجريها " ، " فصادف واحد مثل زايد ينميها " ، " رحل ودموعنا تحكي تقله لا يحاكيها " ، والقصيدة تتمتع بصدق فني عال ، وعاطفة حب متقدة ، وقدرة على الإلقاء الجاذب للسمع ، والقلب ، فالقصيدة ملحمة شعرية وطنية ، عن شخصية مؤثرة ، ولكن يعيبها الخطاب الشعري المباشر ، والاسترسال في السرد عن حياة الشيخ زايد بطريقة معلوماتية مثل إشارته لدور الأم في حياة الشيخ زايد ، لا تخدم النص ، فالشاعرية تأمل وخيال وجماليات .
ويمكن القول إن هذه الحلقة أبانت عن وجود تيار شعري مجدد في الشعر النبطي ، يسعى إلى المزيد من الرؤية الفلسفية ( فليح الجبور ) ، والرؤية السياسية ( ناصر الفراعنة ) ، بجانب التيار ذي الرؤية التقليدية ( هزاع ، والبلوي ) ، وهذه تيارات لها وجود وتفاعل على الساحة الشعرية الآن .


رد مع اقتباس